الفرق بين المراجعتين لصفحة: «هداية الحيارى/المسألة الأولى»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
Obayd (نقاش | مساهمات)
تصنيف using AWB
ط استبدال أقواس
 
سطر 9:
 
===المسألة الأولى===
فتقول: أما المسألة الأولى وهي قول السائل: ((«قد اشتهر عندكم بأن أهل الكتابين ما منعهم من الدخول في الإسلام إلا الرياسة والمأكلة لا غير))» فكلام جاهل بما عند المسلمين وبما عند الكفار، أما المسلمون فلم يقولوا إنه لم يمنع أهل الكتاب من الدخول في الإسلام إلا الرياسة والمأكلة لا غير.
وإن قال هذا بعض عوامهم فلا يلزم جماعتهم، والممتنعون من الدخول في الإسلام من أهل الكتابين وغيرهم، جزء يسير جدا بالإضافة إلى الداخلين فيه منهم، بل أكثر الأمم دخلوا في الإسلام طوعا ورغبة واختيارا، لا كرها ولا اضطرارا، فإن الله سبحانه وتعالى بعث محمدا {{صل}} رسولا إلى أهل الأرض وهم خمسة أصناف قد طبقوا الأرض: يهود، ونصارى، ومجوس، وصابئة، ومشركون.
 
سطر 42:
والمقصود أنه {{صل}} لم يكره أحدا على الدخول في دينه البتة، وإنما دخل الناس في دينه اختيارا وطوعا، فأكثر أهل الأرض دخلوا في دعوته لما تبين لهم الهدى وأنه رسول الله حقا.
 
فهؤلاء أهل اليمن كانوا على دين اليهودية أو أكثرهم كما قال النبي {{صل}} لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: ((«إنك ستأتي قوما أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله))» وذكر الحديث.
 
ثم دخلوا في الإسلام من غير رغبة ولا رهبة، وكذلك من أسلم من يهود المدينة، وهم جماعة كثيرون غير عبد الله بن سلام مذكورون في كتب السير والمغازي، لم يسلموا رغبة في الدنيا ولا رهبة من السيف؛ بل أسلموا في حال حاجة المسلمين وكثرة أعدائهم ومحاربة أهل الأرض لهم من غير سوط ولا نوط، بل تحملوا معاداة أقربائهم وحرمانهم نفعهم بالمال والبدن، مع ضعف شوكة المسلمين وقلة ذات أيديهم.
سطر 52:
فهؤلاء نصارى الشام كانوا ملء الشام، ثم صاروا مسلمين إلا النادر، فصاروا في المسلمين كالشعرة السوداء في الثور الأبيض، وكذلك المجوس كانت أمة لا يحصي عددهم إلا الله فأطبقوا على الإسلام لم يتخلف منهم إلا النادر، وصارت بلادهم بلاد إسلام، وصار من لم يسلم منهم تحت الجزية والذلة.
 
وكذلك اليهود، أسلم أكثرهم ولم يبق منهم إلا شرذمة قليلة مقطعة في البلاد، فقول هذا الجاهل: ((«إن هاتين الأمتين لا يحصى عددهم إلا الله كفروا بمحمد {{صل}}))» كذب ظاهر وبهت مبين، حتى لو كانوا كلهم قد أجمعوا على اختيار الكفر لكانوا في ذلك أسوة قوم نوح، وقد أقام فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله ويريهم من الآيات ما يقيم حجة الله عليهم، وقد أطبقوا على الكفر إلا قليلا منهم، كما قال تعالى:
 
(وما آمن معه إلا قليل) وهم كانوا أضعاف أضعاف هاتين الأمتين.
سطر 104:
اليد التي خلقت آدم هي التي باشرت المسامير ونالت الصلب. فكيف لا يجوز عليهم الاتفاق على تكذيب من جاء بتكفيرهم وتضليلهم، ونادى سرا وجهرا بكذبهم على الله وشتمهم له أقبح شتم، وكذبهم على المسيح وتبديلهم دينه وعاداهم وقاتلهم وبرأهم من المسيح وبرأه منهم وأخبر أنهم وقود النار وحصب جهنم.
 
فهذا أحد الأسباب التي اختاروا لأجلها الكفر على الإيمان، وهو من أعظم الأسباب، فقولكم: ((«إن المسلمين يقولون إنهم لم يمنعهم من الدخول في الإسلام إلا الرياسة والمأكلة لا غير))» كذب على المسلمين، بل الرياسة والمأكلة من جملة الأسباب المانعة لهم من الدخول في الدين، وقد ناظرنا نحن وغيرنا جماعة منهم، فلما تبين لبعضهم فساد ما هم عليه، قالوا:
 
لو دخلنا في الإسلام لكنا من أقل المسلمين لا يأبه لنا ونحن متحكمون في أهل ملتنا في أموالهم ومناصبهم ولنا بينهم أعظم الجاه، وهل منع فرعون وقومه من اتباع موسى إلا ذلك؟