الفرق بين المراجعتين لصفحة: «قاعدة في الأموال السلطانية»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
Obayd (نقاش | مساهمات)
أنشأ الصفحة ب'{{رأسية |عنوان =قاعدة في الأموال السلطانية |مؤلف =ابن تيمية |باب = |سابق = → [[ابن تيمية|صفحة المؤلف…'
 
Obayd (نقاش | مساهمات)
لا ملخص تعديل
 
سطر 7:
}}
 
الأموالُ'''فصل:''' الأموال السلطانية والأموالُوالأموال العقدية من وقفٍوقف ونذورٍونذور ووصيةٍووصية ونحو ذلك، الأصلُالأصل في ذلك مبنيُّمبني على شيئين:
قاعدة
 
أحدهما: أن يعمل المسلم بما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله وإجماع المؤمنين نصا واستنباطا ويعلم الواقع من ذلك في الولاة والرعية؛ ليعلم الحق من الباطل؛ ويعلم مراتب الحق ومراتب الباطل ليستعمل الحق بحسب الإمكان ويدع الباطل بحسب الإمكان، ويرجح عند التعارض أحق الحقين ويدع أبطل الباطلين.
في الأموال السلطانية
 
فنقول: إن الأموال المشتركة السلطانيةَالسلطانية الشرعية ثلاثةٌثلاثة: الفَيءالفيء والمغانمُوالمغانم والصدقةُ،والصدقة، وإذا صَنَّفصنف العلماءُالعلماء كُتُبَكتب الأموالِالأموال ككتاب " الأموال " لأبي عُبيد،عبيد، ولحُمَيْدولحميد بن زَنْجويه،زنجويه، و " الأموال " للخلاَّلللخلال من جوابات أحمد، وغير ذلك فهذه هي الأموالُالأموال التي يتكلَّمونيتكلمون فيها، وكذلك من العلماء مَنمن يَجمعيجمع الكلامَالكلام فيها في الكُتُبِالكتب المصنَّفةِالمصنفة في رُبُعربع الأموال، كما في " المختصر " للمُزَنيللمزني و " مختصرِمختصر " الخِرَقيوغيرِهما،الخرقيوغيرهما، كتابُكتاب قَسْمِقسم الفَيءالفيء والغَنانموالغنانم والصدقة، يَذكُرونَهيذكرونه قبلَقبل قَسْمِقسم الوصايا والفرائض، بعد قَسْمقسم الوقوف ومنهم من يذكر قَسْمِقسم الصدقة في كتاب الزكاة، وقَسْمِوقسم المغانم والفيء والجهاد، وكما هي طريقة كثير من الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرِهم،وغيرهم، ومنهم من يذكر الخراجَالخراج والفيءَوالفيء في كتاب الإمارة كما فعل [[أبو داود]] في السنن في كتاب الخراج والإمارة.
فصل
 
وهذه الأموال الثلاثة ثابتة مستخرجها ومصروفها بكتاب الله وسنة رسوله، وأكثرها مجتمع عليه وفيها مواضع متنازع فيها بين العلماء، فإن الله فرض الزكاة في الأموال وذكر أهلها في كتابه بقوله: { إنما الصدقات للفقراء والمساكين } والنبي {{صل}} قد بين من ذلك ما أجمله الكتاب بما سنه من نصب الزكاة وفرائضها وفسر من مواضعها، وعمل به خلفاؤه من بعده، وكذلك المغانم قد أحلها الله بكتابه وسنة رسوله وقسمها رسول الله {{صل}} وخلفاؤه الراشدون، وهي المال المأخوذ من الكفار بالقتال، وما أخذ من المرتدين والخارجين عن شريعة الإسلام فتفصيله ليس هذا موضع ذكره، ويسمى أيضا فيئا وأنفالا.
الأموالُ السلطانية والأموالُ العقدية من وقفٍ ونذورٍ ووصيةٍ ونحو ذلك، الأصلُ في ذلك مبنيُّ على شيئين:
 
وكذلك الفَيءُالفيء الخاصّالخاص: وهو ما أُخِذَأخذ من الكفّارِالكفار بغيرِبغير قتالٍ،قتال، ذكره الله في سورة الحشر، وجَرَىوجرى قَسْمُهقسمه في سنة رسولِرسول الله {{صل}} وسنَّةِوسنة خلفائه الراشدين على الوجهِالوجه الذي جَرىجرى عليه، ويَلتحِقُويلتحق به الأموالُالأموال المشتركةُالمشتركة التي لم تُؤخَذْتؤخذ من الكفّارالكفار كالمواريثِكالمواريث التي لا وارثَوارث لها، والأموالِوالأموال الضائعةِالضائعة التي لا يُعلَميعلم لها مُستحِقٌّمستحق معيَّنٌ،معين، ونحو ذلك من الأموال المشتركة.
أحدهما: أن يعمل المسلم بما دلَّ عليه كتابُ الله وسنةُ رسولِه وإجماعُ المؤمنين نصّا واستنباطا ويَعلم الواقعَ من ذلك في الولاةِ والرعيَّةِ؛ ليعلمَ الحقَّ من الباطل؛ ويعلمَ مراتبَ الحقِّ ومراتبَ الباطلِ ليستعملَ الحقَّ بحسب الإمكان وَيَدَعَ الباطلَ بحسب الإمكان، ويُرجِّحَ عند التعارضِ أحقَّ الحقَّينِ ويَدع أبطلَ الباطلَيْنِ.
 
ثُمَّثم خلفاءُخلفاء الرسولِالرسول أهلُأهل العدل من العلماءِالعلماء والأمراءِوالأمراء الجامعين بين العلم والإمارة مع العدل ـ كالخلفاءِكالخلفاء الراشدين ـ قد يجتهدون في كثيرٍكثير من هذه الأموالِالأموال قبضا وصَرْفا،وصرفا، كما يجتهدون في الأحكامِالأحكام والولاياتِوالولايات والأعمالِوالأعمال والعقوباتِ،والعقوبات، واجتهادُهمواجتهادهم سائغٌ،سائغ، والأموالُوالأموال المأخوذةُالمأخوذة بمثل هذا الاجتهادِالاجتهاد سائغةٌ،سائغة، وإن اعتقَداعتقد الرجلُالرجل تحريمَتحريم بعضِبعض ذلك فليس له أن يُنكِرَينكر على الإمام المجتهد في ذلك، ولا على من أخذَأخذ باجتهادِه،باجتهاده، كما لا ينُكِرُينكر على ما أعطاه الحاكمُالحاكم بحكمِهبحكمه في الفرائضِالفرائض والوقوفِوالوقوف ونحوِونحو ذلك، ولكن هل يُباحُيباح له بالحكم ما اعتَقَدَاعتقد تحريمَهتحريمه قبل الحكم؟ على روايتين.
فنقول: إن الأموال المشتركة السلطانيةَ الشرعية ثلاثةٌ: الفَيء والمغانمُ والصدقةُ، وإذا صَنَّف العلماءُ كُتُبَ الأموالِ ككتاب " الأموال " لأبي عُبيد، ولحُمَيْد بن زَنْجويه، و " الأموال " للخلاَّل من جوابات أحمد، وغير ذلك فهذه هي الأموالُ التي يتكلَّمون فيها، وكذلك من العلماء مَن يَجمع الكلامَ فيها في الكُتُبِ المصنَّفةِ في رُبُع الأموال، كما في " المختصر " للمُزَني و " مختصرِ " الخِرَقيوغيرِهما، كتابُ قَسْمِ الفَيء والغَنانم والصدقة، يَذكُرونَه قبلَ قَسْمِ الوصايا والفرائض، بعد قَسْم الوقوف ومنهم من يذكر قَسْمِ الصدقة في كتاب الزكاة، وقَسْمِ المغانم والفيء والجهاد، وكما هي طريقة كثير من الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرِهم، ومنهم من يذكر الخراجَ والفيءَ في كتاب الإمارة كما فعل أبو داود في السنن في كتاب الخراج والإمارة.
 
