الفرق بين المراجعتين لصفحة: «البداية والنهاية/الجزء السادس/القول فيما أوتي إبراهيم الخليل عليه السلام»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
Obaydb (نقاش | مساهمات)
استيراد تلقائي للمقالات - كتابة على الأعلى
ط قالب مرجع داخلي وحذف هامش
سطر 134:
وقد قال هشام بن عمار في كتابه المبعث: حدثنا يحيى بن حمزة الحضرمي وعثمان بن علان القرشي قالا: حدثنا عروة بن رويم اللخمي أن رسول الله {{صل}} قال: « إن الله أدرك بي الأجل المرقوم وأخذني لقربه واحتضرني احتضارا، فنحن الآخرون، ونحن السابقون يوم القيامة، وأنا قائل قولا غير فخر إبراهيم خليل الله، وموسى صفي الله، وأنا حبيب الله، وأنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وإن بيدي لواء الحمد، وأجارني الله عليكم من ثلاث أن لا يهلككم بسنة، وأن يستبيحكم عدوكم، وأن لا تجمعوا على ضلالة ».
 
وأما الفقيه أبو محمد بن عبد الله بن حامد فتكلم على مقام الخلة بكلام طويل إلى أن قال: ويقال: الخليل الذي يعبد ربه على الرغبة والرهبة من قوله: { إن إبراهيم لأواه حليم } <ref>[{{مردخ|التوبة: 114]</ref>}}.
 
من كثرة ما يقول: أواه والحبيب الذي يعبد ربه على الرؤية والمحبة.
سطر 142:
والحبيب الذي يكون معه انتظار اللقاء.
 
ويقال: الخليل الذي يصل بالواسطة من قوله: { وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين } <ref>[{{مردخ|الأنعام: 75]</ref>}}.
 
والحبيب الذي يصل إليه من غير واسطة من قوله: { فكان قاب قوسين أو أدنى } <ref>[{{مردخ|النجم: 9]</ref>}}.
 
وقال: الخليل { والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين } <ref>[{{مردخ|الشعراء: 82]</ref>}}.
 
وقال الله للحبيب محمد {{صل}}: { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر } <ref>[{{مردخ|الفتح: 2]</ref>}}.
 
وقال الخليل: { ولا تخزني يوم يبعثون } <ref>[{{مردخ|الشعراء: 87]</ref>}}.
 
وقال الله للنبي: { يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه } <ref>[{{مردخ|التحريم: 8]</ref>}}.
 
وقال الخليل حين ألقي في النار: « حسبي الله ونعم الوكيل ».
 
وقال الله لمحمد {{صل}}: { ياأيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين } <ref>[{{مردخ|الأنفال: 64]</ref>}}.
 
وقال الخليل: { إني ذاهب إلى ربي سيهدين } <ref>[{{مردخ|الصافات: 99]</ref>}}.
 
وقال الله لمحمد {{صل}}: { ووجدك ضالا فهدى } <ref>[{{مردخ|الضحى: 7]</ref>}}.
 
وقال الخليل: { واجعل لي لسان صدق في الآخرين } <ref>[{{مردخ|الشعراء: 84]</ref>}}.
 
وقال الله لمحمد {{صل}}: { ورفعنا لك ذكرك }. <ref>[{{مردخ|الإنشراح: 4]</ref>}}.
 
وقال الخليل: { واجنبني وبني أن نعبد الأصنام } <ref>[{{مردخ|إبراهيم: 35]</ref>}}.
 
وقال الله للحبيب: { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } <ref>[{{مردخ|الأحزاب: 33]</ref>}}.
 
وقال الخليل: { واجعلني من ورثة جنة النعيم } <ref>[{{مردخ|الشعراء: 85]</ref>}}.
 
وقال الله لمحمد {{صل}}: { إنا أعطيناك الكوثر } <ref>[{{مردخ|الكوثر: 1]</ref>}}.
 
وذكر أشياء أخر، وسيأتي الحديث في صحيح مسلم عن أبي بن كعب أن رسول الله {{صل}} قال: « إني سأقوم مقاما يوم القيامة يرغب إلى الخلق كلهم حتى أبوهم إبراهيم الخليل ».
سطر 180:
ثم قال أبو نعيم: فإن قيل: إن إبراهيم عليه السلام حجب عن نمرود بحجب ثلاثة.
 
قيل: فقد كان كذلك، وحجب محمد {{صل}} عمن أرادوه بخمسة حجب، قال الله تعالى في أمره: { وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون } <ref>[{{مردخ|يس: 9]</ref>}}.
 
فهذه ثلاث ثم قال: { وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا } <ref>[{{مردخ|الإسراء: 45]</ref>}}.
 
ثم قال: { فهي إلى الأذقان فهم مقمحون } <ref>[{{مردخ|يس: 8]</ref>}}.
 
فهذه خمس حجب وقد ذكر مثله سواء الفقيه أبو محمد ابن حامد، وما أدري أيهما أخذ من الآخر والله أعلم.
 
وهذا الذي قاله غريب، والحجب التي ذكرها لإبراهيم عليه السلام لا أدري ما هي كيف وقد ألقاه في النار التي نجاه الله منها، وأما ما ذكره من الحجب التي استدل عليها بهذه الآيات، فقد قيل: إنها جميعها معنوية لا حسية، بمعنى أنهم مصرفون عن الحق، لا يصل إليهم ولا يخلص إلى قلوبهم، كما قال تعالى: { وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب } <ref>[{{مردخ|فصلت: 5]</ref>}}.
 
