الفرق بين المراجعتين لصفحة: «لسان العرب : فتك -»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
لا ملخص تعديل
 
Removing all content from page
سطر 1:
@فتك: الفَتْكُ: ركوب ما هَمَّ من الأُمور ودَعَتْ إليه النفسُ، فَتَك
يَفْتِكُ ويَفْتُكُ فَتْكاً وفِتْكاً وفُتْكاً وفُتُوكاً. والفَاتِكُ:
الجَريء الصَّدْرِ، والجمع الفُتَّاك. ورجل فاتِكٌ: جريء. وفَتَك بالرجل
فَتْكاً وفُتْكاً وفِتْكاً. انتهز منه غِرَّة فقتله أَو جرحه، وقيل: هو القتل
أَو الجرح مُجاهَرة؛ وكل من قتل رجلاً غارّاً، فهو فاتك؛ ومنه الحديث:
أَن رجلاً أَتى الزبير فقال له: أَلا أَقتل لك عليّاً؟ قال: فكيف تقتله؟
فقال: أَفْتكُ به فقال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال:
قَيَّد الإيمانُ الفَتْكَ لا يَفْتِكُ مؤمنٌ؛ قال أَبو عبيد: الفَتْك أَن
يأْتي الرجل صاحبه وهو غارٌّ
غافل حتى يَشُدُّ عليه فيقتله، وإن لم يكن أَعطاه أَماناً قبل ذلك، ولكن
ينبغي له أَن يعلمه ذلك؛ قال المُخَبَّل السعدي:
وإذْ فَتَك النُّعْمانُ بالناسِ مُحْرِماً،
فَمُلِّئَ من عَوْفِ بن كعبٍ سَلاسِله
وكان النعمان بعث إلى بني عوف بن كعب جيشاً في الشهر الحرام وهم آمنون
غارّون فقتل فيهم وسبى؛ الجوهري: فيه ثلاث لغات فَتْك وفُتْك وفِتْك مثل
وَدٍّ ووُدٍّ ووِدٍّ وزَعْمٍ وزُعْم وزِِعْم؛ وأَنشد ابن بري:
قلْ للغَواني: أَما فيكنَّ فاتِكةٌ
تَعْلُو اللئيم بضَرْبٍ فيه امْحاضُ؟
الفراء: الفَتْكُ والفُتْكُ الرجل يَفْتِك بالرجل يقتله مجاهرة، وقال
بعضهم الفِتْكُ؛ وقال الفراء أيضاً: فَتَك به وأَفْتَك، وذكر عنه اللغات
الثلاث.
ابن شميل: تَفَتَّك فلان بأَمره أَي مضى عليه لا يُؤامر أَحداً؛
الأَصمعي في قول رؤبة:
ليس امْرُؤٌ، يَمْضِي به مَضَاؤهُ
إلا امْرُؤٌ، من فَتْكهِ دَهاؤُهُ
أَي مع فَتْكه كقوله الحياء من الإيمان أَي هو معه لا يفارقه، قال:
ومَضاؤه نَفاذه وذهابه. وفي النوادر: فاتَكْتُ فلاناً مُفاتَكة أَي داوَمته
واسْتَأكلته. وإبل مُفاتِكَةٌ للحَمْض إذا داومت عليه مُسْتأكِلَة
مُسْتَمْرئَةً. قال أَبو منصور: أَصل الفَتْك في اللغة ما ذكره أَبو عبيد ثم
جعلواكل من هَجَمَ على الأُمور العظام فاتِكاً؛ قال خَوَّات ابن جُبَير:
على سَمْتِها والفَتْكُ من فَعَلاتي
والغيلة: أَن يَخْدَع الرجلَ حتى يخرج به إلى موضع يَخْفى فيه أَمرُه ثم
يقتله. وفي مَثَل: لا تنفع حِيلَة مع غِيلَة.
والمُفاتكة: مواقعة الشيء بشدّة كالأكل والشرب ونحوه. وفاتَكَ الأَمْر:
واقعه، والإسم الفِتاكُ. وفاتَكَتِ الإبلُ المرعى: أَتت عليه بأَحْناكها.
وفاتكه: أَعطاه ما استام ببيعه، فإن ساومه ولم يعطه شيئاً قيل: فاتَحَه.
وفَتَكَ فتْكاً: لَجَّ. وفتَّكَ القُطْنَ: نَفَشه كَفَدَّكَه.
@فدك: فَدَّكَ القطنَ تَفْدِيكاً: نفشه، وهي لغة أَزْدية.
وفَدَكٌ وفَدَكِيٌّ: اسمان. وفُدَيْكٌ: اسم عربي. وفَدَكٌ: موضع
بالحجاز؛ قال زهير:
لئنْ حَلَلْتُ بِجَوٍّ في بني أَسَدٍ،
في دِينِ عَمْرو، وحالَتْ بيننا فَدَكُ
الأَزهري: فَدَكٌ قرية بخيبر، وقيل بناحية الحجاز فيها عين ونخل
أَفاءَها اللهُ على نبيه، صلى الله عليه وسلم، وكان عليّ والعباس، عليهما
السلام، يتنازعانها وسلمها عمر، رضي الله عنه، إليهما فذكر عليّ، رضي الله عنه،
أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان جعلها في حياته لفاطمة، رضي الله
عنها، وولدها وأَبى العباس ذلك. وأَبو فُدَيْكٍ: رجل.
والفُدَيْكاتُ: قوم من الخوارج نسبوا إلى أَبي فُدَيْكٍ الخارجي.
@فرك: الفَرْك: دَلْكُ الشيء حتى ينقلع قِشْرُه عن لبِّه كالجَوْز،
فَرَكه يَفْرُكه فَرْكاً فانْفَرَك. والفَرِكُ: المُتَفَرِّك قشره.
واسْتَفْرَك الحبُّ في السُّنْبُلة: سَمِنَ واشتدّ. وبُرٌّ فرِيكٌ: وهو الذي فُرِكَ
ونُقِّي. وأَفْرَك الحبُّ: حان له أَن يُفْرك. والفَرِيك: طعام يُفْرك
ثم يُلَتّ بسمن أَو غيره، وفَرَكْتُ الثوب والسنبل بيدي فَرْكاً.
وأَفْرَكَ السنبلُ أَي صار فَرِيكاً، وهو حين يَصْلُح أَن يُفْرَك فيؤكل، ويقال
للنبت أَوَّلَ ما يَطْلُع: نجَمَ ثم فَرَّخَ وقَصَّبَ ثم أَعْصَفَ ثم
أَسْبَلَ ثم سَنْبَل ثم أَحَبَّ وأَلَبَّ ثم أسْفى ثم أَفْرَكَ ثم أَحْصَدَ.
وفي الحديث: نهى عن بيع الحَب حتى يُفْرِكَ أَي يَشْتَدَّ وينتهي. يقال:
أَفْرَكَ الزرعُ إذا بلغ أَن يُفْرَك باليد، وفَرَكْته وهو مفروك
وفَرِيك، ومن رواه بفتح الراء فمعناه حتى يخرج من قشره. وثوب مَفْرُوك بالزعفران
وغيره: صبغ به صبغاً شديداً. والفَرَكُ، بالتحريك: استرخاء أَصل الأُذن.
يقال: أُذن فَرْكاء وفَرِكَةٌ، وقيل: الفَرْكاء التي فيها رَخاوة وهي
أَشدّ أَصلاً من الخَذْواء، وقد فَرِكَتْ فيهما فَرَكاً. والإنْفِراكُ:
استرخاء المَنْكِب. وانْفَرَك المَنْكِبُ: زالت وابِلَتُه من العَضدُ عن
صَدَفة الكتف، فإن كان ذلك في وابلة الفخذ والورك قيل حُرق. الليث: إذا زالت
الوابلة من العضد عن صدفة الكتف فاسترخى المنكب قيل: قد انْفرك منكبه
وانْفَركت وابلتُه، وإن كان ذلك في وابلة الفخذ والورك لا يقال انْفرك،
ولكن يقال حُرِقَ فهو مَحْرُوق. النضر: بعير مَفْرُوك وهو الأَفَكُّ الذي
ينخرم منكبه، وتَنْفَكُّ العصبةُ التي في جوف الأخْرَم. وتَفَرَّك المخنثُ
في كلامه ومِشْيَته: تَكَسَّرَ. والفِرْكُ، بالكسر: البغْضَةُ عامّة،
وقيل: الفِرْك بغْضَةُ الرجل لامرأَته أَو بغْضة امرأة له، وهو أَشهر؛ وقد
فَرِكَتْه تَفْرَكُه فِرْكاً وفَرْكاً وفُروكاً: أَبغضته. وحكى اللحياني:
فَرَكَتْه تَفْرُكه فُروكاً وليس بمعروف، ويقال للرجل أَيضاً: فَرِكَها
فَرْكاً وفِرْكاً أَي أَبغضها؛ قال رؤبة:
فَعفَّ عن اسْرارِها بعد الغَسَقْ،
ولم يُضِعْها بين فِرْكٍ وعَشَقْ
وامرأة فاركٌ وفَرُوكٌ؛ قال القطامِيّ:
لها رَوْضَةٌ في القَلْبِ لم يَرْعَ مِثْلَها
فَرُوكٌ، ولا المُسْتَعْبِرات الصَّلائِفُ
وجمعها فَوارِكُ. ورجل مُفَرَّك: لا يَحْظى عند النساء، وفي التهذيب:
تُبْغِضهُ النساء، وكان امرؤ القيس مُفَرَّكاً. وامرأَة مُفَرَّكة: لا تحظى
عند الرجال؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
مُفَرَّكَة أَزْرى بها عند زَوْجِها،
ولو لَوَّطَتْه هَيَّبانٌ مُخالِفُ
أَي مخالف عن الجَوْدة، يقول: لو لَطَّخته بالطيب ما كانت إلا مُفَرَّكة
لسُوءِ مَخْبُرَتِها، كأَنه يقول: أَزرى بها عند زوجها مَنْظَرٌ
هَيَّبانٌ يَهابُ ويَفْزَع من دنا منه أَي أَن مَنْظَر هذه المرأة شيءٌ يُتحامى
فهو يُفْزِع، ويروى عند أَهلها، وقيل: إنما الهَيَّبانُ المخالفُ هنا
ابنُه منها إذا نظر إلى ولده منها أَبغضها ولو لطخته بالطيب. وفي حديث ابن
مسعود: أَن رجلاً أَتاه فقاله له: إني تزوَّجت امرأة شابة أَخاف أَن
تَفْرُكَني فقال عبد الله: إن الحُب من الله والفَرْك من الشيطان، فإذا دخلت
عليك فصلّ ركعتين ثم ادْعُ بكذا وكذا؛ قال أَبو عبيد: الفَرْك والفِرْك
أَن تُبْغضَ المرأَة زوجها، قال: وهذا حرف مخصوص به المرأَة والزوجُ، قال:
ولم أَسمع هذا الحرف في غير الزوجين. وفي الحديث: لا يَفْرُك مؤمنٌ
مؤمنةً أَي لا يُبْغِضها كأَنه حث على حسن العشرة والصحبة؛ وقال ذو الرمة يصف
إبلاً:
إذا الليلُ عن نَشْزٍ تَجَلَّى، رَمَيْنَهُ
بأَمْثالِ أَبْصارِ النِّساء الفَوارِكِ
يصف إبلاً شبهها بالنساء الفوارك، لأَنهن يَطْمَحْن إلى الرجال ولسن
بقاصرات الطرف على الأزواج، يقول: فهذه الإبل تُصْبِح وقد سَرَتْ ليلها كله
فكلما أَشرف لهن نَشَزٌ رمينه بأَبصارهن من النَّشاط والقوَّة على السير.
ابن الأَعرابي: أَولادُ الفِرْك فيهم نجابة لأنهم أَشبه بآبائهم، وذلك
إذا واقع امرأَته وهي فاركٌ لم يشبهها ولده منها، وإذا أَبغض الزوج
المرأَة قيل: أَصْلَفَها، وصَلِفَتْ عنده. قال أَبو عبيدة: خرج أَعرابي وكانت
امرأَته تَفْرُكُه وكان يُصْلِفُها، فأَتْبَعَتْه نواةً وقالت: شَطَّتْ
نواك، ثم أَتبعته رَوْثَةً وقالت: رَثَيْتُك وراثَ خَبَرُك، ثم أَتبعتَه
حَصاةً وقالت: حاصَ رِزْقُك وحُصَّ أَثَرُك؛ وأَنشد:
وقد أُخْبِرْتُ أَنكِ تَفْرُكيني،
وأُصْلِفُكِ الغَداةَ فلا أُبالي
وفارَك الرجلُ صاحِبَهُ مفاركة وتارَكة مُتاركَةً بمعنى واحد. الفراء:
المُفَرَّكُ المتروك المُبْغَضُ. يقال: فارَك فلانٌ فلاناً تاركه. وفَرَك
بلدَه ووطَنَه؛ قال أَبو الرُّبَيْسِ التغلبي:
مُراجِع نَجْدٍ بعد فِرْكٍوبِغْضَةٍ
مُطَلِّق بُصْرى أَصْمَع القَلْبِ جافِله
والفِرِكَّانُ: البِغْضَةُ؛ عن السيرافي. وفُرُكَّان: أَرض، زعموا. ابن
بري: وفِرِكَّان اسم أَرض، وكذلك فِرِكٌ؛ قال:
هل تَعْرِفُ الدارَ بأَدْنى ذي فِرِكْ
@فرتك: فَرْتَك عَمَله: أَفسده، يكون ذلك في النسج وغيره. وفي النوادر:
بَرْتَكْتُ الشيءَ بَرْتَكَةً وفَرْتَكْتُه فَرْتَكَةً وكَرْنَفْتُه إذا
قطَعْته مثل الذرّ.
@فرسك: الفِرْسِكُ: الخَوْخ، يمانية، وقيل: هو مثل الخَوْخ في القَدْرِ،
وهو أَجْرَدُ أَحمر وأَصفر. قال شمر: سمعت حِميْرِيَّة فصيحة سألتها عن
بلادها فقالت: النخل قُلٌّ ولكن عيشتنا امْقَمْحُ امْفِرْسِكُ امْعِنَبُ
امْحَماطُ طُوبٌ أَي طَيِّبٌ، فقلت لها: ما الفِرْسِكُ؟ فقالت: هو
امْتِينُ عندكم؛ قال الأَغلب:
كَمُزْلَعِبّ الفِرْسِكِ المهالب
(* قوله «المهالب» كذا بالأَصل).
الجوهري: الفِرْسِكُ ضرب من الخَوْخ ليس يَتَفَلَّق عن نواه. وفي حديث
عمر، رضي الله عنه: كتب إليه سفيانُ بن عبد الله الثَّقَفي، وكان عاملاً
له على الطائف: إنَّ قِبَلَنا حِيطاناً فيها من الفِرْسِكِ؛ هو الخَوْخ،
وقيل: هو مثل الخوخ من شجر العِضاه، وهو أَجْرَدُ أَمْلَس أَحمر وأَصفر
وطَعْمُه كطعم الخوخ، ويقال له الفِرْسِقُ أَيضاً.
@فكك: الليث: يقال فَكَكْتُ الشيء فانْفَكَّ بمنزلة الكتاب المختوم
تَفُكُّ خاتَمه كما تَفُكُّ الحَنَكيْنِ تَفْصِل بينهما. وفَكَكْتُ الشيء:
خَلَّصْته. وكل مشتبكين فصلتهما فقد فَكَكْتَهما، وكذلك التَّفْكِيك. ابن
سيده: فَكَّ الشيءَ يفُكُّه فَكّاً فانْفَكَّ فصله. وفَكَّ الرهنَ يَفُكُّه
فَكّاً وافْتَكَّه: بمعنى خَلَّصه. وفَكاكُ الرهن وفِكاكُه، بالكسر: ما
فُكَّ به. الأَصمعي: الفَكُّ أَن تَفُكَّ الخَلْخال والرَّقَبة. وفَكَّ
يدَه فَكّاً إذا أزال المَفْصِلَ، يقال: أَصابه فَكَكٌ؛ قال رؤبة:
هاجَكَ من أَرْوَى كَمُنْهاضِ الفَكَكْ
وفَكُّ الرقبة: تخليصُها من إسار الرِّق. وفَكُّ الرهن وفَكاكُه: تخليصه
من غَلَق الرهن. ويقال: هَلُمَّ فَكاكَ وفِكاكَ رَهْنِك. وكل شيء
أَطلقته فقد فَكَكْتَه. وفلان يسعى في فِكاكِ رَقبته، وانْفَكَّت رقبته من
الرق، وفَكَّ الرقبةَ يفُكُّها فَكّاً: أَعتقها، وهو من ذلك لأَنها فصلت من
الرق. وفي الحديث: أَعْتِق النَّسَمَة وفُكَّ الرقبة، تفسيره في الحديث:
أَن عتق النسمة أَن ينفرد بعتقها، وفَكّ الرقبةِ: أَن يُعِينَ في عتقها،
وأَصل الفَك الفصلُ بين الشيئين وتخليص بعضهما من بعض. وفَكَّ الأَسيرَ
فَكّاً وفَكاكَةً: فصله من الأَسْر. والفِكاكُ والفَكاكُ: ما فُكَّ به. وفي
الحديث: عُودُوا المريض وفُكُّوا العانيَ أَي أَطْلقُوا الأَسير، ويجوز
أَن يريد به العتق. وفَكَكْتُ يدَه فَكّاً، وفَكَّ يدَه: فتحها عما فيها.
والفَكُّ في اليد: دون الكسر. وسقط فلان فانْفَكَّتْ قدمُه أَو إِصبعه
إذا انفرجت وزالت. والفَكَكُ: انفساخ القَدَم، وأَنشد قول رؤبة: كمنهاض
الفكك؛ قال الأَصمعي: إنما هو الفَكُّ من قولك فَكه يَفُكُّه فَكّاً،
فأَظهر التضعيف ضرورة. وفي الحديث: أَنه ركب فرساً فصَرَعه على جِذْم نخلةٍ
فانْفَكَّتْ قَدَمُه؛ الانْفِكاكُ: ضرب من الوَهْنِ والخَلْع، وهو أَن
يَنْفَكَّ بعضُ أَجزائها عن بعض. والفَكَكُ، وفي المحكم: والفَكُّ انفراجُ
المَنْكِب عن مفصله استرخاء وضعفاً؛ وأَنشد الليث:
أَبَدُّ يَمْشِي مِشْيَةَ الأَفَكِّ
ويقال: في فلان فَكَّة أَي استرخاء في رأيه؛ قال أَبو قَيْسِ بنُ
الأَسْلَتِ:
الحَزْمُ والقُوَّةُ خيرٌ من الـ
إشْفاقِ والفَكَّةِ والهاعِ
ورجل أَفَكُّ المَنْكِب وفيه فَكَّة أَي استرخاء وضعف في رأيه.
والأَفَكُّ: الذي انفرج منكبه عن مفصله ضعفاً واسترخاء، تقول منه: ما كنتَ
أَفَكَّ ولقد فَكِكْتَ تَفَكُّ فَكَكاً. والفَكَّة أيضاً: الحُمْق مع استرخاء.
ورجل فاكٌّ: أَحمق بالغ الحُمْق، ويُتْبَع فيقال: فاكٌّ تاكٌّ، والجمع
فِكَكَة وفِكاكٌ؛ عن ابن الأعَرابي. وقد فَكُكْتَ وفَكِكْتَ وقد حَمُقْتَ
وفَكُكْتَ، وبعضهم يقول فَكِكْتَ، ويقال: ما كنت فاكّاً ولقد فَكِكْتَ،
بالكسر، تَفَكُّ فَكَّةً. وفلان يتَفَكَّكُ إذا لم يكن به تماسك من
حُمْقٍ.وقال النضر: الفاكُّ المُعْيي هُزالاً. ناقة فاكَّة وجمل فاكّ،
والفاكُّ: الهَرِمُ من الإبل والناس، فَكَّ يَفُكّ فَكّاً وفُكُوكاً. وشيخ فاكّ
إذا انفرج لَحْياه من الهَرَم. ويقال للشيخ الكبير: قد فَكَّ وفَرَّجَ،
يريدُ فَرَّجَ لَحْيَيْهِ، وذلك في الكبر إذا هَرِم. وفكَكْتُ الصبيَّ:
جعلت الدواء في فيه. وحكى يعقوب: شيخ فاكٌّ وتاكّ، جعله بدلاً ولم يجعله
إتباعاً؛ قال: وقال الحُصَيْني: أَحمق فاكُّ وهاكّ، وهو الذ ي يتكلم بما
يَدْري وخطؤه أكثر من صوابه، وهو فَكَّاكٌ هَكَّاك. والفَكُّ: اللَّحْيُ.
والفَكَّان: اللِّحْيانِ، وقيل: مجتمع اللحيين عند الصُّدغ من أَعلى وأَسفل
يكون من الإنسان والدابة. قال أَكْثَمُ بن صَيْفِيّ: مَقْتَلُ الرجل بين
فَكَّيْهِ، يعني لسانه. وفي التهذيب: الفَكَّان ملتقى الشِّدْقين من
الجانبين. والفَكُّ: مجتمع الخَطْم. والأَفَكُّ: هو مَجْمع الخَطْم، وهو
مَجْمع الفَكَّيْنِ على تقدير أَفعل. وفي النوادر: أَفَكَّ الظبيُ من
الحبالة إذا وقع فيها تم انفلت، ومثله: أَفْسَحَ الظبيُ من الحبالة. والفَكَكُ:
انكسار الفَكِّ أَو زواله. ورجل أَفَكُّ: مكسور الفَكِّ، وانكسر أَحدُ
فَكّيْهِ أي لَحْييه؛ وأَنشد:
كأَنَّ بَيْنَ فَكِّها والفَكِّ
فَأرَةَ مِسْكٍ، ذُبِحَتْ في سُكِّ
والفَكَّةُ: نجوم مستديرة بحِيال بنات نَعْش خلف السماك الرَّامِح
تسميها الصبيان قصعة المساكين، وسميت قَصْعة المساكين لأَن في جانبها
ثُلْمَةً، وكذلك تلك الكواكب المجتمعة في جانب منها فضاء. ويقال: ناقة
مُتَفَكِّكةٌ إذا أَقْرَبَتْ فاسترخى صَلَواها وعَظُم ضَرْعُها ودنا نِتاجها، شبهت
بالشيء يُفَكّ فَيَتَفَكَّك أَي يَتَزايل وينفرج، وكذلك ناقة مُفِكَّة قد
أَفَكَّتْ، وناقة مُفْكِهَةٌ ومُفْكِةٌ بمعناها، قال: وذهب بعضهم
بتَفَكُّكِ الناقة إلى شدة ضَبعَتها؛ وروى الأَصمعي:
أَرْغَثَتْهُمْ ضَرْعَها الدنـ
ـيا، وقامَتْ تَتَفَكَّكْ
انفِشاحَ النَّابِ للسَّقـ
ـب، متى ما يَدْنُ تحْشِك
أَبو عبيد: المُتَفَكِّكةُ من الخيل الوَدِيقُ التي لا تمتنع عن الفحل.
وما انْفَكَّ فلان قائماً أَي ما زال قائماً. وقوله عز وجل: لم يَكُنِ
الذين كفروا من أَهل الكتاب والمشركين مُنْفَكِّينَ حتى تأتيهم البيِّنةُ؛
قال الزجاج: المشركين في موضع نسق على أَهل الكتاب، المعنى لم يكن الذين
كفروا من أَهل الكتاب ومن المشركين، وقوله مُنْفَكِّين حتى تأتيهم البينة
أَي لم يكونوا مُنْفَكِّين حتى تأتيهم البينة أَي لم يكونوا
مُنْفَكِّينَ من كفرهم أَي منتهين عن كفرهم، وهو قول مجاهد، وقال الأَخفش:
مُنْفَكِّينَ زائلين عن كفرهم، وقال مجاهد: لم يكونوا ليؤمنوا حتى تبيَّن لهم
الحقُّ، وقال أَبو عبد الله نفطويه: معنى قوله مُنْفَكِّين يقول لم يكونوا
مفارقين الدنيا حتى أتتهم البينة التي أُبِينَتْ لهم في التوارة من صفة
محمد، صلى الله عليه وسلم، ونبوّته؛ وتأتيهم لفظه لفظ المضارع ومعناه
الماضي، وأَكد ذلك فقال تعالى: وما تَفَرَّق الذين أُوتوا الكتاب إلا من بعد ما
جاءتهم البينة، ومعناه أَن فِرَقَ أَهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا
مُقرِّين قبل مَبْعَث محمد، صلى الله عليه وسلم، أَنه مَبعوث، وكانوا
مجتمعين على ذلك، فلما بُعث تفرقوا فِرْقتين كل فرقة تنكره، وقيل: معنى وما
تفرّق الذين أُوتُوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة أَنه لم يكن
بينهم اختلاف في أمده، فلما بعث آمن به بعضهم وجحد الباقون وحَرَّفُوا في
أَمره، فلما بُعثَ آمن به بعضهم وجَحَد الباقون وحَرَّفُوا وبَدَّلوا ما
في كتابهم من صفته ونبوّته؛ قال الفراء: قد يكون الانْفِكاكُ على جهة
يَزالُ، ويكون على الانْفِكاكُ الذي نعرفه، فإذا كان على جهة يَزالُ فلا بدَّ
لها من فِعْلٍ وأَن يكون معناها جَحْداً، فتقول ما انْفَكَكْتُ أَذكركَ،
تريد ما زِلْتُ أَذكرك، وإذا كانت على غير جهة يَزالُ قلت قد
انْفَكَكْتُ منك وانْفَكَّ الشيءُّ من الشيء، فتكون بلا جَحْدٍ وبلا فِعْل؛ قال ذو
الرمة:
قَلائِص لا تَنْفَكُّ إلا مُناخَةً
على الخَسْفِ، أَو نَرْمِي بها بلداً قَفْرا
فلم يدخل فيها إلاّ: إلاّ، وهو ينوي به التمام، وخلافَ يَزال لأَنك لا
تقول ما زِلْت إلا قائماً. وأَنشد الجوهري هذا البيت حَرَاجِيج ما
تَنْفكُّ؛ وقال: يريد ما تَنْفكّ مناخه فزاد إلا، قال ابن بري: الصواب أَن يكون
خبر تَنْفَكُّ قوله على الخَسْف، وتكون إلا مُناخةً نصباً على الحال،
تقديره ما تَنْفَكُّ على الخسف والإِهانة إلا في حال الإناخة فإنها تستريح؛
قال الأَزهري: وقول الله تعالى مُنْفَكِّين ليس من باب ما انْفَكَّ وما
زَالَ، إنما هو من انْفِكاك الشيء من الشيء إذا انفصل عنه وفارقه، كما
فسره ابن عرفة، والله أَعلم. وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي قال: فُكَّ
فلانٌأَي خُلّص وأُريح من الشيء، ومنه قوله مُنْفَكِّين، قال: معناه لم
يكونوا مستريحين حتى جاءهم البيان مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلما
جاءهم ما عَرَفوا كفروا به.
@فلك: الفَلَك: مَدارُ النجوم، والجمع أَفْلاك. والفَلَكُ: واحد أَفْلاك
النجوم، قال: ويجوز أَن يجمع على فُعْل مثل أَسَدٍ وأُسْدٍ، وخَشَب
وخُشْب. وفَلَكُ كل شيء: مُسْتداره ومُعْظمه. وفَلَكُ البحر: مَوْجُه
المسْتَدير المترَدّد. وفي حديث عبد الله بن مسعود: أَن رجلاً أَتى رجلاً وهو
جالس عنده فقال: إني تَرَكْتُ فَرَسَك كأنه يدورفي فَلَكٍ، قال أَبو عبيد:
قوله في فَلَكٍ فيه قولان: فأَما الذي تعرفه العامّة فإنه شبهه بفَلَكِ
السماء الذي تدور عليه النجوم وهو الذي يقال له القُطْب شُبِّه بقُطْب
الرَّحى، قال: وقال بعض العرب الفَلَكُ هو الموج إذا ماج في البحر فاضطرب
وجاء وذهب فشبَّه الفرس في اضطرابه بذلك، وإنما كانت عَيْناً أَصابته، قال:
وهو الصحيح. والفَلَكُ: موج البحر. والفَلَكُ: جاء في الحديث أَنه
دَورَانُ السماء، وهو اسم للدوَران خاصةً، والمنجمون يقولون سبعة أَطْواقٍ دون
السماء قد رُكِّبَت فيها النجوم السبعة، في كل طَوْقٍ منها نجم، وبعضها
أَرفع من بعض يَدُور فيها بإذن الله تعالى. الفراء: الفَلَكُ استدارة
السماء. الزجاج في قوله: كلٌّ في فَلَك يَسْبحون؛ لكل واحد وترتفع عما حولها،
الواحدة فَلَكةٌ، بفتح اللام؛ قال الراعي:
إذا خِفْنَ هَوْل بُطونِ البِلاد،
تَضَمَّنها فَلَكٌ مُزْهِرُ
يقول: إذا خافت الأدغالَ وبُطونَ الأَرض ظهرتِ الفَلَكُ. والفَلْكةُ،
بسكون اللام: المستدير من الأَرض في غلظ أَو سهولة، وهي كالرَّحى.
والفَلََكُ: اسم للجمع؛ قال سيبويه: وليس بجمع، والجمع فلاكٌ كصحفة وصِحاف.
والفَلَكُ من الرمال: أَجْوِية غلاظ مستديرة كالكَذَّانِ يحتفرها الظباءُ. ابن
الأَعرابي: الأَفْلَكُ الذي يدور حول الفَلَك، وهو التَّل من الرمل حوله
فضاء.
ابن شميل: الفَلْكَةُ أَصاغِر الآكام، وإنما فَلَّكها اجتماعُ رأسها
كأَنه فَلْكَةُ مِغْزَل لا يُنْبت شيئاً. والفَلْكَة: طويلة قدر رُمْحين أَو
رمح ونصف؛ وأَنشد:
يَظَلاَّنِ، النهارَ، برأسِ قُفٍّ
كُمَيْتِ اللَّوْنِ، ذي فَلَكٍ رَفيعِ
الجوهري: والفَلْكة قطعة من الأَرض تستدير وترتفع على ما حولها؛ قال
الشاعر:
خِوانُهم فَلْكَةٌ لَمِغْزَلهم،
يحَارُ فيه، لحُسْنِه، البَصَرُ
والجمع فَلْكٌ؛ قال الكميت:
فلا تَبْكِ العِراصَ ودِمْنَتَيْها
بناظِرةٍ، ولا فَلْكَ الأَميلِ
قال ابن بري: وفي غريب المصنف فَلَكةٌ وفَلَك، بالتحريك، وفي كتاب
سيبويه: فَلْكَة وفَلَكٌ مثل حَلْقة وحَلَقٍ ونَشْفَة ونَشَفٍ، ومنه قيل:
فَلَّكَ ثديُ الجارية تَفْليكاً، وتَفَلَّك: استدار. والفَلْكة من البعير:
مَوْصِل ما بين الفَقْرتين. وفَلْكة اللسان: الهَنَةُ الناتئة على رأس أَصل
اللسان. وفَلْكةُ الزَّوْر: جانِبُه وما استدارمنه. وفَلْكة المِغْزَلِ:
معروفة سميت لاستدارتها، وكلُّ مستدير فَلْكة، والجمع من ذلك كله فِلَكٌ
إلا الفَلْكَة من الأَرض. وفَلَّك الفصيلَ: عمل له من الهُلْبِ مثل
فَلْكَة المغزل، ثم شق لسانه فجعلها فيه لئلا يَرْضَع؛ قال ابن مُقبل
فيه:رُبَيِّبٌ لم تُفَلِّكْهُ الرّعاءُ، ولم
يَقْصُرْ بحَومَلَ، أَدْنى شُرْبه ورَعُ
أَي كَفٌّ. التهذيب: أَبو عمرو والتَّفْلِيك أَن يجعل الراعي من الهُلْب
مثلَ فَلْكة المِغْزل ثم يثقب لسان الفصيل فيجعله فيه لئلا يرضع أُمه.
الليث: فَلَّكْتُ الجَدْيَ، وهو قَضِيب يُدارعلى لسانه لئلا يرضع؛ قال
الأَزهري: والصواب في التَّفْليك ما قال أَبوعمرو. والثُّدِيُّ الفَوالك:
دون النَّواهِد. وفَلَكَ ثديُها وفَلَّكَ وأَفْلَكَ: وهو دون النهود؛
الأَخيرة عن ثعلب. وفَلَّكَتِ الجارية تَفْلِيكاً، وهي مُفَلِّكٌ، وفَلَّكَتْ،
وهي فالك إذا تَفَلَّكَ ثديُها أَي صار كالفَلْكة؛ وأَنشد:
جاريةٌ شَبَّتْ شباباً هَبْرَكا،
لم يَعْدُ ثَدْيا نَحْرِها أَن فَلَّكا،
مُسْتَفْكِرانِ المَسَّ قَدْ تَدَمْلَكا
والفُلْكُ: بالضم: السفينة، تذكر وتؤنث وتقع على الواحد والاثنين
والجمع، فإن شئت جعلته من باب جُنُبٍ،وإن شئت من بابِ دلاصٍ وهِجانٍ، وهذا
الوجه الأَخير هو مذهب سيبويه، أَعني أَن تكون ضمة الفاء من الواحد بمنزلة
ضمة باء بُرْد وخاء خُرْج، وضمة الفاء في الجمع بمنزل ضمة حاءُ حُمْر وصاد
صُفْر جمع أَحمر وأَصفر، قال الله في التوحيد والتذكير: في الفُلْك
المشحون، فذكَّر الفُلْك وجاء به مُوَحّداً، ويجوز أَن يؤنث واحده كقول الله
تعالى: جاءتها ريح عاصف، فقال: جاءتها فأنث، وقال: وترى الفُلْك فيه مواخر،
فجمع، وقال تعالى: والفُلْكِ التي تجري في البحر، فأَنث ويحتمل أَن يكون
واحداً وجمعاً، وقال تعالى: حتى إذا كنتم في الفُلْكِ وجَرَيْنَ بهم،
فجع وأَنث فكأَنه يُذْهب بها إذا كانت واحدة إلى المَرْكَب فيذكر وإلى
السفينة فيؤنث؛ وقال الجوهري: وكان سيبويه يقول الفُلْكُ التي هي جمع تكسير
للفُلْك التي هي واحد؛ وقال ابن بري: هنا صوابه الفُلْكُ الذي هو واحد.