وكذلك يخرج في القسم، فإن قسم الإمام المال يجب عليه قسمه هو كحكمه، وأما قسمته لغير ذلك فهي بمنزلة فعل الحاكم، كتزويج الأيامى وبيع أموال اليتامى، وهل فعل الحاكم حكم فلا يسوغ نقضه ؟ أم هو كفعل غيره فيجوز نقضه حتى ينفذه أو غيره من الحكام؟ فيها وجهان.
وهذه الأموالُ الثلاثة ثابتةٌ مُستَخْرَجُها ومَصروفُها بكتابِ الله وسنةِ رسولِه، وأكثرُها مُجتَمعٌ عليه وفيها مواضعُ مُتنازعٌ فيها بين العلماء، فإن الله فرضَ الزكاةَ في الأموال وذكرَ أهلَها في كتابِه بقوله: { إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ } والنبيُّ {{صل}} قد بيَّن من ذلك ما أجملَه الكتابُ بما سَنَّه من نُصُبِ الزكاةِ وفَرائضِها وفَسَّرَ من مواضعِها، وعَمِلَ به خلفاؤُه من بعدِه، وكذلك المغانم قد أحلَّها الله بكتابِه وسنَّةِ رسولِه وقَسَمَها رسولُ الله {{صل}} وخلفاؤه الراشدون، وهي المالُ المأخوذُ من الكفّارِ بالقتال، وما أُخِذَ من المرتدّين والخارجين عن شريعةِ الإسلام فتفصيلُه ليس هذا موضعَ ذِكرِه، ويُسمَّى أيضا فَيْئا وأنفالا.
 
ثمَّّثم إذا قلنا: هو حرامٌحرام عليه، فليس حراما على غيرِه،غيره، ويَحِلُّويحل له ـ إذا أخذَهأخذه غيرُهغيره بتأويلٍبتأويل ـ أن يأخذَهيأخذه منه بابتياعٍبابتياع واتِّهابواتهاب ونحوِونحو ذلك من العُقود،العقود، هذا هو الصواب؛ فإنَّفإن ما قَبَضَهقبضه المسلمُالمسلم بالتأويل أولَىأولى بالإباحةِبالإباحة مما يَقبِضُهيقبضه الكفّارالكفار من أهلِأهل الحربِالحرب والذِّمَّةِوالذمة بالتأويل. وإذا كان الكفّارُالكفار فيما يعتقدون حِلَّهحله إذا أسلموا لو تحاكموا إلينا بعد القبضِالقبض حَكَمناحكمنا بالاستحقاقِبالاستحقاق لمن هو في يدِه،يده، وحَلَّلْناهوحللناه لمن قَبَضَهقبضه من المسلمين منه بمعاوضةٍ،بمعاوضة، وحَلَّلناهوحللناه بعد إسلامِه؛إسلامه؛ فالمسلم فيما هو متأوِّلٌمتأول في حُكمِهحكمه باجتهادٍباجتهاد وتقليد إذا قَبَضَهقبضه أولَىأولى أن تَحِلَّتحل معاملتُهمعاملته فيه، وأن يكونَيكون مباحا له إذا رَجَعَرجع بعدَبعد ذلك عن القولِالقول الذي اعتقدَهاعتقده أوَّلا،أولا، وأن يُحكَمَيحكم له به بعدَبعد القبضِالقبض كما لو حَكَمَحكم له به حاكمٌ،حاكم، وقد ذكرتُذكرت هذه المسألةَالمسألة في غيرِغير هذا الموضع وذكرتُوذكرت فيها روايتين أصحُّهماأصحهما ذلك؛ بناءًابناءا على أنَّأن حُكْمَحكم الإيجاب والتحريم لا يَثبُتُيثبت في حق المكلف إلا بعدَبعد بلوغِبلوغ الخطابِ،الخطاب، وأنَّهوأنه لا، يَجِبُيجب عليه قضاءُقضاء ما تَرَكَهتركه من الواجبات بتأويلٍ،بتأويل، ولا رَدُّرد ما قَبَضَهقبضه من المحرَّماتِالمحرمات بتأويلٍ،بتأويل، كالكفَّاركالكفار بعد الإسلام و أولَىأولى فإنَّفإن المسلم في ذلك أّعذَرُ،أعذر، وتنفيرُوتنفير الكفّارِالكفار عن الإسلام كتنفيرِكتنفير أهلِأهل التأويل عن الرجوعِالرجوع إلى الحقّالحق والتوبةِوالتوبة من ذلك الخطأ، وهذا في الأنكحة والمعاوضات والمقاسمات، وكذلك ما أتلَفَهأتلفه أهلُأهل البَغْيالبغي [على أهلِأهل العدلِالعدل من النفوسِالنفوس والأموال، لا يَجِبُيجب عليهم ضمانُهضمانه في ظاهرِظاهر المذهبِالمذهب ] الموافق لقول جمهورِجمهور العلماء وهو قولُقول أبي حنيفة والشافعي في أحدِأحد قولَيْهِ،قوليه، كما أ جمعَجمع عليه السلفُالسلف من الصحابة والتابعين قال الزهري: ( وَقعتِوقعت الفتنةُالفتنة وأصحاب رسولِرسول الله {{صل}} متوافرون فأجمعوا: أن كلَّكل دمٍدم أو مال أو فرجٍفرج أُصِيْبَأصيب بتأويل القرآن فإنه هَدَرٌهدر)؛ وذلك لأنهم متأوِّلونمتأولون وإن كان ما فعلوه حراما في نفسِنفس الأمر، وفي أهل الرِّدَّةالردة أيضا، روايتان أصحُّهماأصحهما أنهم لا يَضمَنُونيضمنون كأهلِكأهل الحرب، كما أشارَأشار به عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أبي بكر رضي الله عنه لمَّالما قالَقال لأهل الردَّةِالردة: ( تَدُوْاتدوا قَتْلاَناقتلانا ولا نَدِيْندي قَتْلاَكم،قتلاكم، فقال عمر: لا؛ لأنهم قومٌقوم قُتِلُواقتلوا في سبيل اللهِالله واستُشْهِدواواستشهدوادَلَّدل على ذلك كتابُكتاب الله في عَفْوِهعفوه عن الخطأ وسُنَّةُوسنة رسولِرسول الله {{صل}} في قصّةِقصة أسامةَأسامة بن زيدٍزيد وقصّةِوقصة عمّارعمار بن ياسرٍياسر وعديّوعدي بن حاتم وأبي ذَرٍّ،ذر، وغير ذلك، فما قَبَضَهقبضه المسلم بعَقْدٍبعقد متأوِّلامتأولا فيه مَلَكَه،ملكه، ولو تَحاكَمَتحاكم اثنانِاثنان في عَقْدٍعقد اعتقَدااعتقدا صِحَّتَهصحته بعد القبض فينبغي للحاكمِللحاكم أن يُقِرَّهمايقرهما على ذلك التقابُضِ،التقابض، ويجوز معاملةُمعاملة المسلم فيما قبضَهقبضه بهذا الوجه ولهذا أمرَأمر أحمد لمن يُعامِلُيعامل السلطانَالسلطان في وقتِهوقته أن يكون بينه وبينه آخر، وكلَّماوكلما بَعُدَبعد كان أجودَ؛أجود؛ لأنَّلأن المباشرَالمباشر لهم قد يَستحِلُّيستحل من المعاملةِالمعاملة باجتهادٍباجتهاد أو تقليدٍتقليد ما لا يَستحِلُّهيستحله المستفتي، فإذا قَبَضَهقبضه المباشرُالمباشر بتأويله حَلَّحل للمستفتي حينئذٍحينئذ. ونظيرُونظير هذا قولُقول عمر في الخمر والخنزير: " [ وَلُّوهُمولوهم بَيْعَهابيعها وخُذُواوخذوا أثمانَهاأثمانها ولا تَبِيعُوهاتبيعوها أنتم فإن المسلمَالمسلم لا يَحِلُّيحل له بيعُبيع الخمرِالخمر والخنزيرِوالخنزير ] ويَحِلُّويحل له قَبْضُقبض ثمنِثمن ذلك ممن باعَهباعه" بتأويله في دينه، فالمسلم الذي قَبَضَقبض بتأويلٍبتأويل أولَى،أولى، فهذا مأخذٌمأخذ لقولِلقول أحمد، وله مأخذٌمأخذ ثانٍثان: أنَّأن الظالمَالظالم إذا باعَباع المغصوبَالمغصوب فالمشتري قَبَضَقبض عِوَضَعوض مالِه،ماله، والأموالُوالأموال التي بأيديهم مجهولةُمجهولة الملكِ،الملك، فالعِوَضُفالعوض فيها كالمعوَّض،كالمعوض، فالمستفتي قَبَضَقبض ممن قَبَضَقبض عِوَضَعوض مالِهماله ولم يَقبِضْيقبض ممن قَبَضَقبض نفسَنفس مالِمال الغير، ولهذه القاعدة فروعٌفروع في جواباتي في الفتاوى.
وكذلك الفَيءُ الخاصّ: وهو ما أُخِذَ من الكفّارِ بغيرِ قتالٍ، ذكره الله في سورة الحشر، وجَرَى قَسْمُه في سنة رسولِ الله {{صل}} وسنَّةِ خلفائه الراشدين على الوجهِ الذي جَرى عليه، ويَلتحِقُ به الأموالُ المشتركةُ التي لم تُؤخَذْ من الكفّار كالمواريثِ التي لا وارثَ لها، والأموالِ الضائعةِ التي لا يُعلَم لها مُستحِقٌّ معيَّنٌ، ونحو ذلك من الأموال المشتركة.
 
