الفرق بين المراجعتين لصفحة: «هداية الحيارى/المجمع الثاني»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
Obayd (نقاش | مساهمات)
تصنيف using AWB
ط استبدال أقواس
 
سطر 9:
 
===المجمع الثاني===
ثم اجتمعوا بعد هذا مجمعا عظيما ببيت المقدس، وكان معهم رجل دسه بترك القسطنطينية، وجماعة معه، ليسألوا بترك الإسكندرية، وكان هذا الرجل لما رجع إلى الملك، أظهر أنه مخالف لأريوس، وكان يرى رأيه، ويقول بمقالته، فقام الرجل، وقال: إن أريوس لم يقل إن المسيح خلق الإنسان، ولكن قال به خلقت الأشياء، لأنه كلمة الله التي بها خلقت السموات والأرض، وإنما خلق الله الأشياء بكلمته ولم تخلق الأشياء كلمته، كما قال المسيح في الإنجيل: ((«كل بيده كان ومن دونه لم يكن شيء))» وقال: ((«به كانت الحيا، والحياة نور البشر))» وقال: ((«العالم به يكون))» فأخبر أن الأشياء به تكونت.
 
قال ابن البطريق: فهذه كانت مقالة أريوس ولكن الثلاثمائة وثمانية عشر أسقفا تعدوا عليه وحرفوه ظلما وعدوانا، فرد عليه بترك الإسكندرية، وقال: أما أريوس، فلم تكذب عليه الثلاثمائة وثمانية عشر أسقفا ولا ظلموه لأنه إنما قال: الابن خالق الأشياء دون الأب، وإذا كانت الأشياء إنما خلقت بالابن دون أن يكون الأب لها خالقا فقد أعطى أنه ما خلق منها شيئا.
 
وفي ذلك تكذيب قوله: ((«الأب يخلق وأنا أخلق))».
 
وقال: ((«إن أنا لم أعمل عمل أبي فلا تصدقوني))».
 
وقال: ((«كما أن الأب يحيي من يشاء ويميته، كذلك الابن يحيي من يشاء ويميته))».
 
قالوا: فدل على أنه يحيي ويخلق، وفي هذا تكذيب لمن زعم أنه ليس بخالق وإنما خلقت الأشياء به دون أن يكون خالقا.
 
وأما قولك: إن الأشياء كونت به، فإنا لما قلنا: لا شك أن المسيح حي فعال، وكان قد دل بقوله: ((«إني أفعل الخلق والحياة))» كان قولك: به كونت الأشياء إنما هو راجع في المعنى إلى أنه كونها وكانت به مكونة، ولو لم يكن ذلك لتناقض القولان.
 
قال: وأما قول من قال من أصحاب أريوس: إن الأب يريد الشيء فيكونه الابن، والإرادة للأب والتكوين للابن، فإن ذلك يفسد أيضا، إذا كان الابن عنده مخلوقا، فقد صار حظ المخلوق في الخلق أوفى من حظ الخالق فيه، وذلك أن هذا أراد وفعل، وذلك أراد ولم يفعل، فهذا أوفر حظا في فعله من ذلك، ولابد لهذا أن يكون في فعله لما يريد ذلك، بمنزلة كل فاعل من الخلق لما يريد الخالق منه، ويكون حكمه كحكمه في الخير والاختيار، فإن كان مجبورا فلا شيء له في الفعل، وإن كان مختارا، فجائز أن يطاع، وجائز أن يعصى، وجائز أن يثاب، وجائز أن يعاقب. وهذا أشنع في القول، ورد عليه أيضا وقال: إن كان الخالق إنما خلق خلقه بمخلوق، والمخلوق غير الخالق بلا شك، فقد زعمتم أن الخالق يفعل بغيره، والفاعل بغيره محتاج إلى متمم ليفعل به، إذ كان لا يتم له الفعل إلا به، والمحتاج إلى غيره منقوص، والخالق متعال عن هذا كله.