قال الجوهري: وليس هو مثل الجُِنُبِ الذي هو واحد وجمع والطِّفْلِ وما
أَشبههما من الأَسماء لأَن فُعْلاً وفَعَلاً يشتركان في الشيء الواحد مثل
العُرْب والعَرَب والعُجْم والعَجَم والرُّهْب والرَّهَب، ثم جاز أَن يجمع
فَعَل على فُعْل مثل أَسَدٍ وأُسْدٍ، ولم يمتنع أَن يجمع فُعْل على
فُعْلٍ؛ قال ابن بري: إذا جعلت الفلك واحداً فهو مذكر لا غير، وإن جعلته جمعاً
فهو مؤنث لا غير، وقد قيل: إن الفلك يؤنث وإن كان واحداً؛ قال الله
تعالى: قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين.
وفَلَّكَ الرجلُ في الأَمر وأَفْلَك: لَجَّ. ورجل فَلِكٌ: جافي
المَفاصِل، وهو أَيضاً العظيم الأَلْيتين؛ قال رؤبة:
ولا شَظٍ فَدْمٍ ولا عَبْدٍ فَلِكْ،
يَرْبِضُ في الرَّوْثِ كبِرْذَوْنٍ رَمَكْ
قال أَبو عمرو: الفَلِكُ العبد الذي له أَلية على خلقة الفَلْكَة،
وأَلْياتُ الزِّنْج مُدوَّرة.
والإفْلِيكانِ: لَحْمتانِ تكتنفان اللَّهاةَ.
ابن الأَعرابي: الفَيْلَكُون الشُّوْبَقُ؛ قال أَبو منصور: وهو مُعَرَّب
عندي. والفَيْلَكُونُ: البَرْدِيّ.
@فنك: الفَنْكُ: العَجَبُ، والفَنْك الكذب، والفَنْكُ التَّعَدِّي،
والفَنْكُ اللَّحاج.
وفَنَك بالمكان يَفْنُكُ فُنُوكاً وأَرَكَ أُرُوكاً إذا أَقام به.
وفَنَكَ فُنُوكاً وأَفْنَكَ: واظب على الشيء. وفَنَك في الطعام يَفْنُك
فُنُوكاً إذا استمرّ على أَكله ولم يَعَفْ منه شيئاً، وفيه لغة أُخرى: فَنِكَ
في الطعام، بالكسر، فُنُوكاً. وفَنَك في أَمره: ابْتَزَّه ولَجَّ فيه
وغَلَبَ عليه؛ قال عَبِيدُ بن الأَبْرَص:
ودِّعْ لَمِيسَ ودَاعَ الصَّارِمِ اللاَّحِي،
إذ فَنَكَتْ في فسادٍ بعدَ إصْلاحِ
وفَنَكَ فُنُوكاً وأَفْنَك: كذبَ. وفَنَكَ في الكذب: مَضى ولَجَّ فيه؛
قال:
لما رأَيتُ أَنها في خُطِّي،
وفَنَكَتْ في كَذِبٍ ولَطِّ،
أَخَذْتُ منها بقُرونٍ شُمْطِ
وقال أَبو طالب: فَانَكَ في الكذب والشر وفَنَكَ وفَنَّكَ ولا يقال في
الخير، ومعناه لَجَّ فيه ومَحَكَ، وهو مثل التَتايُع لا يكون إلا في الشر.
الجوهري: الفُنُوك اللَّجاجُ؛ عن الكسائي وأَبو عبيدة مثله، وقد فَنَك
في هذا الأَمر يَفْنُك فُنوكاً أَي لَجَّ فيه، وزعم يعقوب أَنه مقلوب من
فَكَنَ. الفراء قال: فَنَكْتَ في لَوْمِي وأَفْنَكْتَ إذا مَهَرْتَ ذلك
وأَكثرت فيه، فَنَكْتَ تَفْنُك فَنْكاً وفُنوكاً.
والفَنِيكُ من الإنسان: مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ في وَسط الذَّقَنِ،
وقيل: هو طرف اللحيين عند العَنْفَقة، ويقال: هو الإفْنِيكُ، قال ولم يعرف
الكسائي الإفْنِيكَ، وقىل: الفَنيك عظم ينتهي إليه حلق الرأس، وقيل:
الفَنِيكان من كل ذي لَحْيَيْنِ الطرفان اللذان يتحرَّكان في المَاضِغِ دون
الصُّدْغَين، وقيل: هما من عن يمين العنفقة وشمالها، ومَن جعل الفَنِيكَ
واحداً في الإنسان فهو مجمع اللحيين في وسط الذقن. وفي الحديث: أَن النبي،
صلى الله عليه وسلم، قال: أمرني جبريل أَن أَتعاهد فَنِيكَيَّ بالماء
عند الوضوء. وفي حديث عبد الرحمن بن سَابِطٍ: إذا توضأتَ فلا تَنْسَ
الفَنِيكَيْن، يعني جانبي العنفقة عن يمين وشمال، وهما المَغْفَلَة؛ وقيل:
أَراد به تخليل أُصول شعر اللحية. شمر: الفَنِيكان طرفا اللَّحْيَين العظمان
الدقيقان الناشزان أَسفل من الأُذنين بين الصُّدْغ والوَجْنة،
والصَّبِيَّان مُلْتَقى اللحيين الأَسفلين. والفَنِيكان من الحمامة: عُظَيمان
مُلزَقانِ بقَطَنِها إذا كسرا لم يستمسك بيضها في بطنها وأَخْدَجَتْها، وقيل:
الفَنِيك والإفْنِيكُ زِمِكَّى الطائر، قال ابن دريد: ولا أَحقه. أَبو
عمرو: الفَنِيك عَجْبُ الذنب. ابن سيده: والفَنْكُ العَجَبُ؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
ولافَنْكَ إلا سَعْيُ عَمْروٍ ورَهْطِه،
بما اخْتَشَبُوا من مِعْضَدٍ ودَدانِ
اخُتَشَبُوا: اتخذوه خَشِيباً، وهو السيف الذي لم يُتَأنَّق في صُنْعه؛
وقال آخر:
جاءتْ بفَنْكٍ أُختُ بنت عَمْرِو
والفَنَكُ: كالفَنْكِ. ومضى فِنْكٌ من الليل وفُنْكٌ أَي ساعة؛ حكي ذلك
عن ثعلب. والفَنَكُ: جلد يلبس، معرَّب؛ قال ابن دريد: لا أَحسبه عربيّاً،
وقال كراع: الفَنَكُ دابة يُفْتَرى جلدُها أَي يلبس جلدها فَرْواً. أَبو
عبيد: قيل لأَعرابي إن فلاناً بَطَّنَ سراويله بفَنَك، فقال: الْتَقى
الثَّرَيانِ، يعني وبر الفَنَك وشعر استه؛ وأَنشد ابن بري لشاعر يصف
ديَكة:كأنما لَبِسَتْ أَو أُلْبِسَتْ فَنَكاً،
فقَلَّصَتْ من حَواشِيه عن السُّوقِ
@فهك: امرأة فَيْهَك على مثال صَيْرَقٍ: حمقاء؛ عن كراع.
@فأل: الفأْل: ضد الطِّيَرَة، والجمع فُؤول، وقال الجوهري: الجمع
أَفْؤُل، وأَنشد للكميت:
ولا أَسْأَلُ الطَّيرَ عما تقول،
ولا تَتَخالَجُني الأَفْؤُل
وتَفاءلْت به وتفأْل به؛ قال ابن الأَثير: يقال تَفاءلْت بكذا وتفأْلت،
على التخفيف والقلْب، قال: وقد أُولع الناس بترك همزه تخفيفاً. والفَأْل:
أَن يكون الرجل مريضاً فيسمع آخر يقول يا سالِمُ، أَو يكون طالِبَ
ضالَّة فيسمع آخر يقول يا واجِد، فيقول: تَفاءلْت بكذا، ويتوجه له في ظنِّه
كما سمع أَنه يبرأُ من مرضه أَو يجد ضالَّته. وفي الحديث: أَنه، صلى الله
عليه وسلم، كان يحبُّ الفَأْل ويكره الطِّيَرَة؛ والطِّيَرَة: ضد الفَأْل،
وهي فيما يكره كالفَأْل فيما يستحَب، والطِّيرَة لا تكون إِلا فيما
يسوء، والفَأْل يكون فيما يحسُن وفيما يسوء. قال أَبو منصور: من العرب من
يجعل الفَأْل فيما يكرَه أَيضاً، قال أَبو زيد: تَفاءَلْت تَفاؤُلاً، وذلك
أَن تسمع الإِنسان وأَنت تريد الحاجة يدعو يا سعيد يا أَفْلَح أَو يدعو
باسم قبيح، والاسم الفَأْل، مهموز، وفي نوادر الأَعراب: يقال لا فَأْل عليك
بمعنى لا ضَيْر عليك ولا طَيْر عليك ولا شر عليك، وفي الحديث عن أَنس عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: لا عَدْوى ولا طِيَرَة ويعجبُني
الفَأْل الصالِح، والفأْل الصالح: الكلمة الحسنة؛ قال: وهذا يدل على أَن من
الفَأْل ما يكون صالحاً ومنه ما يكون غير صالح، وإِنما أَحبَّ النبي، صلى
الله عليه وسلم، الفَأْل لأَن الناس إِذا أَمَّلوا فائدةَ الله ورجَوْا
عائدَته عند كل سبب ضعيف أَو قويٍّ فهم على خير، ولو غلِطوا في جهة الرجاء
فإِن الرجاء لهم خير، أَلا ترى أَنهم إِذا قطعوا أَملَهم ورجاءهم من الله
كان ذلك من الشرّ؟ وإِنما خَبَّر النبي، صلى الله عليه وسلم، عن الفِطْرة
كيف هي وإِلى أَيِّ شيء تنقلب، فأَما الطِّيرَة فإِن فيها سوء الظنِّ
بالله وتوقُّع البلاء، ويُحَب للإِنسان أَن يكون لله تعالى راجياً، وأَن
يكون حسن الظن بربِّه، قال: والكَوادِس ما يُتطيَّر منه مثل الفَأْل
والعُطاس ونحوه. وفي الحديث أَيضاً: أَنه كان يتَفاءل ولا يتطيَّر. وفي الحديث:
قيل يا رسول الله ما الفَأْل؟ قال: الكلمة الصالحة، قال: وقد جاءت
الطِّيرَة بمعنى الجِنْس، والفَأْل بمعنى النوع؛ قال: ومنه الحديث أَصدَقُ
الطِّيرَة الفَأْل.
والافْتِئال: افْتِعال من الفَأْل؛ قال الكميت يصف خيلاً:
إِذا ما بَدَتْ تحت الخَوافِقِ، صَدَّقَتْ
بأَيمَنِ فَأْل الزاجِرين افْتِئالَها
التهذيب: تَفَيَّل إِذا سمِن كأَنه فِيل. ورجل فَيِّل اللحم: كثيره؛
قال: وبعضهم يهمزه فيقول: فَيْئِل على فَيْعِل. والفِئال، بالهمزة: لعبة
للأَعراب، وسيذكر في فيل.
@فتل: الفَتْل: لَيُّ الشيء كَلَيِّك الحبل وكفَتْل الفَتِيلة. يقال:
انْفَتَل فلان عن صَلاته أَي انصرف، ولَفَت فلاناً عن رأْيه وفَتَله أَي
صرَفه ولَوَاه، وفَتَله عن وجهه فانْفَتل أَي صرفه فانصرف، وهو قلب لَفَت.
وفَتَل وجهه عن القوم: صرَفه كلَفته. وفَتَلْت الحبل وغيره وفَتَل الشيء
يَفْتِله فَتْلاً، فهو مفْتول وفَتِيل، وفَتَله: لَواه؛ أَنشد أَبو
حنيفة:لونُها أَحمر صافٍ،
وهي كالمسك الفَتِيل
قال أَبو حنيفة: ويروى كالمسك الفَتِيت، قال: وهو كالفَتِيل؛ قال أَبو
الحسن: وهذا يدل على أَنه شعر غير معروف إِذ لو كان معروفاً لما اختلف في
قافيته، فتفهَّمه جدّاً. وقد انْفَتل وتَفَتَّل. والفَتِيل: حبل دقيق من
خَزَم أَو لِيف أَو عِرْق أَو قِدٍّ يشدُّ على العنان، وهي الحلقة التي
عند ملتقَى الدُّجْزَيْن، وهو مذكور في موضعه. والفَتِيل والفَتِيلة: ما
فتلْته بين أَصابعك، وقيل: الفَتِيل ما يخرج من بين الإِصبعين إِذا
فتلْتهما. والفَتِيل: السَّحَاة في شَقِّ النَّواة. وما أَغنى عنه فَتِيلاً ولا
فَتْلة ولا فَتَلة؛ الإِسكان عن ثعلب، والفتح عن ابن الأَعرابي، أَي ما
أَغنى عنه مقدار تلك السَّحَاة التي في شَق النواة. وفي التنزيل العزيز:
ولا يُظلَمون فَتِيلاً؛ قال ابن السكيت: القِطْمير القشرة الرقيقة على
النواة، والفَتِيل ما كان في شَق النواة، وبه سميت فَتِيلة، وقيل: هو ما
يفتَل بين الإِصبعين من الوسخ، والنَّقير النُّكْتة في ظهر النَّواة؛ قال
أَبو منصور: وهذه الأَشياء تضرَب كلّها أَمثالاً للشيء التافِه الحقير
القليل أَي لا يُظْلمون قدرَها. والفتِيلة: الذُّبَالة. وذُبَال مفتَّل: شدد
للكثرة. وما زال فلان يَفْتِل من فلان في الذِّرْوة والغارِب أَي يَدُور
من وراءِ خديعته. وفي حديث الزبير وعائشة: فلم يزل يَفْتِل في الذِّرْوة
والغارب، وهو مثل في المُخادَعة. وورد في حديث حُيَي بن أَخْطب أَيضاً:
لم يزل يَقتِل في الذِّرْوة والغارِب؛ والفَتْلة: وِعاء حَبِّ السَّلَم
والسَّمُر خاصة، وهو الذي يشبه قُرون الباقِلاَّ، وذلك أَول ما يطلع، وقد
أَفْتَلت السَّلَمة والسَّمُرة. وفي حديث عثمان: أَلسْت ترعَى مَعْوَتَها
وفَتْلَتَها؟ الفَتْلة: واحدة الفَتْل، وهو ما يكون مَفْتولاً من ورق
الشجر كورَق الطَّرْقاء والأَثْل ونحوهما، وقيل: الفَتْلة حمل السمرُ
والعُرْفُط، وقيل: نَوْر العِضاه إِذا تَعقّد، وقد أَفْتَلت إِفْتالاً إِذا
أَخرجت الفَتْلة. والفَتْلَة: شدّة عصَب الذراع. والفَتَل أَيضاً: اندِماج
في مِرْفق الناقة وبُيُون عن الجنب، وهو في الوَظيف والفِرْسِن عيب،
ومرفق أَفْتَل بيِّن الفتل. الجوهري: الفَتَل، بالتحريك، ما بين المِرْفقين
عن جنبي البعير، وقوم فُتْل الأَيدي؛ قال طرفة:
لَها مِرْفَقان أَفْتَلان، كأَنما
أُمِرَّا بسَلْمَى دالِجٍ متَشدِّد
وفي الصحاح: كأَنما تمرّ بسَلْمَى
(* هذه الرواية هي كذلك رواية ديوان
طرفة) وناقة فَتْلاء: ثقيلة. وناقة فَتْلاء إِذا كان في ذراعها فَتَل
وبُيُون عن الجنب؛ قال لبيد:
حَرَجٌ من مِرْفقيْها كالفَتَل
وفَتِلَت الناقة فَتَلاً إِذا امَّلَس جلد إِبْطها فلم يكن فيه عَرَك
ولا حازّ ولا خالِعٌ وهذا إِذا استرخى جلد إِبْطها وتَبَخْبَخَ.
والفَتْلة: نَوْرُ السَّمُرة. وقال أَبو حنيفة: الفَتَل ما ليس بورق
إِلا أَنه يقوم مقام الورق، وقيل: الفَتَل ما لم ينبسط من النبات ولكن
تَفَتَّل فكان كالهَدَب، وذلك كهَدَب الطَّرْفاء والأَثْل والأَرْطى. ابن
الأَعرابي: الفَتَّال البُلْبُل، ويقال لِصياحه الفَتْل، فهو مصدر.
@فثل: ابن بري: رجل فِتْوَلّ أَي عييّ فَدْم؛ قال الراجز:
لا تَجْعَلِيني كفتًى فِئْوَلّ،
خالٍ كعُود النَّبْعة المُبْتَلّ
قال: ولم يذكره الأَصمعي إِلا بالقاف، ولم أَره أَنا لغير الشيخ أَبي
محمد بن بري، رحمه الله.
@فجل: فَجَّل الشيءَ: عرّضه. ورجل أَفْجَل: متباعد ما بين الساقين.
وفَجِلَ الشيء وفَجَلَ يَفْجُل فَجْلا وفَجَلاً: استرخى وغلُظ.
والفُجْل والفُجُل؛ جميعاً عن أَبي حنيفة: أُرومة نبات خبيثة الجُشاء
معروف، واحدته فُجْلة وفُجُلة، وهو من ذلك؛ وإِياه عنى بقوله وهو مجهز
السفينة يهجو رجلاً:
أَشْبَه شيء بِجُشاء الفُجْلِ
ثِقْلاً على ثِقْل، وأَيّ ثِقْلِ
والفَنْجلة والفَنْجَلى: مِشْية فيها استرخاء يسحَب رجله على الأَرض؛
قال ابن سيده: وإِنما قضيت على نونها بالزيادة لقولهم فَجِل إِذا استرخى.
الصحاح: الفَنْجَلة مِشْية فيها استرخاء كمِشية الشيخ؛ وقال صخر بن
عمير:فإِنْ تَريني في المَشيب والعِلَهْ،
فصِرْتُ أَمشي القَعْوَلى والفَنْجَلَهْ،
وتارةً أَنْبُثُ نَبْثاً نَقْثَلَهْ
النَّقْثَلة: مِشْية الشيخ يُثِير التراب إِذا مشى. والفَنْجَل: الذي
يمشي الفَنْجَلة؛ قال الراجز:
لا هِجْرَعاً رِخْواً ولا مُثَجَّلا،
ولا أَصَكَّ أَو أَفَجَّ فَنْجَلا
والفاجِلُ: القامِرُ.
@فحل: الفَحْل معروف: الذكَر من كل حيوان، وجمعه أَفْحُل وفُحول وفُحولة
وفِحالُ وفِحالة مثل الجِمالة؛ قال الشاعر:
فِحالةٌ تُطْرَدُ عَن أَشْوالِها
قال سيبويه: أَلحقوا الهاء فيهما لتأْنيث الجمع. ورجل فَحِيل: فَحْل،
وإِنه لبيِّن الفُحُولة والفِحالة والفِحْلة. وفَحَل إِبلَه فَحْلاً
كريماً: اختار لها، وافْتَحل لدوابِّه فَحْلاً كذلك. الجوهري: فَحَلْت إِبلي
إِذا أَرسلت فيها فَحْلاً؛ قال أَبو محمد الفقعسيّ:
نَفْحَلُها البِيضَ القَلِيلاتِ الطَّبَعْ
من كلِّ عرَّاص، إِذا هُزَّ اهْتَزَعْ
أَي نُعَرْقِبُها بالسيوف، وهو مَثَل. الأَزهري: والفِحْلة افْتحال
الإِنسان فَحَلاً لدوابّه؛ وأَنشد:
نحن افْتَحَلْنا فَحْلَنا لم نَأْثله
(* قوله «نأثله» هكذا في الأصل).
قال: ومن قال اسْتَفْحَلْنا فحلاً لدوابِّنا فقد أَخطأَ، وإِنما
الاستفحال ما يفعله عُلوج أَهل كابُل وجُهَّالهم، وسيأْتي. والفَحِيل: فَحْل
الإِبل إِذا كان كريماً مُنْجِباً. وأَفْحَل: اتخذ فَحْلاً؛ قال
الأَعشى:وكلُّ أُناسٍ، وإِن أَفْحَلوا،
إِذا عايَنُوا فَحْلَكمْ بَصْبَصُوا
وبعير ذو فِحْلة: يصلح للافْتِحال. وفَحْل فَحِيل: كريم منجِب في
ضِرابه؛ قال الراعي:
كانت نَجائبُ منذرٍ ومُحَرِّق
أُمَّاتِهنّ، وطَرْقُهنّ فَحِيلا
قال الأَزهري: أَي وكان طَرْقهنّ فَحْلاً منجِباً، والطَّرْق: الفحل
ههنا؛ قال ابن بري: صواب إِنشاد البيت: نجائبَ منذرٍ، بالنصب، والتقدير كانت
أُمَّاتُهُنَّ نجائبَ منذر، وكان طَرْقهنّ فحلاً. وقيل: الفَحِيل
كالفَحْل؛ عن كراع. وأَفْحَلَه فَحْلاً: أَعاره إِيَّاه يضرب في إِبله. وقال
اللحياني: فَحَل فلاناً بعيراً وأَفْحَله إِيّاه وافْتَحَلَه أَي أَعطاه.
والاسْتِفْحال: شيء يفعله أَعلاج كابُل، إِذا رأَوا رجلاً جسيماً من العرب
خَلَّوْا بينه وبين نسائهم رجاء أَن يولد فيهم مثله، وهو من ذلك. وكَبْش
فَحِيل: يشبه الفحل من الإِبل في عظمه ونُبْله. وفي حديث ابن عمر، رضي
الله عنهما: أَنه بعث رجلاً يشتري له أُضحية فقال: اشتره فَحْلاً
فَحِيلاً؛ أَراد بالفحل غير خصيّ، وبالفحيل ما ذكرناه، وروي عن الأَصمعي في قوله
فحيلاً: هو الذي يشبه الفُحولة في عظم خلقه ونبله، وقيل: هو المُنْجِب في
ضِرابه، وأَنشد بيت الراعي، قال: وقال أَبو عبيد والذي يراد من الحديث
أَنه اختار الفحل على الخصيّ والنعجةِ وطلب جَماله ونُبْله. وفي الحديث:
لِمَ يضرِبُ أَحدُكُم امرأَتَه ضرْبَ الفَحْل؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء
في رواية، يريد فَحْل الإِبل إِذا علا ناقة دونه أَو فوقه في الكرم
والنَّجابة فإِنهم يضربونه على ذلك ويمنعونه منه. وفي حديث عمر: لما قدِم
الشام تفحَّل له أُمَراء الشام أَي أَنهم تلقَّوه متبذِّلين غير متزيِّنين،
مأْخوذ من الفحل ضد الأُنثى لأَن التزيُّن والتصنُّع في الِّزيِّ من شأْن
الإِناث والمُتَأَنِّثين والفُحول لا يتزيَّنون. وفي الحديث: إِن لبن
الفَحْل حِرْم؛ يريد بالفَحْل الرجُل تكون له امرأَة ولدت منه ولداً ولها
لبن، فكلُّ من أَرضعته من الأَطفال بهذا فهو محرم على الزوج وإِخوتِه
وأَولاده منها ومن غيرها، لأَن اللَبن للزوج حيث هو سببه وهذا مذهب الجماعة،
وقال ابن المسيّب والنخعي: لا يحرم، وسنذكره في حرف النون.
الأَزهري: استفحَل أَمر العدوّ إِذا قوِي واشتدّ، فهو مستفحِل، والعرب
تسمي سُهَيْلاً الفَحْل تشبيهاً له بفحْل الإِبل وذلك لاعتزاله عن النجوم
وعِظَمه، وقال غيره: وذلك لأَن الفحل إِذا قَرَع الإِبل اعتزلها؛ ولذلك
قال ذو الرمة:
وقد لاحَ للسارِي سُهَيْل، كأَنه
قَرِيعُ هِجانٍ دُسّ منه المَساعِر
الليث: يقال للنَّخل الذكَر الذي يُلْقَح به حَوائل النخل فُحَّال،
الواحدة فُحَّالة؛ قال ابن سيده: الفَحْل والفُحَّال ذكر النخل، وهو ما كان
من ذكوره فَحْلاً لإِناثِه؛ وقال:
يُطِفْنَ بفُحَّالٍ، كأَنَّ ضِبابَهُ
بُطونُ المَوالي، يوم عيدٍ تَغَدَّت
قال: ولا يقال لغير الذكر من النخل فُحَّال؛ وقال أَبو حنيفة عن أَبي
عمرو: لا يقال فَحْل إِلا في ذي الرُّوح، وكذلك قال أَبو نصر، قال أَبو
حنيفة: والناس على خلاف هذا. واستَفْحَلَت النخل: صارت فُحَّالاً. ونخلة
مُسْتَفْحِلة: لا تحمِل؛ عن اللحياني؛ الأَزهري عن أَبي زيد: ويجمع فُحَّال
النخل فَحاحِيل، ويقال للفُحَّال فَحْل، وجمعه فُحول؛ قال أُحَيْحة ابن
الجُلاح:
تَأَبَّرِي يا خَيْرَةَ الفَسِيل،
تَأَبَّرِي من حَنَذٍ فَشُول،
إِذ ضَنَّ أَهلُ النخْل بالفُحول
الجوهري: ولا يقال فُحَّال إِلا في النخل. والفَحْل: حَصِير تُنسَج من
فُحَّال النخل، والجمع فُحول. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم،
دخل على رجل من الأَنصار وفي ناحية البيت فَحْل من تلك الفُحول، فأَمر
بناحية منه فكُنِس ورشّ ثم صلى عليه؛ قال الأَزهري: قال شمر قيل للحصير
فَحْل لأَنه يسوَّى من سعف الفَحْل من النخيل، فتكلم به على التجوز كما
قالوا: فلان يلبس القُطْن والصوف، وإِنما هي ثياب تغزَل وتتَّخذ منهما؛ قال
المرار:
والوَحْش سارِية، كأَنَّ مُتونَها
قُطْن تُباع، شديدة الصَّقْلِ
أَراد كأَن متونها ثياب قطن لشدَّة بياضها، وسمي الحصير فَحْلاً مجازاً.
وفي حديث عثمان: أَنه قال لا شُفْعة في بئر ولا فَحْل والأُرَف تَقْطع
كلّ شفعة؛ فإِنه أَراد بالفَحْل فَحْل النخل، وذلك أَنه ربما يكون بين
جماعة منهم فَحْل نخل يأْخذ كل واحد من الشركاء فيه، زمَن تَأْبِير النخل،
ما يحتاج إِليه من الحِرْقِ لتَأْبير النخل، فإِذا باع واحد من الشركاء
نصيبه من الفحل بعضَ الشركاء فيه لم يكن للباقين من الشركاء شفعة في
المبيع، والذي اشتراه أَحق به لأَنه لا ينقسم، والشُّفْعة إِنما تجب فيما
ينقسم، وهذا مذهب أَهل المدينة وإِليه يذهب الشافعي ومالك، وهو موافق لحديث
جابر: إِنما جعل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الشُّفعة فيما لم يقسم،
فإِذا حُدت الحُدود فلا شُفعة لأَن قوله، عليه السلام، فيما لم يقسم دليل
على أَنه جعل الشُّفعة فيما ينقسم، فأَما ما لا ينقسم مثل البئر وفَحْل
النخل يباع منهما الشِّقْص بأَصله من الأَرض فلا شُفعة فيه، لأَنه لا
ينقسِم؛ قال: وكان أَبو عبيد فسر حديث عثمان تفسيراً لم يرتضه أَهل المعرفة
فلذلك تركته ولم أَحكه بعينه، قال: وتفسيره على ما بينته، ولا يقال له إِلا
فُحَّال. وفُحول الشعراء: هم الذين غلبوا بالهِجاء من هاجاهم مثل جرير
والفرزدق وأَشباههما، وكذلك كل من عارَض شاعراً فغلب عليه، مثل علقمة بن
عبدة، وكان يسمى فَحْلاً لأَنه عارض امرأَ القيس في قصيدته التي يقول في
أَولها:
خليليَّ مُرّا بي على أُمِّ جُنْدَبِ
بقوله في قصيدته:
ذَهَبْت من الهجران في غير مذهَب
وكل واحد منهما يعارض صاحبه في نعت فرسه ففُضِّل علقمةُ عليه ولقّب
الفَحْل، وقيل: سمي علقمة الشاعر الفَحْل لأَنه تزوَّج بأُمِّ جُنْدَب حين
طلقها امرؤ القيس لما غَلَّبَتْه عليه في الشعر. والفُحول: الرُّواة،
الواحد فَحْل. وتفحَّل أَي تشبَّه بالفَحْل. واستَفْحَل الأَمر أَي تَفاقَم.
وامرأَة فَحْلة: سَلِيطة.
وفَحْل والفَحْلاء: موضعان. وفَحْلان: جبلان صغيران؛ قال الراعي:
هل تُونِسونَ بأَعْلى عاسِمٍ ظُعُناً
وَرَّكْن فَحلَين، واستَقبَلْن ذا بَقَرِ؟
وفي الحديث ذكر فِحْل، بكسر الفاء وسكون الحاء، موضع بالشام كانت به
وقعة المسلمين مع الروم؛ ومنه يوم فِحْل، وفيه ذكر فَحْلين، على التثنية،
موضع في جبل أُحُد.
@فحطل: فَحْطَل: اسم؛ قال:
تباعَد مِنِّي فَحْطَل، إِذ سأَلته
أَمِينَ، فَزاد الله ما بيننا بُعْدا
وهذه ترجمة وجدتها في المحكم على هذه الصورة، ورأَيت هذا البيت في
الصحاح: تباعد مني فَطْحَل، والله أَعلم.
@فخل: تَفَخَّل الرجلُ: أَظهر الوَقار والحلم. وتَفَخَّل أَيضاً: تهيَّأَ
ولبس أَحسن ثيابه، والله أَعلم.
@فرجل: الفَرْجَلة: التَّفَحُّج؛ قال الراجز:
تَقَحُّمَ الفيل إِذا ما فَرْجَلا،
تَمُرّ أَحْفافاً تَهُضُّ الجَنْدَلا
وفَرْجَل الرجلُ فَرْجَلة: وهو أَن يتفحَّج ويسرع، ويقال: هو الذي
يُدَرْبِجُ في مشيه وهي مِشْية سهلة.
@فرزل: الفَرْزَلة: التقييد؛ عن كراع. ورجل فُرْزُل: ضخْم؛ حكاه ابن
دريد؛ قال ابن سيده: وليس بثبت.
@فرعل: الفُرْعُل: ولد الضَّبُع، وفي التهذيب: ولد الضبع من الضبع؛ قال
ابن بري: ومنه قول أَبي النجم:
تَنْزُو بعُثْنُون كظهر الفُرْعُل
قال: وقال أَبو مهراس:
كأَنَّ ندَاءَهُنَّ قُشَاعُ ضَبْع،
تَفَقَّدَ من فَرَاغِلِه أَكِيلا
وفي حديث أَبي هريرة: سئل عن الضبُع فقال: الفُرْعُل تلك نعجة من الغنم؛
الفُرْعُل: ولد الضبع، فسمّاها به أَراد أَنها حلال كالشاة؛ ابن سيده:
وقيل هو ولد الوَبْر من ابن آوى، والجمع فَرَاعِل وفَراعِلة، زادوا الهاء
لتأْنيث الجمع؛ قال ذو الرمة:
يُناط بأَلْحِيها فَراعِلة غُثْرُ
والأُنثى فُرْعُلة. وفي المثل: أَغْزَلُ من فُرْعُل، وهو من الغَزَل
والمُراودة.
@فزل: الفَزْل: الصَّلابة. وأَرض فَيْزَلةٌ: سريعةُ السيل إِذا أَصابها
الغيث.
@فسل: الفَسْل: الرَّذْل النَّذْل الذي لا مُروءة له ولا جلد، والجمع
أَفْسُل وفُسول وفِسال وفُسْل؛ قال سيبويه: والأَكثر فيه فِعال، وأَما فُعول
ففرْع داخل عليه أَجروه مجرى الأَسماء، لأَن فِعالاً وفُعولاً يعتقبان
على فَعْل في الأَسماء كثيراً فحملت الصفة عليه وقالوا فُسُولة، فأَثبتوا
الجمع كما قالوا فُحُولة وبُعولة؛ حكاه كراع، وقالوا فُسَلاء، وهذا نادر
كأَنهم توهَّموا فيه فَسِيلاً، ومثله سَمْح وسُمَحاء كأَنهم توهموا فيه
سَميحاً؛ وقد فَسُل، بالضم، وفَسِيل فسالةَ وفُسولةُ وفُسولاً، فهو فَسْل
من قوم فُسَلاء وأَفْسالٍ وفِسالٍ وفُسولٍ؛ قال الشاعر:
إِذا ما عُدَّ أَربعةٌ فِسالٌ،
فزوجُك خامسٌ وأَبوك سادِي
وحكى سيبويه: فُسِلَ، على صيغة ما لم يسم فاعله، قال: كأَنه وضع ذلك
فيه، والمَفْسول كالفَسْل. أَبو عمرو: الفِسْل الرجل الأَحمق. ويقال:
أَفْسَل فلان على فلان مَتاعَه إِذا أَرْذَله، وأَفْسَل عليه دراهمَه إِذا
زَيَّفَها، وهي دراهم فُسول؛ وقال الفرزدق:
فلا تقبلوا مِنّي أَباعِرَ تُشْترَى
بِوَكْسٍ، ولا سُوداً يصحُّ فُسُولها
أَراد: ولا تقبلوا منهم دراهم سوداً. وفي حديث حذيفة: اشتَرَى ناقة من
رجلين وشرط لهما من النقد رضاهما، فأَخرج لهما كيساً فأَفْسلا عليه، ثم
أَخرج كيساً فأَفْسَلا عليه أَي أَرْذَلا وزيَّفا منها، وأَصلها من الفَسَل
وهو الرَّديء الرَّذل من كل شيء، يقال: فَسَّله وأَفْسَلَه؛ وفي حديث
الاستسقاء:
سوى الحَنْظَل العامِيّ والعِلْهِزِ الفَسْل
ويروى بالشين المعجمة، وسيُذكر.
والفَسِيلة: الصغيرة من النخل، والجمع فَسائل وفَسِيلٌ، والفُسْلان جمع
الجمع؛ عن أَبي عبيد. الأَصمعي في صغار النخل قال: أَول ما يقلع من صغار
النخل الغِرس فهو الفَسِيل والوَدِيّ، والجمع فَسائِل، وقد يقال للواحدة
فَسِيلة. وأَفْسَل الفَسِيلة: انتزعها من أُمّها واغترسها. والفَسْل:
قضبان الكَرْم للغَرْس، وهو ما أُخذ من أُمّهاته ثم غُرِس؛ حكاه أَبو
حنيفة.وفُسالة الحديد: سُحالَته. ابن سيده: فُسالة الحديد ونحوِه ما تَناثر
منه عند الضرب إِذا طُبِع.
وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه لعَن من النساء
المُسَوِّفَة المُفَسِّلة؛ والمفَسِّلة من النساء: التي إِذا أَراد زوجها
غِشْيانها ونَشِط لوطْئها اعـتلَّت وقالت إِنِّي حائض، فيَفْسُل الزوج عنها،
وتفتِّره ولا حيض بها تردُّه بذلك عن غشْيانها وتفتِّر نشاطه، من الفُسولة
وهي الفُتور في الأَمر، والمسوِّفة: التي إِذا دعاها الزوج للفراش
ماطَلَتْه ولم تجبه إِلى ما يدعو إِليه.
@فسكل: الفِسْكِل والفُسْكُلُ والفِسْكَوْل والفُسْكُول: الذي يجيء في
آخر الحلبة آخر الخيل. وهو بالفارسية فُشْكل، وقيل: الفِسْكِل والمُفَسْكل
هو المؤخر البطيء، وقد فُسْكِلْت أَي أُخِّرْت؛ ومنه قيل: رجل فِسْكل
إِذا كان رَذْلاً. والعامة تقول فُسْكُل، بالضم؛ قال أَبو الغوث: أَولها
المُجَلِّي وهو السابق ثم المصلّي ثم المُسَلِّي ثم التالي ثم العاطِف ثم
المُرْتاح ثم المؤمَّل ثم الحَظي ثم اللَّطيم ثم السُّكَيت، وهو الفِسْكل
والفاشُور؛ قال ابن بري: يقال فَسْكَل الفرسُ إِذا جاء آخر الحلْبة. وفي
الحديث: أَن أَسماء بنت عُمَيْس قالت لعليّ، عليه السلام: إِن ثلاثةً أَنت
آخرُهم لأَخْيار، فقال عليّ لأَولادها: قد فَسْكَلَتْني أُمُّكم أَي
أَخَّرتني وجعلتني كالفِسْكل، وهو الفرس الذي يجيء في آخر خيل السِّباق،
وكانت قد تزوّجت قبله بجعفر أَخيه ثم بأَبي بكر بعد جعفر فعدَّاه إِلى
المفعول، قال: والصواب أَن يذكر الحَظِيّ قبل المؤمَّل لا بعده؛ قال وهذا
ترتيبها منظّماً:
أَتانا المُجَلِّي والمُصَلِّي، وبعده
مُسَلٍّ وتالٍ بعده عاطِفٌ يَجْرِي
ومُرْتاحُها ثم الحَظِي ومُؤَمَّل،
يَحُثّ اللَّطِيم، والسُّكَيْت له يَبري
ورجل فُسْكُول وفِسْكَوْل: متأَخر تابع، وقد فَسْكَل وفُسْكِل؛ قال
الأَخطل:
أَجُمَيْع قد فُسْكِلْت عبداً تابِعاً،
فبَقِيت أَنت المُفْحَم المَكْعوم
@فشل: الفَشِل: الرجل الضعيف الجبان، والجمع أَفشال. ابن سيده: فَشِل
الرجل فَشَلاً، فهو فَشِل: كَسِلَ وضعُف وتراخَى وجَبُن. ورجل خَشِل فَشِل،
وخَسْل فَسْل، وقوم فُشْل؛ قال:
وقد أَدْرَكَتْني، والحوادث جَمَّةٌ،
أَسِنَّة قومٍ لا ضِعاف، ولا فُشْل
ويروى: ولا فُسْل، يعني جمع فَسْل. وفي حديث عليّ يصِف أَبا بكر، رضوان
الله عليهما: كنت للدِّين يَعْسُوباً أَولاً حين نفر الناسُ عنه، وآخِراً
حين فَشِلوا؛ الفَشَل: الفزعُ والجُبْن والضَّعْف؛ ومنه حديث جابر: فينا
نزلتْ: إِذ همَّت طائفتان منكم أَن تَفْشَلا؛ وفي حديث الاستسقاء:
سِوى الحَنْظَل العاميّ والعِلْهِز الفَشْلِ
أَي الضعيف يعني الفَشْل مُدَّخِرُه وآكله، فصرف الوصف إِلى العِلْهِز
وهو في الحقيقة لآكله، ويروى الفَسْل، بالسين المهملة، وقد تقدم. الليث:
رجل فَشِيل، وقد فَشِل يَفْشَل عند الحرب والشدة إِذا ضعُف وذهبت قُواه.
وفي التنزيل العزيز: ولا تنازعوا فتَفْشَلوا وتذهب ريحكُم؛ قال الزجاج:
أَي تَجْبُنوا عن عدوّكم إِذا اختلفتم، أَخبر أَن اختلافهم يضعفهم وأَن
الأُلْفة تزيد في قوّتهم.
النضر بن شميل: المِفْشَلة الكَبارِجة. والمَشافل جماعة
(* قوله
«والمشافل جماعة» هكذا في الأصل، ولعل فيه سقطاً، والأصل: وجمعها مفاشل كالمشفلة
والكشافل جماعة، ويدل على ذلك قوله: وقال اعرابي إلخ فانه ليس من هذه
المادة. وعبارة القاموس في مادة شفل: المشفلة كمكنسة الكبارجة والكرش الجمع
مشافل اهـ. اي فهما مترادفان المفرد كالمفرد في معنييه والجمع كالجمع)
قال: والقِرْطالة الكبارجة أَيضاً، وقال أَعرابي: المِشْفَلة الكَرِش. ابن
الأَعرابي: المِفشَل الذي يتزوّج في الغرائب لئلا يخرج الولد ضاوِياً،
والمِفْشَل الهَوْدَج؛ وقال ابن شميل: هو الفِشْل وهو أَن يعلِّق ثوباً
على الهودج ثم يدخله فيه ويشد أَطرافه إِلى القواعد، فيكون وِقاية من رؤوس
الأَحْناء والأَقْطاب وعُقَد العُصْمِ، وهي الحبال، وقيل: الفِشْل ستر
الهودج، وفي المحكم: الفِشْل شيء من أَداة الهودج تجعله المرأَة تحتها،
والجمع فُشُول؛ وقد افْتَشَلَت المرأَة فِشْلها وفَشَّلته وتَفَشَّلتْ.
وتَفَشَّل الماءُ: سال. وتَفَشَّل امرأَةً: تزوّجها. ابن السكيت: يقال
تَفَشَّل فلان منهم امرأَة أَي تزوّجها.
والفَيْشَلة: الحَشَفة طرَف الذكَر، والجمع الفَيْشَل والفَياشِل، وقيل:
الفَيْشلة رأْس كل محوَّق، وقال بعضهم: لامها زائدة كزيادتها في زَيْدَل
وعَبْدَل وأُلالِكَ، وقد يمكن أَن تكون فَيْشلة من غير لفظ فَيْشَة،
فتكون الياء في فَيْشلة زائدة ويكون وزنها فَيْعَلة، لأَن زيادة الياء ثانية
أَكثر من زيادة اللام، وتكون الياء في فَيْشَة عيناً فيكون اللفظان
مقترنين والأَصْلان مختلفين، ونظير هذا قولهم رجل ضَيَّاط وضَيْطار؛ فأَما
قول جرير:
ما كان يُنكَرُ في نَدِيِّ مُجاشِعٍ
أَكْلُ الخَزِير، ولا ارتِضاعُ الفَيْشَل
فقد يكون جمع فَيْشلة، وهو على الجمع الذي لا يفارق واحدة إِلا بالهاء.
والفَياشِل: ماء لِبَني حُصَيْن، سمي بذلك لإِكامٍ حُمْرٍ عنده حوله
يقال لها الفَياشِل، قال: أَظن ذلك تشبيهاً لها بالفَياشِل التي تقدم ذكرها؛
قال القَتَّال الكلابي:
فلا يَسْتَرِثْ أَهْلُ الفَياشِل غارَتي،
أَتَتْكم عِتاق الطيْر يحمِلْن أَنْسُرا
والفَياشِل: شجر.
@فصل: الليث: الفَصْل بَوْنُ ما بين الشيئين. والفَصْل من الجسد: موضع
المَفْصِل، وبين كل فَصْلَيْن وَصْل؛ وأَنشد:
وَصْلاً وفَصْلاً وتَجْميعاً ومُفْتَرقاً،
فَتْقاً ورَتْقاً وتأْلِيفاً لإِنسان ابن سيده: الفَصْل الحاجِز بين
الشيئين، فَصَل بينهما يفصِل فَصْلاً فانفصَل، وفَصَلْت الشيء فانصَل أَي
قطعته فانقطع.
والمَفْصِل: واحد مَفاصِل الأَعضاء. والانْفصال: مطاوِع فصَل.
والمَفْصِل: كل ملتقى عظمين من الجسد. وفي حديث النخعي: في كل مَفْصِل من الإِنسان
ثلُث دِيَة الإِصبع؛ يريد مَفْصِل الأَصابع وهو ما بين كل أَنْمُلَتين.
والفاصِلة: الخَرزة التي تفصِل بين الخَرزتين في النِّظام، وقد فَصَّلَ
النَّظْمَ. وعِقْد مفصَّل أَي جعل بين كل لؤلؤتين خرزة. والفَصْل: القضاء
بين الحق والباطل، واسم ذلك القَضاء الذي يَفْصِل بينهما فَيْصَل، وهو
قضاء فَيْصَل وفاصِل. وذكر الزجاج: أَن الفاصِل صفة من صفات الله عز وجل
يفصِل القضاء بين الخلق.
وقوله عز وجل: هذا يوم الفَصْل؛ أَي هذا يوم يفصَل فيه بين المحسن
والمسيء ويجازي كل بعمله وبما يتفضل الله به على عبده المسلم. ويوم الفَصْل:
هو يوم القيامة، قال الله عز وجل: وما أَدراك ما يومُ الفَصْل. وقَوْل
فَصْل: حقٌّ ليس بباطل. وفي التنزيل العزيز: إِنَّه لقَوْل فَصْل. وفي صفة
كلام سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: فَصْل لا نَزْر ولا هَذْر أَي
بيِّن ظاهر يفصِل بين الحق والباطل؛ ومنه قوله تعالى: إِنه لقول فَصْل؛
أَي فاصِل قاطِع، ومنه يقال: فَصَل بين الخَصْمين، والنَّزْر القليل،
والهَذْر الكثير. وقوله عز وجل: وفَصْل الخطاب؛ قيل: هو البيّنة على المدَّعى
واليمين على المدَّعي عليه، وقيل: هو أَن يفصِل بين الحق والباطل؛ ومنه
قوله: إِنه لقول فَصْل؛ أَي يفصِل بين الحق والباطل، ولولا كلمة الفَصْل
لقضي بينهم. وفي حديث وَفْدِ عبد القيس: فمُرْنا بأَمر فَصْل أَي لا رجعة
فيه ولا مردَّ له.
وفَصَل من الناحية أَي خرج. وفي الحديث: من فَصَل في سبيل الله فمات أَو
قتِل فهو شهيد أَي خرج من منزله وبلده. وفاصَلْت شريكي.
والتفصيل: التبيين. وفَصَّل القَصَّاب الشاةَ أَي عَضَّاها.
والفَيْصَل: الحاكم، ويقال القضاء بين الحق والباطل، وقد فَصَل الحكم.
وحكم فاصِل وفَيْصَل: ماض، وحكومة فَيْصَل كذلك. وطعنة فَيْصَل: تفصِل بين
القِرْنَيْن. وفي حديث ابن عمر: كانت الفَيْصَل بيني وبينه أَي القطيعة
التامة، والياء زائدة. وفي حديث ابن جبير: فلو علم بها لكانت الفَيْصَل
بيني وبينه.
والفِصال: الفِطام؛ قال الله تعالى: وحَملُه وفِصالُه ثلاثون شهراً؛
المعنى ومَدى حَمْلِ المرأَة إِلى منتهى الوقت الذي يُفْصَل فيه الولد عن
رَضاعها ثلاثون شهراً؛ وفَصَلت المرأَة ولدها أَي فطمَتْه. وفَصَل المولودَ
عن الرضاع يَفْصِله فَصْلاً وفِصالاً وافْتَصَلَه: فَطَمه، والاسم
الفِصال، وقال اللحياني: فَصَلته أُمُّه، ولم يخص نوعاً. وفي الحديث: لا رَضاع
بعد فِصال، قال ابن الأَثير: أَي بعد أَن يُفْصَل الولد عن أُمِّه، وبه
سمي الفَصِيل من أَولاد الإِبل، فَعِيل بمعنى مَفْعول، وأَكثر ما يطلق في
الإِبل، قال: وقد يقال في البقر؛ ومنه حديث أَصحاب الغار: فاشتريت به
فَصِيلاً من البقر، وفي رواية: فَصِيلةً، وهو ما فُصِل عن اللبن من أَولاد
البقر. والفَصِيل: ولد الناقة إِذا فُصِل عن أُمه، والجمع فُصْلان
وفِصال، فمن قال فُصْلان فعلى التسمية كما قالوا حرث وعبَّاس، قال سيبويه:
وقالوا فِصْلان شبهوه بغُراب وغِرْبان، يعني أَن حكْم فَعِيل أَن يكسَّر على
فُعْلان، بالضم، وحكم فُعال أَن يكسَّر على فِعْلان، لكنهم قد أَدخلوا
عليه فَعِيلاً لمساواته في العدَّة وحروف اللين، ومنْ قال فِصال فعلى الصفة
كقولهم الحرث والعبَّاس، والأُنثى فَصِيلة.
ثعلب: الفَصِيلة القطعة من أَعضاء الجسد وهي دون القَبيلة. وفَصِيلة
الرجل: عَشِيرته ورَهْطه الأَدْنَوْن، وقيل: أَقرب آبائه إِليه؛ عن ثعلب،
وكان يقال لعباس فَصِيلة النبي، صلى الله عليه وسلم؛ قال ابن الأَثير:
الفَصِيلة من أَقرب عَشِيرة الإِنسان، وأَصل الفَصِيلة قطعة من لحم الفخِذ؛
حكاه عن الهروي. وفي التنزيل العزيز: وفَصِيلته التي تُؤْوِيِه. وقال
الليث: الفَصِيلة فخذ الرجل من قومه الذين هو منهم، يقال: جاؤوا بفَصِيلَتهم
أَي بأَجمعهم.
والفَصْل: واحد الفُصول.
والفاصِلة التي في الحديث: من أَنفق نفقة فاصلة في سبيل الله فبسبعمائة،
وفي رواية فله من الأَجْر كذا، تفسيرها في الحديث أَنها التي فَصَلَتْ
بين إِيمانه وكفره، وقيل: يقطعها من ماله ويَفْصِل بينها وبين مال نفسه.
وفَصَلَ عن بلد كذا يَفْصِلُ فُصُولاً؛ قال أَبو ذؤَيب:
وَشِيكُ الفُصُول، بعيدُ الغُفُو
ل، إِلاَّ مُشاحاً به أَو مُشِيحا
ويروى: وَشِيك الفُضُول. ويقال: فَصَل فلان من عندي فُصُولاً إِذا خرج،
وفَصَل مني إِليه كتاب إِذا نفذ؛ قال الله عز وجل: ولما فَصَلَتِ
العِيرُ؛ أَي خرجت، فَفَصَلَ يكون لازماً وواقعاً، وإِذا كان واقعاً فمصدره
الفَصْل، وإِذا كان لازماً فمصدره الفصُول. والفَصِيل: حائط دون الحِصْن، وفي
التهذيب: حائط قصير دون سُورِ المدينة والحِصْن. وفَصَل الكَرْمُ: ظهر
حبُّه صغيراً أَمثال البُلْسُنِ.
والفَصْلة: النخلة المَنْقولة المحوَّلة وقد افْتَصَلَها عن موضعها؛ هذه
عن أَبي حنيفة. وقال هجري: خير النخل ما حوِّل فسيله عن منبته،
والفَسِيلة المحوَّلة تسمى الفَصْلة، وهي الفَصْلات، وقد افتصلنا فَصْلات كثيرة
في هذه السنة أَي حوَّلناها.
ويقال: فَصَّلْت الوِشاح إِذا كان نظمه مفصّلاً بأَن يجعل بين كل
لؤلؤتين مَرْجانة أَو شَذْرة أَو جوهرة تفصل بين كل اثنتين من لون واحد.
وتَفْصيل الجَزور: تَعْضِيَتُه، وكذلك الشاة تفصَّل أَعضاء.
والمفاصِل: الحجارة الصُّلْبة المُتَراصِفة، وقيل: المَفاصِل ما بين
الجَبلين، وقيل: هي منفصَل الجبل من الرمْلة يكون بينها رَضْراض وحصى صِغار
فيَصْفو ماؤه ويَرِقُّ؛ قال أَبو ذؤيب:
مَطافِيلَ أَبكار حديثٍ نِتاجُها،
يُشاب بماء مثل ماء المفاصِل
هو جمع المَفْصِل، وأَراد صفاء الماء لانحداره من الجبال لا يمرُّ بتراب
ولا بطين، وقيل: ماء المَفاصِل هنا شيء يسيل من بين المَفْصِلين إِذا
قطع أَحدهما من الآخر شبيه بالماء الصافي، واحدها مَفْصِل. التهذيب:
المَفْصِل كل مكان في الجبل لا تطلع عليه الشمس، وأَنشد بيت الهذلي، وقال أَبو
عمرو: المَفْصِل مَفْرق ما بين الجبل والسَّهْل، قال: وكل موضعٍ مَّا بين
جبلين يجري فيه الماء فهو مَفْصِل. وقال أَبو العميثل: المَفاصِل صُدوع
في الجبال يسيل منها الماء، وإِنما يقال لما بين الجبلين الشِّعب. وفي
حديث أَنس: كان على بطنه فَصِيل من حجر أَي قطعة منه، فَعِيل بمعنى مفعول.
والمَفْصِل، بفتح الميم: اللسان؛ قال حسان:
كِلْتاهما عَرق الزُّجاجة، فاسْقِني
بزُجاجة أَرْخاهما للمَفْصِل
ويروى المِفْصَل، وفي الصحاح: والمِفْصَل، بالكسر، اللسان؛ وأَنشد ابن
بري بيت حسان:
كلتاهما حَلَب العَصِير، فعاطِني
بزُجاجة أَرخاهما للمِفْصَل
والفَصْل: كلُّ عَرُوض بُنِيت على ما لا يكون في الحَشْو إِمَّا صحة
وإِمَّا إِعلال كمَفاعِلن في الطويل، فإِنها فَصْل لأَنها قد لزمها ما لا
يلزم الحَشْو لأَن أَصلها إِنما هو مَفاعيلن، ومفاعيلن في الحَشْو على
ثلاثة أَوجه: مفاعيلن ومَفاعِلن ومفاعيلُ، والعَروض قد لزمها مَفاعِلن فهي
فَصْل، وكذلك كل ما لزمه جنس واحد لا يلزم الحَشْو، وكذلك فَعِلن في البسيط
فَصْل أَيضاً؛ قال أَبو إِسحق: وما أَقلّ غير الفُصُول في الأَعارِيض،
وزعم الخليل أَن مُسْتَفْعِلُن في عَروض المُنْسَرِح فَصْل، وكذلك زعم
الأَخفش؛ قال الزجاج: وهو كما قال لأَن مستفعلن هنا لا يجوز فيها فعلتن فهي
فَصْل إِذ لزمها ما لا يلزم الحَشْو، وإِنما سمي فَصْلاً لأَنه النصف من
البيت.
والفاصِلة الصغرى من أَجزاء البيت: هي السببان المقرونان، وهو ثلاث
متحركات بعدها ساكن نحو مُتَفا من مُتَفاعِلُن وعلتن من مفاعلتن، فإِذا كانت
أَربع حركات بعدها ساكن مثل فَعَلتن فهي الفاصِلة الكُبْرى، قال: وإِنما
بدأْنا بالصغرى لأَنها أَبسط من الكُبْرى؛ الخليل: الفاصِلة في العَروض
أَن يجتمع ثلاثة أَحرف متحركة والرابع ساكن مثل فَعَلَت، قال: فإِن اجتمعت
أَربعة أَحرف متحركة فهي الفاضِلة، بالضاد المعجمة، مثل فعَلتن.
قال: والفَصل عند البصريين بمنزلة العِماد عند الكوفيين، كقوله عز وجل:
إِن كان هذا هو الحقَّ من عندك؛ فقوله هو فَصْل وعِماد، ونُصِب الحق
لأَنه خبر كان ودخلتْ هو للفَصْل، وأَواخر الآيات في كتاب الله فَواصِل
بمنزلة قَوافي الشعر، جلَّ كتاب الله عز وجل، واحدتها فاصِلة.
وقوله عز وجل: كتاب فصَّلناه، له معنيان: أَحدهما تَفْصِيل آياتِه
بالفواصِل، والمعنى الثاني في فَصَّلناه بيَّنَّاه. وقوله عز وجل: آيات
مفصَّلات، بين كل آيتين فَصْل تمضي هذه وتأْتي هذه، بين كل آيتين مهلة، وقيل:
مفصَّلات مبيَّنات، والله أَعلم، وسمي المُفَصَّل مَفصَّلاً لقِصَر أَعداد
سُوَرِه من الآي. وفُصَيْلة: اسم.
@فصعل: الفُصْعُل والفِصْعِل: اللئيم. الأَزهري: الفُصْعُل العَقْرَب؛
وأَنشد:
وما عسى يَبْلُغُ لَسْبُ الفُصْعُل
قال ابن سيده: وهو الصغير من ولد العَقارب. ابن الأَعرابي: من أَسماء
العقرب الفُصْعُل، بضم الفاء والعين، والفُرْضُخ والفِرْضِخُ مثله؛ قال ابن
بري: وقد يوصف به الرجل اللئيم الذي فيه شرٌّ؛ وأَنشد:
قامة الفُصْعُل الضَّئِيل، وكفٌّ
خِنْصَرَاها كُذَيْنِقَا قَصَّار
فهذا يمكن أَن يريد العقرب؛ وقال آخر:
سأَلَ الولِيدة: هل سَقَتْني بعدَما
شَرِب المُرِضَّة فُصْعُل حَدَّ الضُّحَى؟
@فضل: الفَضْل والفَضِيلة معروف: ضدُّ النَّقْص والنَّقِيصة، والجمع
فُضُول؛ وروي بيت أَبي ذؤيب:
وَشِيكُ الفُضُول بعيد الغُفُول
روي: وَشِيك الفُضُول، مكان الفُصُول، وقد تقدم في ترجمة فصل، بالصاد
المهملة. وقد فَضَل يَفْضُل
(* قوله «وقد فضل يفضل» عبارة القاموس: وقد فضل
كنصر وعلم، وأما فضل كعلم يفضل كينصر فمركبة منهما) وهو فاضِل. ورجل
فَضَّال ومُفَضَّل: كثير الفَضْل. والفَضِيلة: الدَّرَجة الرفيعة في
الفَضْل، والفاضِلة الاسم من ذلك. والفِضَال والتَّفاضُل: التَّمازِي في
الفَضْل. وفَضَّله: مَزَّاه. والتَّفاضُل بين القوم: أَن يكون بعضهم أَفضَل من
بعض. ورجل فاضِل: ذو فَضْل. ورجل مَفْضول: قد فَضَله غيره. ويقال: فَضَل
فلان على غيره إِذا غلب بالفَضْل عليهم. وقوله تعالى: وفَضَّلناهم على
كثير ممن خلقنا تَفْضِيلاً، قيل: تأْويله أَن الله فضَّلهم بالتمييز، وقال:
على كثير ممن خلقنا، ولم يقل على كل لأَن الله تعالى فَضَّل الملائكة
فقال: ولا الملائكة المقرَّبون، ولكن ابن آدم مُفَضَّل على سائر الحيوان
الذي لا يعقل، وقيل في التفسير: إِن فَضِيلة ابن آدم أَنه يمشي قائماً وأَن
الدَّواب والإِبل والحمير وما أَشبهها تمشي منكَبَّة، وابن آدم يتناول
الطعام بيديه وسائر الحيوان يتناوله بِفِيه. وفاضَلَني ففَضَلْته أَفْضُلُه
فَضْلاً: غلبته بالفَضْل، وكنت أَفضَل منه. وتَفَضَّل عليه: تَمَزَّى.
وفي التنزيل العزيز: يريد أَن يتفضَّل عليكم؛ معناه يريد أَن يكون له
الفَضْل عليكم في القَدْر والمنزلة، وليس من التفضُّل الذي هو بمعنى
الإِفْضال والتطوُّل. الجوهري: المتفضِّل الذي يدَّعي الفَضْل على أَقرانه؛ ومنه
قوله تعالى: يريد أَن يتفضَّل عليكم. وفَضَّلته على غيره تَفْضِيلاً إِذا
حكَمْتَ له بذلك أَو صيَّرته كذلك. وأَفْضَل عليه: زاد؛ قال ذو الإِصبع:
لاه ابنُ عَمِّك، لا أَفْضَلْتَ في حَسَب
عَنِّي، ولا انتَ دَيّاني فتَخْزُوني
الدَّيَّان هنا: الذي يَلي أَمْرَك ويَسُوسُك، وأَراد فتخزُوَني فأَسكن
للقافية لأَن القصيدة كلها مُرْدَفة؛ وقال أَوس بن حَجَر يصف قوساً:
كَتومٌ طِلاعُ الكَفِّ لا دون مِلْئِها،
ولا عَجْسُها عن مَوضِع الكَفِّ أَفْضَلا
والفَواضِل: الأَيادي الجميلة. وأَفْضَل الرجل على فلان وتفَضَّل بمعنى
إِذا أَناله من فضله وأَحسن إِليه. والإِفْضال: الإِحسان. وفي حديث ابن
أَبي الزناد: إِذا عَزَب المالُ قلَّت فَواضِلُه أَي إِذا بعُدت الضَّيْعة
قلَّ الرِّفْق منها لصاحبها، وكذلك الإِبلُ إِذا عَزبت قلَّ انتفاع ربها
بدَرِّها؛ قال الشاعر:
سأَبْغِيكَ مالاً بالمدينة، إِنَّني
أَرَى عازِب الأَموال قلَّتْ فواضِله
والتَّفَضُّل: التَّطوُّل على غيرك. وتفضَّلْت عليه وأَفْضَلْتُ:
تطوَّلت. ورجل مِفْضال: كثير الفَضْل والخير والمعروف. وامرأَة مِفْضالة على
قومها إِذا كانت ذات فَضْل سَمْحة. ويقال: فَضَلَ فلان على فلان إِذا غلب
عليه. وفَضَلْت الرجل: غلبته؛ وأَنشد:
شِمَالُك تَفْضُل الأَيْمان، إِلاَّ
يمينَ أَبيك، نائلُها الغَزِيرُ
وقوله تعالى: ويُؤْتِ كلَّ ذي فَضْل فَضْلَه؛ قال الزجاج: معناه من كان
ذا فَضْل في دينه فضَّله الله في الثواب وفضَّله في المنزلة في الدُّنيا
بالدِّين كما فضَّل أَصحاب سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
والفَضْل والفَضْلة: البقيَّة من الشيء. وأَفْضَل فلان من الطعام وغيره
إِذا ترك منه شيئاً. ابن السكيت: فَضِل الشيءُ يَفْضَل وفَضَل يَفْضُل،
قال: وقال أَبو عبيدة فَضِل منه شيء قليل، فإِذا قالوا يَفْضُل، ضموا
الضاد فأَعادوها إِلى الأَصل، وليس في الكلام حرف من السالم يُشْبه هذا، قال:
وزعم بعض النحويين أَنه يقال حَضِرَ القاضيَ امرأَة ثم يقولون تَحْضُر.
الجوهري: أَفْضَلْت منه الشيء واسْتَفْضَلْته بمعنى؛ وقوله أَنشده ثعلب
للحرث بن وعلة:
فلمَّا أَبَى أَرْسَلْت فَضْلة ثوبِه
إِليه، فلم يَرْجِع بحِلْم ولا عَزْم
معناه أَقلعت عن لَومه وتركتُه كأَنه كان يمسك حينئذ بفَضْلة ثوبه، فلما
أَبى أَن يقبل منه أَرسل فضلة ثوبه إِليه فخلاَّه وشأْنه، وقد أَفْضَل
فَضْلَة؛ قال:
كِلا قادِمَيْها تُفْضِل الكَفُّ نِصْفَه،
كَجِيدِ الحُبارَى رِيشُهُ قد تَزَلَّعا
وفَضَل الشيءُ يَفْضُل: مثال دخَل يدخُل، وفَضِل يَفْضَل كحذِر يحذَر،
وفيه لغة ثالثة مركبة منهما فَضِل، بالكسر، يَفْضُل، بالضم، وهو شاذ لا
نظير له، وقال ابن سيده: هو نادر جعلها سيبويه كَمِتَّ تموت؛ قال الجوهري:
قال سيبويه هذا عند أَصحابنا إِنما يجيء على لغتين، قال: وكذلك نَعِمَ
يَنْعُم ومِتَّ تَموت وكِدْت تَكُود. وقال اللحياني: فَضِل يَفْضَل كحَسِب
يَحْسَب نادر كل ذلك بمعنى. وقال ابن بري عند قول الجوهري: كِدْت تَكُود،
قال: المعروف كِدْت تَكاد.
والفَضِيلة والفُضَالة: ما فَضَل من الشيء. وفي الحديث: فَضْلُ الإِزار
في النار؛ هو ما يجرُّه الإِنسان من إِزاره على الأَرض على معنى
الخُيَلاء والكِبْر. وفي الحديث: إِن لله ملائكةً سَيَّارة فُضْلاً أَي زيادة على
الملائكة المرتبين مع الخلائق، ويروى بسكون الضاد وضمها، قال بعضهم:
والسكون أَكثر وأَصوب، وهما مصدر بمعنى الفَضْلة والزيادة. وفي الحديث: إِن
اسْمَ دِرْعه، عليه السلام، كان ذات الفُضُول، وقيل: ذو الفُضُول لفَضْلة
كان فيها وسَعة. وفَواضِل المال: ما يأْتيك من مَرافقه وغَلَّته.
وفُضُول الغنائم: ما فَضَل منها حين تُقْسَم؛ وقال ابن عَثْمة:
لك المِرْباعُ منها والصَّفَايا،
وحُكْمُك والنَّشيطَةُ والفُضُول
وفَضَلات الماء: بقاياه. والعرب تقول لبقيَّة الماء في المَزادة فَضْلة،
ولبَقيَّة الشراب في الإِناء فَضْلة، ومنه قول علقمة بن عبدة:
والفَضْلَتين. وفي الحديث: لا يمنع فَضْل؛ قال ابن الأَثير: هو أَن يسقي الرجل
أَرضه ثم تبقى من الماء بقيَّة لا يحتاج إِليها فلا يجوز له أَن يبيعها ولا
يمنع منها أَحداً ينتفع بها، هذا إِذا لم يكن الماء ملْكه، أَو على قول
من يرى أَن الماء لا يملَك، وفي رواية أُخرى: لا يمنع فَضْل الماء ليمنع
به الكَلأ؛ هو نَفْع البئر المُباحة، أَي ليس لأَحد أَن يغلب عليه ويمنع
الناس منه حتى يحوزه في إِناء ويملكه.
والفَضْلة: الثياب التي تبتذل للنوم لأَنها فَضلت عن ثياب التصرُّف.
والتفضُّل: التوشُّح، وأَن يخالف اللابس بين أَطراف ثوبه على عاتِقِه.
وثوب فُضُل ورجل فُضُل: متفضِّل في ثوب واحد؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
يَتْبَعها تِرْعِيَّة جافٍ فُضُل،
إِنْ رَتَعَتْ صَلَّى، وإِلاَّ لم يُصَل
وكذلك الأُنثى فُضُل؛ قال الأَعشى:
ومُسْتَجِيبٍ تَخال الصَّنْجَ يَسْمَعُه،
إِذا تُرَدّدُ فيه القَيْنَةُ الفُضُلُ
وإِنها لحسَنة الفِضْلة من التفضُّل في الثوب الواحد، وفلان حسَن
الفِضْلة من ذلك. ورجل فُضُل، بالضم، مثل جنُب ومُتَفَضِّل، وامرأَة فُضُل مثل
جُنُب أَيضاً، ومُتَفَضِّلة، وعليها ثوب فُضُل: وهو أَن تخالف بين طرفيه
على عاتقها وتتوشَّح به؛ وأَنشد أَبيات الراعي:
يَسُوقها تِرْعِيَّة جافٍ فُضُل
الأَصمعي: امرأَة فُضُل في ثوب واحد. الليث: الفِضَال الثوب الواحد
يتفضَّل به لرجل يلبسه في بيته:
وأَلقِ فِضالَ الوَهْن عنه بوَثْبَةٍ
حَواريَّةٍ، قد طال هذا التَّفَضُّل
وإِنه لحسَن الفِضْلة؛ عن أَبي زيد، مثل الجِلْسة والرِّكْبة؛ قال ابن
بري: ومنه قول الهذلي:
مَشْيَ الهَلُوكِ عليه الخَيْعَل الفُضُل
الجوهري: تَفَضَّلَت المرأَة في بيتها إِذا كانت في ثوب واحد كالخَيْعَل
ونحوه. وفي حديث امرأَة أَبي حذيفة قالت: يا رسول الله إِن سالماً مولى
أَبي حذيفة يراني فُضُلاً أَي متبذلة في ثياب مَهْنَتي. يقال: تفضَّلت
المرأَة إِذا لبست ثياب مَِهْنَتِها أَو كانت في ثوب واحد، فهي فُضُل
والرجُلُ فُضُل أَيضاً. وفي حديث المغيرة في صِفة امرأَة فُضُل: صَبَأَتْ
كأَنها بُغاثٌ، وقيل: أَراد أَنها مُختالة تُفْضِل من ذيلها.
والمِفْضَل والمِفْضَلة، بكسر الميم: الثوب الذي تتفضَّل فيه المرأَة.
