الفرق بين المراجعتين لصفحة: «البداية والنهاية/الجزء السادس/القول فيما أوتي نوح عليه السلام»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
Obaydb (نقاش | مساهمات)
استيراد تلقائي للمقالات - كتابة على الأعلى
ط قالب مرجع داخلي وحذف هامش
سطر 10:
{{عنوان|القول فيما أوتي نوح عليه السلام}}
 
قال الله تعالى: { فدعا ربه أني مغلوب فانتصر * ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر * وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر * وحملناه على ذات ألواح ودسر * تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر * ولقد تركناها آية فهل من مدكر } <ref>[{{مردخ|القمر: 10-15]</ref>}}.
 
وقد ذكرت القصة مبسوطة في أول هذا الكتاب وكيف دعا على قومه فنجاه الله ومن اتبعه من المؤمنين فلم يهلك منهم أحد، وأغرق من خالفه من الكافرين فلم يسلم منهم أحد، حتى ولا ولده.
سطر 68:
قال: فما فقد الناس إلا قدحا كان معلقا بعذبة سرج، فلما خرجوا أصابوا الغنائم واقتسموا، فجعل الرجل يقول: من يبادل صفراء ببيضاء؟
 
وقد ذكرنا في السيرة العمرية وأيامها وفي التفسير أيضا أن أول من اقتحم دجلة يومئذ أبو عبيدة النفيعي أمير الجيوش في أيام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وأنه نظر إلى دجلة فتلا قوله تعالى: { وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا } <ref>[{{مردخ|آل عمران: 145]</ref>}}.
 
ثم سمى الله تعالى واقتحم بفرسه الماء، واقتحم الجيش وراءه، ولما نظر إليهم الأعاجم يفعلون ذلك جعلوا يقولون: ديوان، ديوان - أي مجانين، مجانين - ثم ولوا مدبرين فقتلهم المسلمون وغنموا منهم مغانم كثيرة.
سطر 104:
ثم وقف وقال: يا معشر المسلمين هل ذهب لأحد منكم شيء فأدعو الله تعالى يرده؟
 
فهذه الكرامات لهؤلاء الأولياء هي معجزات لرسول الله - {{صل}} - كما تقدم تقريره لأنهم إنما نالوها ببركة متابعته ويمن سفارته، إذ فيها حجة في الدين أكيدة للمسلمين، وهي مشابهة نوح - عليه السلام - في مسيره فوق الماء بالسفينة التي أمره الله تعالى بعملها، ومعجزة موسى - عليه السلام - في فلق البحر، وهذه فيها ما هو أعجب من ذلك من جهة مسيرهم على متن الماء من غير حائل، ومن جهة أنه ماء جار والسير عليه أعجب من السير على الماء القار الذي يجاز، وإن كان ماء الطوفان أطم وأعظم فهذه خارق والخارق لا فرق بين قليله وكثيره، فإن من سلك على وجه الماء الخضم الجاري العجاج فلم يبتل منه نعال خيولهم أو لم يصل إلى بطونها فلا فرق في الخارق بين أن يكون قامة أو ألف قامة، أو أن يكون نهرا أو بحرا، بل كونه نهرا عجاجا كالبرق الخاطف، والسيل الجاري أعظم وأغرب وكذلك بالنسبة إلى فلق البحر وهو جانب بحر القلزم حتى صار كل فرق كالطود العظيم أي الجبل الكبير، فانحاز الماء يمينا وشمالا حتى بدت أرض البحر وأرسل الله عليها الريح حتى أيبسها ومشت الخيول عليها بلا انزعاج حتى جاوزوا عن آخرهم، وأقبل فرعون بجنوده { فغشيهم من اليم ما غشيهم * وأضل فرعون قومه وما هدى } <ref>[{{مردخ|طه: 78-79]</ref>}}.
 
وذلك أنهم لما توسطوه وهموا بالخروج منه أمر الله البحر فارتطم عليهم فغرقوا عن آخرهم فلم يفلت منهم أحد كما لم يفقد من بني إسرائيل واحد، ففي ذلك آية عظيمة بل آيات معدودات كما بسطنا ذلك في التفسير ولله الحمد والمنة.
سطر 134:
وقال الإمام الفقيه أبو محمد بن عبد الله بن حامد في كتاب دلائل النبوة - وهو كتاب حافل -: ذكر ما أوتي نوح عليه السلام من الفضائل، وبيان ما أوتي محمد {{صل}} مما يضاهي فضائله ويزيد عليها، إن قوم نوح لما بلغوا من أذيته والاستخفاف به وترك الإيمان بما جاءهم به من عند الله.
 
دعا عليهم فقال: { رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا } <ref>[{{مردخ|نوح: 26]</ref>}}.
 
فاستجاب الله دعوته وغرق قومه حتى لم يسلم شيء من الحيوانات والدواب إلا من ركب السفينة وكان ذلك فضيلة أوتيها إذ أجيبت دعوته وشفي صدره بإهلاك قومه.
سطر 164:
قال أبو نعيم: ولبث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما فبلغ جميع من آمن رجالا ونساء الذين ركبوا معه سفينته دون مائة نفس، وآمن بنبينا في مدة عشرين سنة الناس شرقا وغربا ودانت له جبابرة الأرض وملوكها، وخافت زوال ملكهم ككسرى وقيصر وأسلم النجاشي والأقيال رغبة في دين الله، والتزم من لم يؤمن به من عظماء الأرض الجزية والأيادة عن صغار أهل نجران، وهجر، وأيلة، وأنذر دومة، فذلوا له منقادين لما أيده الله به من الرعب الذي يسير بين يديه شهرا، وفتح الفتوح ودخل الناس في دين الله أفواجا.
 