وما قبضه الإمام من الحقوق ـ الزكوات والخراج وغير ذلك ـ بتأويل من اجتهاد أو تقليد، وجبت طاعته فيه كما يجب طاعة الحاكم في الحكم المتنازع فيه، فإذا طلب أخذ القيمة، أو أخذ ما فضل عن الفرائض ونحو ذلك أطيع في ذلك وتبرأ ذمة المسلم بما يدفعه من ذلك.
ثُمَّ خلفاءُ الرسولِ أهلُ العدل من العلماءِ والأمراءِ الجامعين بين العلم والإمارة مع العدل ـ كالخلفاءِ الراشدين ـ قد يجتهدون في كثيرٍ من هذه الأموالِ قبضا وصَرْفا، كما يجتهدون في الأحكامِ والولاياتِ والأعمالِ والعقوباتِ، واجتهادُهم سائغٌ، والأموالُ المأخوذةُ بمثل هذا الاجتهادِ سائغةٌ، وإن اعتقَد الرجلُ تحريمَ بعضِ ذلك فليس له أن يُنكِرَ على الإمام المجتهد في ذلك، ولا على من أخذَ باجتهادِه، كما لا ينُكِرُ على ما أعطاه الحاكمُ بحكمِه في الفرائضِ والوقوفِ ونحوِ ذلك، ولكن هل يُباحُ له بالحكم ما اعتَقَدَ تحريمَه قبل الحكم؟ على روايتين.
 
وهل يُجزِئُهيجزئه ذلك إذا كان يعتقد أنه لا يُجزِئهيجزئه لو فعلَه؟فعله؟
وكذلك يُخَرَّجُ في القَسْم، فإن قَسْمَ الإمامِ المالَ يَجِبُ عليه قَسْمُه هو كحكمِه، وأما قِسْمَتُه لغير ذلك فهي بمنزلةِ فِعْلِ الحاكم، كتزويج الأيامَى وبيعِ أموال اليتامِى، وهل فِعْلُ الحاكمِ حُكمٌ فلا يَسُوغُ نَقضُه ؟ أم هو كفعلِ غيرِه فيجوزُ نقضُه حتى يُنَفِّذَه أو غيرُه من الحكام؟ فيها وجهان.
 