والفَضْلة: اسم للخمر؛ ذكره أَبو عبيد في باب أَسماء الخمر، وقال أَبو
حنيفة: الفَضْلة ما يلحق من الخَمْر بعد القِدَم؛ قال ابن سيده: وإِنما
سميت فَضْلة لأَن صَمِيمها هو الذي بقي وفَضَل؛ قال أَبو ذؤيب:
فما فَضْلة من أَذْرِعات هَوَتْ بها
مُذكَّرَة عُنْسٌ، كَهادِية الضَّحْل
والجمع فَضَلات وفِضَال؛ قال الشاعر:
في فِتْيَةٍ بُسُطِ الأَكُفِّ مَسامِحٍ،
عند الفِضَال قديمُهم لم يَدْثُرِ
قال الأَزهري: والعرب تسمي الخمر فِضَالاً؛ ومنه قوله:
والشَّارِبُون، إِذا الذَّوارِعُ أُغْلِيَتْ،
صَفْوَ الفِضالِ بِطارِفٍ وتِلادِ
وقوله في الحديث: شهدت في دار عبد الله بن جُدْعان حِلْفاً لو دُعِيت
إِلى مثله في الإِسلام لأَجَبْت؛ يعني حِلْف الفُضُول، سمي به تشبيهاً
بحلْف كان قديماً بمكة أَيّام جُرْهُم على التناصف والأَخذ للضعيف من
القويِّ، والغريب من القاطِن، وسمي حِلْف الفُضُول لأَنه قام به رجال من جُرْهُم
كلهم يسمى الفَضْل: الفضل بن الحرث، والفضل بن وَدَاعة، والفضل بن
فَضَالة، فقيل حِلْف الفُضُول جمعاً لأَسماء هؤلاء كما يقال سَعْد وسُعود،
وكان عقَده المُطَيَّبون وهم خَمْس قبائل، وقد ذكر مستوفى في ترجمة حلف.
ابن الأَعرابي: يقال للخيَّاط القَرارِيُّ والفُضُولِيُّ.
والفَضْل وفَضِيلة: اسمان. وفُضَيْلة: اسم امرأَة؛ قال:
لا تذْكُرا عندي فُضَيْلة، إِنها
متى ما يراجعْ ذِكْرها القَلْب يَجْهَلِ
وفُضَالة: موضع؛ قال سلمى بن المقعد الهذلي:
عليكَ ذَوِي فضالة فاتَّبِعْهم،
وذَرْني إِن قُرْبي غير مُخْلي
@فطحل: الفِطَحْل، على وزن الهِزَبْر: دهر لم يخلَق الناس فيه بَعْدُ،
وزمنُ الفِطَحْل زمن نوح النبي، على نبينا وعليه الصلاة والسلام؛ وسئل رؤبة
عن قوله زمن الفِطَحْل فقال: أَيام كانت الحجارة فيه رِطاباً، روي أَن
رؤبة بن العجاج نزل ماء من المياه فأَراد أَن يتزوَّج امرأَة فقالت له
المرأَة: ما سِنُّك ما مالُك ما كذا؟ فأَنشأَ يقول:
لمَّا ازْدَرتْ نَقْدِي وقلَّت إِبلي
تأَلَّقَتْ، واتَّصَلتْ بعُكْل
تَسْأَلُني عن السِّنِين كَمْ لي؟
فقلت: لو عَمَّرْتُ عمرَ الحِسْل،
أَو عُمْرَ نوح زمنَ الفِطَحْل،
والصَّخْر مُبْتَلٌّ كطِين الوَحْل،
أَو أَنَّني أُوتِيتُ عِلْم الحُكْل،
علم سليمان كلامَ النَّمْل،
كنتُ رَهِين هَرَم أَو قَتْل
وقال بعضهم:
زَمَن الفِطَحْل إِذ السَّلام رِطاب
وقال أَبو حنيفة: يقال أَتيتك عام الفِطَحْل والهِدَمْلة يعني زمَن
الخِصْب والرِّيفِ.
الجوهري: فَطْحَل، بفتح الفاء، اسم رجل؛ وقال:
تَبَاعَد مني فَطْحَلٌ إِذْ رأَيتُه
أَمينَ، فزاد الله ما بيننا بُعْدَا
(* ورد هذا البيت في كلمة فحطل مختلفة روايته عما هي عليه هنا).
والفِطَحْل: السَّيْل. وجملٌ فِطَحْل: ضخْم مثل السِّبَحْل؛ قاله
الفراء.
@فعل: الفِعل: كناية عن كل عمل متعدٍّ أَو غير متعدٍّ، فَعَل يَفْعَل
فَعْلاً وفِعْلاً، فالاسم مكسور والمصدر مفتوح، وفَعَله وبه، والاسم
الفِعْل، والجمع الفِعال مثل قِدْح وقِداح وبِئر وبِئار، وقيل: فَعَله يَفْعَله
فِعْلاً مصدر، ولا نظير له إِلا سَحَره يَسْحَره سِحْراً، وقد جاء خَدَع
يَخْدَع خَدْعاً وخِدْعاً، وصَرَع صَرْعاً وصِرْعاً، والفَعْل بالفتح
مصدر فَعَل يَفْعَل، وقد قرأَ بعضهم: وأَوحينا إِليهم فَعْلَ الخيرات، وقوله
تعالى في قصة موسى، عليه السلام: وفَعَلْتَ فَعْلَتَك التي فَعَلْت؛
أَراد المرة الواحدة كأَنه قال قَتَلْت النفس قَتْلَتَك، وقرأَ الشعبي
فِعْلَتَك، بكسر الفاء، على معنى وقَتَلْت القِتْلة التي قد عرفتها لأَنه
قَتَله بوَكْزة؛ هذا عن الزجاج، قال: والأَول أَجود. والفَعال أَيضاً مصدر
مثل ذَهَب ذَهاباً، والفَعال، بالفتح: الكرم؛ قال هدبة:
ضَرُوب بلَحْيَيْه على عَظْم زَوْرِه،
إِذا القوم هَشُّوا للفَعال تَقَنَّعا
قال الليث: والفَعال اسم للفِعْل الحسن من الجود والكرَم ونحوه. ابن
الأَعرابي: والفَعال فِعْل الواحد خاصة في الخير والشر. يقال: فلان كريم
الفَعال وفلان لئيم الفَعال، قال: والفِعال، بكسر الفاء، إِذا كان الفعل بين
الاثنين؛ قال الأَزهري: وهذا هو الصواب ولا أَدري لمَ قَصَر الليثُ
الفَعال على الحسَن دون القبيح، وقال المبرد: الفَعال يكون في المدْح
والذمِّ، قال: وهو مُخَلَّص لفاعل واحد، فإِذا كان من فاعِلَين فهو فِعال، قال:
وهذا هو الجيد. وكانت منه فَعْلة حسنة أَو قبيحة، والفَعَلة صفة غالِبة
على عَمَلةِ الطين والحفر ونحوهما لأَنهم يَفْعَلون؛ قال ابن الأَعرابي:
والنَّجَّار يقال له فاعل.
قال النحويون: المفعولات على وُجوه في باب النحو: فمفعول به كقولك
أَكرمت زيداً وأَعَنْت عمراً وما أَشبهه، ومفعول له كقولك فَعَلْت ذلك حِذارَ
غضبك، ويسمى هذا مفعولاً من أَجلٍ أَيضاً، ومفعول فيه وهو على وجهين:
أَحدهما الحال، والآخر في الظروف، فأَما الظَّرْف فكقولك نِمْت البيتَ وفي
البيت، وأَما الحال فكقولك ضرب فلان راكباً أَي في حال رُكوبه، ومفعول
عليه كقولك عَلَوْت السطحَ ورَقِيت الدرَجة، ومفعول بلا صِلةٍ وهو المصدر
ويكون ذلك في الفعل اللازم والواقع كقولك حفِظْت حِفْظاً وفَهِمْت
فَهْماً، واللازم كقولك انكسر انكساراً، والعرب تشتقُّ من الفعْل المُثُلَ
للأَبنية التي جاءت عن العرب مثل فُعالة وفَعُولة وأُفْعُول ومِفْعِيل
وفِعْليل وفُعْلول وفِعْوَلّ وفِعَّل وفُعُلّ وفُعْلة ومُفْعَنْلِل وفَعِيل
وفِعْيَل. وكنى ابن جني بالتَّفْعِيل عن تَقْطِيع البيت الشعريِّ لأَنه إِنما
يَزِنه بأَجزاء مادَّتها كلها «فعل» كقولك فَعُولن مَفاعِيلن وفاعِلانن
فاعِلن ومُسْتَفْعِلن فاعِلن وغير ذلك من ضُروب مقطَّعات الشعر؛
وفاعِليَّان: مثال صيغ لبعض ضُروب مربَّعِ الرَّمَل كقوله:
يا خليليَّ ارْبَعا، فاسْـ
ـتَنْطِقا رَسْماً بِعُسْفان
فقوله مَنْ بِعُسْفانْ فاعِليَّان.
ويقال: شعر مُفْتَعَل إِذا ابتَدعه قائله ولم يَحْذُه على مِثالٍ
تَقدَّمه فيه مَنْ قَبْلَه، وكان يقال: أَعذب الأَغاني ما افتُعِل وأَظرَفُ
الشعر ما افتُعِل؛ قال ذو الرمة:
غَرائِبُ قد عُرِفْن بكلِّ أُفْقٍ،
من الآفاق، تُفْتَعَل افْتِعالا
أَي يبتدَع بها غِناء بديع وصوت محدَث. ويقال لكل شيء يسوَّى على غير
مِثال تقدَّمه: مُفْتَعَل؛ ومنه قول لبيد:
فرَمَيْت القوم رَشْقاً صائِباً،
ليس بالعُصْل ولا بالمُفْتَعَل
وقوله تعالى: والذين هم للزكاة فاعِلون؛ قال الزجاج: معناه مُؤتون.
وفِعال الفَأْس والقَدُوم والمِطْرَقة: نِصابها؛ قال ابن مقبل:
وتَهْوِي، إِذا العِيسُ العِتاق تَفاضَلَتْ،
هُوِيَّ قَدُومِ القَيْن حال فِعالها
يعني نِصابَها وهو العَمُود الذي يجعل في خُرْتِها يعمَل به؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:
أَتَتْه، وهي جانِحة يداها
جُنوحَ الهِبْرقِيِّ على الفِعال
قال ابن بري: الفَعال مفتوح أَبداً إِلاَّ الفِعال لخشبة الفأْس فإِنها
مكسورة الفاء، يقال: يا بابوسُ أَوْلِج الفِعال في خُرْت الحَدَثان،
والحَدَثان الفَأْس التي لها رأْس واحدة. والفِعال أَيضاً: مصدر فاعَل.
والفَعِلة: العادة. والفَعْل: كناية عن حَياء الناقة وغيرها من الإِناث.
وقال ابن الأَعرابي: سئل الدُّبَيْريُّ عن جُرْحه فقال أَرَّقَني وجاء
بالمُفْتَعَل أَي جاء بأَمر عظيم، قيل له: أَتَقولُه في كل شيء؟ قال: نعم
أَقول جاء مالُ فلان بالمُفْتَعَل، وجاء بالمُفْتَعَل من الخطإِ، ويقال:
عَذَّبني وجَع أَسْهرَني فجاء بالمُفْتَعَل إِذا عانى منه أَلماً لم
يعهَد مثله فيما مضى له. ابن الأَعرابي: افْتَعل فلان حديثاً إِذا اخْتَرقه؛
وأَنشد:
ذكْر شيءٍ، يا سُلَيْمى، قد مَضى،
وَوُشاة ينطِقون المُفْتَعَل
وافْتَعل عليه كذباً وزُوراً أَي اختلَق. وفَعَلْت الشيء فانْفَعَل:
كقولك كسَرْته فانكسَر. وفَعالِ: قد جاء بمعنى افْعَلْ وجاء بمعنى فاعِلة،
بكسر اللام.
@فقل: النضر في كتاب الزّرْع: الفَقْل التَّذْرِية في لغة أَهل اليمن،
يقال: فَقَلُوا ما دِيسَ من كُدْسِهم وهو رفع الدِّقِّ بالمِفْقَلة، وهي
الحِفْراة، ثم نَثْرُه. ويقال: كانت أَرضُهم العامَ كثيرة الفَقْل أَي
الريْع، وقد أَفْقَلَت أَرضُهم إِفْقالاً؛ والدِّقُّ: ما قد دِيسَ ولم
يُذْرَ، قال: وهذا الحرف غريب.
@فقحل: فَقْحَل الرجلُ إِذا أَسرع الغَضبَ في غير موضعه. الفراء: رجل
فُقْحُل سريع الغضب.
@فكل: الأَفْكَلُ، على أَفْعَل: الرَّعْدة، ولا يبنى منه فِعْل. التهذيب
عن الليث وغيره: الأَفْكَل رِعْدة تعلو الإِنسان ولا فعل له؛ وأَنشد ابن
بري:
بعَيْشكِ هاتي فغَنِّي لنا،
فإِن نَداماك لم يَنْهَلُوا
فَباتَتْ تُغَني بغِرْبالها
غِناءً رُويداً، له أَفْكَلُ
وقال الأَخطل:
لَها بعد إِسْآدٍ مِراحٌ وأَفْكَل
ابن الأَعرابي: افْتَكَل فلان في فِعْله افْتِكالاً واحْتَفَل
احْتِفالاً بمعنى واحد. ويقال: أَخذ فلاناً أَفْكَل إِذا أَخذته رِعْدة فارتعد من
بَرْد أَو خَوْف، وهو ينصرِف، فإِن سمَّيت به رجلاً لم تصرفه في المعرفة
للتعريف ووزن الفِعْل وصرفته في النكرة. وفي الحديث: أَوحى الله تعالى
إِلى البحر إِنّ موسى يضربك فأَطِعْه فبات وله أَفْكَل أَي رِعْدة، وهي
تكون من البَرْد أَو الخوف، وهمزته زائدة؛ ومنه حديث عائشة، رضي الله عنها:
فأَخذني أَفْكَل وارتعدت من شدة الغَيْرة. والأَفْكَل: اسم الأَفْوَه
الأَوْديّ لرِعْدة كانت فيه. والأَفْكَل: أَبو بطن من العرب يقال لبنيه
الأَفاكِل. وأَفْكَل: موضع؛ قال الأَفوه:
تمنَّى الحِماسُ أَن تزورَ بلادَنا،
وتُدْرِك ثأْراً من رَغانا بِأَفْكَل
(* قوله «من رغانا» كذا بالأصل).
@فلل: الفَلُّ: الثَّلْم في السيف، وفي المحكم: الثَّلْم في أَيّ شيء
كان، فَلَّه يفُلُّه فَلاًّ وَفَلَّلَه فتفَلَّل وانفَلَّ وافْتَلَّ؛ قال
بعض الأَغْفال:
لو تنطِح الكُنادِرَ العُضْلاَّ،
فَضَّت شُؤونَ رأْسِه فافْتَلاَّ
وفي حديث أُمّ زَرْع: شَجَّكِ أَو فَلَّكِ أَو جَمَع كُلاًّ لَكِ،
الفلُّ: الكسر والضرب، تقول: إِنها معه بين شجّ رأْس أَو كسر عُضو أَو جمع
بينهما، وقيل: أَرادت بالفَلِّ الخصومة. وسيف فَلِيل مَفْلول وأَفَلُّ أَي
مُنْفَلٌّ؛ قال عنترة:
وسَيْفي كالعَقِيقة، وهو كِمْعي،
سِلاحي، لا أَفَلَّ ولا فُطارا
وفُلولُه: ثُلَمُه، واحدها فَلٌّ، وقد قيل: الفُلول مصدر، والأَول أَصح.
والتَّفْلِيل: تَفَلُّل في حد السكين وفي غُرُوب الأَسْنان وفي السيف؛
وأَنشد:
بهِنَّ فُلُولٌ من قِراع الكَتائبِ
وسيف أَفَلُّ بيِّنُ الفَلَل: ذو فُلول. والفَلُّ، بالفتح: واحد فُلول
السيف وهي كُسور في حدِّه. وفي حديث سيف الزبير: فيه فَلَّة فُلَّها يوم
بدر؛ الفَلَّة الثَّلْمة في السيف، وجمعه فُلول؛ ومنه حديث ابن عوف: ولا
تَفُلُّوا المُدى بالاختلاف بينكم؛ المُدى جمع مُدْية وهي السكين، كنى
بفَلِّها عن النزاع والشقاق. وفي حديث عائشة تصف أَباها، رضي الله عنهما:
ولا فَلُّوا له صَفاةً أَي كَسَروا له حجراً، كنَتْ به عن قوَّته في
الدِّين. وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: يَسْتَنزِلّ لُبَّك ويَسْتَفِلّ
غَرْبَك؛ هو يستفعل من الفَلِّ الكسْرِ، والغرب الحدُّ. ونَصِيٌّ مُفَلَّل إِذا
أَصاب الحجارة فكسرته. وتَفَلَّلَتْ مَضاربه أَي تكسرت.
والفَلِيل: ناب البعير المتكسر، وفي الصحاح: إِذا انثلَم.
والفَلُّ: المنهزِمون. وفَلَّ القومَ يفُلُّهم فلاًّ: هزمهم فانفَلُّوا
وتَفَلَّلوا. وهم قوم فَلٌّ: منهزمون، والجمع فُلول وفُلاَّل؛ قال أَبو
الحسن: لا يخلو من أَن يكون اسم جمع أَو مصدراً، فإِن كان اسم جمع فقياس
واحده أَن يكون فالاًّ كشارِب وشَرْب، ويكون فالٌّ فاعلاً بمعنى مفعول
لأَنه هو الذي فُلَّ، ولا يلزم أَن يكون فُلولٌ جمعَ فَلٍّ بل هو جمع فالٍّ،
لأَن جمع اسم الجمع نادِر كجمع الجمع، وأَمَّا فُلاَّل فجمع فالٍّ لا
محالة، لأَن فَعْلاً ليس مما يكسر على فُعَّال وإِن كان مصدراً فهو من باب
نَسْج اليمين أَي أَنه في معنى مفعول؛ قال ابن سيده: هذا تفسير ما أَجمله
أَهل اللغة. والفَلُّ: الجماعة، والجمع كالجمع، وهو الفَلِيل. والفَلُّ:
القوم المنهزمون وأَصله من الكسر، وانْفَلّ سِنُّه؛ وأَنشد:
عُجَيِّز عارِضُها مُنْفَلُّ،
طَعامُها اللُّهْنةُ أَو أَقَلُّ
وثَغْر مُفَلَّل أَي مؤشَّر. والفُلَّى: الكتيبة المُنْهزمة، وكذلك
الفُرَّى، يقال: جاء فَلُّ القوم أَي منهزموهم، يستوي فيه الواحد والجمع؛ قال
ابن بري: ومنه قول الجعدي:
وأَراه لم يُغادِر غير فَل
أَي المَفْلول. ويقال: رجل فَلٌّ وقوم فَلٌّ، وربما قالوا فَلُول
وفِلال. وفَلَلْت الجيش: هزمته، وفَلَّه يفُلُّه، بالضم. يقال: فَلَّه فانفَلَّ
أَي كسره فانكسر. يقال: مَن فَلَّ ذلّ ومن أُمِرَ فَلّ. وفي حديث الحجاج
بن عِلاط: لعلّي أُصِيبُ من فَلِّ محمد وأَصحابه؛ الفَلُّ: القوم
المنهزمون من الفَلِّ الكسر، وهو مصدر سمي به، أَراد لعلّي أَشتري مما أُصيب من
غنائمهم عند الهزيمة. وفي حديث عاتكة: فَلّ من القوم هارب؛ وفي قصيد
كعب:ان يترك القِرْن إِلاَّ وهو مَفْلولُ
أَي مهزوم: والفَلُّ: ما نَدَر من الشيء كسُحالة الذهب وبُرادة الحديد
وشَرَر النار، والجمع كالجمع. وأَرض فَلٌّ وفِلٌّ: جَدْبة، وقيل: هي التي
أَخطأَها المطر أَعواماً، وقيل: هي الأَرض التي لم تمطرَ بين أَرْضَين
ممطورتين؛ أَبو عبيدة: هي الخَطِيطة فأَما الفِلُّ فالتي تمطَر ولا تُنبِت.
قال أَبو حنيفة: أَفَلَّت الأَرض صارت فَلاًّ؛ وأَنشد:
وكم عسَفت من مَنْهَل مُتخاطَإٍ
أَفَلَّ وأَقْوى، فالجِمَام طَوامِي
غيره: الفِلُّ: الأَرض التي لم يصبها مطر. وأَرض فلٌّ: لا شيء بها،
وفَلاةٌ منه، وقيل: الفِلُّ الأَرض القفرة، والجمع كالواحد، وقد تكسَّر على
أَفْلال. وأَفْلَلْنا أَي صرنا في فَلٍّ من الأَرض. وأَفْلَلْنا: وطئنا
أَرضاً فِلاًّ؛ وقال عبد الله بن رواحة يصف العُزَّى وهي شجرة كانت
تُعبد:شَهِدْت، ولم أَكذِب، بأَنَّ محمداً
رسولُ الذي فوق السموات من عَلُ
وأَنَّ التي بالجِزْع من بَطْن نخلةٍ،
ومَنْ دانَها، فِلٌّ من الخير مَعزِلُ
أَي خالٍ من الخير، ويروى: ومن دونها أَي الصَّنَم المنصوب حوْل
العُزَّى؛ وقال آخر يصف إِبلاً:
حَرَّقَها حَمْضُ بلادٍ فِلِّ
وغَتْمُ نَجْم غير مُسْتَقِلِّ،
فما تكادُ نِيبُها تُوَلِّي
الغتْم: شدة الحر الذي يأْخذ بالنفَس. وقال ابن شميل: الفَلالِيُّ
واحدته فِلِّيَّة وهي الأَرض التي لم يصبها مطر عامِها حتى يصيبها المطرُ من
العام المقبل. ويقال: أَرض أَفْلال؛ قال الراجز:
مَرْتُ الصَّحارِي ذُو سُهُوبٍ أَفْلالْ
وقال الفراء: أَفَلَّ الرجلُ صار بأَرض فَلٍّ لم يصبه مطر؛ قال الشاعر:
أَفَلَّ وأَقْوَى، فهو طاوٍ، كأَنما
يُجاوِبُ أَعْلى صَوتِه صوتُ مِعْوَل
وأَفَلَّ الرجل: ذهب ماله، مأْخوذ من الأَرض الفَلِّ.
واسْتَفَلَّ الشيءَ: أَخذ منه أَدنى جزء لعُسْره. والاسْتِفْلال: أَن
يُصيب من الموضع العَسِر شيئاً قليلاً من موضع طلَب حقٍّ أَو صِلَة فلا
يَسْتَفِلّ إِلا شيئاً يسيراً.
والفَلِيلة: الشعر المجتمع. المحكم: الفَلِيلة والفَلِيل الشعر المجتمع،
فإِما أَن يكون من باب سَلَّة وسَلٍّ، وإِما أَن يكون من الجمع الذي لا
يفارق واحده إِلا بالهاء؛ قال الكميت:
ومُطَّرِدِ الدِّماء، وحيث يُلْقى
من الشَّعَر المضَفَّر كالفَلِيل
قال ابن بري: ومنه قول ابن مقبل:
تَحَدَّرَ رَشْحاً لِيتُه وفَلائِلُه
وقال ساعدة بن جؤية:
وغُودِرَ ثاوِياً، وتَأَوَّبَتْه
مُذرَّعةٌ، أُمَيْمُ، لها فَلِيلُ
وفي حديث معاوية: أَنه صَعِد المنبر وفي يده فَلِيلة وطَريدة؛
الفَلِيلة: الكُبَّة من الشعر. والفَلِيل: الليفُ، هذلية.
وفَلَّ عنه عقله يَفِلُّ: ذهب ثم عاد.
والفُلْفُل، بالضم
(* قوله «والفلفل بالضم إلخ» عبارة القاموس: والفلفل
كهدهد وزبرج حب هندي): معروف لا ينبُت بأَرض العرب وقد كثر مجيئه في
كلامهم، وأَصل الكلمة فارسية؛ قال أَبو حنيفة: أَخبرني من رأَى شجرَه فقال:
شجره مثل شجر الرمَّان سواء، وبين الورَقتين منه شِمْراخان مَنْظومان،
والشِّمْراخ في طول الأُصبع وهو أَخضر، فيجتنى ثم يُشَرُّ في الظل فيسودّ
وينكمِش، وله شوك كشوك الرمان، وإِذا كان رطْباً رُبِّب بالماء والملح حتى
يُدْرِك ثم يؤكل كما تؤكل البُقول المُرَبَّبة على الموائد فيكون
هاضُوماً، واحدته فُلْفُلة، وقد فَلْفل الطعام والشراب؛ قال:
(* امرؤ القيس في معلقته).
كأَنَّ مَكاكِيَّ الجِواءِ، غُدَيَّةً،
صُبِحْنَ سُلافاً من رَحيقٍ مُفَلْفَل
ذكَّر على إِرادة الشراب. والمُفَلْفَل: ضرب من الوَشْي عليه كصَعَارِير
الفُلْفُل. وثوب مُفَلْفَل إِذا كانت داراتُ وَشْية تحكي استِدارة
الفُلْفُل وصِغَرَه. وخمرٌ مُفَلْفَل أُلقي فيه الفُلْفُل فهو يَحْذِي
اللسانَ. وشرابٌ مُفَلْفَل أَي يلذَع لذْع الفُلْفُل. وتَفَلْفَل قادِمَتا
الضَّرْع إِذا اسودَّت حَلَمَتاهما؛ قال ابن مقبل:
فمرَّتْ على أَطْراف هِر ، عَشِيَّةً،
لها تَوْأَبانِيَّانِ لم يَتَفَلْفَلا
التَّوْأَبانِيَّان: قادِمَتا الضرع. والفُلْفُل: الخادم الكيِّس. وشعَر
مُفَلْفَل إِذا اشتدَّت جُعودته. المحكم: وتَفَلْفَل شعر الأَسود
اشتدَّت جُعودته، وربما سمي ثمر البَرْوَقِ فُلْفُلاً تشبيهاً بهذا الفُلْفُل
المتقدم؛ قال:
وانْتَفَضَ البَرْوَقُ سُودا فُلْفُلُه
ومن روى قِلْقِله فقد أَخطأَ، لأَن القِلْقِل ثمر شجر من العِضاه، وأَهل
اليمن يسمون ثمر الغافِ فُلْفُلاَ. وأَدِيم مُفَلْفَل: نَهَكه الدِّباغ.
وفي حديث عليّ: قال عَبْد
خَيرٍ إِنه خرج وقت السحَر فأَسرعْت إِليه لأَسأَله عن وقت الوِتر فإِذا
هو يتَفَلْفَل، وفي رواية السُّلمي: خرج علينا عليٌّ وهو يتَفَلْفَل؛
قال ابن الأَثير: قال الخطابي يقال جاء فلان مُتَفَلْفِلاً إِذا جاء
والمِسواك في فِيه يَشُوصُه؛ ويقال: جاءَ فلان يتفلفل إِذا مشى مِشْية
المتبختر، وقيل: هو مُقارَبة الخُطى، وكلا التفسيرين محتمل للروايتين؛ وقال
القتيبي: لا أَعرف يتَفَلْفَل بمعنى يستاك، قال: ولعله يتَتَفَّل لأَن من
استاك تَفَل. وقال النضر: جاء فلان مُتَفَلْفِلاً إِذا جاء يشُوص فاه
بالسِّواك. وفَلْفَل إِذا استاك، وفَلْفَل إِذا تبختر، قال: ومن خفيف هذا الباب
فُلُ في قولهم للرجل يا فُلُ؛ قال الكميت:
وجاءتْ حَوادِث في مِثْلِها
يُقال لمثليَ: وَيْهاً فُلُ
وللمرأَة: يا فُلَة. قال سيبويه: وأَما قول العرب يا فُلْ فإِنهم لم
يجعلوه اسماً حذف منه شيء يثبت فيه في غير النداء، ولكنهم بنوا الاسم على
حرفين وجعلوه بمنزلة دَم؛ قال: والدليل على أَنه ترخيم فُلان أَنه ليس أَحد
يقول يا فُلْ، وهذا اسم اختص به النداء، وإِنما بُني على حرفين لأَن
النداء موضع حذف ولم يجز في غير النداء، لأَنه جعل اسماً لا يكون إِلا كناية
لمنادى نحو يا هَنَة ومعناه يا رجل، وقد اضطر الشاعر فاستعمله في غير
النداء؛ قال أَبو النجم:
تَدافَعَ الشيبُ، ولم تقْتلِ
في لَجَّة، أَمْسِكْ فُلاناً عن فُلِ
فكسر اللام للقافية؛ الجوهري: قولهم في النداء يا فُلُ مخففاً إِنما هو
محذوف من يا فلان لا على سبيل الترخيم، قال: ولو كان ترخيماً لقالوا يا
فُلا. وفي حديث القيامة: يقول الله تبارك وتعالى: أَي فُلْ أَلم أُكْرِمْك
وأُسَوِّدْك؛ معناه يا فُلان؛ قال ابن الأَثير: وليس ترخيماً لأَنه لا
يقال إِلا بسكون اللام ولو كان ترخيماً لفتحوها أَو ضموها؛ قال سيبويه:
ليست ترخيماً وإِنما هي صِيغة ارتُجِلت في باب النداء، وجاء أَيضاً في غير
النداء؛ وقال الجوهري: ليس بترخيم فُلان ولكنها كلمة على حِدَة، فبنو
أَسَد يوقعونها على الواحد والاثنين والجمع والمؤنث بلفظ واحد، وغيرهم يثني
ويجمع ويؤنث، وفُلان وفُلانة كناية عن الذكر والأُنثى من الناس، فإِن
كنيت بهما عن غير الناس قلت الفُلان والفُلانة، قال: وقال قوم إِنه ترخيم
فُلان، فحذفت النون للترْخيم والأَلف لسكونها، وتفتح اللام وتضم على مذهبي
الترخيم. وفي حديث أُسامة في الوالي الجائر: يُلْقَى في النار
فَتَنْدَلِق أَقْتابه فيقال له أَي فُل أَين ما كنت تصف؟
@فنل: التهذيب في الثلاثي: ابن الأَعرابي يقال لرقبة الفِيل الفِنْئِل.
وقال الفراء: الفِنْئل، بالهمز، المرأَة القصيرة.
@فنجل: الفَنْجَلة والفَنْجَلى: مِشْية ضعيفة. ابن الأَعرابي: الفَنْجَلة
أَن يمشي مُفَاجًّا، وقد فَنْجَل. والفَنْجَلة أَيضاً: تباعُد ما بين
الساقين والقدَمين. والفَنْجَل من الرجال: الأَفْحَج. ورجل فَنْجَل: وهو
المتباعد الفخذين الشديد الفَحَج؛ وأَنشد:
أَللهُ أَعْطانِيك غيرَ أَحْدَلا،
ولا أَصَكّ أَو أَفَجَّ فَنْجَلا
والفُنُْجُل: عَناق الأَرض.
@فهل: أَنت في الضَّلالِ ابنُ فَهْلَلَ؛ وفَهْلَلُ، عن يعقوب، لا ينصرف،
وهو الذي لا يُعرَف. الجوهري: هو الضَّلالُ بنُ فَهْلَلَ غير مصروف من
أَسماء الباطل مثل تَهْلَل
@فول: الفُول: حَبٌّ كالحِمَّص، وأَهل الشام يسمون الفُول البَاقِلاًّ،
الواحدة فُولة؛ حكاه سيبويه وخص بعضهم به اليابِس. وفي حديث عمر: أَنه
سأَل المفقود ما كان طعام الجن؟ قال: الفُول؛ هو الباقِلاًّ، والله
أَعلم.
@فوفل: قال أَبو حنيفة: الفُوفَل ثمر نخلة وهو صلْب كأَنه عود خشب؛ وقال
مرة: شجر الفُوفل نخلة مثل نخلة النارَجِيل تحمل كَبَائس فيها الفُوفل
أَمثال التمر.
@فيل: الفِيل: معروف، والجمع أَفْيال وفُيُول وفِيَلة؛ قال ابن السكيت:
ولا تقل أَفْيِلة، والأُنثى، فِيلة، وصاحبها فَيَّال
(* قوله «وصاحبها
فيال» مثله في القاموس، وكتب عليه هكذا في النسخ والأصوب وصاحبه كما في
الشرح) قال سيبويه: يجوز أَن يكون أَصل فيل فُعْلاً فكسر من أَجل الياء كما
قالوا أَبيض وبِيض؛ قال الأَخفش: هذا لا يكون في الواحد إِنما يكون في
الجمع؛ وقال ابن سيده: قال سيبويه يجوز أَن يكون فِيل فِعْلاً وفُعْلاً
فيكون أَفْيال، إِذا كان فُعْلاً، بمنزلة الأَجناد والأَجْحار، ويكون
الفُيُول بمنزلة الخِرَجَةَ
(* قوله «ويكون الفيول بمنزلة الخرجة» هكذا في الأصل
ولعله محرف، والأصل: ويكون الفيلة بمنزلة الخرجة وأن في الكلام سقطاً)
يعني جمع خُرْج. وليلة مثل لون الفِيل أَي سَوْداء لا يهتدي لها، وأَلوان
الفِيَلة كذلك.
واسْتَفْيَل الجملُ: صار كالفِيل؛ حكاه ابن جني في باب اسْتَحْوذ
وأَخواته؛ وأَنشد لأَبي النجم:
يريد عَينَيْ مُصْعَب مُسْتَفْيِل
والتفيُّل: زيادة الشباب ومُهْكَته؛ قال الشاعر:
حتى إِذا ما حانَ من تَفَيُّله
وقال العجاج:
كلّ جُلالٍ يَمْلأُ المُحَبَّلا
عجَنَّس قَرْم، إِذا تَفَيَّلا
قال: تفيَّل إِذا سمن كأَنه فِيل. ورجل فَيِّل اللحم: كثيرة، وبعضهم
يهمزه فيقول فَيْئِل، على فَيْعِل.
وتفيَّل النبات: اكْتَهَل؛ عن ثعلب.