وقد حررنا ذلك في التفسير، وقد ذكرنا في السيرة وفي التفسير: أن أم جميل امرأة أبي لهب لما نزلت السورة في ذمها وذم زوجها ودخولهما النار وخسارهما، جاءت بفهر وهو الحجر الكبير لترجم النبي {{صل}} فانتهت إلى أبي بكر وهو جالس عند النبي {{صل}} فلم تر رسول الله {{صل}} وقالت لأبي بكر: أين صاحبك؟
سطر 230:
وقد ذكرنا في ترجمة خالد بن الوليد المخزومي فاتح بلاد الشام أنه أتى بسم فحثاه بحضرة الأعداء ليرهبهم بذلك فلم ير بأسا رضي الله عنه.
 
ثم قال أبو نعيم: فإن قيل فإن إبراهيم خصم نمرود ببرهان نبوته فبهته، قال الله تعالى: { فبهت الذي كفر } <ref>[{{مردخ|البقرة: 258]</ref>}}.
 
قيل: محمد {{صل}} أتاه الكذاب بالبعث أبي بن خلف بعظم بال ففركه وقال: { من يحيي العظام وهي رميم } <ref>[{{مردخ|يس: 78]</ref>}}.
 
فأنزل الله تعالى البرهان الساطع: { قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم } <ref>[{{مردخ|يس: 79]</ref>}}.
 
فانصرف مبهوتا ببرهان نبوته.
سطر 240:
قلت: وهذا أقطع للحجة وهو استدلاله للمعاد بالبداءة، فالذي خلق الخلق بعد أن لم يكونوا شيئا مذكورا قادر على إعادتهم.
 
كما قال: { أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم } <ref>[{{مردخ|يس: 81]</ref>}}.
 
أي يعيدهم كما بدأهم، كما قال في الآية الأخرى: { على أن يحيي الموتى } <ref>[{{مردخ|الأحقاف: 33]</ref>}}.
 
وقال: { وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه } <ref>[{{مردخ|الروم: 27]</ref>}}.
 
هذا وأمر المعاد نظري لا فطري ضروري في قول الأكثرين، فأما الذي حاج إبراهيم في ربه فإنه معاند مكابر، فإن وجود الصانع مذكور في الفطر، وكل واحد مفطور على ذلك إلا من تغيرت فطرته فيصير نظريا عنده، وبعض المتكلمين يجعل وجود الصانع من باب النظر لا الضروريات، وعلى كل تقدير فدعواه أنه هو الذي يحيى الموتى لا يقبله عقل ولا سمع وكل واحد يكذبه بعقله في ذلك، ولهذا ألزمه إبراهيم بالإتيان بالشمس من المغرب إن كان كما ادعى { فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين } <ref>[{{مردخ|البقرة: 258]</ref>}}.
 
وكان ينبغي أن يذكر مع هذا أن الله تعالى سلط محمدا على هذا المعاند لما بارز النبي {{صل}} يوم أحد فقتله بيده الكريمة طعنه بحربة، فأصاب ترقوته فتردى عن فرسه مرارا، فقالوا له: ويحك مالك؟
سطر 256:
ثم قال أبو نعيم: فإن قيل: فإن إبراهيم عليه السلام كسر أصنام قومه غضبا لله.
 
قيل: فإن محمدا {{صل}} كسر ثلاثمائة وستين صنما قد ألزمها الشيطان بالرصاص والنحاس، فكان كلما دنا منها بمخصرته تهوي من غير أن يمسها ويقول: { جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا } <ref>[{{مردخ|الإسراء: 81]</ref>}}.
 
فتساقط لوجوهها ثم أمر بهن فأخرجن إلى الميل، وهذا أظهر وأجلى من الذي قبله.
سطر 266:
وأما إحياء الطيور الأربعة لإبراهيم عليه السلام فلم يذكره أبو نعيم ولا ابن حامد، وسيأتي في إحياء الموتى على يد عيسى عليه السلام ما وقع من المعجزات المحمدية من هذا النمط ما هو مثل ذلك، كما سيأتي التنبيه عليه إذا انتهينا إليه من إحياء أموات بدعوات أمته، وحنين الجذع، وتسليم الحجر والشجر والمدر عليه، وتكليم الذراع له وغير ذلك.
 
وأما قوله تعالى: { وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين } <ref>[{{مردخ|الأنعام: 75]</ref>}}.
 
والآيات بعدها فقد قال الله تعالى: { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير } <ref>[{{مردخ|الإسراء: 1]</ref>}}.
 
وقد ذكر ذلك ابن حامد فيما وقفت عليه بعد، وقد ذكرنا في أحاديث الإسراء من كتابنا هذا، ومن التفسير ما شاهده رسول الله {{صل}} ليلة أسري به من الآيات فيما بين مكة إلى بيت المقدس، وفيما بين ذلك إلى سماء الدنيا، ثم عاين من الآيات في السموات السبع وما فوق ذلك، وسدرة المنتهى، وجنة المأوى، والنار التي هي بئس المصير والمثوى.
سطر 282:
وذكر في مقابلة ما ابتلي به يوسف عليه السلام من الفرقة والغربة، هجرة رسول الله {{صل}} من مكة إلى المدينة ومفارقته وطنه وأهله وأصحابه الذين كانوا بها.
 
{{هامش}}
</div>
{{البداية والنهاية/الجزء السادس}}
 
[[تصنيف:البداية والنهاية:الجزء السادس|{{صفحة فرعية}}]]