الصواب أنه يُجزِئُهيجزئه كما ذكر أصحابُناأصحابنا في الخلطة أنه لو أخذ القيمة أو الكبير عن الصغير، فإنه يَرجِعُيرجع أحدُأحد الخليطينِالخليطين على الآخر بذلك، وإطلاقُهموإطلاقهم يَقتضييقتضي أنه يُجزِيءُيجزيء.
ثمَّّ إذا قلنا: هو حرامٌ عليه، فليس حراما على غيرِه، ويَحِلُّ له ـ إذا أخذَه غيرُه بتأويلٍ ـ أن يأخذَه منه بابتياعٍ واتِّهاب ونحوِ ذلك من العُقود، هذا هو الصواب؛ فإنَّ ما قَبَضَه المسلمُ بالتأويل أولَى بالإباحةِ مما يَقبِضُه الكفّار من أهلِ الحربِ والذِّمَّةِ بالتأويل. وإذا كان الكفّارُ فيما يعتقدون حِلَّه إذا أسلموا لو تحاكموا إلينا بعد القبضِ حَكَمنا بالاستحقاقِ لمن هو في يدِه، وحَلَّلْناه لمن قَبَضَه من المسلمين منه بمعاوضةٍ، وحَلَّلناه بعد إسلامِه؛ فالمسلم فيما هو متأوِّلٌ في حُكمِه باجتهادٍ وتقليد إذا قَبَضَه أولَى أن تَحِلَّ معاملتُه فيه، وأن يكونَ مباحا له إذا رَجَعَ بعدَ ذلك عن القولِ الذي اعتقدَه أوَّلا، وأن يُحكَمَ له به بعدَ القبضِ كما لو حَكَمَ له به حاكمٌ، وقد ذكرتُ هذه المسألةَ في غيرِ هذا الموضع وذكرتُ فيها روايتين أصحُّهما ذلك؛ بناءًا على أنَّ حُكْمَ الإيجاب والتحريم لا يَثبُتُ في حق المكلف إلا بعدَ بلوغِ الخطابِ، وأنَّه لا، يَجِبُ عليه قضاءُ ما تَرَكَه من الواجبات بتأويلٍ، ولا رَدُّ ما قَبَضَه من المحرَّماتِ بتأويلٍ، كالكفَّار بعد الإسلام و أولَى فإنَّ المسلم في ذلك أّعذَرُ، وتنفيرُ الكفّارِ عن الإسلام كتنفيرِ أهلِ التأويل عن الرجوعِ إلى الحقّ والتوبةِ من ذلك الخطأ، وهذا في الأنكحة والمعاوضات والمقاسمات، وكذلك ما أتلَفَه أهلُ البَغْي [على أهلِ العدلِ من النفوسِ والأموال، لا يَجِبُ عليهم ضمانُه في ظاهرِ المذهبِ ] الموافق لقول جمهورِ العلماء وهو قولُ أبي حنيفة والشافعي في أحدِ قولَيْهِ، كما أ جمعَ عليه السلفُ من الصحابة والتابعين قال الزهري: ( وَقعتِ الفتنةُ وأصحاب رسولِ الله {{صل}} متوافرون فأجمعوا: أن كلَّ دمٍ أو مال أو فرجٍ أُصِيْبَ بتأويل القرآن فإنه هَدَرٌ)؛ وذلك لأنهم متأوِّلون وإن كان ما فعلوه حراما في نفسِ الأمر، وفي أهل الرِّدَّة أيضا، روايتان أصحُّهما أنهم لا يَضمَنُون كأهلِ الحرب، كما أشارَ به عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أبي بكر رضي الله عنه لمَّا قالَ لأهل الردَّةِ: ( تَدُوْا قَتْلاَنا ولا نَدِيْ قَتْلاَكم، فقال عمر: لا؛ لأنهم قومٌ قُتِلُوا في سبيل اللهِ واستُشْهِدوا )، دَلَّ على ذلك كتابُ الله في عَفْوِه عن الخطأ وسُنَّةُ رسولِ الله {{صل}} في قصّةِ أسامةَ بن زيدٍ وقصّةِ عمّار بن ياسرٍ وعديّ بن حاتم وأبي ذَرٍّ، وغير ذلك، فما قَبَضَه المسلم بعَقْدٍ متأوِّلا فيه مَلَكَه، ولو تَحاكَمَ اثنانِ في عَقْدٍ اعتقَدا صِحَّتَه بعد القبض فينبغي للحاكمِ أن يُقِرَّهما على ذلك التقابُضِ، ويجوز معاملةُ المسلم فيما قبضَه بهذا الوجه ولهذا أمرَ أحمد لمن يُعامِلُ السلطانَ في وقتِه أن يكون بينه وبينه آخر، وكلَّما بَعُدَ كان أجودَ؛ لأنَّ المباشرَ لهم قد يَستحِلُّ من المعاملةِ باجتهادٍ أو تقليدٍ ما لا يَستحِلُّه المستفتي، فإذا قَبَضَه المباشرُ بتأويله حَلَّ للمستفتي حينئذٍ. ونظيرُ هذا قولُ عمر في الخمر والخنزير: " [ وَلُّوهُم بَيْعَها وخُذُوا أثمانَها ولا تَبِيعُوها أنتم فإن المسلمَ لا يَحِلُّ له بيعُ الخمرِ والخنزيرِ ] ويَحِلُّ له قَبْضُ ثمنِ ذلك ممن باعَه" بتأويله في دينه، فالمسلم الذي قَبَضَ بتأويلٍ أولَى، فهذا مأخذٌ لقولِ أحمد، وله مأخذٌ ثانٍ: أنَّ الظالمَ إذا باعَ المغصوبَ فالمشتري قَبَضَ عِوَضَ مالِه، والأموالُ التي بأيديهم مجهولةُ الملكِ، فالعِوَضُ فيها كالمعوَّض، فالمستفتي قَبَضَ ممن قَبَضَ عِوَضَ مالِه ولم يَقبِضْ ممن قَبَضَ نفسَ مالِ الغير، ولهذه القاعدة فروعٌ في جواباتي في الفتاوى.
 
ونظيرُونظير هذا من مسائل العبادات البدنية، الصلاةُالصلاة فإن المأمومَالمأموم يجب عليه متابعةُمتابعة الإمام فيما يَسُوغُيسوغ فيه الاجتهادُ،الاجتهاد، وإن كان المأموم لا يراه؛ كما لو قَنتَقنت الإمامُالإمام في الفجر، أو زاد في تكبيرة الجنازة إلى سبعٍ؛سبع؛ لكن لو أخلَّأخل في الصلاة بركنٍبركن أو شرطٍشرط في مذهب المأموم دون مذهبه فهذهِفهذه فيها الخلاف، وهو يُشبِهيشبه إجزاءَإجزاء إخراجِإخراج الزكاة من بعض الوجوه، لكن إن كان الإمامُالإمام لا يطلبُيطلب منه الزكاةَالزكاة وإنما هو بَذلَهابذلها له فقبضها الإمام باجتهاده فهذا نظيرُنظير صلاتِهصلاته خلفَه،خلفه، وإن كان الإمام يطلب منه الزكاة بحيث يجب طاعتُه،طاعته، فهذا نظيرُنظير أن يُصلِّييصلي خلفَهخلفه ما لا يُمكِنُهيمكنه فِعلُهفعله خلفَخلف غيرِه،غيره، كالجمعة والعيدين ونحوهما، ولهذا إذا قلنا لا تَصِحُّتصح الصلاةُالصلاة خلفَخلف الفاسق؛ فإنه يجب فعلُفعل هذه الصلوات خلفَه،خلفه، وفي الإعادة روايتان فالأمرُفالأمر بفعل الصلاةِالصلاة خلفَهخلفه وبالإعادةِوبالإعادة يُشبِهيشبه الأمرَالأمر بإيتاء الزكاة وبالإعادة.
وما قَبَضَه الإمامُ من الحقوقِ ـ الزكَوات والخراج وغير ذلك ـ بتأويلٍ من اجتهادٍ أو تقليدٍ، وَجَبَتْ طاعتُه فيه كما يَجِبُ طاعةُ الحاكمِ في الحكم المتنازع فيه، فإذا طلبَ أخْذَ القيمةِ، أَو أَخْذَ ما فَضَلَ عن الفرائضِ ونحو ذلَك أُطِيعَ في ذلك وتَبْرَأ ذِمَّةُ المسلمِ بما يَدفَعُه من ذلك.
 
[ومع هذا فمذهب أهل السنة المأثور عن الصحابة أنه يُجزِئيجزئ دفعُدفع الزكاة] إلى الإمام الذي يَجُورُيجور في قَسْمِها،قسمها، فإجراؤها مع أخذِهاأخذها بالاجتهاد، أولى وإن كان ربُّرب المال لا يُجزِئُهيجزئه صَرفُهاصرفها في غيرِغير المصارف، لكن المأثور عن الصحابة الأمرُالأمر بدفع الزكاة إليهم وبالصلاةِوبالصلاة خلفَهمخلفهم.
وهل يُجزِئُه ذلك إذا كان يعتقد أنه لا يُجزِئه لو فعلَه؟
 
والمفسدة في الزكاة أشد،فإذا ساغ ذلك فهذا أسوغ.
الصواب أنه يُجزِئُه كما ذكر أصحابُنا في الخلطة أنه لو أخذ القيمة أو الكبير عن الصغير، فإنه يَرجِعُ أحدُ الخليطينِ على الآخر بذلك، وإطلاقُهم يَقتضي أنه يُجزِيءُ.
 