وفَال رأْيُه يَفِيل فَيْلولة: أَخْطأَ وضَعُف. ويقال: ما كنت أُحب أَن
يرى في رأْيك فِيَالة. ورجل فِيلُ الرأْي أَي ضعيف الرأْي؛ قال الكميت:
بني رَبِّ الجَواد، فلا تَفِيلوا،
فما أَنتم، فنَعْذِرَكُم، لفِيل
وقال جرير:
رأَيتُك يا أُخَيْطِل، إِذْ جَرَيْنا
وجُرِّبَتِ الفِراسَةُ، كنتَ فَالا
وتفيَّل: كَفال. وفَيَّل رأْيَه: قبَّحه وخطَّأَه؛ وقال أُمية بن أَبي
عائذ:
فَلَوْ غَيْرَها، من وُلْد كَعْب بن كاهِلِ،
مدحْتَ بقول صادق، لم تُفَيَّلِ
فإِنه أَراد: لم يفيَّل رأْيُك، وفي هذا دليل على أَن المضاف إِذا حذف
رِفِض حكمه، وصارت المعاملة إِلى ما صرت إِليه وحصلت عليه، أَلا ترى أَنه
ترك حرف المضارعة المؤذن بالغَيْبة، وهو الياء، وعدل إِلى الخطاب البتة
فقال تُفَيَّل، بالتاء، أَي لم تفيَّل أَنت؟ ومثله بيت الكتاب:
أَولئك أَولَى من يَهودَ بِمِدْحَة،
إِذا أَنتَ يوماً قلتَها لم تُفَنَّد
أَي يفنَّد رأْيُك. قال أَبو عبيدة: الفَائِل من المتفرِّسين الذي يظن
ويخطيء، قال: ولا يعد فائلاً حتى ينظر إِلى الفَرس في حالاته كلها
ويتفرَّس فيه، فإِن أَخطأَ بعد ذلك فهو فارِس غير فائِل. ورجل فِيلُ الرأْي
والفِراسة وفالُهُ وفَيِّله وفَيْلُه إِذا كان ضعيفاً، والجمع أَفْيال. ورجل
فالٌ أَي ضعيف الرأْي مخطئ الفِراسة، وقد فال الرأْيُ يَفِيلُ فُيُولة.
وفَيِّل رأْيَه تَفْيِيلاً أَي ضعَّفه، فهو فَيِّل الرأْي. قال ابن بري:
يقال فال الرجل يَفِيل فُيُولاً وفَيالة وفِيالة؛ قال أُفْنُون
التَّغلَبي:
فالُوا عليَّ، ولم أَملِك فَيالَتهم،
حتى انتَحَيْت على الأَرْساغ والقُنَنِ
وفي حديث علي يصف أَبا بكر، رضي الله عنهما: كنتَ للدِّين يَعْسوباً
أَوَّلاً حين نفَر الناس عنه وآخراً حين فَيَّلوا، ويروى فَشِلوا، أَي حين
فال رأْيُهُم فلم يَسْتبينوا الحق. يقال: فال الرجل في رأْيه وفَيَّل إِذا
لم يصِب فيه، ورجل فائل الرأْي وفالُه وفَيَّله؛ وفي حديثه الآخر: إِنْ
تَمَّموا على فِيَالة هذا الرأْي انقطع نِظام المسلمين؛ المحكم: وفي
رأْيه فَيالة وفِيالة وفُيُولة.
والمُفايَلة والفِيَال والفَيال لُعْبة للصبيان، وقيل: لعبة لفِتيان
الأَعراب بالتراب يَخْبَؤُون الشيء في التراب ثم يقسِمونه بقسمين ثم يقول
الخابئ لصاحبه: في أَي القسمين هو؟ فإِذا أَخطأَ قال له: فال رأْيُك؛ قال
طرفة:
يَشُقُّ حَبَابَ الماءِ حَيْزُومها بها،
كما قَسَمَ التُّرْبَ المُفايِلُ باليَدِ
قال الليث: يقال فَيَال وفِيَال، فمن فتح الفاء جعله اسماً، ومن كسرها
جعله مصدراً؛ وقال غيره: يقال لهذه اللعبة الطُّبَن والسُّدَّر؛ وأَنشد
ابن الأَعرابي:
يَبِتْنَ يَلْعَبْنَ حَوالَيَّ الطُّبَنْ
قال ابن بري: والفِئال من الفأْل بالظفر، ومن لم يهمز جعله من فالَ
رأْيُه إِذا لم يظفَر، قال: وذكره النحاس فقال الفِيَال من المُفايَلة ولم
يقل من المُفاءلة؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
من الناس أَقوامٌ، إِذا صادَفوا الغِنَى
تَوَلَّوْا، وفَالوا للصديق وفَخَّموا
يجوز أَن يكون فالُوا تعظَّمُوا وتَفاخموا فصاروا كالفِيَلة، أَو
تجهَّموا للصديق لأَن الفِيل جَهْم، أَو فالَتْ آراؤهم في إِكرامه وتقريبه
ومَعُونته على الدهر فلم يكرموه ولا أَعانوه.
والفائِل: اللحمُ الذي على خُرْب الوَرِك، وقيل: هو عِرْق؛ قال الجوهري:
وكان بعضهم يجعل الفائل عِرْقاً في الفخذ؛ قال هميان:
كأَنما يَيْجَعُ عِرْقا أَبْيَضِهْ،
ومُلْتَقى فائِله وأُبُضِهْ
وقال الأَصمعي في كتاب الفَرس: في الورِك الخُرْبة وهي نقرة فيها لحم لا
عظم فيها، وفي تلك النقرة الفائل، قال: وليس بين تلك النقرة وبين الجوف
عظم إِنما هو جلد ولحم، وقيل: الفائِلان مُضَيْغَتان من لحم أَسفلهما على
الصَّلَوَيْن من لَدُن أَدْنَى الحَجَبَتَيْنِ إلى العَجْب، مُكْتَنِفتا
العُصْعُص منحدِرتان في جانبي الفخذين؛ واحتجوا بقول الأَعشى:
قد نَخْضِبُ العيرُ من مَكْنون فائِلِه،
وقد يَشِيطُ على أَرْماحِنا البَطَل
قالوا: فلم يجعله مَكْنوناً إِلا وهو عِرْق، قال الأَوَّلون: بل أَغاب
اللسان في أَقْصى اللحم، ولو كان عِرْقاً ما قال أَشْرَفَت الحَجَبَتان
عليه، ويقال: المَكْنون هنا الدَّمُ؛ قال الجوهري: مَكْنون الفَائِل دَمُه،
وأَراد إِنَّا حُذاق بالطَّعْن في الفائل، وذلك أَن الفارس إِذا حَذَق
الطعن قصد الخُرْبةَ لأَنه ليس دون الجَوف عظم، ومَكْنون فائِله دمُه الذي
قد كُنَّ فيه. والفَالُ: لغة في الفائِل؛ قال امرؤ القيس:
ولم أَشْهَدِ الخَيْل المُغِيرة، بالضُّحَى،
على هَيْكَلٍ نَهْدِ الجُزَارة جَوَّالِ، سَلِيم الشَّظى، عَبْلِ
الشَّوى، شَنِجِ النَّسا،
لهُ حَجَباتٌ مُشْرُِفاتٌ على الفالِ
أَراد على الفائل فقلَب، وهو عِرْق في الفخذين يكون في خُرْبة الوَرِك
ينحدِر في الرِّجْل، والله أَعلم.
@وفِعال الفَأْس والقَدُوم والمِطْرَقة: نِصابها؛ قال ابن مقبل:
وتَهْوِي، إِذا العِيسُ العِتاق تَفاضَلَتْ،
هُوِيَّ قَدُومِ القَيْن حال فِعالها
يعني نِصابَها وهو العَمُود الذي يجعل في خُرْتِها يعمَل به؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:
أَتَتْه، وهي جانِحة يداها
جُنوحَ الهِبْرقِيِّ على الفِعال
قال ابن بري: الفَعال مفتوح أَبداً إِلاَّ الفِعال لخشبة الفأْس فإِنها
مكسورة الفاء، يقال: يا بابوسُ أَوْلِج الفِعال في خُرْت الحَدَثان،
والحَدَثان الفَأْس التي لها رأْس واحدة. والفِعال أَيضاً: مصدر فاعَل.
والفَعِلة: العادة. والفَعْل: كناية عن حَياء الناقة وغيرها من الإِناث.
وقال ابن الأَعرابي: سئل الدُّبَيْريُّ عن جُرْحه فقال أَرَّقَني وجاء
بالمُفْتَعَل أَي جاء بأَمر عظيم، قيل له: أَتَقولُه في كل شيء؟ قال: نعم
أَقول جاء مالُ فلان بالمُفْتَعَل، وجاء بالمُفْتَعَل من الخطإِ، ويقال:
عَذَّبني وجَع أَسْهرَني فجاء بالمُفْتَعَل إِذا عانى منه أَلماً لم
يعهَد مثله فيما مضى له. ابن الأَعرابي: افْتَعل فلان حديثاً إِذا اخْتَرقه؛
وأَنشد:
ذكْر شيءٍ، يا سُلَيْمى، قد مَضى،
وَوُشاة ينطِقون المُفْتَعَل
وافْتَعل عليه كذباً وزُوراً أَي اختلَق. وفَعَلْت الشيء فانْفَعَل:
كقولك كسَرْته فانكسَر. وفَعالِ: قد جاء بمعنى افْعَلْ وجاء بمعنى فاعِلة،
بكسر اللام.
@فأم: الفِئامُ: وِطاء يكون للمَشاجر، وقيل: هو الهَوْدَج الذي قد وُسِّع
أسفله بشيء زيد فيه؛ وقيل: هو عِكْم مثل الجُوالِق صغير الفم يُغَطَّى
به مَرْكب المرأَة، يجعل واحد من هذا الجانب وآخر من هذا الجانب؛ قال
لبيد:
وأَرْيَدُ فارِسُ الهَيْجا، إذا ما
تَقَعَّرتِ المَشاجِرُ بالفِئام
(* قوله «وأربد إلخ» تقدم في مادة شجر محرفاً وما هنا هو الصواب».)
والجمع فُؤُوم. وفي التهذيب: الجمع فُؤُمٌ على وزن فُعُم مثل خِمار
وخُمُر. وفَأّمَ الهَوْدجَ وأَفْأَمَه: وسَّعَ أسفَلَه؛ قال زهير:
على كُلِّ قَيْنيٍّ قَشِيبٍ مُفَأّم
ويروى: ومُفْأَم. وهودج مُفَأّم، على مُفَعَّل: وُطِّئ بالفئِام.
والتفئيم: توسيع الدًلو. يقال: أَفْأَمْتُ الدلو وأَفْعَمْتُه إذا ملأْته.
ومزادةٌ مُفَأّمة إذا وُسّعت بجلد ثالث بين الجلدين كالراوية والشَّعِيب،
وكذلك الدلو المُفَأّمَةُ. الجوهري: أفْأمت الرحلَ والقتب إذا وسَّعته
وزدت فيه، وفأّمه تفئيماً مثله، ورَحْل مُفْأم ومُفَأّم؛ وأنشد بيت زهير
أيضاً:
ظَهَرْنَ من السُّوبانِ، ثم جَزَعْنَه
على كل قَينيٍّ قشيب ومُفْأَم
وقال رؤبة:
عَبْلا تَرى في خَلْقه تفئيما
ضِخَماً وسَعة. أبو عمرو: فَأَمْتُ وصَأَمْتُ إذا رَوِيتَ من الماء.
وقال أَبو عمرو: التَّفاؤمُ أن تملأ الماشية أفواهها من العُشب. ابن
الأعرابي: فَأَم البعيرُ إذا ملأ فاه من العشب؛ وأنشد:
ظَلَّتْ برَمْلِ عالجٍ تَسَنَّمُهْ،
في صِلِّيانٍ ونَصِيٍّ تَفْأَمُهْ
وقال أبو تراب: سمعت أبا السَّمَيْدع يقول فَأَمت في الشراب وصَأَمت
إذا كرعت فيه نَفَساً؛ قال أبو منصور: كأَنه من أَفْأَمْت الإناء إذا
أَفْعَمْته وملأته. والأفْآم: فُروغُ الدلو الأربعة التي بين أطراف العَراقي؛
حكاها ثعلب؛ وأنشد في صفه دلو:
كأنَّ، تَحتَ الكَيْلِ مِنْ أَفآمها،
شَقْراءَ خَيْلٍ شُدَّ مِن حِزامها
وبعير مُفأَم ومُفَأّم: سمين واسع الجوف. ويقال للبعير إذا امتلأ شحماً:
قد فُئِم حاركه، وهو مُفْأَم. والفِئام: الجماعة من الناس؛ قال:
كأنَّ مَجامِعَ الرَّبَلاتِ منها
فِئامٌ يَنْهَضُون إلى فِئام
وفي التهذيب:
فئام مجلبون إلى فئام
قال الجوهري: لا واحد له من لفظه. يقال: عند فلان فِئام من الناس،
والعامة تقول فِيام، بلا همز، وهي الجماعة. وفي الحديث: يكون الرجل على
الفِئام من الناس؛ هو مهموز الجماعة الكثيرة. وفي ترجمة فعم: سقاء مُفْعَم
ومُفْأَم أي مملوء.
@فجم: الفَجَم: غِلَظ في الشدق. رجل أفْجم، يمانية. وفَجْمة الوادي
وفُجْمَته: مُتَّسَعه، وقد انْفَجَم وتَفَجَّم.
وفُجُومة: حيّ من العرب. وضُبَيْعةُ أفْجَم: قبيلة.
@فجرم: الفِجْرِِمُ: الجَوز الذي يؤكل، وقد جاء في بعض كلام ذي الرمة.
@فحم: الفَحْم والفَحَم، معروف مثل نَهْر ونَهَر: الجمر الطافئ. وفي
المثل: لو كنت أنْفُخ في فَحَم أي لو كنت أعمل في عائدة؛ قال الأغلب
العجلي:هل غَيْرُ غارٍ هَدَّ غاراً فانْهَدَمْ؟
قد قاتَلُوا لو يَنْفُخُون في فَحَمْ،
وصَبَروا لو صَبَرُوا على أَمَمْ
يقول: لو كان قتالهم يغني شيئاً ولكنه لا يغني، فكان كالذي ينفخ نارً
ولا فحم ولا حطب فلا تتقد النار؛ يضرب هذا المثل للرجل يمارس أمراً لا
يُجدي عليه، واحدته فَحْمة وفَحَمة. والفَحِيم: كالفَحْم؛ قال امرؤ
القيس:وإذْ هِيَ سَوْداءُ مثل الفَحِيم،
تُغَشِّي المَطانِبَ والمَنْكِبا
وقد يجوز أن يكون الفَحِيم جمع فَحْم كعبْد وعَبِيد، وإن قلّ ذلك في
الأجناس، ونظير مَعْز ومَعِيز وضَأْن وضَئِين.
وفَحْمة الليل: أوّله، وقيل: أشدّ سواد في أوّله، وقيل: أشدّه سواداً،
وقيل: فحمته ما بين غروب الشمس إلى نوم الناس، سميت بذلك لحرّها لأن أوّل
الليل أَحرّ من آخره ولا تكون الفحمة في الشتاء، وجمعها فِحام وفُحوم مثل
مَأْنة ومُؤون؛ قال كثيِّر:
تُنازِعُ أشْرافَ الإكامِ مَطِيَّتي،
مِن الليل، شَيحاناً شَدِيداً فُحومُها
ويجوز أن يكون فُحومها سوادها كأنه مصدر فَحُم. والفَحْمة: الشراب في
جميع هذه الأوقات المذكورة. الأزهري: ولا يقال للشراب فحمة كما يقال
لِلجاشِرِيَّةِ والصَّبُوح والغَبُوق والقَيْل. وأَفْحِمُوا عنكم من الليل
وفَحِّمُوا أي لا تسيروا حتى تذهب فَحمته، والتفحيم مثله. وانطلقنا فَحْمةَ
السَّحَر أي حينه. وفي الحديث: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: ضُموا
فَواشِيَكم حتى تذهب فحمة الشتاء؛ والفَواشي: ما انتشر من المال والإبل
والغنم وغيرها. وفَحْمة العِشاء: شدة سواد الليل وظلمتِه، وإنما يكون ذلك
في أوّله حتى إذا سكن فَوْرُه قَلَّت ظُلمته. قال ابن بري: حكى حمزة بن
الحسن الأصبهاني أن أبا المفضل قال: أخبرنا أبو معمر عبد الوارث قال كنا
بباب بكر بن حبيب فقال عيسى بن عمر في عرض كلام له قَحْمة العِشاء، فقلنا:
لعله فحمة العشاء، فقال: هي قحمة، بالقاف، لا يختلف فيها، فدخلنا على
بكر بن حبيب فحكيناها له فقال: هي فحمة العشاء، بالفاء لا غير، أي فَورته.
وفي الحديث: اكْفِتوا صبيانكم حتى تذهب فحمة العشاء؛ هي إقباله وأول
سواده، قال: ويقال للظُّلمة التي بين صلاتي العشاء الفحمة، والتي بين العتمة
والغداة العَسْعَسَةُ.
ويقال: فَحِّموا عن العشاء؛ يقول: لا تَسِيروا في أوله حين تَفُور
الظُّلمة ولكن امْهَلوا حتى تَسْكن وتَعتدل الظلمة ثم سيروا؛ وقال
لَبيد:واضْبِطِ الليلَ، إذا طالَ السُّرى
وتَدَجَّى بَعْدَ فَوْرٍ، واعْتَدَلْ
وجاءنا فَحْمةَ ابن جُمَيْرٍ إذا جاء نصف الليل؛ أَنشد ابن الكلبي:
عِنْدَ دَيْجورِ فَحْمةِ ابن جُمَيْرٍ
طَرَقَتْنا، والليلُ داجٍ بَهِيمُ
والفاحِمُ من كل شيء: الأَسود بَيِّن الفُحومة، ويُبالَغ فيه فيقال:
أَسود فاحم. وشَعر فَحِيم: أَسود، وقد فَحُم فُحوماً. وشعر فاحِم وقد فَحُم
فُحُومة: وهو الأَسود الحسن؛ وأَنشد:
مُبَتَّلة هَيْفاء رُؤْد شَبابُها،
لَها مُقْلَتا رِيمٍ وأَسْودُ فاحِمُ
وفَحَّم وجهه تفحيماً: سوَّده.
والمُفْحَم: العَييُّ. والمفْحَم: الذي لا يقول الشعر. وأفْحَمه الهمُّ
أو غيره: منعه من قول الشعر. وهاجاه فأَفْحَمه: صادفه مُفْحَماً. وكلَّمه
فَفَحَم: لم يُطق جواباً. وكلمته حتى أَفْحَمْته إذا أَسكتَّه في خصومة
أو غيرها. وأَفْحَمْته أي وجدته مُفْحَماً لا يقول الشعر. يقال:
هاجَيْناكم فما أَفْحَمْناكم. قال ابن بري: يقال هاجيته فأَفْحَمْته بمعنى
أََسكتُّه، قال: ويجيء أَفحمته بمعنى صادفته مُفحَماً، تقول: هَجَوته فأَفحمته
أي صادفته مفحماً، قال: ولا يجوز في هذا هاجيته لأن المهاجاة تكون من
اثنين، وإذا صادفه مُفْحَماً لم يكن منه هجاء، فإذا قلت فما أَفحمناكم بمعنى
ما أَسكتناكم جاز كقول عمرو بن معد يكرب: وهاجيناكم فما أفحمناكم أي فما
أَسكتناكم عن الجواب. وفي حديث عائشة مع زينب بنت جحش: فلم أَلبث أن
أَفْحَمْتها أي أَسكتُّها. وشاعر مُفْحَم: لا يجيب مُهاجِيه؛ وقول
الأخطل:وانزِعْ إلَيْكَ، فإنَّني لا جاهلٌ
بَكِمٌ، ولا أنا، إنْ نَطَقْتُ، فَحُوم
قال ابن سيده: قيل في تفسيره فَحُوم مُفْحَم، قال: ولا أدري ما هذا إلاّ
أن يكون توهّم حذف الزيادة فجعله كرَكُوب وحَلُوب، أو يكون أراد به
فاعلاً من فَحَم إذا لم يُطق جواباً، قال: ويقال للذي لا يتكلم أصلاً فاحِم.
وفَحَم الصبيُّ، بالفتح، يَفْحَم، وفَحِمَ فَحْماً وفُحاماً وفُحوماً
وفُحِمَ وأُفْحِمَ كل ذلك إذا بكى حتى ينقطع نفَسُه وصوته. الليث: كلمني
فلان فأَفْحَمته إذا لم يُطق جوابك؛ قال أبو منصور: كأَنه شبه بالذي يبكي
حتى ينقطع نفَسه. وفَحَم الكبشُ وفَحِمَ، فهو فاحِم وفَحِمٌ: صاح. وثَغا
الكبْشُ حتى فَحِمَ أي صار في صوته بحُوحة.
@فخم: فَخُم الشيءُ يَفْخُم فَخامة وهو فَخْم: عَبُلَ، والأُنثى فَخْمة.
وفَخُم الرجل، بالضم، فَخامة أي ضَخُم. ورجل فَخْم أي عظيم القدر.
وفَخَّمه وتَفَخَّمه: أجَلَّه وعظَّمه؛ قال كثير عزة:
فأنْتَ، إذا عُدَّ المَكارم، بَيْنَه
وبَينَ ابنِ حَرْبٍ ذِي النُّهى المُتَفَخِّم
والتَّفْخِيم: التعظيم. وفَخَّم الكلام: عظَّمه. ومنطق فَخْم: جَزَل،
على المثل، وكذلك حسَبٌ فَخْم؛ قال:
دَعْ ذا وبَهِّجْ حَسَباً مُبَهَّجَا
فَخْماً، وسَنِّنْ مَنْطِقاً مُزَوَّجا
وروي في حديث أبي هالة: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان فَخْماً
مُفَخَّماً أَي عظيماً مُعَظَّماً في الصدور والعيون، ولم تكن خِلْقته في
جسمه الضخامة، وقيل: الفَخامة في وجهه نُبْلُه وامْتِلاؤه مع الجمال
والمهابة. وأتيْنا فلاناً فَفَخَّمْناه أي عَظَّمْناه ورفعنا من شأْنه؛ قال
رؤبة:نَحْمَدُ مَوْلانا الأجَلَّ الأفْخَما
والفَيْخَمانُ: الرئيس المُعظَّم الذي يُصدَر عن رأْيه ولا يُقطع أمرٌ
دونه. أبو عبيد: الفَخامة في الوجه نُبله وامْتِلاؤه. ورجل فَخْم: كثير
لحم الوَجْنَتين. والتفخيم في الحروف ضد الإمالة. وألف التفخيم: هي التي
تجدها بين الألف والواو كقولك سلام عليكم وقامَ زيد، وعلى هذا كتبوا الصلوة
والزكوة والحيوة، كل ذلك بالواو لأن الألف مالت نحو الواو، وهذا كما
كتبوا إحديهما وسويهن بالياء لمكان إمالة الفتحة قبل الألف إلى الكسرة.
@فدم: الفَدْم من الناس: العَيِيُّ عن الحجة والكلام مع ثقل ورخاوة وقلة
فهم، وهو أيضاً الغليظ السمين الأحمق الجافي، والثاء لغة فيه، وحكى يعقوب
أن الثاءَ بدل من الفاء، والجمع فِدام، والأُنثى فَدْمَة وثَدْمة، وقد
فَدُمَ فَدامة وفُدومة؛ قال الليث: والجمع فُدْم
(* قوله والجمع فدم» كذا
ضبط بالأصل. ووقع في نسخة التهذيب مضبوطاً بشكل القلم أيضاً ككتب).
والمُفْدَم من الثياب: المُشْبَع حمرة، وقيل: هو الذي ليست حُمرته
شديدة. وأَحْمر فَدْم: مشبع. قال شمر: والمُفَدَّمة من الثياب المُشْبَعة
حمرة؛ قال أبو خراش الهذلي:
ولا بَطَلاً إذا الكُماةُ تَزَيَّنُوا،
لَدَى غَمَراتِ المَوْتِ، بالحالِكِ الفَدْمِ
يقول: كأنَّما تزينوا في الحرب بالدّم الحالك. والفَدْم: الثقيلُ من
الدم، والمُفَدَّم مأْخوذ منه. وثوب فَدْم إذا أُشبع صَبْغُه. وثوب فَدْم،
ساكنة الدال، إذا كان مصبوغاً بحمرة مشبعاً. وصِبْغ مُفْدَم أي خاثِر
مُشْبَع. قال ابن بري: والفَدم الدم؛ قال الشاعر:
أَقولُ لكامِلٍ في الحَرْب لَمَّا
جَرى بالحالِكِ الفَدْمِ البُحورُ
وفي الحديث: أنه نهى عن الثوب المُفْدَم؛ هو المشبع حمرة كأنه الذي لا
يُقدر على الزيادة عليه لتناهي حمرته فهو كالممتنع من قبول الصبغ؛ ومنه
حديث علي: نهاني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن أَقرأَ وأنا راكع أو
أَلبَسَ المُعَصْفَر المُفْدَم. وفي حديث عروة: أنه كره المُفْدَم للمُحرم
ولم يرَ بالمُضَرَّج بأْساً؛ المُضَرَّج: دون المُفْدَم، وبعده
المُوَرَّد. وفي حديث أبي ذرّ: أن الله ضَرَبَ النصارى بِذلّ مُفْدَم أي شديد
مشبع، فاستعاره من الذوات للمعاني. والفَدْم: الدم؛ ومنه قيل للثقيل: فَدْم
تشبيهاً به.
والفِدامُ: شيء تشدُّه العجم على أفواهها عند السَّقْي، الواحدة
فِدامَة، وأما الفِدام فإنه مِصْفاة الكوز والإبريق ونحوه، وسُقاةُ الأَعاجم
المجوس إذا سَقَوا الشِّرْبَ فَدَّمُوا أَفواههم، فالساقي مُفَدَّم،
والإبريق الذي يُسقى منه الشِّرْب مُفَدَّم.
والفَدَّام: شيء تمسح به الأعاجم عند السقي، واحدته فَدَّامة؛ قال
العجاج:
كأَنَّ ذا فَدَّامةٍ مُنَطَّفا
قَطَّفَ مِن أَعْنابه ما قَطَّفا
يريد صاحب فَدَّامة، تقول منه: فَدَّمْت الآنية تَفدِيماً.
والمُفَدَّمات: الأَباريق والدنان. والفِدامُ والثِّدامُ: المِصْفاة. والفِدام: ما
يوضع في فم الإبريق، والفَدَّم بالفتح والتشديد مثله، قال: وكذلك الخرقة
التي يَشدّ بها المجوسي فمه. وإبريق مُفْدَم ومَفدُوم ومُفَدَّم: عليه
فِدام، الثاء عند يعقوب بدل من الفاء. والفَدامُ: لغة في الفِدام. وفَدَّم
الإبريقَ: وضع على فمه الفِدَام؛ قال عنترة:
بِزُجاجةٍ صَفْراءَ ذاتِ أسِرَّةٍ،
قُرِنَتْ بأَزْهَر في الشِّمال مُفَدَّمِ
وقال أبو الهِندي:
مُفَدَّمة قَزّاً، كأنَّ رِقابَها
رِقابُ بَناتِ الماء أفْزَعَها الرَّعْدُ
عدَّى مُفَدَّمة إلى مفعولين لأن المعنى ملبسة أو مكسوّة. وفَدَم فاه
وعلى فيه بالفِدام يَفْدِم فَدْماً وفَدَّم: وضعه عليه وغطَّاه؛ ومنه رجل
فَدْمٌ أي عَييّ ثقيل بَيِّن الفَدامة والفُدومة. وفي الحديث: إنكم
مَدْعُوُّون يوم القيامة مُفَدَّمة أفواهُكُم بالفِدام؛ هو ما يشد على فم
الإبريق والكوز من خرقة لتصفية الشَّراب الذي فيه أي أنهم يُمنعون الكلام
بأَفواههم حتى تتكلم جوارحهم وجلودهم، فشبه ذلك بالفدام، وقيل: كان سُقاة
الأَعاجم إذا سَقَوْا فَدَّموا أفواههم أي غَطَّْوها، وفي التهذيب: حتى تكلم
أفخاذهم. قال أبو عبيد: وبعضهم يقول الفَدَّام، قال: ووجه الكلام الجيد
الفِدام. وفي الحديث أيضاً: يُحشر الناس يوم القيامة عليهم الفِدام؛
والفِدام هنا يكون واحداً وجمعاً، فإذا كان واحداً كان اسماً دالاً على
الجنس، وإذا كان جمعاً كان كَكِرام وظِراف. وفي حديث عليّ، كرم الله وجهه:
الحلم فِدام السفيه أي الحلم عنه يُغَطِّي فاه ويُسْكته عن سفهه. والفِدام:
الغِمامة. وفَدَّم البعيرَ: شدَّد على فيه الفِدامة.
@فدغم: الفَدْغم، بالغين معجمة: اللَّحِيم الجسيم الطويل في عِظَم، زاد
التهذيب: من الرجال؛ قال ذو الرمة:
إلى كلِّ مَشْبوحِ الذِّهراعَيْنِ، تُتَّقَى
به الحَرْب، شَعْشاعٍ وأبْيَضَ فَدْغَمِ
قال ابن بري: صواب إنشاده: لها كلُّ مشبوحِ الذِّراعين، أي لهذه الإبل
كل عريض الذراعين يحميها ويمنعها من الإغارة عليها، والأُنثى بالهاء،
والجمع فَداغِمة نادر لأنه ليس هنا سبب من الأسباب التي تلحق الهاء لها.
وخَدٌّ فَدْغَم أي حسن ممتلئ؛ قال الكميت:
وأَدْنَيْنَ البُرُودَ على خُدودٍ
يُزَيِّنّ الفَداغِمَ بالأَسِيلِ
@فرم: الفَرْمُ والفِرامُ: ما تَتَضَيَّقُ به المرأَة من دواء. ومَرَةٌ
فَرْماءُ ومُسْتَفْرِمة: وهي التي تجعل الدواء في فرجها ليضيق. التهذيب:
التفريب والتفريم، بالباء والميم، تَضْييق المرأَة فَلْهَمَها بعَجَمِ
الزبيب. يقال: اسْتَفْرَمَت المرأَة إذا احتشَت، فهي مستَفرمة، وربما
تتعالج بحب الزبيب تُضيِّق به متاعها. وكتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج لما
شكا منه أَنس ابن مالك: يا ابن المُسْتَفْرِمة بعجَم الزبيب، وهو مما
يُسْتَفْرَم به؛ يريد أنها تُعالج به فرجها ليَضيق ويَسْتَحْصِف، وقيل:
إنما كتب إليه بذلك لأن في نساء ثَقِيف سَعةً فهنَّ يفعلن ذلك يَسْتَضِقن
به. وفي الحديث: أن الحسين بن علي، عليهما السلام، قال لرجل عليك بِفِرام
أُمك؛ سئل عنه ثعلب فقال: كانت أُمه ثقفية، وفي أَحْراح نساء ثقيف سعة،
ولذلك يُعالِجن بالزبيب وغيره. وفي حديث الحسن، عليه السلام: حتى لا تكونوا
أَذَلَّ من فَرَم الأمة؛ وهو بالتحريك ما تعالج به المرأَة فرجها
ليَضِيق، وقيل: هي خرقة الحيض. أبو زيد: الفِرامة الخِرقة التي تحملها المرأة
في فرجها، واللجمة: الخرقة التي تشدها من أَسفلها إلى سرتها، وقيل:
الفِرام أن تحيض المرأَة وتحتشي بالخرقة وقد افترمت؛ قال الشاعر:
وجَدْتُكَ فيها كأُمِّ الغُلام،
مَتى ما تَجِدْ فارِماً تَفْتَرِم
الجوهري: الفَرْمة، بالتسكين، والفَرْمُ ما تعالج به المرأَة قُبُلَها
ليضيق؛ وقول امرئ القيس:
يَحْمِلْنَنا والأَسَلَ النَّواهِلا
مُسْتَفْرِمات بالحصَى حَوافِلا
يقول: من شدة جريها يدخل الحصى في فروجها. وفي حديث أَنس: أَيامُ
التشريق أيامُ لَهْو وفِرام؛ قال ابن الأَثير: هو كناية عن المجامعة، وأَصله من
الفَرْم، وهو تضييق المرأََة فرجها بالأشياء العَفِصة، وقد اسْتَفْرمت
أي احتشت بذلك. والمَفارِم: الخِرق تتخذ للحيض لا واحد لها.
والمُفْرَم: المملوء بالماء وغيره، هذلية؛ قال البريق الهذلي:
وحَيٍّ حِلالٍ لهمْ سامرٌ
شَهِدْتُ، وشِعْبُهُمُ مُفْرَمُ
أي مملوء بالناس. أبو عبيد: المُفْرَم من الحياض المملوء بالماء، في لغة
هذيل؛ وأنشد:
حِياضُها مُفْرَمةٌ مُطَبَّعه
يقال: أفْرَمْت الحوض وأَفْعمته وأَفأَمْتُه إذا ملأْته. الجوهري:
أَفْرَمْتُ الإناء ملأْته، بلغة هذيل.
والفِرْمَى: اسم موضع ليس بعربي صحيح. الجوهري: وفَرَما، بالتحريك،
موضع؛ قال سليك بن السُّلَكة يرثي فرساً له نَفَق في هذا الموضع:
كأَنَّ قَوائِمَ النَّحَّام لَمَّا
تَحَمَّلَ صُحْبَتي أُصُلاً مَحارُ
(* قوله «تحمل» في التكملة: تروح).
عَلا فَرَماءَ عَالِيةً شَواه،
كأَنَّ بَياضَ غُرَّتِهِ خِمارُ
يقول: عَلَتْ قَوائمُهُ فرَماء؛ قال ابن بري: من زعم أن الشاعر رثى فرسه
في هذا البيت لم يروه إلا عاليةً شَواه لأنه إذا مات انتفخ وعلت قوائمه،
ومن زعم أنه لم يمت وإنما وصفه بارتفاع القوائم فإنه يرويه عاليةٌ شواه
وعاليةً، بالرفع والنصب، قال: وصواب إنشاده على قَرَماء، بالقاف، قال:
وكذلك هو في كتاب سيبويه، وهو المعروف عند أهل اللغة، قال ثعلب: قَرَماء
عَقَبة وصف أن فَرسه نَفَق وهو على ظهره قد رفع قوائمه، ورواه عاليةً شواه
لا غير، والنحَّام: اسم فرسه وهو من النُّحْمة وهي الصوت. قال ابن بري:
يقال ليس في كلام العرب فَعَلاء إلا ثلاثة أَحرف وهي: فَرَماء وجَنَفاء
وجَسَداء، وهي أَسماء مواضع، فشاهد فَرَماء بيت سليك بن السلكة هذا؛ وشاهد
جَنَفاء قول الشاعر:
رَحَلْت إلَيْكَ من جَنَفاء، حتَّى
أَنَخْتُ فِناء بَيْتك بالمَطالي
وشاهد جَسَداء قول لبيد:
فَبِتْنا حَيْثُ أَمْسَيْنا ثَلاثاً،
على جَسَداءَ، تَنْبَحُنا الكِلابُ
قال: وزاد الفراء ثَأَداء وسَحَناء، لغة في الثَّأْداء والسَّحْناء،
وزاد ابن القوطية نَفَساء، لغة في النَّفْساء. قال: ومما جاء فيه فَعْلاء
وفَعَلاء ثَأداء وثَأْداء وسَحَناء وسَحْناء وامرأَة نَفْساء ونَفَساء، لغة
في النُّفَساء. قال ابن كيسان: أما ثَأْداء والسَّحَناء فإنما حركتا
لمكان حرف الحلق كما يسوغ التحريك في مثل النهر والشَعَر، قال: وفَرماء ليست
فيه هذه العلة، قال: وأَحسبها مقصورة مدّها الشاعر ضرورة، قال: ونظيرها
الجَمَزى في باب القصر، وحكى علي بن حمزة عن ابن حبيب أنه قال: لا أَعلم
قَرَماء، بالقاف، ولا أَعلمه إلا فرَماء بالفاء، وهي بمصر؛ وأنشد قول
الشاعر:
سَتُحْبِطُ حائِطَيْ فَرَماء منِّي
قَصائدُ لا أُرِيدُ بها عِتابا
وقال ابن خالويه: الفَرَما، بالفاء، مقصور لا غير، وهي مدينة بقرب مصر،
سميت بأَخي الإسكندر، واسمه فرَما، وكان الفرما كافراً، وهي قرية إسمعيل
ابن إبراهيم، عليه السلام.
