الفرق بين المراجعتين لصفحة: «البداية والنهاية/الجزء الثاني/قصة داود وما كان في أيامه وذكر فضائله وشمائله ودلائل نبوته وإعلامه»

وقال تعالى: <big> { وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } </big> <ref>[{{مردخ|سبأ: 10-11]</ref>}}.

وقال تعالى: <big> {... وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ * وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ } </big> <ref>[{{مردخ|الأنبياء: 79]</ref>}} أعانه الله على عمل الدروع من الحديد ليحصن المقاتلة من الأعداء، وأرشده إلى صنعتها وكيفيتها فقال: <big> { وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ } </big> أي: لا تدق المسمار فيفلق، ولا تغلظه فيفصم، قاله مجاهد، وقتادة، والحكم، وعكرمة.

وقال تعالى: <big> { وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ * وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفصل الْخِطَابِ } </big> <ref>[{{مردخ|ص: 17-20]</ref>}}.

وقوله: <big> { إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ } </big> <ref>[{{مردخ|ص: 18-19]</ref>}}.

كما قال: <big> { يا جبال أوبي معه والطير } </big> <ref>[{{مردخ|سبأ: 10]</ref>}} أي: سبحي معه. قاله ابن عباس، ومجاهد، وغير واحد في تفسير هذه الآية.

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: سمع رسول الله {{صل}} صوت أبي موسى الأشعري وهو يقرأ فقال: <big> « لقد أوتي أبو موسى من مزامير آل داود »</big>. <ref>[{{مردخ|وهذا على شرط الشيخين، ولم يخرجاه من هذا الوجه]</ref>}}.

وقد قال الله تعالى: <big> { وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورا } </big> <ref>[{{مردخ|الإسراء: 55]</ref>}}، والزبور: كتاب مشهور، وذكرنا في التفسير، الحديث الذي رواه أحمد وغيره، أنه أنزل في شهر رمضان، وفيه من المواعظ والحكم ما هو معروف لمن نظر فيه.

وقوله: <big> { وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفصل الْخِطَابِ } </big> <ref>[{{مردخ|ص: 20]</ref>}} أي: أعطيناه ملكا عظيما، وحكما نافذا.

<big> { وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ * إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ * قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعا وَأَنَابَ * فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ } </big> <ref>[{{مردخ|ص: 21-25]</ref>}}.

قال تعالى: <big> { يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ } </big> <ref>[{{مردخ|ص: 26]</ref>}} هذا خطاب من الله تعالى مع داود، والمراد ولاة الأمور، وحكام الناس، وأمرهم بالعدل، واتباع الحق المنزل من الله لا ما سواه من الآراء والأهواء، وتوعد من سلك غير ذلك، وحكم بغير ذلك.

وقد كان داود عليه السلام هو المقتدى به في ذلك الوقت في العدل، وكثرة العبادة، وأنواع القربات، حتى إنه كان لا يمضي ساعة من آناء الليل وأطراف النهار إلا وأهل بيته في عبادة ليلا ونهارا كما قال تعالى: <big> { اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ } </big> <ref>[{{مردخ|سبأ: 13]</ref>}}.

لو كان نبيا ما رغب في النساء، وكان أشدهم في ذلك حيي بن أخطب، فأكذبهم الله وأخبرهم بفضل الله وسعته على نبيه صلوات الله عليه وسلامه، فقال: <big> { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ... } </big> <ref>[{{مردخ|النساء: 54]</ref>}} يعني بالناس رسول الله {{صل}}.

[[تصنيف: البداية والنهاية:الجزء الثاني|{{صفحة فرعية}}]]