والسلف لم يأمروا مَنمن صلى خلفهم بإعادة ولا من دفع الزكاة إليهم بإعادة، ولهذا قال أحمد في رسالته في " السنة " : ( أن من أعاد الجمعة فهو مبتدع)، لكن المسألتان واحدة، فالمتفق عليه حجةٌحجة على المختلَفالمختلف فيه، وتخرج في صورة الوفاقِالوفاق ما في صورة النزاع، فإن طائفة من السلف ذهبوا إلى أنه لا يدفع إليهم الزكاة كعبيد بن عمير، وغيره، وكان عمر بن الخطاب وهو أمير المؤمنين رضي الله عنه الذي انتشرت الرعيةُالرعية في زمنه وكثرت الأموالُالأموال فعدلَفعدل فيها صادقا بارّابارا راشدا تابعا للحق فوضعَفوضع الخراجَالخراج على ما فتحَهفتحه عَنْوةًعنوة كأرضِكأرض السوادِالسواد ونحوِها،ونحوها، ووَضعووضع ديوانَديوان العطاء للمقاتِلةللمقاتلة وللذُّرِّيَّة،وللذرية، وكان عثمان بن حُنَيف،حنيف، على الخراج،[ وزيد بن ثابت ـ فيما أظن ـ على ديوان العطاء وما زالت هذه التسميةُالتسمية معروفةًمعروفة : " ديوان الخراج " ] وهو المستخرَجالمستخرج من الأموالِالأموال السلطانية، و " ديوان العطاء " كديوان الجيش وديوان النفقات ونحو ذلك.
ونظيرُ هذا من مسائل العبادات البدنية، الصلاةُ فإن المأمومَ يجب عليه متابعةُ الإمام فيما يَسُوغُ فيه الاجتهادُ، وإن كان المأموم لا يراه؛ كما لو قَنتَ الإمامُ في الفجر، أو زاد في تكبيرة الجنازة إلى سبعٍ؛ لكن لو أخلَّ في الصلاة بركنٍ أو شرطٍ في مذهب المأموم دون مذهبه فهذهِ فيها الخلاف، وهو يُشبِه إجزاءَ إخراجِ الزكاة من بعض الوجوه، لكن إن كان الإمامُ لا يطلبُ منه الزكاةَ وإنما هو بَذلَها له فقبضها الإمام باجتهاده فهذا نظيرُ صلاتِه خلفَه، وإن كان الإمام يطلب منه الزكاة بحيث يجب طاعتُه، فهذا نظيرُ أن يُصلِّي خلفَه ما لا يُمكِنُه فِعلُه خلفَ غيرِه، كالجمعة والعيدين ونحوهما، ولهذا إذا قلنا لا تَصِحُّ الصلاةُ خلفَ الفاسق؛ فإنه يجب فعلُ هذه الصلوات خلفَه، وفي الإعادة روايتان فالأمرُ بفعل الصلاةِ خلفَه وبالإعادةِ يُشبِه الأمرَ بإيتاء الزكاة وبالإعادة.
 
ولِوُلاَةِولولاة الأمور من الملوك ودُوَلِهمودولهم في ذلك عاداتٌعادات واصطلاحاتٌ،واصطلاحات، بعضها مشروعٌمشروع وبعضُهاوبعضها مجتهَدٌمجتهد فيه وبعضُهاوبعضها محرَّم،محرم، كما للقضاة والعلماء والمشايخ منهم من هو من أهل العلم والعدلِوالعدل كأهل السنة فيتبعون النصَّالنص تارةًتارة والاجتهادَوالاجتهاد أُخرى،أخرى، ومنهم أهل جهلٍجهل وظلمٍوظلم كأهل البدعِالبدع المشهورة من ذوي المقالات والعبادات، وذوي الجهل والجور من القضاة والولاة.
[ومع هذا فمذهب أهل السنة المأثور عن الصحابة أنه يُجزِئ دفعُ الزكاة] إلى الإمام الذي يَجُورُ في قَسْمِها، فإجراؤها مع أخذِها بالاجتهاد، أولى وإن كان ربُّ المال لا يُجزِئُه صَرفُها في غيرِ المصارف، لكن المأثور عن الصحابة الأمرُ بدفع الزكاة إليهم وبالصلاةِ خلفَهم.
 
وكانت سيرة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ما في غاية الاستقامة والسَّداد،والسداد، بحيث لم يُمكِنيمكن الخوارجَالخوارج أن يَطعنوايطعنوا فيهما، فضلا عن أهل السنة، وأما عثمان وعلي رضي الله عنهما فهما من الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين وسيرتهما سرة العمل والعدل والهدى والرشاد والصدق والبر؛ لكن فيها نوعٌنوع مجتهَدٌمجتهد فيه، والمجتهِدوالمجتهد فيه إن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر وخطؤُهوخطؤه مغفورٌمغفور له، فاجتهد الخلفاءِالخلفاء أعظمُأعظم وأعظمُوأعظم.
والمفسدةُ في الزكاةِ أشدُّ،فإذا ساغ ذلك فهذا أسوغُ.
 
وأما عثمان فحصلَفحصل منه اجتهادٌاجتهاد في بعضِبعض قَسْمِقسم المال والتخصيص به، وفي بعض العقوبات هو فيها رضي الله عنه مجتهد والعلماءُوالعلماء منهم من يَرىيرى رأيَهرأيه ومنهم من لا يراه.
والسلف لم يأمروا مَن صلى خلفهم بإعادة ولا من دفع الزكاة إليهم بإعادة، ولهذا قال أحمد في رسالته في " السنة " : ( أن من أعاد الجمعة فهو مبتدع)، لكن المسألتان واحدة، فالمتفق عليه حجةٌ على المختلَف فيه، وتخرج في صورة الوفاقِ ما في صورة النزاع، فإن طائفة من السلف ذهبوا إلى أنه لا يدفع إليهم الزكاة كعبيد بن عمير، وغيره، وكان عمر بن الخطاب وهو أمير المؤمنين رضي الله عنه الذي انتشرت الرعيةُ في زمنه وكثرت الأموالُ فعدلَ فيها صادقا بارّا راشدا تابعا للحق فوضعَ الخراجَ على ما فتحَه عَنْوةً كأرضِ السوادِ ونحوِها، ووَضع ديوانَ العطاء للمقاتِلة وللذُّرِّيَّة، وكان عثمان بن حُنَيف، على الخراج،[ وزيد بن ثابت ـ فيما أظن ـ على ديوان العطاء وما زالت هذه التسميةُ معروفةً : " ديوان الخراج " ] وهو المستخرَج من الأموالِ السلطانية، و " ديوان العطاء " كديوان الجيش وديوان النفقات ونحو ذلك.
 