@فرجم: افْرَنْجَم الحَمَلُ كافرْنَبْج: شُوِْى فَيبِست أَعاليه.
@فرزم: الفُرْزُم: سِنْدان الحدّاد. قال: والفُرْزُوم خشبة الحذَّاء،
ومنهم من يقول: قُرزوم، بالقاف. الجوهري: الفُرْزُوم خشبة مدوَّرة يَحْذو
عليها الحَذَّاء، وأَهل المدينة يسمونها الجَبْأَة، قال: كذا قرأْته على
أبي سعيد، قال: وحكاه أيضاً ابن كيسان عن ثعلب، قال وهو في كتاب ابن دريد
بالقاف، قال: وسأَلت عنه في البادية فلم يُعرف، وحكى ابن بري قال: قال ابن
خالويه الفُرزوم، بالفاء خشبة الحذَّاء، وبالقاف سندان الحدَّاد.
@فرصم: الفِرْصِمُ: من أَسماء الأَسد.
@فرضم: الفِرْضِم من الإبل: الضخمة الثقيلة. وفِرْضِم: اسم قبيلة، وإبل
فِرْضِمِيَّة منسوبة إليه.
@فرطم: الفُرطُومة: منقار
(* قوله «الفرطومة منقار» تبع في ذلك التهذيب
والنهاية، والذي في القاموس: الفرطوم بلا هاء). الخف إذا كان طويلاً محدد
الرأْس، وخف مُفَرْطم. الجوهري: الفُرْطوم طرَف الخُف كالمِنْقار، وخِفاف
مُفَرْطمة. وفي الحديث: إن شيعة الدجال شواربهم طويلة وخفافهم مفرطمة؛
قال ابن الأَثير: الفُرطومة حكاها ابن الأَعرابي بالقاف. ابن الأَعرابي
قال: قال أَعرابي جاءنا فلان في نِخافَيْنِ مُقَرْطَمَيْنِ أي لهما
مِنقاران، والنِّخافُ: الخف، رواه بالقاف، قال: وهو أصح مما رواه الليث
بالفاء.
@فرقم: أبو عمرو: الفَرْقَمُ حَشَفة الرجل؛ وأَنشد:
مَشْعُوفةٍ بِرَهْزِ حَكِّ الفَرْقَم
(* قوله «مشعوفة إلخ» قبله كما في التكملة:
وأمه أكالة للقمقم). قال: ورواه بعضهم القِرْقِم، قال: وأنا لا أعرفها.
@فسحم: الجوهري: الفُسْحُم، بالضم، الواسع الصدر، والميم زائدة.
@فصم: الفَصْم: الكسر من غير بينونة. فَصَمه يَفْصِمُه فَصْماً
فانْفَصَم: كسره من غير أن يبين، وتَفَصَّم مثله، وفَصَّمه فَتَفَصَّم. وخَلْخال
أفْصَمُ: مُتَفَصِّم؛ عن الهجري، وأنشد لعمارة بن راشد:
وأمَّا الألى يَسْكُنَّ غَوْرَ تِهامةٍ،
فَكُلُّ كَعابٍ تَتْرُكُ الحِجلَ أَفْصَما
وفُصِم جانبُ البيتِ: انهدمَ. والانفِصامُ: الانقطاع. وفي التنزيل
العزيز: لا انْفِصام لها؛ أي لا انقطاع لها، وقيل: لا انكسار لها. وفي الحديث
في صفة الجنة: دُرَّةٌ بَيْضاءُ ليس فيها فَصْم ولا وَصْم. قال أبو عبيد:
الفَصم، بالفاء، أن ينصدع الشيء من غير أن يَبِين، من فَصَمت الشيء
أَفْصِمه فَصْماً إذا فعلت ذلك به، فهو مَفصُوم؛ قال ذو الرمة يذكر غزالاً
شبهه بدُمْلُج فضة:
كأنَّه دُمْلُجٌ مِن فِضَّةٍ نَبَهٌ،
في مَلْعَبٍ مِن جواري الحَيِّ، مَفْصُومُ
شبه الغزال وهو نائم بدملج فضة قد طُرح ونُسِي، وكل شيء سقط من إنسان
فنسيه ولم يهتد له فهو نَبَهٌ، وهو الخُرت والخُرات
(* قوله «وهو الخرت
والخرات إلى قوله وإنما جعله إلخ» كذا بالأصل ولينظر ما مناسبته هنا).
والناس كلهم يقولون خُرت وهو خَرق النصاب، وإنما جعله مفصوماً لتثنيه وانحنائه
إذا نام، ولم يقل مقصوم، بالقاف، فيكون بائناً باثنين، قال ابن بري: قيل
في نبه إنه المشهور، وقيل النفيس الضالّ الموجود عن غفلة لا عن طلب،
وقيل: هو المنسي. الفراء: فأْس فَصيم
(* قوله «فأس فصيم» كذا في الأصل
والقاموس، والذي في التهذيب والتكملة: فيصم أي كصيقل). وهي الضخمة، وفأْس
فِنْدَأْيةٌ لها خُرت، وهو خرق النصاب، قال: وأما القصم، بالقاف، فأَن ينكسر
الشيء فيبين. وفي حديث أبي بكر: إني وجدت في ظهري انْفِصاماً أي
انصداعاً، ويروى بالقاف، وهو قريب منه. وفي الحديث: استَغْنُوا عن الناس ولو عن
فِصْمة السواك أي ما انكسر منه، ويروى بالقاف. وأَفْصَم الفحلُ إذا جَفر؛
ومنه قيل: كل فحل يُفْصِم إلا الإنسان أي ينقطع عن الضراب. وانفصم المطر:
انقطع وأَقْلَع. وأَفصم المطرُ وأَفْصى إذا أَقلَع وانكشف، وأَفْصَمَت
عنه الحُمَّى. وفي حديث عائشة، رضوان الله عليها: أنها قالت رأيت رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، يَنْزِل عليه في اليوم الشديد البرْدِ فَيُفْصِم
الوَحْيُ عنه وإِنَّ جَبِينَه ليَتَفصَّد عرَقًا؛ فيُفْصِم أي يُقلِع
عنه. وفي بعض الحديث: فيُفصم عني وقد وَعَيْت يعني الوَحْي أي يُقلع.
@فطم: فَطَم العُودَ فَطْماً: قطعه. وفَطَمَ الصبيِّ يَفْطِمه فَطْماً،
فهو فطيم: فصَلَه من الرضاع. وغلام فَطِيم ومَفْطُوم وفطَمَتْه أُمه
تَفْطِمه: فصَلته عن رضاعها. الجوهري: فِطام الصبي فِصاله عن أُمه، فطَمَت
الأُم ولدها وفُطِم الصبي وهو فَطِيم، وكذلك غير الصبي من المَراضِع،
والأُنثى فَطِيم وفَطِيمة. وفي حديث امرأَة رافع لما أَسلم ولم تُسْلِم: فقال
ابنتي وهي فَطِيم أي مَفْطُومة، وفعيل يقع على الذكر والأُنثى، فلهذا لم
تلحقه الهاء، وجمع الفَطِيم فُطُم مثل سَرِير وسُرُر؛ قال:
وإن أَغارَ، فلم يَحْلو بِطائِلةٍ
في لَيْلةٍ من حَمِير ساوَرَ الفُطُما
وفي حديث ابن سيرين: بلغه أن ابن عبد العزيز أَقْرَعَ بين الفُطُم فقال:
ما أَرى هذا إلا من الاسْتِقْسام بالأَزْلام؛ جمع فَطِيم من اللبن أي
مَفْطُوم. قال ابن الأثير: وجمع فَعِيل في الصفات على فُعُل قليل في
العربية، وما جاء منه شُبِّه بالأسماء كنَذِير ونُذُر، فأما فعيل بمعنى مفعول
فلم يرد إلا قليلاً نحو عَقِيم وعُقُم وفَطِيم وفُطُم، وأراد بالحديث
الإقْراع بين ذَرارِيِّ المسلمين في العَطاء، وإنما أَنكره لأن الإقراع
لتفضيل بعضهم على بعض في الفرض، والاسم الفِطام، وكل دابة تُفْطَم؛ قال
اللحياني: فَطَمَتْه أُمه تَفْطِمه، فلم يَخُص من أي نوع هو؛ وفَطَمْت فلاناً
عن عادته، وأُصل الفَطْم القطع. وفَطَم الصبيَّ: فصله عن ثدي أُمه
ورَضاعها. والفَطِيمة: الشاة إذا فُطِمت. وأَفْطَمَت السَّخلة: حان أن تُفْطَم؛
عن ابن الأعرابي، فإذا فُطِمت فهي فاطِمٌ ومَفْطُومة وفَطِيمةً؛ عنه
أيضاً، قال: وذلك لشهرين من يوم ولادها. وتَفاطَم الناس إذا لَهِجَ بَهْمُهم
بأُمهاته بعد الفِطام فدفع هذا بَهْمَه إلى هذا وهذا بهْمَه إلى هذا،
وإذا كانت الشاة تُرْضِع كل بَهْمة فهي المُشْفِع. ابن الأعرابي قال: إذا
تناولت أولاد الشياه العيدان قيل رَمَّت وارتَمَّت، فإذا أَكلت قيل بَهْمة
سامع
(* قوله «بهمة سامع» كذا في الأصل على هذه الصورة). حتى يدنو
فطامها، فإذا دنا فطامها قيل أَفْطَمَت البَهمة، فإذا فُطمت فهي فاطم ومَفْطومة
وفطيم، وذلك لشهرين من يوم فطامها فلا يزال عليها اسم الفطام حتى
تَسْتَجْفِر. والفاطم من الإبل: التي يُفْطَم ولدها عنها. وناقة فاطِم إذا بلَغ
حُوارها سنة فَفُطِم؛ قال الشاعر:
مِنْ كُلِّ كَوْماءِ السَّنام فاطِمِ،
تَشْحَى، بمُسْتَنِّ الذَّنُوب الراذِمِ،
شِدْقَيْنِ في رأْسٍ لها صُلادِمِ
ولأَفطِمَنَّك عن هذا الشيء أي لأَقطَعنَّ عنه طَمَعَكَ. وفاطِمةُ: من
أسماء النساء. التهذيب: وتسمى المرأَة فاطِمة وفِطاماً وفَطِيمة. وفي
الحديث: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَعطَى عليّاً حُلّةً سِيَراء وقال
شَقِّقها خُمُراً بين الفواطِم؛ قال القتيبي: إحداهن سيّدة النساء فاطِمةُ
بنت سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم وعليها، زَوْجُ علي، عليه
السلام، والثانية فاطِمةُ بنت أَسد بن هاشم أُم علي بن أبي طالب، عليه السلام،
وكانت أَسلمت وهي أوّل هاشمية وعلَدت لهاشميّ، قال: ولا أَعرف الثالثة؛
قال ابن الأَثير: هي فاطمة بنت حمزة عمِّه، سيد الشهداء، رضي الله عنهما؛
وقال الأزهري: الثالثة فاطمة بنتُ عُتْبة بن ربيعة، وكانت هاجرت وبايعت
النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: وأَراه أَراد فاطمة بنت حمزة لأنها من
أهل البيت، قال ابن بري: والفواطم اللاتي وَلَدن النبي، صلى الله عليه
وسلم، قُرشية وقَيْسِيَّتان ويَمانِيَتانِ وأَزْدِيَّة وخُزاعِيَّةٌ. وقيل
للحسن والحسين: ابنا الفواطم، فاطمةُ أُمهما، وفاطمة بنت أَسَد جدّتهما،
وفاطمةُ بنت عبد الله بن عمرو بن عِمْران بن مَخْزُوم جدَّةُ النبي، صلى
الله عليه وسلم، لأبيه.
وفَطَمْتُ الحبل: قَطَعْته. وفُطَيْمةُ: موضع.
@من الناس؛ هو مهموز الجماعة الكثيرة. وفي ترجمة فعم: سقاء مُفْعَم
ومُفْأَم أي مملوء.
@فغم: فَغَم الوَرْدُ يَفْغَم فُغُوماً: انفتح، وكذلك تَفَغَّم أي تفتح.
وفَغَمت الرَّائحةُ السُّدَّة: فتَحتْها. وانْفَغَمَ الزُّكام وافْتَغَم:
انفرج. وفَغَمةُ الطيب: رائحتُه. فَغمَتْه تَفْغَمُه فَغْماً وفُغُوماً:
سدَّت خَياشِيمه. وفي الحديث: لو أنَّ امرأة من الحور العين أشْرَفَتْ
لأفْغَمَتْ ما بين السماء والأرض بريح المسك أي لملأَتْ ؛ قال الأَزهري:
الرواية لأَفعمت، بالعين، قال: وهو الصواب. يقال: فَعَمْت الإناءَ فهو
مفعوم إذا ملأته، وقد مرَّ تفسيره. والريحُ الطَّيبة تَفْغَمُ المزكوم؛ قال
الشاعر:
نَفْحةُ مِسْكٍ تَفْغَم المَفْغُوما
ووجدت فَغْمة الطيب وفَغْوَته أي ريحه.
والفَغَم، بفتح الغين: الأنف؛ عن كراع، كأنه إنما سمي بذلك لأن الريح
تَفْغَمه. أبو زيد: بَهَظْته أَخذت بفُقْمه وبفُغْمِه؛ قال شمر: أَراد
بفُقْمه فمَه وبفُغْمِه أَنفه. والفَغَم، بالتحريك: الحِرص. وفَغِمَ بالشيء
فَغَماً فهو فَغِم: لَهِجَ به وأُولِعَ به وحَرَص عليه؛ قال الأعشى:
تَؤُمُّ دِيارَ بني عامِرٍ،
وأَنْتَ بآلِ عقِيل فَغِم
قال ابن حبيب: يريد عامر بن صَعْصَعة وعَقِيل بن كعب بن عامر بن صعصعة.
وكلْبٌ فَغِمٌ: حريصٌ على الصيد؛ قال امرؤ القيس:
فيُدْرِكُنا فَغِمٌ داجِنٌ،
سَمِيعٌ بَصِيرٌ طَلوبٌ نَكِرْ
ابن السكيت: يقال ما أشدَّ فَغَمَ هذا الكلب بالصيد، وهو ضراوته
ودُرْبَته. والفُغْمُ: الفَم أَجمع، ويحرك فيقال فُغُمٌ.
وفَغَمه أي قَبَّله؛ قال الأَغلب العجلي:
بَعْدَ شَمِيمِ شاغِفٍ وفَغْمِ
وكذا المُفاغَمة؛ قال هُدْبة بن خَشْرَم:
متى تقولُ القُلُصَ الرَّواسِما،
يُدْنِينَ أُمَّ قاسِمٍِ وقاسِما
ألا تَرَيْنَ الدَّمْعَ مِني ساجما
حِذارَ دارٍ مِنْكِ أن تُلائِما؟
والله لا يَشْفِي الفُؤادَ الهائما،
تَماحُكُ اللَّبَّاتِ والمآكِما
وفي رواية:
نَفْثُ الرُّقَى وعَقْدُك التَّمائِما،
ولا اللِّزامُ دُون أن تُفاغِما
ولا الفِغامُ دون أن تُفاقِما،
وتَرْكَبَ القَوائمُ القوائما
وفَغِمَ بالمكان فَغَماً: أَقام به ولزِمَه. وأَخذ بفُغْم الرجل أي
بذقنه ولحيته كفُقْمه. وفي الحديث: كلوا الوَغْم واطرحوا الفَغْم؛ قال ابن
الأثير: الوَغْم ما تساقط من الطعام، والفَغْم ما يَعْلَقُ بين الأسنان، أي
كلوا فُتات الطعام وارموا ما يخرجه الخِلال، قال: وقيل هو بالعكس.
@فقم: الفَقَمُ في الفم: أن تدخل الأسنان العليا إلى الفم، وقيل: الفَقَم
اختلافه، وهو أن يخرج أسفل اللَّحْي ويدخل أعلاه، فَقِمَ يَفْقَم
فَقَماً وهو أَفْقَم، ثم كثر حتى صار كلُّ مُعْوَجٍّ أَفقم، وقيل: الفَقَم في
الفَم أن تتقدم الثنايا السفلى فلا تقع عليها العليا إذا ضم الرجل فاه.
وقال أبو عمرو: الفَقَمُ أن يطول اللحي الأَسفل ويَقْصُر الأَعلى. ويقال
للرجل إذا أَخذ بِلِحْية صاحبه وذَقَنه: أخذ بفُقْمه. وفَقَمْت الرجل
فَقْماً، وهو مَفْقُوم إذا أخدت بفُقْمه. أبو زيد: بهظته أَخذت بفُقْمه
وبفُغْمه؛ قال شمر: أراد بفُقمه فمه وبفُغْمه أنفه، قال: والفُقْمانِ هما
اللَّحْيان. وفي الحديث: من حفظ ما بين فُقْمَيْهِ دخل الجنة أي ما بين
لَحييه؛ والفُقم، بالضم: اللحي، وفي رواية: من حفظ ما بين فُقْمَيْه ورجليه دخل
الجنة؛ يريد من حفظ لسانه وفرجه. الليث: الفَقَمُ رَدَّة في الذقن،
والنعت أفْقَمُ. وفي حديث موسى، عليه السلام: لما صارت عصاه حية وضعت فُقماً
لها أَسفل وفُقْماً لها فوق. وفي حديث الملاعنة: فأَخذت بفُقْمَيْه أي
بلحييه. وفَقِمَ الرجلُ فَقَماً: رجع ذقَنُه إلى فمه. وفَقِمَ أَيضاً: كثر
ماله. وفَقِمَ الإناءُ: امتلأَ ماء. ويقال: فَقِمَ الشيء اتسع، والفَقَمُ
الامتلاء. يقال: أَصاب من الماء حتى فَقِم؛ عن أبي زيد. والأَمر
الأفْقَمُ: الأعوج المخالف. وأمرٌ مُتَفاقِم، وتَفاقَمَ الأمر أي عَظُم. وفَقُمَ
الأمرُ فُقوماً: عظم، وفَقِمَ أيضاً فَقَماً. وفَقِمَ الأمرُ يَفحقَمُ
فَقَماً وفُقُوماً وتَفاقَم: لم يَجْره على استواء، مشتق من ذلك. وفَقِمَ
الرجلُ فَقَماً: بَطِرَ، وهو من ذلك لأن البَطَر خروج عن الاستقامة
والاستواء؛ قال رؤبة:
فلَم تَزَلْ تَرْأَمُه وتَحْسِمُهْ،
من دائِه، حتى اسْتَقامَ فَقَمُهْ
(* قوله «ترأمه» كذا بالأصل بميم، وفي المحكم ترأبه بالباء، والمعنى
واحد).
التهذيب: وإن قيل فَقَم الأَمرُ كان صواباً؛ وأنشد:
فإنْ تَسْمَعْ بلأْمِهما،
فإنّ الأَمرَ قد فَقَما
أبو تراب: سمعت عَرّاماً يقول رجل فَقِمٌ فَهِمٌ إذا كان يعلو الخصوم،
ورجل لَقِمٌ لَهِمٌ مثله. وفي حديث المغيرة يصف امرأَة: فَقْماءَ
سَلْفَعٍ؛ الفَقْماءُ: المائلةُ الحَنَك، وقيل: هو تقدم الثنايا السُّفلى حتى لا
تقع عليها العُليا. والفَقْم والفُقْم: طَرَف خَطْم الكلب ونحوه، وقيل:
ذقن الإنسان ولَحْييه، وقيل: هما فمه. التهذيب: وربما سَمَّوْا ذقن
الإنسان فَقْماً وفُقْماً.
والمُفاقمة: البُضْع، وفي الصحاح: البِضاعُ؛ قال الشاعر:
ولا الفِغامُ دُونَ أن تُفاقِما
وهذا الرجز للأَغلب العجلي، وقد تقدم في فَغَم. وفَقَم المرأَةَ: نكحها.
وفَقِمَ مالُهُ فَقَماً: نَفِدَ ونَفِقَ. وفُقَيْم: بطن في كنانة، النسب
إليه فُقَمِيٌّ نادِرٌ؛ حكاه سيبويه، وفي الصحاح: والنسبة إليهم
فُقَمِيٌّ مثل هُذَليٍّ، وهم نَسَأَةُ الشهور. وفُقَيْمٌ أيضاً في بني دارم
النسب إليه فُقَيْمِيّ على القياس. وأَفْقَمُ: اسم.
@فلم: الفَيْلَمُ: العَظيم الضخْمُ الجُثَّة من الرجال، ومنه تَفَيْلَقَ
الغلام وتَفَيْلَم بمعنى واحد. يقال: رأَيت رجلاً فَيْلَماً أي عظيماً.
ورأَيت فَيْلَماً من الأَمر أي عظيماً. والفَيْلم: الأَمر العظيم، والياء
زائدة، والفَيْلَماني منسوب إليه بزيادة الألف والنون للمبالغة. وفي
الحديث عن ابن عباس قال: ذكر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الدجال فقال:
أَقْمَرُ فَيْلَمٌ هِجان، وفي رواية: رأَيته فَيْلَمانِيّاً. والفَيْلَمُ:
المُشط الكبير، وقيل: المشط؛ قال الشاعر:
كما فَرَّقَ اللِّمَّةَ الفَيْلَمُ
والفَيْلم: الجُمّة العَظِيمة. والفَيْلَمُ: الجبان. ويقال:
فَيْلَمانيٌّ كما يقال دُحْسُمانيٌّ. والفَيْلم: العظيم؛ وقال البريق
الهذلي:ويَحْمِي المُضافَ إذا ما دَعا،
إذا فَرَّ ذو اللِّمّةِ الفَيْلَمُ
ويقال: الفَيلم الرجل العظيم الجُمَّة؛ وقال:
يُفَرِّقُ بالسيفِ أَقْرانَه،
كما فَرَّقَ اللِّمّةَ الفيلم
قال ابن بري: وهذا البيت الذي أنشده لبريق الهذلي يروى على روايتين،
قال: وهو لعياض بن خويلد الهذلي؛ ورواه الأَصمعي:
يُشَذِّبُ بالسيف أَقرانه،
إذا فر ذو اللمة الفيلم
قال: وليس الفيلم في البيت الثاني شاهداً على الرجل العظيم الجمة كما
ذكر إنما ذلك على من رواه:
كما فَرَّ ذو اللمة الفيلم
قال: وقد قيل إن الفيلم من الرجال الضخم، وأما الفيلم في البيت على من
رواه:
كما فرَّق اللمة الفيلم
فهو المشط. قال ابن خالويه: يقال رأيت فَيْلماً يُسرِّح فَيْلَمه
بِفَيْلَمٍ أي رأَيت رجلاً ضَخماً يسرح جُمة كبيرة بالمشط. قال ابن بري: وأَنشد
الأَصمعي لسيف بن ذي يزن في صفة الفُرْس الذين جاء بهم معه إلى اليمن:
قَد صَبَّحَتْهُم مِن فارِسٍ عُصَبٌ،
هِرْبِذُها مُعْلَمٌ وزِمْزُمها
بِيضٌ طِوالُ الأَيْدِي مَرازبةٌ،
كُلُّ عَظيمِ الرُّؤُوسِ فَيْلَمُها
هَزُّوا بناتِ الرِّياحِ نَحْوَهُم،
أَعْوَجُها طَامِحٌ وأَقْوَمُها
بناتُ الرياح: النّشاب. والفَيْلَم: المشط بلغة أهل اليمن، وكل هؤلاء
يُعَظِّمُ مُشْطَه. والفَيْلَمُ: المرأَة الواسعة الجَهاز. وبِئرٌ
فَيْلَمٌ: واسِعة؛ عن كراع، وقيل: واسعة الفم، وكل واسع فَيْلم؛ عن ابن
الأعرابي.
@فلقم: الجوهري: الفَلْقَم الواسع.
@فلهم: الفَلْهَم: فرج المرأَة الضخْم الطويل الإسْكَتَيْنِ القبيح.
الأصمعي: الفَلهم من جهاز النساء ما كان منفرجاً. أبو عمرو: الفلهم الفرج؛
وأنشد:
با ابنَ التي فَلْهَمُها مِثْلُ فَمِه،
كالحَفْر قام وِرْدُه بأَسْلُمِه
الحَفْر هنا: البئر التي لم تُطو. وأَسْلُم: جمع سَلْم الدلو، وأراد أن
فلهمها أَبخر مثل فمه. وفي الحديث: أن قوماً افتقدوا سِخابَ فتاتهم
فاتَّهموا امرأَة فجاءت عجوز ففتشت فلهمها أي فرجها؛ قال ابن الأثير: وذكره
بعضهم في القاف. وبِئر فَلْهم: واسعة الجَوْفِ.
@فمم: فُمَّ: لغة في ثُمَّ، وقيل: فاء فمّ بدل من ثاء ثمّ. يقال: رأَيت
عَمراً فُمَّ زيداً وثم زيداً بمعنى واحد. التهذيب: الفراء قبَّلها في
فُمّها وثُمِّها. الفراء: يقال هذا فَمٌ، مفتوح الفاء مخفف الميم، وكذلك في
النصب والخفض رأَيت فَماً ومررتُ بفَمٍ، ومنهم من يقول هذا فُمٌ ومررت
بفُمٍ ورأَيت فُماً، فيضم الفاء في كل حال كما يفتحها في كل حال؛ وأما
بتشديد الميم فإنه يجوز في الشعر كما قال محمد بن ذؤيب العُماني
الفُقَيْمي:يا لَيْتَها قد خَرَجَتْ مِن فُمِّه،
حتَّى يَعُودَ المُلْكُ في أُسْطُمِّه
قال: ولو قال من فَمِّه، بفتح الفاء، لجاز؛ وأما فُو وفي وفا فإنما يقال
في الإضافة إلا أن العجاج قال:
خالَط مِن سَلْمَى خَياشِيمَ وفا
قال: وربما قالوا ذلك في غير الإضافة وهو قليل. قال الليث: أما فو وفا
وفي فإن أَصل بنائها الفَوْه، حذفت الهاء من آخرها وحملت الواو على الرفع
والنصب والجر فاجترّت الواو صروف النحو إلى نفسها فصارت كأنها مدة تتبع
الفاء، وإنما يستحسنون هذا اللفظ في الإضافة، فأما إذا لم تُضَف فإن الميم
تجعل عماداً للفاء لأن الياء والواو والألف يسقطن مع التنوين فكرهوا أن
يكون اسم بحرف مغلق، فعمدت الفاء بالميم، إلا أن الشاعر قد يضطر إلى
إفراد ذلك بلا ميم فيجوز له في القافية كقولك:
خالط من سلمى خياشيم وفا
الجوهري: الفم أَصله فَوْه نقصت منه الهاء فلم تحتمل الواو الإعراب
لسكونها فعوض منها الميم، فإذا صغَّرت أو جمَعْت رددته إلى أَصله وقلت
فُوَيْه وأَفْواه، ولا تقل أَفماء، فإذا نسبت إليه قلت فَمِيٌّ، وإن شئت
فَمَوِيٌّ يجمع بين العوض وبين الحرف الذي عوّض منه، كما قالوا في التثنية
فَمَوانِ، قال: وإنما أَجازوا ذلك لأن هناك حرفاً آخر محذوفاً وهو الهاء،
كأَنهم جعلوا الميم في هذه الحال عوضاً عنها لا عن الواو؛ وأنشد الأخفش
للفرزدق:
هُما نَفَثا في فيَّ مِن فَمَوَيْهما،
على النابِحِ العاوي، أَشَدَّ رِجامِ
قوله أَشد رجام أي أَشدَّ نَفْث، قال: وحق هذا أن يكون جماعة لأن كل
شيئين من شيئين جماعة في كلام العرب، كقوله تعالى: فقد صغَتْ قلُوبكما؛ إلا
أنه يجيء في الشعر ما لا يجيء في الكلام، قال: وفيه لغات: يقال هذا فَمٌ
ورأَيت فَماً ومررت بِفَمٍ، بفتح الفاء على كل حال، ومنهم من يضم الفاء
على كل حال، ومنهم من يكسر الفاء على كل حال، ومنهم من يعربه في مكانين،
يقول: رأَيت فَماً وهذا فُمٌ ومررت بِفِمٍ. قال الفراء: فُمَّ وثُمَّ من
حروف النسق. التهذيب: الفراء أَلقَيْتُ على الأَديم دَبْغةً، والدَّبْغة
أن تُلقي عليه فَماً من دباغ خفيفة أي فَماً من دِباغ أي نَفْساً،
ودَبَغْتُه نَفْساً ويجمع أَنْفُساً كأَنْفُس الناس وهي المرة.
@فهم: الفَهْمُ: معرفتك الشيء بالقلب. فَهِمَه فَهْماً وفَهَماً وفَهامة:
عَلِمَه؛ الأخيرة عن سيبويه. وفَهِمْت الشيء: عَقَلتُه وعرَفْته.
وفَهَّمْت فلاناً وأَفْهَمْته، وتَفَهَّم الكلام: فَهِمه شيئاً بعد شيء. ورجل
فَهِمٌ: سريع الفَهْم، ويقال: فَهْمٌ وفَهَمٌ. وأَفْهَمه الأَمرَ وفَهَّمه
إياه: جعله يَفْهَمُه. واسْتَفْهَمه: سأَله أن يُفَهِّمَه. وقد
اسْتعفْهَمَني الشيءَ فأَفْهَمْته وفَهَّمْته تفهيماً.
وفَهْم: قبيلة أبو حي، وهو فَهْم بن عَمرو بن قَيْسِ ابن عَيْلان.
@فوم: الفُومُ: الزَّرع أو الحِنْطة، وأََزْدُ الشَّراة يُسمون
السُّنْبُل فُوماً، الواحدة فُومة؛ قال:
وقالَ رَبِيئُهم لَمّا أَتانا
بِكَفِّه فُومةٌ أوْ فُومَتانِ
والهاء في قوله بكفه غير مشبعة. وقال بعضهم: الفُومُ الحِمَّص لغة
شامية، وبائِعُه فامِيٌّ مُغَيَّر عن فُومِيّ، لأنَهم قد يُغيِّرون في النسب
كما قالوا في السَّهْل والدَّهْر سُهْليٌّ ودُهْرِيٌّ. والفُوم: الخبز
أيضاً. يقال: فَوِّموا لنا أي اخْتَبِزُوا؛ وقال الفراء: هي لغة قديمة،
وقيل: الفُوم لغة في الثُّوم. قال ابن سيده: أُراه على البدل. قال ابن جني:
ذهب بعض أَهل التفسير في قوله عز وجل: وفُومِها وعَدَسِها، إلى أنه أراد
الثُّوم، فالفاء على هذا عنده بدل من الثاء، قال: والصواب عندنا أن الفُوم
الحِنطة وما يُخْتَبَز من الحبُوب. يقال: فَوَّمْت الخبز واختبزته،
وليست الفاء على هذا بدلاً من الثاء، وجمعوا الجمع فقالوا فُومانٌ؛ حكاه ابن
جني، قال: والضمة في فُوم غير الضمة في فُومان، كما أن الكسرة التي في
دِلاصٍ وهِجانٍ غير الكسرة التي فيها للواحد والألف غير الألف. التهذيب:
قال الفراء في قوله تعالى وفُومِها، قال: الفُوم مما يذكرون لغة قديمة وهي
الحنطة والخبز جميعاً. وقال بعضهم: سمعنا العرب من أهل هذه اللغة يقولون
فَوّمُوا لنا، بالتشديد، يريدون اختبزوا؛ قال: وهي في قراءة عبد الله
وثُومها، بالثاء، قال: وكأنه أَشبه المعنيين بالصواب لأنه مع ما يشاكله من
العدس والبصل، والعرب تبدل الفاء ثاء فيقولونَ جَدَفٌ وجَدَثٌ للقبر، ووقع
في عافُور شَرٍّ وعاثُورِ شر. وقال الزجاج: الفوم الحنْطة، ويقال
الحبوب، لا اختلاف بين أهل اللغة أن الفُوم الحِنطة، وسائرُ الحبوب التي تختبز
يلحقها اسم الفُوم، قال: ومن قال الفُوم ههنا الثُّوم فإن هذا لا يعرف،
ومحال أن يطلب القوم طعاماً لا بُرَّ فيه، وهو أصل الغذاء، وهذا يقطع هذا
القول، وقال اللحياني: هو الثُّوم والفُوم للحنطة. قال أبو منصور: فإن
قرأَها ابن مسعود بالثاء فمعناه الفوم وهو الحنطة. الجوهري: يقال هو
الحنطة؛ وأَنشد الأَخفش لأبي مِحْجَن الثَّقَفي:
قَدْ كُنْتُ أَحْسِبُني كأَغْنى واحِدٍ
نَزَلَ المَدِينةَ عن زِراعةِ فُومِ
وقال أُميّة في جمع الفُوم:
كانت لهم جَنّةٌ إذ ذاك ظاهِرةٌ،
فيها الفَرادِيسُ والفُومانُ والبَصَلُ
ويروى: الفَرارِيسُ؛ قال أبو الإصبع: الفَرارِيسُ البصل. وقال ابن دريد:
الفُومة السُّنبلة، قال: والفامِيُّ السُّكري
(* قوله «السكري» كذا في
شرح القاموس، والذي في الأصل السين عليها ضمة وما بعد الكاف غير واضح).
قال أبو منصور: ما أُراه عربيّاً محضاً. وقَطَّعُوا الشاة فُوماً فُوماً أي
قِطَعاً قِطَعاً. والفَيُّوم: من أَرض مصر قتل بها مروان بن محمد آخر
ملوك بني أُمية.