كما قال الله تعالى: { إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا } <ref>[{{مردخ|النصر: 1-3]</ref>}}.
 
قلت: مات رسول الله {{صل}} وقد فتح الله له المدينة، وخيبر، ومكة، وأكثر اليمن، وحضرموت وتوفي عن مائة ألف صحابي أو يزيدون، وقد كتب في آخر حياته الكريمة إلى سائر ملوك الأرض يدعوهم إلى الله تعالى فمنهم من أجاب، ومنهم من صانع ودارى عن نفسه، ومنهم من تكبر فخاب وخسر، كما فعل كسرى بن هرمز حين عتى وبغى وتكبر فمزق ملكه، وتفرق جنده شذر مذر، ثم فتح خلفاؤه من بعده أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي التالي على الأثر مشارق الأرض ومغاربها من البحر الغربي إلى البحر الشرقي.
سطر 176:
كذلك عمت جميع أهل الأرض ببركة رسالة محمد {{صل}} ودعوته، فآمن من آمن من الناس وقامت الحجة على من كفر منهم.
 
كما قال تعالى: { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } <ref>[{{مردخ|الأنبياء: 107]</ref>}}.
 
وكما قال {{صل}}: « إنما أنا رحمة مهداة ».
سطر 184:
قال: من آمن بالله ورسله تمت له الرحمة في الدنيا والآخرة، ومن لم يؤمن بالله ورسله عد فيمن يستحق تعجيل ما كان يصيب الأمم قبل ذلك من العذاب والفتن والقذف والخسف.
 
وقال تعالى: { ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار } <ref>[{{مردخ|إبراهيم: 28]</ref>}}.
 
قال ابن عباس: النعمة محمد، والذين بدلوا نعمة الله كفرا كفار قريش - يعني: وكذلك كل من كذب به من سائر الناس.
 
كما قال: { ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده } <ref>[{{مردخ|هود: 17]</ref>}}.
 
قال أبو نعيم: فإن قيل فقد سمى الله نوحا عليه السلام باسم من أسمائه الحسنى، فقال: { إنه كان عبدا شكورا } <ref>[{{مردخ|الإسراء: 3]</ref>}}.
 
قلنا: وقد سمى الله محمدا {{صل}} باسمين من أسمائه فقال: « بالمؤمنين رءوف رحيم ».
سطر 198:
وقال مخاطبا لمحمد {{صل}}: « يا أيها الرسول » « يا أيها النبي » « يا أيها المزمل » « يا أيها المدثر ».
 
وذلك قائم مقام الكنية بصفة الشرف، ولما نسب المشركون أنبياءهم إلى السفه والجنون كل أجاب عن نفسه، قال نوح: { ياقوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين } <ref>[{{مردخ|الأعراف: 67]</ref>}}.
 
وكذا قال هود عليه السلام.
 
ولما قال فرعون: { إني لأظنك ياموسى مسحورا } <ref>[{{مردخ|الإسراء: 101]</ref>}}.
 
قال موسى: { قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر وإني لأظنك يافرعون مثبورا } <ref>[{{مردخ|الإسراء: 102]</ref>}}.
 
وأما محمد {{صل}} فإن الله تعالى هو الذي يتولى جوابهم عنه بنفسه الكريمة.
 
كما قال: { وقالوا ياأيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون * لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين } <ref>[{{مردخ|الحجر: 6- 7]</ref>}}.
 
قال الله تعالى: { ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين } <ref>[{{مردخ|الحجر: 8]</ref>}}.
 
وقال تعالى: { أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا * قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض إنه كان غفورا رحيما } <ref>[{{مردخ|الفرقان: 5-6]</ref>}}.
 
{ وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا * قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض إنه كان غفورا رحيما } <ref>[{{مردخ|الطور: 30-31]</ref>}}.
 
وقال تعالى: { وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون * ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون * تنزيل من رب العالمين } <ref>[{{مردخ|الحاقة: 41-43]</ref>}}.
 
{ وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون } <ref>[{{مردخ|القلم: 51]</ref>}}.
 
قال الله تعالى: { وما هو إلا ذكر للعالمين } <ref>[{{مردخ|القلم: 52]</ref>}}.
 
وقال تعالى: { والقلم وما يسطرون * ما أنت بنعمة ربك بمجنون * وإن لك لأجرا غير ممنون * وإنك لعلى خلق عظيم } <ref>[{{مردخ|القلم: 1-4]</ref>}}.
 
وقال تعالى: { ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين } <ref>[{{مردخ|النحل: 103]</ref>}}.
 
{{هامش}}
</div>
{{البداية والنهاية/الجزء السادس}}
 
[[تصنيف:البداية والنهاية:الجزء السادس|{{صفحة فرعية}}]]