وعلي رضي الله عنه حصل منه اجتهادٌاجتهاد في محاربة أهل القبلة، والعلماء منهم من يرى رأيَهرأيه ومنهم من لا يراه، وبكل حالٍحال فإمامتُهمافإمامتهما ثابتةٌ،ثابتة، ومنزلتُهماومنزلتهما من الأمة منزلتُهما؛منزلتهما؛ لكن أهل البدع الخوارج الذين خرجوا على عثمان وعلى علي جعلوا آرائهم وأهواءَهموأهواءهم حاكمةًحاكمة على كتاب الله وسنة رسولِهرسوله وسيرةِوسيرة الخلفاءِالخلفاء الراشدين؛ فاستحلُّوافاستحلوا بذلك الفتنةَالفتنة وسفكَوسفك الدِّماءِالدماء وغيرَوغير ذلك من المنكرات.
ولِوُلاَةِ الأمور من الملوك ودُوَلِهم في ذلك عاداتٌ واصطلاحاتٌ، بعضها مشروعٌ وبعضُها مجتهَدٌ فيه وبعضُها محرَّم، كما للقضاة والعلماء والمشايخ منهم من هو من أهل العلم والعدلِ كأهل السنة فيتبعون النصَّ تارةً والاجتهادَ أُخرى، ومنهم أهل جهلٍ وظلمٍ كأهل البدعِ المشهورة من ذوي المقالات والعبادات، وذوي الجهل والجور من القضاة والولاة.
 
وأما مَنمن بعد الخلفاء الراشدين، فلهم في تفاصيل قبضِقبض الأموالِالأموال وصَرْفِهاوصرفها طرقٌطرق متنوعة:
وكانت سيرة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ما في غاية الاستقامة والسَّداد، بحيث لم يُمكِن الخوارجَ أن يَطعنوا فيهما، فضلا عن أهل السنة، وأما عثمان وعلي رضي الله عنهما فهما من الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين وسيرتهما سرة العمل والعدل والهدى والرشاد والصدق والبر؛ لكن فيها نوعٌ مجتهَدٌ فيه، والمجتهِد فيه إن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر وخطؤُه مغفورٌ له، فاجتهد الخلفاءِ أعظمُ وأعظمُ.
 
وأما عثمان فحصلَ منه اجتهادٌ في بعضِ قَسْمِ المال والتخصيص به، وفي بعض العقوبات هو فيها رضي الله عنه مجتهد والعلماءُ منهم من يَرى رأيَه ومنهم من لا يراه.
 
وعلي رضي الله عنه حصل منه اجتهادٌ في محاربة أهل القبلة، والعلماء منهم من يرى رأيَه ومنهم من لا يراه، وبكل حالٍ فإمامتُهما ثابتةٌ، ومنزلتُهما من الأمة منزلتُهما؛ لكن أهل البدع الخوارج الذين خرجوا على عثمان وعلى علي جعلوا آرائهم وأهواءَهم حاكمةً على كتاب الله وسنة رسولِه وسيرةِ الخلفاءِ الراشدين؛ فاستحلُّوا بذلك الفتنةَ وسفكَ الدِّماءِ وغيرَ ذلك من المنكرات.
 
وأما مَن بعد الخلفاء الراشدين، فلهم في تفاصيل قبضِ الأموالِ وصَرْفِها طرقٌ متنوعة:
 
(القسم الأول): منها ما هو حق منصوص موافق للكتاب والسنة والخلفاء الراشدين.
 
(القسم الثاني): ومنها ما هو اجتهادٌاجتهاد يَسُوغُيسوغ بين العلماء، وقد يسقط الوجوب بأعذارٍبأعذار ويباحُويباح المحظورُالمحظور بأسباب، وليس هذا موضع تفصيل ذلك.
 
(القسم الثالث): ومنها ما هو اجتهادٌاجتهاد لكن صدوره بسبب العدوان من المجتهد وتقصيرٍوتقصير منه شابَشاب الرأي فيه الهوى، فاجتمعت فيه حسنة وسيئة وهذا النوع كثير جدّاجدا.
 
(القسم الرابع): ومنه ما هو معصية محضة لا شبهة فيه، بتركِبترك واجبٍواجب أو فعلِفعل محرَّمٍمحرم.
 
وهذه الأنواع الأربعة موجودة في عامة تصرفاتهم من: الحكم والقَسْموالقسم والعقوبات وغير ذلك، إما أن يوافق سنة الخلفاء، أو لا يوافق.
 
والذي لا يوافق: إما أن يكون معذورا فيه كعذر العلماء المجتهدين أو لا يكون كذلك،
 
والذي لا يكون معذورا فيه عذرا شرعيّاشرعيا:
 
إما أن يكون فيه شبهة واجتهاد مع التقصير والعدوان.
 
أو لا يكون فيه شبهةٌشبهة ولا تأويلٌتأويل.
 
ولم أعلم أن في الدولة الأموية وصدر الدولة العباسية وظفوا على الناس وظائف تُؤخذتؤخذ منهم غير الوظائف التي هي مشروعة في الأصل، وإن كان التغيير قد وقع في أنواعِهاأنواعها وصفاتِهاوصفاتها ومصارفِها،ومصارفها، نعم كان السواد مخارجه عليه الخراج العُمَرِيّ،العمري، فلما كان في دولة المنصور – فيما أظن – نقله إلى المقاسمة ودخل المقاسمة بعدل المخارجة، كما فعلَفعل النبي {{صل}} بخيبر، وهذا من الاجتهادات السائغة، وأما استئثارُاستئثار وُلاةِولاة الأمور بالأموالِبالأموال والمحاباةُوالمحاباة بها، فهذا قديم؛ بل قال النبي للأنصار: " إنكم ستَلْقُونستلقون بعدي أثرةًأثرة فاصبروا حتى تَلْقَونيتلقوني على الحوض ". وقد أخبر النبي {{صل}} بحالِبحال الأمراء من بعده في غيرِغير حديثٍ،حديث، وكان الخلفاءُالخلفاء المُطَاعِينالمطاعين في أمرِأمر الحرب والقتال وأمرِوأمر الخراج والأموال، ولهم عُمَّالٌعمال ونُوَّابونواب على الحروب، وعُمَّالوعمال ونُوَّابونواب على الأموال، ويُسمُّونويسمون هذه ولاية الحرب وهذه ولاية الخراج، ووزراؤهم الكبار ينوبون عنهم في الأمرين إلى أثناء الدولة العباسية بعد المئة الثالثة، فإنه ضَعُفَضعف أمرُأمر خلافةِخلافة بني العباس وأمرُوأمر وزرائهم، بأسباب جَرتْجرت وضُيِّعَتْوضيعت بعضُبعض الأموال، وعَصَىوعصى عليهم قومٌقوم من النوّابالنواب بتفريطٍبتفريط جرى في الرجال والأموال، فذكر ثابت بن سنان بن ثابت بن قُرَّةقرة فيما علمتُهعلمته من التاريخ: أنه في سنة أربع وعشرين وثلاثمائة فوَّضفوض الراضي الخليفةُالخليفة الإمارةَالإمارة ورئاسةَورئاسة الجيش وأعمالَوأعمال الخراج وتدبيرَوتدبير شأن المملكة إلى مُقدَّمٍمقدم اسمُهاسمه محمد بن رائق، وجعلَهوجعله أمير الأمراء وأمرَوأمر بأن يُخطَبيخطب له على سائر منابر المملكة، ولم يكن قبل ذلك شيء من ذلك.
 