@فيم: الفَيامُ والفِيامُ: الجماعة من الناس وغيرهم، قال: ولولا الفَيام
لقلت إن الفِيام مخفف من الفِئام.
@فتن: الأَزهري وغيره: جِماعُ معنى الفِتْنة الابتلاء والامْتِحانُ
والاختبار، وأَصلها مأْخوذ من قولك فتَنْتُ الفضة والذهب إِذا أَذبتهما بالنار
لتميز الرديء من الجيِّدِ، وفي الصحاح: إِذا أَدخلته النار لتنظر ما
جَوْدَتُه، ودينار مَفْتُون. والفَتْنُ: الإِحْراقُ، ومن هذا قوله عز وجل:
يومَ هم على النارِ يُفْتَنُونَ؛ أَي يُحْرَقون بالنار. ويسمى الصائغ
الفَتَّان، وكذلك الشيطان، ومن هذا قيل للحجارة السُّود التي كأَنها
أُحْرِقَتْ بالنار: الفَتِينُ، وقيل في قوله: يومَ همْ على النار يُفْتَنُونَ،
قال: يُقَرَّرونَ والله بذنوبهم. ووَرِقٌ فَتِينٌ أَي فِضَّة مُحْرَقَة.
ابن الأَعرابي: الفِتْنة الاختبار، والفِتْنة المِحْنة، والفِتْنة المال،
والفِتْنة الأَوْلادُ، والفِتْنة الكُفْرُ، والفِتْنةُ اختلافُ الناس
بالآراء، والفِتْنةُ الإِحراق بالنار؛ وقيل: الفِتْنة في التأْويل الظُّلْم.
يقال: فلان مَفْتُونٌ بطلب الدنيا قد غَلا في طلبها. ابن سيده: الفِتْنة
الخِبْرَةُ. وقوله عز وجل: إِنا جعلناها فِتْنةً
للظالمين؛ أي خِبْرَةً، ومعناه أَنهم أُفْتِنوا بشجرة الزَّقُّوم
وكذَّبوا بكونها، وذلك أَنهم لما سمعوا أَنها تخرج في أَصل الجحيم قالوا:
الشجر يَحْتَرِقُ في النار فكيف يَنْبُت الشجرُ في النار؟ فصارت فتنة لهم.
وقوله عز وجل: ربَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنةً للقوم الظالمين، يقول: لا
تُظْهِرْهُم علينا فيُعْجبُوا ويظنوا أَنهم خير منا، فالفِتْنة ههنا إِعجاب
الكفار بكفرهم.
ويقال: فَتَنَ الرجلُ بالمرأَة وافْتَتَنَ، وأَهل الحجاز يقولون:
فتَنَتْه المرأَةُ إِذا وَلَّهَتْه وأَحبها، وأَهل نجد يقولون: أَفْتَنَتْه؛
قال أَعْشى هَمْدانَ فجاء باللغتين:
لئِنْ فتَنَتْني لَهْيَ بالأَمْسِ أَفْتَنَتْ
سَعِيداً، فأَمْسَى قد قَلا كلَّ مُسْلِم
قال ابن بري: قال ابن جني ويقال هذا البيت لابن قيسٍ، وقال الأَصمعي:
هذا سمعناه من مُخَنَّثٍ وليس بثَبَتٍ، لأَنه كان ينكر أَفْتَنَ، وأَجازه
أَبو زيد؛ وقال هو في رجز رؤبة يعني قوله:
يُعْرِضْنَ إِعْراضاً لدِينِ المُفْتِنِ
وقوله أَيضاً:
إِني وبعضَ المُفْتِنِينَ داوُدْ،
ويوسُفٌ كادَتْ به المَكايِيدْ
قال: وحكى أَبو القاسم الزجاج في أَماليه بسنده عن الأَصمعي قال:
حدَّثنا عُمر بن أَبي زائدة قال حدثتني أُم عمرو بنت الأَهْتم قالت: مَرَرْنا
ونحن جَوَارٍ بمجلس فيه سعيد بن جُبير، ومعنا جارية تغني بِدُفٍّ معها
وتقول:
لئن فتنتني لهي بالأَمس أَفتنت
سعيداً، فأَمسى قد قلا كل مسلم
وأَلْقى مَصابيحَ القِراءةِ، واشْترى
وِصالَ الغَواني بالكتابِ المُتَمَّمِ
فقال سعيد: كَذَبْتُنَّ كذَبْتنَّ. والفِتْنةُ: إِعجابُك بالشيء، فتَنَه
يَفْتِنُه فَتْناً وفُتُوناً، فهو فاتِنٌ، وأَفْتَنَه؛ وأَباها الأَصمعي
بالأَلف فأَنشد بيت رؤبة:
يُعْرِضْنَ إِعْراضاً لدِينِ المُفْتِنِ
فلم يعرف البيت في الأُرجوزة؛ وأَنشد الأَصمعي أَيضاً:
لئن فتَنَتْني لَهْيَ بالأَمسِ أَفتنتْ
فلم يَعْبأْ به، ولكن أَهل اللغة أَجازوا اللغتين. وقال سيبويه: فتَنَه
جعل فيه فِتْنةً، وأَفْتَنه أَوْصَلَ
الفِتْنة إليه. قال سيبويه: إِذا قال أَفْتَنْتُه فقد تعرض لفُتِنَ،
وإِذا قال فتَنْتُه فلم يتعرَّض لفُتِنَ. وحكى أَبو زيد: أُفْتِنَ الرجلُ،
بصيغة ما لم يسم فاعله، أَي فُتِنَ. وحكى الأَزهري عن ابن شميل: افْتَتَنَ
الرجلُ وافْتُتِنَ لغتان، قال: وهذا صحيح، قال: وأَما فتَنْتُه ففَتَنَ
فهي لغة ضعيفة. قال أَبو زيد: فُتِنَ الرجلُ يُفْتَنُ فُتُوناً إِذا
أَراد الفجور، وقد فتَنْته فِتْنةً وفُتُوناً، وقال أَبو السَّفَر:
أَفْتَنْتُه إِفْتاناً، فهو مُفْتَنٌ، وأُفْتِنَ الرجل وفُتِنَ، فهو مَفْتُون إِذا
أَصابته فِتْنة فذهب ماله أَو عقله، وكذلك إِذا اخْتُبِرَ. قال تعالى:
وفتَنَّاك فُتُوناً. وقد فتَنَ وافْتَتَنَ، جعله لازماً ومتعدياً،
وفتَّنْتُه تَفْتِيناً فهو مُفَتَّنٌ أَي مَفْتُون جدّاً. والفُتُون أَيضاً:
الافْتِتانُ، يتعدَّى ولا يتعدَّى؛ ومنه قولهم: قلب فاتِنٌ أَي مُفْتَتِنٌ؛
قال الشاعر:
رَخِيمُ الكلامِ قَطِيعُ القِيا
مِ، أَمْسى فُؤادي بها فاتِنا
والمَفْتُونُ: الفِتْنة، صيغ المصدر على لفظ المفعول كالمَعْقُول
والمَجْلُودِ. وقوله تعالى: فسَتُبْصِرُ ويُبْصِرُونَ بأَيَّكُمُ المَفْتُونُ؛
قال أَبو إِسحق: معنى المَفْتُونِ الذي فُتِنَ بالجنون؛ قال أَبو
عبيدة: معنى الباء الطرح كأَنه قال أَيُّكم المَفْتُونُ؛ قال أَبو إِسحق: ولا
يجوز أَن تكون الباء لَغْواً، ولا ذلك جائز في العربِية، وفيه قولان
للنحويين: أَحدهما أَن المفْتُونَ ههنا بمعنى الفُتُونِ، مصدر على المفعول،
كما قالوا ما له مَعْقُولٌ ولا مَعْقُودٌ رَأْيٌ، وليس لفلان مَجْلُودٌ
أَي ليس له جَلَدٌ ومثله المَيْسُورُ والمَعْسُورُ كأَنه قال بأَيِّكم
الفُتون، وهو الجُنون، والقول الثاني فسَتُبْصِر ويُبْصِرُونَ في أَيِّ
الفَريقينِ المَجْنونُ أَي في فرقة الإِسلام أَو في فرقة الكفر، أَقامَ الباء
مقام في؛ وفي الصحاح: إِن الباء في قوله بأَيِّكم المفتون زائدة كما زيدت
في قوله تعالى: قل كفى بالله شهيداً؛ قال: والمَفْتُون الفِتْنةُ، وهو
مصدر كالمَحْلُوفِ والمَعْقول، ويكون أَيُّكم الابتداء والمفتون خبره؛
قال: وقل وقال المازني المَفتون هو رفع بالابتداء وما قبله خبره كقولهم بمن
مُروُرُك وعلى أَيِّهم نُزُولُك، لأَن الأَول في معنى الظرف، قال ابن
بري: إِذا كانت الباء زائدة فالمفتون الإِنسان، وليس بمصدر، فإِن جعلت الباء
غير زائدة فالمفتون مصدر بمعنى الفُتُونِ. وافْتَتَنَ في الشيء: فُتِن
فيه. وفتَنَ إِلى النساءِ فُتُوناً وفُتِنَ إِليهن: أَراد الفُجُور بهنَّ.
والفِتْنة: الضلال والإِثم. والفاتِنُ: المُضِلُّ عن الحق. والفاتِنُ:
الشيطان لأَنه يُضِلُّ العِبادَ، صفة غالبة. وفي حديث قَيْلَة: المُسْلم
أَخو المُسْلم يَسَعُهُما الماءُ والشجرُ ويتعاونان على الفَتَّانِ؛
الفَتَّانُ: الشيطانُ الذي يَفْتِنُ الناس بِخداعِه وغروره وتَزْيينه المعاصي،
فإِذا نهى الرجلُ أَخاه عن ذلك فقد أَعانه على الشيطان. قال:
والفَتَّانُ أَيضاً اللص الذي يَعْرِضُ للرُّفْقَةِ في طريقهم فينبغي لهم أَن
يتعاونوا على اللِّصِّ، وجمع الفَتَّان فُتَّان، والحديث يروى بفتح الفاء
وضمها، فمن رواه بالفتح فهو واحد وهو الشيطان لأَنه يَفْتِنُ الناسَ عن
الدين، ومن رواه بالضم فهو جمع فاتِنٍ أَي يُعاوِنُ أَحدُهما الآخرَ على
الذين يُضِلُّون الناسَ عن الحق ويَفْتِنونهم، وفَتَّانٌ من أَبنية المبالغة
في الفِتْنة، ومن الأَول قوله في الحديث: أَفَتَّانٌ أَنت يا معاذ؟
وروى الزجاج عن المفسرين في قوله عز وجل: فتَنْتُمْ
أَنفُسَكُمْ وتَرَبَّصْتُم؛ استعملتموها في الفِتْنة، وقيل:
أَنَمْتُموها. وقوله تعالى: وفتَنَّاكَ فُتُوناً؛ أَي أَخلَصناكَ إِخلاصاً. وقوله
عز وجل: ومنهم من يقول ائْذَنْ لي ولا تَفْتِنِّي؛ أَي لا تُؤْثِمْني
بأَمرك إِيايَ بالخروج، وذلك غير مُتَيَسِّرٍ لي فآثَمُ؛ قال الزجاج: وقيل
إِن المنافقين هَزَؤُوا بالمسلمين في غزوة تَبُوكَ فقالوا يريدون بنات
الأَصفر فقال: لا تَفْتِنِّي أَي لا تَفْتِنِّي ببنات الأَصفر، فأَعلم
الله سبحانه وتعالى أَنهم قد سقَطوا في الفِتْنةِ أَي في الإِثم. وفتَنَ
الرجلَ أَي أَزاله عما كان عليه، ومنه قوله عز وجل: وإِن كادوا ليَفتِنونك
عن الذي أَوْحَيْنا إِليك؛ أَي يُمِيلُونك ويُزِيلُونك. ابن الأَنباري:
وقولهم فتَنَتْ فلانة فُلاناً، قال بعضهم: معناه أَمالته عن القصد،
والفِتْنة في كلامهم معناه المُمِيلَةُ عن الحق. وقوله عز وجل: ما أَنتم عليه
بفاتِنينَ إِلا من هو صالِ الجحِيمِ: فسره ثعلب فقال: لا تَقْدِرون أَن
تَفْتِنُوا إِلا من قُضِيَ
عليه أَن يدخل النار، وعَدَّى بفاتِنين بِعَلَى لأَن فيه معنى قادرين
فعدَّاه بما كان يُعَدَّى به قادرين لو لفِظَ به، وقيل: الفِتْنةُ الإِضلال
في قوله: ما أَنتم عليه بفاتنين؛ يقول ما أَنتم بِمُضِلِّين إِلا من
أَضَلَّه الله أَي لستم تُضِلُّونَ إِلا أَهلَ
النار الذين سبق علم الله في ضلالهم؛ قال الفراء: أَهل الحجاز يقولون ما
أَنتم عليه بفاتِنينَ، وأَهل نجد يقولون بمُفْتِنينَ من أَفْتَنْتُ
والفِتْنةُ: الجُنون، وكذلك الفُتُون. وقوله تعالى: والفِتْنةُ أَشدُّ من
القَتْلِ؛ معنى الفِتْنة ههنا الكفر، كذلك قال أَهل التفسير. قال ابن سيده:
والفِتْنةُ الكُفْر. وفي التنزيل العزيز: وقاتِلُوهم حتى لا تكونَ
فِتْنة. والفِتْنةُ: الفَضِيحة. وقوله عز وجل: ومن يرد الله فِتْنَتَه؛ قيل:
معناه فضيحته، وقيل: كفره، قال أَبو إِسحق: ويجوز أَن يكون اختِبارَه بما
يَظْهَرُ به أَمرُه. والفِتْنة: العذاب نحو تعذيب الكفار ضَعْفَى
المؤمنين في أَول الإِسلام ليَصُدُّوهم عن الإِيمان، كما مُطِّيَ بلالٌ على
الرَّمْضاء يعذب حتى افْتَكَّه أَبو بكر الصديق، رضي الله تعالى عنه،
فأَعتقه. والفِتْنةُ: ما يقع بين الناس من القتال. والفِتْنةُ: القتل؛ ومنه قوله
تعالى: إِن خِفْتم أَن يَفْتِنَكُمُ الذين كفروا؛ قال: وكذلك قوله في
سورة يونس: على خَوْفٍ من فرعونَ
ومَلَئِهِم أَن يَفْتِنَهُم؛ أَي يقتلهم؛ وأَما قول النبي، صلى الله
عليه وسلم: إِني أَرى الفِتَنَ خِلالَ بُيوتِكم، فإِنه يكون القتل والحروب
والاختلاف الذي يكون بين فِرَقِ المسلمين إِذا تَحَزَّبوا، ويكون ما
يُبْلَوْنَ به من زينة الدنيا وشهواتها فيُفْتَنُونَ بذلك عن الآخرة والعمل
لها. وقوله، عليه السلام: ما تَرَكْتُ فِتْنةً أَضَرَّ على الرجال من
النساء؛ يقول: أَخاف أَن يُعْجُبوا بهنَّ فيشتغلوا عن الآخرة والعمل لها.
والفِتْنةً: الاختِبارُ. وفتَنَه يَفْتِنُه: اختَبَره. وقوله عز وجل: أَوَلا
يَرَوْنَ أَنهم يُفْتَنُونَ في كل عام مرة أَو مرتين: قيل: معناه
يُخْتَبَرُونَ بالدعاء إِلى الجهاد، وقيل: يُفْتَنُونَ بإِنزال العذاب
والمكروه.والفَتْنُ: الإِحرَاق بالنار. الشيءَ في الناريَفْتِنُه: أَحرقه.
والفَتِينُ من الأَرض: الحَرَّةُ التي قد أَلْبَسَتْها كُلَّها حجارةٌ سُودٌ
كأَنها مُحْرَقة، والجمع فُتُنٌ. وقال شمر: كل ما غيرته النارُ
عن حاله فهو مَفْتُون، ويقال للأَمة السوداء مَفْتونة لأَنها كالحَرَّةِ
في السواد كأَنها مُحْترقَة؛ وقال أَبو قَيْسِ ابنُ الأَسْلَتِ:
غِراسٌ كالفَتائِنِ مُعْرَضاتٌ،
على آبارِها، أَبداً عُطُونُ
وكأَنَّ واحدة الفَتائن فَتينة، وقال بعضهم: الواحدة فَتِينة، وجمعها
فَتِين؛ قال الكميتُ:
ظَعَائِنُ من بني الحُلاَّفِ، تَأْوي
إِلى خُرْسٍ نَواطِقَ، كالفَتِينا
(* قوله «من الحلاف» كذا بالأصل بهذا الضبط، وضبط في نسخة من التهذيب
بفتح الحاء المهملة).
فحذف الهاء وترك النون منصوبة، ورواه بعضهم: كالفِتِىنَا. ويقال: واحدة
الفِتِينَ فِتْنَةٌ مثل عِزَةٍ وعِزِينَ. وحكى ابن بري: يقال فِتُونَ في
الرفع، وفِتِين في النصب والجر، وأَنشد بيت الكميت. والفِتْنَةُ:
الإِحْراقُ. وفَتَنْتُ الرغيفَ في النار إِذا أَحْرَقْته. وفِتْنَةُ الصَّدْرِ:
الوَسْواسُ. وفِتْنة المَحْيا: أَن يَعَْدِلَ عن الطريق. وفِتْنَةُ
المَمات: أَنْ يُسْأَلَ في القبر. وقوله عزَّ وجل: إِنَّ الذين فَتَنُوا
المؤْمنين والمؤْمناتِ ثم لم يتوبوا؛ أَي أَحرقوهم بالنار المُوقَدَةِ في
الأُخْدُود يُلْقُون المؤْمنين فيها ليَصُدُّوهم عن الإِيمان. وفي حديث
الحسن: إِنَّ الذين فتنوا المؤْمنين والمؤْمِنات؛ قال: فَتَنُوهم بالنار أَي
امْتَحَنُوهم وعذبوهم، وقد جعل الله تعالى امْتِحانَ عبيده المؤمنين
بالَّلأْواءِ ليَبْلُوَ صَبْرَهم فيُثيبهم، أَو جَزَعَهم على ما ابْتلاهم به
فَيَجْزِيهم، جَزاؤُهم فِتْنةٌ. قال الله تعالى: أَلم، أَحَسِبَ الناسُ
أَن يُتْرَكُوا أَن يقولوا آمنَّا وهم لا يُفْتَنُونَ؛ جاءَ في التفسير:
وهم لا يُبْتَلَوْنَ في أَنفسهم وأَموالهم فيُعْلَمُ بالصبر على البلاء
الصادقُ الإِيمان من غيره، وقيل: وهم لا يُفْتَنون وهم لا يُمْتَحَنُون بما
يَبِينُ به حقيقة إِيمانهم؛ وكذلك قوله تعالى: ولقد فَتَنَّا الذين من
قبلهم؛ أَي اخْتَبَرْنا وابْتَلَيْنا. وقوله تعالى مُخْبِراً عن
المَلَكَيْنِ هارُوتَ ومارُوتَ: إِنما نحن فِتْنَةٌ فلا تَكْفُر؛ معناه إِنما نحن
ابتلاءٌ واختبارٌ لكم. وفي الحديث: المؤمن خُلِقَ مُفَتَّناً أَي
مُمْتَحَناً يمتَحِنُه الله بالذنب ثم يتوب ثم يعود ثم يتوب، من فَتَنْتُه إِذا
امْتَحنْتَه. ويقال فيهما أَفْتَنْتُه أَيضاً، وهو قليل: قال ابن
الأَثير: وقد كثر استعمالها فيما أَخرجه الاخْتِبَار للمكروه، ثمَّ كَثُر حتى
استعمل بمعنى الإِثم والكفر والقتال والإِحراق والإِزالة والصَّرْفِ
عن الشيء. وفَتَّانَا القَبْرِ: مُنْكَرٌ ونَكِيرٌ. وفي حديث الكسوف:
وإِنكم تُفْتَنُونَ في القبور؛ يريد مُساءَلة منكر ونكير، من الفتنةِ
الامتحان، وقد كثرت استعاذته من فتنة القبر وفتنة الدجال وفتنة المحيا والممات
وغير ذلك. وفي الحديث: فَبِي تُفْتَنونَ وعنِّي تُسْأَلونَ أَي
تُمْتَحَنُون بي في قبوركم ويُتَعَرَّف إِيمانُكم بنبوَّتي. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه: أَنه سمع رجلاً يتعوَّذ من الفِتَنِ فقال: أَتَسْأَلُ رَبَّك
أَن لا يَرْزُقَك أَهْلاً ولا مالاً؟ تَأَوَّلَ قوله عزَّ وجل: إِنما
أَموالكم وأَولادُكم فِتْنَة، ولم يُرِدْ فِتَنَ القِتالِ والاختلافِ. وهما
فَتْنَانِ أَي ضَرْبانِ ولَوْنانِ؛ قال نابغة بني جَعْدة:
هما فَتْنَانِ مَقْضِيٌّ عليه
لِسَاعَتِه، فآذَنَ بالوَداعِ
الواحد: فَتْنٌ؛ وروى أَبو عمرو الشَّيْبانيّ قول عمر بن أَحمر
الباهليّ:إِمّا على نَفْسِي وإِما لها،
والعَيْشُ فِتْنَان: فَحُلْوٌ ومُرّ
قال أَبو عمرو: الفِتْنُ الناحية، ورواه غيره: فَتْنانِ، بفتح الفاء،
أَي حالان وفَنَّانِ، قال ذلك أَبو سعيد قال: ورواه بعضهم فَنَّانِ أَي
ضَرْبانِ. والفِتانُ، بكسر الفاء: غِشاء يكون للرَّحْل من أَدَمٍ؛ قال
لبيد:فثَنَيْت كَفِّي والفِتانَ ونُمْرُقي،
ومَكانُهنَّ الكُورُ والنِّسْعانِ
والجمع فُتُنٌ.
@فجن: الفَيْجَنُ والفَيْجَلُ: السَّذاب؛ قال ابن دريد: ولا أَحسبها
عربية صحيحة. وقد أَفْجَنَ الرجلُ إِذا دام على أَكل السَّذاب.
@فحن: الأَزهري: أَمَّا فَحَنَ فأَهمله الليث: قال: وفَيْحانُ اسم موضع،
قال: وأَظنه فَيْعالٌ من فَحَنَ. والأَكثر أَنه فَعْلان من الأَفْيَح،
وهو الواسِعُ، وسمَّت العرب المرأَة فَيْحُونة.
@فدن: الفَدَنُ: القَصْرُ المَشِيدُ؛ قال المُثَقِّبُ العَبْديّ:
يُنْبِى تَجاليدِي وأَقْتادَها
ناوٍ، كرأْسِ الفَدَنِ المُؤْيَدِ
والجمع أَفْدانٌ؛ وأَنشد
كما تَرَاطَنَ في أَفْدانِها الرُّومُ
وبناء مُفَدَّنٌ: طويل. والفَدانُ، بتخفيف الدال: الذي يجمع أَداةَ
الثورين في القِرانِ للحَرْثِ، والجمع أَفْدِنَةٌ
وفُدُونٌ. والفَدَّانُ: كالفَدَانِ، فَعَّال بالتشديد، وقيل: الفَدَّانُ
الثور، وقال أَبو حنيفة: الفَداَّنُ الثوران اللذان يقرنان فيحرث
عليهما، قال: ولا يقال للواحد منهما فدانٌ. أَبو عمرو: الفَدَّانُ واحد
الفَدَادِينِ، وهي البقر التي يحرث بها؛ قال أَبو تراب: أَنشدني أَبو خليفة
الحُصَيْنِيُّ لرجل يصف الجُعَل:
أَسْوَدُ كالليل، وليس بالليل،
له جناحانِ، وليس بالطَّيْر،
يَجُرُّ فَداَّناً، وليس بالثَّوْر
فجمع بين الراء واللام في القافية وشدّد الفَدَّانَ؛ قال ابن الأَعرابي:
هو الفَدَان، بتخفيف الدال. وقال أَبو حاتم: تقول العامة الفَدَّان،
والصواب الفَدَان، بالتخفيف. قال ابن بري: ذكره سيبويه في كتابه ورواه عنه
أَصحابه فَدَان، بالتخفيف، وجمعه على أَفْدِنة وقال: العِيَانُ حديدة تكون
في متاع الفَدَان، وضبطوا الفَدَان بالتخفيف. قال: وأَما الفَدَّان،
بالتشديد، فهو المبلغ المتعارف، وهو أَيضاً الثور الذي يحرث به، وحكى ابن
بري عن أَبي الحسن الصِّقِلِّي في ترجمة عين قال: الفدَان، بالتخفيف، الآلة
التي يحرث بها. والفَدَّان أَيضاً: المَزْرَعة.
وفُدَيْنٌ والفُدَيْنُ: موضع. والفَدَنُ صِبْغ أَحمر.
@فرن: الفُرْنُ: الذي يُخْبَزُ عليه الفُرْنيُّ، وهو خُبْز غليظ نسب إِلى
موضعه، وهو غير التَّنُّورِ؛ قال أَبو خِراشٍ الهُذَلِيُّ يمدح دُبَيَّة
السُّلَمِيّ:
نُقاتِلُ جُوعَهمْ بمُكَلَّلاتٍ
من الفُرْنِيِّ، يَرْعَبُها الجَميلُ
ويروى: نُقابل، بالباء؛ قال ابن بري: صوابه يقابل بالياء والباء،
والضمير يعود إِلى دُبَيَّة؛ وقبله:
فنِعْمَ مُعَرَّسُ الأَضْيافِ تَذْحى،
رِحالَهُمُ، شآمِيَةٌ بَلِيلُ
يقال: ذَحاه يَذْحُوه ويَذْحَاه طرده، بذال معجمة. وقال الخليلُ:
الفُرنيّ طعام، واحدته فُرْنِيَّةٌ. وقال ابن دريد: الفُرْن شيء يُخْتَبَز فيه،
قال: ولا أَحسبه عربيّاً. غيره: الفُرْنُ المَخْبَز، شآمية، والجمع
أَفْرانٌ. والفُرنْيَّةُ: الخُبْزَة المُسْتديرة العظيمة، منسوبة إِلى
الفُرْنِ. والفُرْنِيُّ: طعام يتخذ، وهي خُبْزَةَ مُسَلَّكَة مُصَعْنَبَة
مضمومة الجوانب إِلى الوسط، يُسَلَّكُ بعضها في بعض ثم تُرَوَّى لبناً وسمناً
وسُكَّراً، واحدته فُرْنِيَّة. والفارِنَة: خَبَّازة هذا الفُرْنِيّ
المذكور، ويسمى ذلك المُخْتَبَزُ فُرْناً. وفي كلام بعض العرب: فإِذا هي مثل
الفُرْنِيَّة الحمراء. والفُرْنِيُّ: الرجل الغليظُ ا لضخمُ؛ قال
العجاج:وطاحَ، في المَعْرَكةِ، الفُرْنِيُّ
قال ابن بري: والفُرْنِيُّ أَيضاً الضخم من الكلاب، وأَنشد بيت العجاج
هذا.
@فرتن: أَبو سعيد: الفَرْتَنَةُ عند العرب
(* قوله «الفرتنة عند العرب
إلخ» وهي أيضاً بهذا الضبط: التقارب في المشي كما في القاموس والتكملة).
تَشْقِيقُ الكلام والاهْتِماشُ فيه. يقال: فلان يُفَرْتِنُ فَرْتَنةً.
وفَرْتَنَى: الأَمَةُ والزانيةُ، وقد تقدم أَنه ثلاثي على رأْي ابن
حبيب، وأَن نونه زائدة، وذكره ابن بري: الفَرْتَنى معرَّفاً بالأَلف واللام،
قال: وكذلك الهَلُوكُ والمُومِسَة. وفَرَتَ
الرجلُ يَفْرُتُ فَرْتاً: فَجَر؛ قال: وأَما سيبويه فجعله رباعيّاً. ابن
الأَعرابي:
يقال للأَمة الفَرْتَنَى. وابن الفَرْتَنَى: وهو ابن الأَمةِ البَغِيِّ،
والعرب تسمي الأَمة فَرْتَنَى. قال ابن بري: وقال الأَحْوَلُ ابن
فَرْتَنَى وابن تُرْنَى يقالان للئيم. وقال ثعلب: فَرْتَنَى الأَمةُ، وكذلك
تُرْنَى؛ قال الأَشهب بن رُمَيْلَةَ.
أَتانِيَ ما قال البَعِيثُ ابنُ فَرْتَنَى،
أَلم تَخْشَ، إِذ أَوْعَدْتَها، أَن تُكَذّبا؟
وقال جرير:
أَلم تَرَ أَنِّي، إِذ رَمَيْتُ ابْنَ فَرْتَنَى
بصَمَّاءَ، لا يَرْجُو الحياةَ أَمِيمُها
وقال أَيضاً:
مَهْلاً بَعِيثُ، فإِنَّ أُمَّكَ فَرْتَنَى
حَمْراءُ، أَثْخَنَتِ العُلُوجَ رُداما
قال أَبو عبيد: أَراد الأَمة، وكانت أُمُّ البَعِيثِ حمراءَ من سَبْي
أَصْفَهان، وابن تُرْنَى ذكره في تَرَنَ. وفَرْتَنَى، مقصور: اسم امرأَة؛
قال النابغة:
عَفا ذو حُساً من فَرْتَنَى فالفَوارِعُ،
فَجَنْبا أَرِيكٍ، فالتِّلاعُ الدَّوافِعُ
وفَرْتَنَى أَيضاً: قصر بمَرْوِ الرُّوِذِ كان ابن خازم قد حاصر فيه
زُهَيْرَ بن ذؤيب العَدَوِيّ الذي يقال له الهَزَارْمَرْدُ.
@فرجن: الفِرْجَونُ: المِحَسَّةُ. وقد فَرْجَنَ الدابةَ بالفِرْجَوْن أَي
بالمِحَسَّة أَي حَسَّها، والله تعالى أَعلم.
@فرزن: الفِرْزانُ: من لُعَبِ الشِّطْرَنْج، أَعجمي معرّب، وجمعه
فَرَازِينُ
(* الفرزان، في الشطرنج، الملَكَة).
@فرسن: الفُرَاسِنُ والفِرْسَانُ من الأُسْد، واعْتَدَّ سيبويه
الفِرْناسَ ثلاثيّاً، وهو مذكور في موضعه. والفِرْسِنُ: فِرْسِنُ البعير، وهي
مؤنثة، وجمعها فَراسِنُ. وفي الفَراسِنِ السُّلامَى: وهي عظام الفِرْسِن
وقَصَبُها، ثم الرُّسْغ فوق ذلك، ثم الوَظِيفُ، ثم فوق الوَظِيفِ من يد
البعير الذِّراعُ، ثم فوق الذراع العَضُدُ، ثم فوق العَضُدِ الكتفُ، وفي رجله
بعد الفِرْسِنِ الرُّسغُ ثم الوظيفُ ثم الساق ثم الفخذ ثم الوَرِكُ،
ويقال لموضع الفِرْسِن من الخيل الحافرُ ثم الرُّسْغُ. والفِرْسِنُ من
البعير: بمنزلة الحافر من الدابة، قال: وربما استعير في الشاة. قال ابن
السراج: النون زائدة لأَنها من فَرسْتُ، وقد تقدم. والذي للشاة هو الظَّلْفُ.
وفي الحديث: لا تَحْقِرَنَّ من المعروف شيئاً ولو فِرسِنَ شاة؛
الفِرْسِنُ: عظم قليل اللحم، وهو خُفَّ البعير كالحافر للدابة.
@فرصن: فَرْصَنَ الشيءَ: قطعه؛ عن كراع.
@فرعن: الفَرْعَنَةُ: الكِبْرُ والتَّجَبُّر. وفِرْعَوْنُ كل نَبِيٍّ
مَلِكُ دَهْره؛ قال القَطامِي:
وشُقَّ البَحْرُ عن أَصحابِ مُوسَى،
وغُرِّقَتِ الفَراعِنَةُ الكِفارُ
الكِفارُ: جمع كافر كصاحب وصحاب، وفرعون الذي ذكره الله تعالى في كتابه
من هذا، وإِنما ترك صرفه في قول بعضهم لأَنه لا سَمِيَّ له كإِبليس فيمن
أَخذه من أَبْلَسَ؛ قال ابن سيده: وعندي أَن فرعون هذا العَلَم أَعجميٌّ،
ولذلك لم يصرف. الجوهري: فرعون لقب الوليد بن مُصْعَبٍ مَلِكِ مصر.
وكلُّ عاتٍ فِرْعَوْنٌ، والعُتاةُ: الفراعنة. وقد تَفَرْعَنَ وهو ذو
فَرْعَنَة أَي دَهاءٍ وتَكَبُّر. وفي الحديث: أَخَذَنا فِرْعَوْنُ هذه الأُمة.
الأَزهري: من الدُّرُوع الفِرْعَوْنِيَّةُ؛ قال شمر: هي منسوبة إِلى
فِرْعَوْنِ موسى، وقيل: الفِرْعَوْنُ بلغة القِبْط التّمسَاح، قال ابن بري: حكى
ابن خالويه عن الفراء فُرْعُون، بضم الفاء، لغة نادرة.
@فشن: فَيْشُونُ: اسم نهر؛ حكاه صاحبُ العين على أَنه قد يكون
فَعْلُوناً، وإِن لم يحك سيبويه هذا البناء. الليث: فَيْشُون اسم نهر، وأَفْشِيُونُ
أَعجمي.
@فطن: الفِطْنَةُ: كالفهم. والفِطْنَة: ضِدُّ الغَباوة. ورجل فَطِنٌ
بَيِّنُ الفِطْنة والفَطَنِ وقد فَطَنَ لهذا الأَمر، بالفتح، يَفْطُنُ
فِطْنَة وفَطُنَ
فَطْناً وفَطَناً، وفُطُناً وفُطُونة وفَطانة وفَطَانية، فهو فاطِنٌ له
وفَطُون وفَطِين وفَطِنٌ وفَطُنٌ وفَطْنٌ وفَطُونة، وقد فَطِنَ، بالكسر،
فِطْنة وفَطَانة وفَطَانيةً، والجمع فُطْنٌ، والأُنثى فَطِنَة؛ قال
القطامي:
إِلى خِدَبٍّ سَبِطٍ ستِّيني،
طَبٍّ بذاتِ قَرْعِها فَطُونِ
وقال الآخر:
قالتْ، وكنتُ رَجُلاً فَطِينَا:
هذا لَعَمْرُ اللهِ إِسْرائينا
وقال قَيْسُ بنُ عاصمٍ في الجمع
لا يَفْطُنُونَ لعَيْبِ جارِهِمِ،
وهُمُ لِحِفْظِ جِوارِه فُطْنُ
والمُفاطَنَةُ: مُفَاعلة منه. الليث: وأَما الفَطِنُ فذو فِطْنَةٍ
للأَشياء، قال: ولا يمتنع كل فعل من النعوت من أَن يقال قد فَعُلَ وفَطُنَ أَي
صار فَطِناً إلا القليل. وفَطَّنه لهذا الأَمر تَفْطِيناً: فَهَّمَه.