قال: وبَطَلَوبطل قبل ذلك أمرُأمر الوزارة ولم يكن الوزير ينظر في شيء من النواحي ولا الدواوين، ولا كان له اسمٌاسم غيرُغير اسمِاسم الوزارة فقط، وأن يحضرَيحضر في أيام المواكب دار السلطان بسوادٍبسواد وسيفٍوسيف ومنطقةٍ،ومنطقة، ويقفَويقف ساكنا، وصار ابنُابن رائقٍرائق وكاتبُهوكاتبه ينظران فيما كان الوزراءُالوزراء ينظرون فيه، وكذلك كلُّكل من تقلَّدتقلد الإمارةَالإمارة بعد ابن رائق، وصارت أموالُأموال النواحي تُحملتحمل إلى خزائن الأمراء فيأمرون ويُنفِقونوينفقون منها ويُطلِقونويطلقون لنفقاتِلنفقات السلطان ما يريدون، وبطلت بيوتُبيوت الأموال، ثم إنه بعد ذلك حدثَتْحدثت دولة بني بُوية،بوية، الأعاجم وغَلبواوغلبوا على الخلافة، وازداد الأمرُالأمر عما كان عليه وبَقُواوبقوا قريبا من مئةِمئة عام إلى بعد المئة الرابعة بنحو من ثلاثين سنة أو نحوها، حدثت دولة السلاجقة الأتراك، وغلبوا على الخلافة أيضا وكان أحيانا تقوى دولةُدولة بني العباس بحسن تدبير وزرائهم كما جرى في وزارة ابن هبيرة، بما يفعلونه من العدل وإتباع الشريعة، وينهضون به من الجهاد، وكان ملوك النواحي يعطونهم السّكةالسكة والخطبة وطاعةًوطاعة يسيرة تُشبِهتشبه قبول الشفاعة، فأما الولايات وإمارة الحروب وجباية الأموال وانفاقها، فكانوا خارجين فيه على أمر الخلفاء، وكانت سيرة الملوك تختلف: فمنهم العدل المتبع للشريعة ذي القوة والأمانة المقيم للجهاد والعدل كنور الدين محمود بن زنكي، بالشام والجزية ومصر، ومنهم الملك المسلم المعظِّمالمعظم لأمرِلأمر الله ورسولهِورسوله كصلاح الدين، ومنهم غير ذلك أقسامٌأقسام يطول شرحُهاشرحها.
 
وهكذا هم في وضع الوظائف، فمن الملوك والوزراء من يُسرِفيسرف فيها وضعا وجبايةً،وجباية، ومنهم من يَستَنُّيستن بما فُعِلفعل قبله ويجري على العادة، فيجري هو والذي قبلَهقبله على القسم الرابع، ومنهم من يجتهد في ذلك اجتهادا ملكيّاملكيا يُشبِهيشبه القسم الثالث، ومنهم من يقصد اتباعَاتباع الشريعة وإسقاطَوإسقاط ما يخالفُهايخالفها كما فعلَفعل نور الدين لما أسقطَأسقط الكُلَفَالكلف السلطانية المخالفة للشريعة التي كانت توجد بالشام ومصر والجزيرة وكانت أموالا عظيمةًعظيمة جدا وزاد الله البركات وفَتحَوفتح البلادَالبلاد وقَمعَوقمع العدوَّالعدو بسبب عدلِهعدله وإحسانِهوإحسانه.
 
ثمَّثم هذه الوظائف السلطانية التي ليس لها أصلٌأصل في سنةِسنة رسولِرسول الله {{صل}} وسنةِوسنة خلفائه الراشدين ولا ذكرها أهل العلم المصنِّفونالمصنفون للشريعة في كتب الفقه من الحديث والرأي هي حرامٌحرام عند المسلمين، حتى ذكر ابن حزمٍحزم إجماعَإجماع المسلمين على ذلك فقال، ومع هذا فبعض من وضعَوضع بعضَها،بعضها، وَضَعهوضعه بتأويل واجتهاد علمي ديني، واتفق على ذلك الفتوى والرأي من بعض علماء ذلك الوقت، ووُزَرائِه،ووزرائه، فإنه لمّالما قامت دولة السلاجقة ونصروا الخلافة العباسية وأعادوا الخليفة القائم إلى بغداد بعد أن كان أمراءُأمراء مصر من أهل البدع أولئك الروافض قد قهروه وأخرجوه من بغداد، وأظهروا شعارَشعار البدع في بلاد الإسلام وهي التي تُسمَّىتسمى فتنة البساسيري، في نصف المئة الخامسة حدثت أمورٌأمور: منها بناء المدارس والخوانق، ووقفُووقف الوقوف عليها وهي المدارس النظاميات بالعراق وغيره، والرباطات كرباط شيخ الشيوخ وغير ذلك، ومنها ذهاب الدولة الأموية من المغرب وانتقال الأمر إلى ملوك الطوائف.
 
وصنّفوصنف [[أبو المعالي الجويني]]، كتابا للنظام سماه غياث الأُمَمالأمم في التياث الظُّلمالظلم وذكر فيه قاعدة في وضع الوظائف عند الحاجة إليها للجهاد، فإن الجهاد بالنفوس والأموال واجب، بل هو من أعظم واجبات الدين، ولا يمكن حصولُحصول الجهاد إلا بأموالٍبأموال تُقَامتقام بها الجيوش، إِذْإذ أكثرُأكثر الناس لو تُرِكُواتركوا باختيارهم لما جاهدوا بأنفسهم ولا بأموالهم، وإن تُرِكَترك جمعُجمع الأموال وتحصيلُهاوتحصيلها حتى يحدث فتقٌفتق عظيم في عدوّعدو أو خارجي كان تفريطا وتضييعا، فالرأي أن تُجمعَتجمع الأموالُالأموال ويُرصَدَويرصد للحاجة.
 
وطريق ذلك أن توظَّفتوظف وظائفُوظائف راتبةٌراتبة لا يَحصُليحصل بها ضررٌ،ضرر، ويَحصُلويحصل بها المصلحة المطلوبةُ،المطلوبة، من إقامة الجهاد، والوظائف الراتبة لابدّلابد أن تكون على الأمور العادية فتارةًفتارة وظَّفوهاوظفوها على المعاوضات والأملاك مثل أن يضعوا على البائع والمشتري في الدواب والحبوب والثمار وسائر الأطعمة والثياب مقدارا إما على مقدار المبيع وإمّاوإما على مقدار الثمن، ويضعوا على الجعالات والإجارات، ويضعوا على العَقارالعقار من جنس الخراج الشرعي، وكان ما وضعوه تارةًتارة يُشبِهيشبه الزكاة المشروعة من كونه يُوجَديوجد في العام على مقدار، وتارةًوتارة يُشبِهيشبه الخراج الشرعي، وتارةًوتارة يُشبِهيشبه ما يُؤخَديؤخد من تجار أهل الذمة والحرب.
 
ومنهم من يَعتدييعتدي فيضع على أثمان الخمور ومهور البغايا ونحو ذلك مما أصلُهأصله محرَّممحرم بإجماع المسلمين، ومنهم من يضع على أجور المغاني من الرجال والنساء فإن الأثمان والأجور تارةًتارة تكون حلالا في نفسها، وإنما المحرَمالمحرم الظلم فيها كغالب الأثمان والأجور، وتارةًوتارة تكون في نفسها حراما كأثمان الخمور ومُهُورومهور البغايا، وكان بعد موت الملك العادل، بالشام قد وضعه ابنه، ذلك على دار الخمر والفواحش فَبَقِيَفبقي غيرَغير ممنوعٍممنوع من جهة سلطان لما له عليه من الوظيفة وكان ذلك سنة خمس عشرة وست مئة وفي ذلك الوقت ظهرت دولة المغل جنكسخان، بأرض المشرق واستولى على أرض الإسلام، وظهرت النصارى بمصر في مملكة الأفرون، وظهرت بدعٌبدع في العلماء والعُبَّادوالعباد كبحوث ابن الخطيب، وجست، العميدي، وتصوّفوتصوف ابن العربي وخِرقةوخرقة اليونسية وبعض الأحمدية والعَدَوية،والعدوية، وغير ذلك وحقيقة الأمر في ذلك أن هذا من القسم الثالث أو الرابع فإن هذا إذا صدر باجتهادٍ،باجتهاد، فهو في الأصلِالأصل مشوبٌمشوب بهوىًبهوى ومقرونٌومقرون بتقصيرٍبتقصير أوعدوان، وإن التقصير أو العدوان صادرٌصادر أيضا من أكثر الرعية، فإن كثيرا منهم أو أكثرهم لو تُرِكواتركوا لما أدَّواأدوا الواجبات التي عليهم من الزكوات الواجبة والنفقات والواجبة والجهاد الواجب بالأنفس والأموال، كما أنه صادرٌصادر من كثير من الولاة أو أكثرهم بما يقضونه من الأموال بغير حق ويَصرِفونهويصرفونه في غير مَصرِفِه،مصرفه، ويتركون أيضا ما يجب من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
 
فجمعُفجمع هذه الأموال وصرفُهاوصرفها هي من مسائلِمسائل الفتن، مثل الحروب الواقعة بين الأمراء بآراءٍبآراء وأهواءٍ،وأهواء، وهي مشتملة على طاعاتٍطاعات ومعاصِيومعاصي وحسناتٍوحسنات وسيئاتٍ،وسيئات، وأمورٍوأمور مجتَهدٍمجتهد فيها تارةًتارة بهوىًبهوى وتارةًوتارة بغير هوىًهوى اجتهادا اعتقاديّااعتقاديا أو عمليّا،عمليا، نظير الطرائق والمذاهب من الاعتقادات والفتاوى والأحكام وأنواع الزهادات والعبادات والأخلاق، وما في ذلك من مسائل النزاع بين أهل العلم والدين في الأصول والفرع والعبادات والأحوال، فإنها أيضا مشتملةٌمشتملة على حسناتٍحسنات وسيئاتٍوسيئات وطاعاٍتوطاعات ومعاصي وأمورٍوأمور مجتهدٍمجتهد فيها، تارةًتارة بهوىًبهوى وتارةًوتارة بغير هوىًهوى اجتهادا اعتقاديّااعتقاديا أو عمليّاعمليا.
 
فالواجب أن ما شهد الدليلُالدليل الشرعي بوجوبه أو تحريمه أو إباحتِهإباحته عُمِلعمل به، ثم يُعامَليعامل الرجال والأموالُوالأموال بما تُوجِبُهتوجبه الشريعةُالشريعة فيُعفَىفيعفى عما عَفَتْعفت عنه، وأن تضمن تركَترك واجبٍواجب أو فعلَفعل محرَّمٍ،محرم، ويُثنَىويثنى على ما أثنت عليه وإن كان فيه سيئات ومفاسد مرجوحةًمرجوحة.
 
وهذه المشتبهات في الأقوال والأعمال والأموالِوالأموال داخلةٌداخلة في الحديث الذي هو أحد مباني الإسلام حديث النعمان بن المشهور في الصحاح عن النبي {{صل}} أنه قال: الحلال بَيِّنٌبين والحرام بَيِّنٌبين وبين ذلك أمورٌأمور مشتبهات لا يَعلمهنَّيعلمهن كثيرٌكثير من الناس فمن تَركترك الشبهاتِالشبهات استبرأ لدينِهلدينه وعِرضِه،وعرضه، ومن وقع في الشبهاتِالشبهات وَقَعَوقع في الحرام كالراعي يَرعَىيرعى حولَحول الحِمَىالحمى يُوشِكيوشك أن يَقَعيقع فيه، ألا وإن لكلِّلكل مَلِكٍملك حِمىًحمى وإن حِمَىحمى الله محارمُهمحارمه ألا وإن في الجسد مُضْغَةًمضغة إذا صَلَحَتْصلحت صَلَحَصلح لها سائر الجَسَدالجسد وإذا فَسَدتْفسدت فَسَدَفسد لها سائر الجسد ألا وهي القلب فإنه ضمن هذا الحديث الأكل والشرب من الطيبات والعمل الصالح، كما أمر به في قوله : { كُلُواكلوا مِنَمن الطَّيِّبَاتِالطيبات وَاعْمَلُواواعملوا صَالِحاصالحا إِنِّيإني بِمَابما تَعْمَلُونَتعملون عَلِيمٌعليم } إذ أمر به المرسلين والمؤمنين كما في حديث أبي هريرة المخرج في صحيح مسلم، وذكر فعل المعروف وترك المنكر الذي هو صلاح القلب والجسد والحلال والحرام كما قال تعالى { يَأْمُرُهُميأمرهم بِالْمَعْرُوفِبالمعروف وَيَنْهَاهُمْوينهاهم عَنِعن الْمُنكَرِالمنكر وَيُحِلُّويحل لَهُمُلهم الطَّيِّبَاتِالطيبات وَيُحَرِّمُويحرم عَلَيْهِمُعليهم الْخَبَآئِثَالخبآئث } وذكر أن الشبهات لا يعلمها كثير من الناس فدلَّفدل ذلك على أنَّأن من الناس من يعلمها فمن تبيَّنتتبينت له الشبهاتُالشبهات لم يبقَيبق في حقِّهحقه شبهةٌ،شبهة، و من لم تتبيَّنْتتبين له فهي في حقِّةحقة شبهةٌ،شبهة، إذ التبيُّنالتبين والاشتباه من الأمور النسبية فقد يكون الذي متبينا لشخصٍ،لشخص، مشتبها على الآخر.
 
وبيَّنوبين أن الحَزْمَالحزم تركُترك الشبهات والشبهات قد تكون في المأمور به وقد تكون في المنهي عنه فالحزْمُفالحزم في ذلك الفعلُالفعل وفي هذا التركُالترك فإذا شك في الأمر هل هو واجبٌواجب أو محرَّمٌمحرم ؟ فهنا هو المشكلُالمشكل جدا كما في الاعتقادات فلا يحكم بوجوبه إلاّإلا بدليل و لا نحرمه إلا بدليل فقد لا يكون واجبا ولا محرما وإن كان اعتقادا إذْإذ ليس كلُّكل اعتقادٍاعتقاد مطلقٍمطلق أوجبَهأوجبه الله على الخلق بل الاعتقاد إمّاإما صواب وإمّاوإما خطأ وليس كلُّكل خطأ حرَّمَهحرمه الله بل قد عفا الله عن أشياءَأشياء لم يُوِجْبهايوجبها ولم يُحرِّمْهايحرمها والله أعلم.
 
[[تصنيف:قاعدة في الأموال السلطانية]]