وفي المثل: لا يُفطِّنُ القارَةَ إِلا الحِجارة؛ القارةُ: أُنثى
الذِّئَبةِ. وفاطَنَةُ في الحديث: راجَعَه؛ قال الراعي:
إِذا فاطَنَتْنا في الحديثِ تَهَزْهَزَتْ
إِليها قلوبٌ، دونهن الجَوانِحُ
ويقال: فَطِنْتُ إِليه وله وبه فِطْنَةً وفَطانة. ويقال: ليس له فُطْنٌ
أَي فِطْنةٌ.
@فكن: فَكَنَ في الكذب: لَجَّ ومَضى.
@فلن: فُلانٌ وفُلانَةُ: كناية عن أَسماء الآدميين. والفُلانُ
والفُلانَةُ: كناية عن غير الآدميين. تقول العرب: رَكِبْتُ الفُلانَ وحَلَبْتُ
الفُلانة. ابن السَّرَّاج: فُلانٌ كناية عن اسم سمي به المُحَدَّثُ عنه، خاص
غالب. ويقال في النداء: يا فُلُ فتحذف منه الأَلف والنون لغير ترخيم،
ولو كان ترخيماً لقالوا يا فُلا، قال: وربما جاء ذلك في غير النداء ضرورة؛
قال أَبو النجم:
في لَجَّةٍ، أَمْسِكْ فلاناً عن فُلِ
واللجة: كثرة الأَصوات، ومعناه أَمسك فلاناً عن فلان. وفلانٌ وفلانةُ:
كناية عن الذكر والأُنثى من الناس، قال: ويقال في غير الناس الفُلانُ
والفُلانَةُ بالأَلف واللام. الليث: إِذا سمي به إِنسان لم يحسن فيه الأَلف
واللام. يقال: هذا فلانٌ آخَرُ لأَنه لا نكرة له، ولكن العرب إِذا
سَمَّوْابه الإِبلَ قالوا هذا الفُلانُ وهذه الفُلانة، فإِذا نسبت قلت فلانٌ
الفُلانِيُّ، لأَن كل اسم ينسب إِليه فإِن الياء التي تلحقه تصيره نكرة،
وبالأَلف واللام يصير معرفة في كل شيء. ابن السكيت: تقول لقيت فلاناً، إِذا
كَنَيْت عن الآدميين قلته بغير أَلف ولام، وإِذا كَنَيْتَ عن البهائم
قلته بالأَلف واللام؛ وأَنشد في ترخيم فلان:
وهْوَ إِذا قيل له: وَيْهاً، فُلُ
فإِنه أَحْجِ بِه أَن يَنْكَلُ
وهْو إِذا قيل له: وَيْهاً، كُلُ
فإِنه مُوَاشِكٌ مُسْتَعْجِلُ
وقال الأَصمعي فيما رواه عنه أَبو تراب: يقال قم يا فُلُ ويا فُلاه، فمن
قال يا فُلُ فمضى فرفع بغير تنوين فقال قم يا فُلُ؛ وقال الكميت:
يقالُ لمِثْلِي: وَيْهاً فُلُ
ومن قال يا فُلاه فسكن أَثبت الهاء فقال قُلْ ذلك يا فُلاه، وإِذا مضى
قال يا فُلا قل ذلك، فطرح ونصب. وقال المبرد: قولهم يا فُلُ ليس بترخيم
ولكنها كلمة على حِدَةٍ. ابن بُزُرْج: يقول بعض بني أَسدٍ يا فُلُ أَقبل
ويا فُلُ
أَقبلا ويا فُلُ أَقبلوا، وقالوا للمرأَة فيمن قال يا فُلُ أَقْبِلْ: يا
فُلانَ أَقبلي، وبعض بني تميم يقول يا فُلانَةُ أَقبلي، وبعضهم يقول يا
فُلاةً أَقبلي. وقال غيرهم: يقال للرجل يا فُلُ
أَقبل، وللاثنين يا فُلانِ، ويا فُلُونَ للجمع أَقبلوا، وللمرأَة يا
فُلَ أَقْبِلي، ويا فُلَتانِ، ويا فُلاتُ أَقْبِلْنَ، نصب في الواحدة لأَنه
أَراد يا فُلَة، فنصبوا الهاء. وقال ابن بري: فلانٌ لا يثنى ولا يجمع.
وفي حديث القيامة: يقول الله عز وجل أَي فُلْ أَلم أُكْرِمْكَ
وأُسَوِّدْكَ؟ معناه يا فلانُ، قال: وليس ترخيماً لأَنه لا يقال إِلا بسكون اللام،
ولو كان ترخيماً لفتحوها أَو ضموها؛ قال سيبويه: ليست ترخيماً وإِنما هي
صيغة ارْتُجِلَتْ في باب النداء، وقد جاء في غير النداء؛ وأَنشد:
في لَجَّةٍ أَمْسِكْ فلاناً عن فُلِ
فكسر اللام للقافية. قال الأَزهري: ليس بترخيم فُلانٍ، ولكنها كلمة على
حدة، فبنو أَسد يُوقِعُونَها على الواحد والاثنين والجمع والمؤنث بلفظ
واحد، وغيرهم يثني ويجمع ويؤنث؛ وقال قوم: إِنه ترخيم فلان، فحذفت النون
للترخيم والأََلف لسكونها، وتفتح اللام وتضم على مذهبي الترخيم. وفي حديث
أُسامة في الوالي الجائر: يُلْقى في النار فَتَنْدَلِقُ أَقْتابُه فيقال
له أَي فُلْ أَين ما كنت تَصِفُ. وقوله عز وجل: يا ويلَتا ليتني لم
أَتَّخِذْ فلاناً خليلاً؛ قال الزجاج: لم أَتخذ فلاناً الشيطانَ خليلاً، قال:
وتصديقُه: وكان الشيطان للإِنسان خَذُولاً؛ قال: ويروى أَن عُقْبة بن
أَبي مُعَيْطٍ هو الظالم ههنا، وأَنه كان يأْكل يديه نَدَماً، وأَنه كان عزم
على الإِسلام قبلغ أُمَيَّةَ ابن خَلَفٍ فقال له أُميةُ: وَجْهِي من
وَجْهِك حرامٌ إِن أَسلمت وإِن كَلَّمْتُكَ أَبداً فامتنع عقبة من الإِسلام،
فإِذا كان يوم القيامة أَكل يديه ندماً، وتمنى أَنه آمن واتخذ مع الرسول
إِلى الجنة سبيلاً ولم يتخذ أُمية بن خلف خليلاً، ولا يمتنع أَن يكون
قبوله من أُمية من عمل الشيطان وإِغوائه. وفُلُ بن فُلٍ: محذوف، فأَما
سيبويه فقال: لا يقال فُل يعني به فلان إِلا في الشعر كقوله:
في لجة، أَمسك فلاناً عن فُلِ
وأَما يا فُلْ التي لم تحذف من فلان فلا يستعمل إِلا في النداء، قال:
وإِنما هو كقولك يا هَناه، ومعناه يا رجل. وفلانٌ: اسم رجل. وبنو فُلان:
بَطنٌ نسبوا إِليه، وقالوا في النسب الفُلانيّ كما قالوا الهَنِيّ،
يَكْنُونَ به عن كل إِضافة. الخليلُ: فلانٌ تقديره فُعال وتصغيره فُلَيِّنٌ،
قال: وبعض يقول هو في الأَصل فُعْلانٌ حذفت منه واو، قال: وتصغيره على هذا
القول فُلَيَّانٌ، وكالإنسان حذفت منه الياء أَصله إِنْسِيان، وتصغيره
أُنَيْسِيانُ، قال: وحجة قولهم فُلُ
بن فُلٍ كقولهم هَيُّ بن بَيٍّ وهَيَّانُ بنُ بَيَّانَ. وروي عن الخليل
أَنه قال: فلانٌ نُقْصانُه ياء أَو واو من آخره، والنون زائدة، لأَنك
تقول في تصغيره فُلَيَّانٌ، فيرجع إِليه ما نقص وسقط منه، ولو كان فلانٌ مثل
دُخانٍ لكان تصغيره فُلَيِّنٌ مثل دُخَيِّنٍ، ولكنهم زادوا أَلفاً
ونوناً على فُلَ؛ وأَنشد لأَبي النجم:
إِذْ غَضِبَتْ بالعَطَنِ المُغَرْبَلِ،
تُدافِعُ الشَّيبَ ولم تُقَتَّلِ،
في لَجَّةٍ، أَمْسِكْ فلاناً عن فُلِ
@فلسطن: فِلَسْطِينُ، بكسر الفاء وفتح اللام: الكورَةُ المعروفة فيما بين
الأُرْدُنّ وديار مصر، حماها الله تعالى، وأُمُّ بلادها بيتُ
المَقْدِسِ.
@فلكن: قَوْسٌ فَيْلَكُونٌ: عظيمة؛ قال الأَسوَدُ ابنُ يَعفُرَ:
وكائِنْ كَسَرْنا من هَتُوفٍ مُرِنَّةٍ،
على القومِ، كانتْ فَيْلكُونَ المَعابِلِ
وذلك أَنه لا تُرْمى المعابلُ وهي النِّصال المُطَوَّلة إِلا على قَوْسٍ
عظيمة. الجوهري: الفَيْلَكُونُ البَرْدِيُّ
(* قوله «الفيلكون البردي»
وأيضاً القار أو الزفت كما في القاموس والتكملة)، هو فَيعَلُول.
@فنن: الفَنُّ: واحد الفُنُون، وهي الأَنواع، والفَنُّ الحالُ. والفَنُّ:
الضَّرْبُ من الشيء، والجمع أَفنان وفُنونٌ، وهو الأُفْنُون. يقال:
رَعَيْنا فُنُونَ النَّباتِ، وأَصَبْنا فُنُونَ الأَموال؛ وأَنشد:
قد لَبِسْتُ الدَّهْرَ من أَفْنانِه،
كلّ فَنٍّ ناعِمٍ منه حَبِرْ
والرجلُ يُفَنِّنُ الكلام أَي يَشْتَقُّ في فَنٍّ بعد فنٍّ،
والتَّفَنُّنُ فِعْلك. ورجل مِفَنٌّ: يأْتي بالعجائب، وامرأَة مِفْنَّة. ورجل
مِعَنٌّ مِفَنٌّ: ذو عَنَنٍ واعتراض وذو فُنُون من الكلام؛ وأَنشد أَبو
زيد:إِنَّ لنا لكَنَّه
مِعَنَّةً مِفَنَّه
وافْتَنَّ الرجل في حديثه وفي خُطْبته إِذا جاء بالأَفانين، وهو مثلُ
اشْتَقَّ؛ قال أَبو ذؤيب:
فافْتَنَّ، بعد تَمامِ الوِرْدِ، ناجِيةً،
مثْلَ الهِرَاوَةِ ثِنْياً بِكْرُها أَبِدُ
قال ابن بري: فسر الجوهري ا فْتَنَّ في هذا البيت بقولهم افْتَنَّ الرجل
في حديثه وخُطْبته إِذا جاء بالأَفانين، قال: وهو مثلُ اشْتَقَّ، يريد
أَن افْتَنَّ في البيت مستعار من قولهم افْتَنَّ الرجل في كلامه وخصومته
إِذا توسع وتصرف، لأَنه يقال افْتَنَّ الحمارُ بأُتُنه واشْتَقَّ بها إِذا
أَخذ في طَرْدِها وسَوْقها يميناً وشمالاً وعلى استقامة وعلى غير
استقامة؛ فهو يَفْتَنُّ في طَرْدِها أَفانينَ الطَّرْدِ؛ قال: وفيه تفسير آخر
وهو أَن يكون افْتَنَّ في البيت من فَنَنْتُ الإِبلَ إِذا طردتها، فيكون
مثل كسَبْته واكتَسَبْته في كونهما بمعنى واحد، وينتصب ناجية بأَنه مفعول
لافْتَنَّ من غير إِسقاط حرف جر، لأَن افْتَنَّ الرجل في كلامه لا
يتعدَّى إِلا بحرف جرّ؛ وقوله: ثِنياً بكرها أَبِدُ أَي وَلَدَت بَطْنَين،
ومعنى بِكْرُها أَبِدٌ أَي وَلَدُها الأَول قد توحش معها. وافْتَنَّ: أَخذ في
فُنُونٍ من القول. والفُنُونُ: الأَخلاطُ من الناس. وإِن المجلس ليجمع
فُنُوناً من الناس أَي ناساً ليسوا من قبيلة واحدة. وفَنَّنَ الناسَ:
جعلهم فُنُوناً. والتَّفْنينُ: التخليط؛ يقال: ثوبٌ فيه تَفْنين إِذا كان
فيه طرائق ليست من جِنْسه. والفَنَّانُ في شعر الأَعشى: الحمارُ؛ قال:
الوحشي الذي يأْتي بفُنُونٍ من العَدْوِ؛ قال ابن بري وبيت الأَعشى الذي
أَشار إِليه هو قوله:
وإِنْ يَكُ تَقْرِيبٌ من الشَّدِّ غالَها
بمَيْعَةِ فَنَّانِ الأَجارِيِّ، مُجْذِمِ
والأّجارِيُّ: ضُروبٌ من جَرْيه، واحدها إِجْرِيّا، والفَنُّ:
الطَّرْدُ. وفَنَّ الإِبلَ يَفُنُّها فَنّاً إِذا طردها؛ قال الأَعشى:
والبِيضُ قد عَنَسَتْ وطال جِرَاؤُها،
ونَشَأْنَ في فَنٍّ وفي أَذْوادِ
وفَنَّه يَفُنُّه فَنّاً إِذا طرده. والفَنُّ: العَناء. فنَنْتُ الرجلَ
أَفُنُّه فَنّاً إِذا عَنَّيْتَه، وفنَّه يَفُنُّه فَنّاً:
عَنَّاه؛ قال:
لأجْعَلَنْ لابنة عَمْروللهٍ فَناً،
حتى يَكُونَ مَهْرُها دُهْدُنَّا
وقال الجوهري: فنّاً أي أمراً عَجَباً، ويقال: عَناءً أي آخُذُ عليها
بالعَناء حتى تَهَبَ لي مَهْرَها. والفَنُّ: المَطْلُ. والفَنُّ: الغَبْنُ،
والفعل كالفعل، والمصدر كالمصدر. وامرأَة مِفَنَّة: يكون من الغَبْنِ
ويكون من الطَّرْدِ والتَّغْبِيَة.
وأُفْنُونُ الشَّبابِ: أوَّله، وكذلك أُفْنُونُ السحاب. والفَنَنُ:
الغُصْنُ المستقيم طُولاً وعَرْضاً؛ قال العجاج:
والفَنَنُ الشَّارِقُ والغَرْبيُّ
والفَنَنُ: الغُصْنُ، وقيل: الغُصْنُ القَضِيب يعني المقضوب، والفَنَنُ:
ما تشَعَّبَ منه، والجمع أَفْنان. قال سيبويه: لم يُجاوِزُوا به هذا
البناء. والفَنَنُ: جمعه أَفْنانٌ، ثم الأَفانِينُ؛ قال الشاعر يصف
رَحىً:لها زِمامٌ من أَفانِينِ الشَّجَرْ
وأما قول الشاعر:
مِنَا أَنْ ذَرَّ قَرْنُ الشمسِ، حتى
أغاثَ شَرِيدَهمْ فَنَنُ الظَّلام
فإنه استعار للظلمة أَفْناناً، لأَنها تسْتُر الناسَ بأَستارها
وأَوراقِها كما تستر الغصون بأَفنانها وأَوراقها. وشجرة فَنْواءُ: طويلة
الأَفْنانِ، على غير قياس. وقال عكرمة في قوله تعالى: ذَواتَا أَفْنانٍ؛ قال:
ظِلُّ الأغصانِ على الحِيطانِ؛ وقال أَبو الهيثم: فسره بعضهم ذَواتا
أغصانٍ، وفسره بعضهم ذواتا أَلوان، واحدها حينئذ فَنّ وفَنَنٌ، كما قالوا
سَنٌّ وسَنَنٌ وعَنٌّ وعَنَنٌ. قال أَبو منصور: واحدُ الأَفنان إذا أَردت بها
الأَلوان فَنٌّ، وإذا أردْتَ بها الأغصان فواحدها فَنَنٌ. أَبو عمرو:
شجرة فَنْواء ذات أَفنان. قال أبو عبيد: وكان ينبغي في التقدير فَنَّاء.
ثعلب: شجرة فَنَّاء وفَنْواء ذات أَفْنانٍ، وأَما قَنْواء، بالقاف، فهي
الطويلة. قال أَبو الهيثم: الفُنُون تكون في الأغصان، والأغصان تكون في
الشُّعَبِ، والشُّعَبُ تكون في السُّوق، وتسمى هذه الفُروعُ، يعني فروعَ
الشجر، الشَّذَبَ، والشَّذَبُ العِيدانُ التي تكون في الفُنون. ويقال
للجِذعِ إذا قطع عند الشَّذَب: جِذْعٌ مُشَذَّبٌ؛ قال امرؤ القيس:
يُرادَا على مِرْقاةِ جِذْعٍ مُشَذَّبِ
يُرادا أي يُدارا. يقال: رادَيْتُه ودارَيْتُه. والفَنَنُ: الفَرْع من
الشجر، والجمع كالجمع. وفي حديث سِدْرة المُنْتَهَى: يسير الراكب في
ظِلِّ الفَنَنِ مائةَ سَنةٍ. وامرأَة فَنْواء: كثيرة الشعر، والقياس في كل
ذلك فَنَّاء، وشعَر فَيْنان؛ قال سيبويه: معناه أَن له فنوناً كأَفنانِ
الشجر، ولذلك صرف، ورجل فَيْنان وامرأَة فَينانة؛ قال ابن سيده: وهذا هو
القياس لأَن المذكر فَيْنان مصروف مشتق من أَفنان الشجر. وحكي ابن
الأَعرابي: امرأَة فَيْنَى كثيرة الشعر، مقصور، قال: فإن كان هذا كما حكاه فحكم
فَيْنان أن لا ينصرف، قال: وأُرى ذلك وهَماً من ابن الأَعرابي. وفي
الحديث: أَهلُ الجنة مُرْدٌ مُكَحَّلون أُولو أَفانِين؛ يريد أُولو شُعور
وجُمَم. وأَفانِينُ: جمع أَفنان، وأَفنانٌ: جمع فَنَنٍ، وهو الخُصلة من
الشعر، شبه بالغصن؛ قال الشاعر:
يَنْفُضْنَ أَفنانَ السَّبيبِ والعُذَرْ
يصف الخيلَ ونَفْضَها خُصَل شعر نواصيها وأَذنابها؛ وقال المَرَّار:
أَعَلاقَةً أُمَّ الوُلَيِّد، بعدَما
أَفْنانُ رأْسِك كالثَّغام المُخْلِسِ؟
يعني خُصَلَ جُمَّة رأْسِه حين شاب. أَبو زيد: الفَينان الشعر الطويل
الحسَنُ. قال أَبو منصور: فَيْنانٌ فَيعال من الفَنَن، والياء زائدة.
التهذيب: وإن أَخذت قولهم شعر فَيْنانٌ من الفَنَن وهو الغصن صرفته في حالي
النكرة والمعرفة، وإن أَخذته من الفَيْنة وهو الوقت من الزمان أَلحقته بباب
فَعْلان وفَعْلانة، فصرفته في النكرة ولم تصرفه في المعرفة. وفي الحديث:
جاءَت امرأَةٌ تشكو زوجَها فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: تُرِيدينَ
أن تزَوَّجِي ذا جُمَّةٍ فَينانة على كل خُصلة منها شيطان؛ الشعر
الفَيْنانُ: الطويل الحسن، والياء زائدة. ويقال: فَنَّنَ فلانٌ رأْيه إذا لَوَّنه
ولم يثبت على رأْي واحد. والأَفانِينُ: الأَساليب، وهي أَجناس الكلام
وطُرُقه. ورجل مُتفَنِّنٌ أي ذو فُنون. وتَفنَّنَ: اضطرب كالفَنَن. وقال
بعضهم: تَفنَّن اضطرب ولم يَشْتقَّه من الفَنن، والأَول أَولى؛ قال:
لو أَن عُوداً سَمْهَريّاً من قَنا،
أو من جِيادِ الأَرْزَناتِ أَرْزَنا،
لاقى الذي لاقَيْتُه تَفنَّنا
والأُفْنونُ: الحية، وقيل: العجوز، وقيل: العجوز المُسِنَّة، وقيل:
الداهية؛ وأَنشد ابن بري لابن أَحمر في الأُفْنون العجوز:
شَيْخٌ شآمٍ وأُفْنونٌ يَمانِيةٌ،
من دُونِها الهَوْلُ والمَوْماة والعِلَلُ
وقال الأَصمعي: الأُفْنون من التَّفَنُّن؛ قال ابن بري: وبيت ابن أَحمر
شاهد لقول الأَصمعي، وقولُ يعقوب إنَّ الأُفْنون العجوز بعِيدٌ جدّاً،
لأَنَّ ابنَ أَحمر قد ذكر قبل هذا البيت ما يَشْهَد بأَنها محبوبته، وقد
حال بينه وبينها القَفْرُ والعِلل.
والأُفْنون من الغُصن: المُلتفُّ. والأُفنون: الجَرْيُ المختلط من جَرْي
الفرس والناقة. والأُفنون: الكلام المُثبَّجُ من كلام الهِلْباجة.
وأُفْنون: اسم امرأَة، وهو أَيضاً اسم شاعرسمي بأَحد هذه الأَشياء.
والمُفَنَّنة من النساء: الكبيرة السيئة الخُلُق؛ ورجل مُفَنَّنٌ كذلك.
والتَّفْنِينُ: فِعْلُ الثَّوْب إذا بَلِيَ فتفَزَّرَ بعضهُ من بعض،
وفي المحكم: التَّفْنِينُ تفَزُّر الثوب إذا بَليَ من غير تشقق شديد،
وقيل: هو اختلاف عمَله برِقَّة في مكان وكثافة في آخر؛ وبه فسرابن الأَعرابي
قول أَبانَ بن عثمان:: مَثَلُ اللَّحْن في الرجل السَّريِّ ذي الهيئة
كالتَّفنِين في الثوب الجيِّد. وثوب مُفَنَّنٌ: مختلف. ابن الأَعرابي:
التَّفْنِينُ البُقعة السَّخيفة السَّمِجة الرقيقة في الثوب الصفيق وهو عيب،
والسَّريُّ الشريف النفيس من الناس.
والعربُ تقول كنتُ بحال كذا وكذا فَنَّةً من الدهر وفَيْنةً من الدهر
وضَرْبة من الدهر أي طرَفاً من الدهر.
والفَنِينُ: وَرَمٌ في الإبط ووجع؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
فلا تَنْكِحي، يا أَسْمَ، إن كنتِ حُرَّةً
عُنَيْنةَ ناباً نُجَّ عنها فَنِينُها
نصب ناباً على الذم أو على البدل من عُنَينة أي هو في الضعف كهذه الناب
التي هذه صِفَتُها؛ قال ابن سيده: وهكذا وجدناه بضبط الحامِض نُجَّ،
بضم النون، والمعروف نَجَّ. وبعير فَنِينٌ ومَفْنون: به ورم في إبطه؛ قال
الشاعر:
إذا مارَسْت ضِغْناً لابنِ عَمٍّ،
مِراسَ البَكْر في الإبِطِ الفَنِينا
أَبو عبيد: اليَفَنُ، بفتح الياء والفاء وتخفيف النون، الكبير، وقيل:
الشيخ الفاني، والياء فيه أَصلية؛ وقال بعضهم: بل هو على تقديريفعل لأَن
الدهر فَنَّه وأَبلاه، وسنذكره في يفن.
والفَيْنانُ: فرس قرانة بن عُوَيَّة الضَّبّيّ، والله أََعلم.
@فنفن: فَنْفَنَ الرجلُ إذا فَرَّقَ إبله كَسَلاً وتوانِياً.
@فهكن: تَفَهْكَن الرجلُ: تنَدَّم؛ حكاه ابن دريد، وليس بثَبت.
@فون: التهذيب: التَّفَوُّن البركة وحُسْن النَّماء.
@فين: الفَيْنةُ: الحينُ. حكى الفارسيّ عن أَبي زيد: لقيته فَيْنةَ،
والفَيْنةَ بعد الفَيْنة، وفي الفَيْنة، قال: فهذا مما اعْتَقب عليه تعريفان:
تعريف العلمية، والأَلف واللام، كقولك شَعوب والشَّعُوب للمنية.
وفي الحديث: ما من مولود إلاَّ وله ذَنْبٌ قد اعْتاده الفَيْنة بعد
الفَيْنةَ أَي الحين بعد الحين والساعة بعد الساعة. وفيحديث علي، كرم الله
وجهه: في فَيْنة الارْتِياد وراحة الأَجساد. الكسائي وغيره: الفَيْنة
الوقت من الزمان، قال: وإن أَخذتَ قولهم شَعَرٌ فَيْنانٌ من الفَنَن، وهو
الغصن، صرفته في حالي النكرة والمعرفة، وإن أَخذته من الفَيْنة، وهو الوقت
من الزمان، أَلحقته بباب فَعْلان وفَعْلانة فصرفته في النكرة ولم تصرفه
في المعرفة. ورجل فَيْنانٌ:
حسن الشعر طويلة، وهو فَعْلان؛ وأَنشد ابن بري للعجاج:
إذ أَنا فَيْنانٌ أُناغِي الكُعَّبا
وقال آخر:
فرُبَّ فَيْنانٍ طويلٍ أَمَمُه،
ذي غُسُناتٍ قد دَعاني أَحْزمُهُ
وقال الشاعر:
وأَحْوَى، كأَيْمِ الضالِ أَطرقَ بعدما
حَبا، تحتَ فَيْنانٍ من الظِّلِّ وارفِ
يقال: ظِلٌّ وارِفٌ أَي واسعٌ ممتدٌّ؛ قال: وقال آخر:
أما تَرَى شَمَطاً في الرأْسِ لاحَ به،
من بَعْدِ أَسْودَ داجِي اللَّوْنِ فَيْنانِ
والفَيْناتُ: الساعاتُ. أَبو زيد: يقال إني لآتي فلاناً الفَيْنَةَ بعد
الفَيْنَةِ أي آتيه الحِينَ بعد الحين، والوقت َبعد الوقت ولا أُدِيمُ
الاختلافَ إليه. ابن السكيت: ما ألقاه إلاَّ الفَيْنَةَ بعد القَيْنَة أي
المرَّةَ بعدَ المرَّة، وإنْ شئت حذفت الأَلف واللام فقلت لَقيته
فَيْنَةَ، كما يقال لقيته النَّدَرَى وفي نَدَرَى، والله أَعلم.
@فره: فَرُهَ الشيءُ، بالضم، يَفُرُهُ فَرَاهَةً وفَراهِيَةً وهو فارِهٌ
بيِّنُ الفَراهةِ والفُروهةِ؛ قال:
ضَوْرِيَّةٌ أُولِعْتُ باشتِهارِها،
ناصِلَةُ الحَقْوَينِ من إزارِها
يُطْرِقُ كلْبُ الحَيِّ من حِذارِها،
أَعْطَيْتُ فيها، طائِعاً أَوكارِها،
حَدِيقَةً غَلْباءَ في جِدارِها،
وفَرَساً أُنْثى وعَبْداً فارِها
الجوهري: فارِهٌ نادر مثل حامض، وقياسه فَرِيهٌ وحَمِيضٌ، مثل صَغُر فهو
صَغِير ومَلُحَ فهو مَلِيح. ويقال للبِرْذَوْنِ والبغل والحمار: فارِهٌ
بيِّنُ الفُروهةِ والفَراهِيَة والفَراهَةِ؛ والجمع فُرْهة مثل صاحِبٍ
وصُحْبة، وفُرْهٌ أَيضاً مثل بازل وبُزْلٍ وحائل وحُولٍ. قال ابن سيده:
وأَما فُرْهَة فاسم للجمع، عند سيبويه، وليس بجمع لأَن فاعلاً ليس مما
يكسَّر على فُعْلة، قال: ولا يقال للفرس فارِِهٌ إنما يقال في البغل والحمار
والكلب وغير ذلك. وفي التهذيب: يقال بِرْذَوْنٌ فارِهٌ وحمار فارِهٌ
إذا كانا سَيُورَيْن، ولا يقال للفرس إلا جَوادٌ، ويقال له رائع. وفي حديث
جريج: دابَّةٌ فارِهَة أَي نَشيطة حادَّة قَوِيَّة؛ فأَما قول عديِّ
بن زيد في صفة فرس:
فصافَ يُفَرِّي جُلَّه عَنْ سَراتِه،
يَبُذُّ الجِيادَ فارِهاً مُتَتايعا
فزعم أَبو حاتم أَن عَدِيّاً لم يكن له بَصَرٌ بالخيل، وقد خُطِّئَ
عَديٌّ في ذلك، والأُنثى فارِهَةٌ؛ قال الجوهري: كان الأَصمعي يُخَطِّئ
عديّ بن زيد في قوله:
فنَقَلْنا صَنْعَهُ، حتى شَتا
فارِهَ البالِ لَجُوجاً في السَّنَنْ
قال: لم يكن له عِلْمٌ بالخيل. قال ابن بري: بيتُ عديٍّ الذي كان
الأَصمعي يُخَطِّئه فيه هو قوله:
يَبُذُّ الجِيادَ فارهاً مُتَتايعا
وقول النابغة:
أَعْطى لفارِهةٍ حُلْوٍ توابِعُها
مِنَ المَواهب لا تُعْطى على حَسَد
قال ابن سيده: إنما يعني بالفارهة القَيْنة وما يَتْبعُها من المَواهب،
والجمعُ فَوارِهُ وفُرُهٌ؛ الأَخيرة نادرة لأَن فاعلة ليس مما يُكسَّر
على فُعُلٍ. ويقال: أَفْرَهت فُلانةُ إذا جاءَت بأَوْلادٍ فُرَّهَةٍ أَي
مِلاحٍ. وأَفْرَهَ الرجلُ إذا اتخذ غُلاماً فارِهاً، وقال: فارِهٌ
وفُرْهٌ ميزانه نائبٌ ونُوب. قال الأَزهري: وسمعت غير واحد من العرب يقول:
جاريةٌ فارِهةٌ إذا كانت حَسْناءَ مليحة. وغلامٌ فارِهٌ: حَسَنُ الوجه،
والجمع فُرْه. وقال الشافعي في باب نَفقة المَماليك والجواري: إذا كان لهنَّ
فَراهةُ زِيدَ في كِسْوَتهنَّ ونفقتِهِنَّ؛ يريد بالفَراهة الحُسْنَ
والمَلاحةَ. وأَفْرَهَت الناقةُ، فهي مُفْرِه ومُفْرهة إذا كانت تُنْتَج
الفُرْهَ، ومُفَرِّهة أَيضاً؛ قال مالك بن جعدة الثعلبي:
فإنَّكَ يومَ تَأْتيني حَريباً،
تَحِلُّ عَليَّ يَوْمَئِذٍ نُذورُ
تَحِلُّ على مُفَرِّهَةٍ سِنادٍ،
على أَخفافِها عَلَقٌ يمُورُ
ابن سيده: ناقة مُفْرِهة تَلِد الفُرْهَة؛ قال أَبو ذؤيب:
ومُفْرِهَةٍ عَنْسٍ قَدَرْتُ لِساقِها،
فَخَرَّت كما تَتابَعَ الرِّيحُ بالقَفْلِ
ويروى: كما تَتايَع. والفارِهُ: الحاذِقُ بالشيء. والفُرُوهَةُ
والفَراهةُ والفَراهِيةُ: النَّشاطُ. وفَرِهَ، بالكسر: أَشِرَ وبَطِرَ. ورجل
فَرِهٌ: نَشيطٌ أَشِرٌ. وفي التنزيل العزيز: وتَنْحِتُون من الجبال بيوتاً
فَرِهينَ؛ فمن قرأَه كذلك فهو منْ هذا شَرِهين بَطِرين، ومن قرأَه فارِهينَ
فهو من فَرُه، بالضم؛ قال ابن بري عند هذا الموضع: قال ابن وادع
العَوْفي:
لا أَسْتَكِينُ، إذا ما أَزْمَةٌ أَزَمَتْ،
ولن تَراني بخيرٍ فارهَ الطَّلَبِ
قال الفراء: معنى فارِهِين حاذقِين، قال: والفَرِحُ في كلام العرب،
بالحاء، الأَشِرُ البَطِر. يقال: لا تَفْرحْ أَي لا تَأْشَرْ. قال الله عز
وجل: لا تَفْرَحْ إن الله لا يُحِبُّ الفَرِحينَ؛ فالهاء ههنا كأَنها
أُقِيمت مُقام الحاء. والفَرَهُ: الفَرَحُ. والفَرِهُ: الفَرِحُ. ورجل فارِهٌ:
شديدُ الأَكل؛ عن ابن الأَعرابي، قال: وقال عبدٌ لرجلٍ أَراد أَن
يَشْتَرِيَه: لا تَشْتَرني، آكُلُ فارِهاً وأَمْشِي كارهاً.
@فطه: فَطِهَ الظهرُ فَطَهاً: كفَزِرَ.
@فقه: الفِقْهُ: العلم بالشيء والفهمُ له، وغلبَ على عِلْم الدين
لسِيادَتِه وشرفه وفَضْلِه على سائر أَنواع العلم كما غلب النجمُ على
الثُّرَيَّا والعُودُ على المَنْدَل؛ قال ابن الأَثير: واشْتِقاقهُ من الشَّقِّ
والفَتْح، وقد جَعَله العُرْفُ خاصّاً بعلم الشريعة، شَرَّفَها الله
تعالى، وتَخْصيصاً بعلم الفروع منها. قال غيره: والفِقْهُ في الأَصل
الفَهْم. يقال: أُوتِيَ فلانٌ فِقْهاً في الدين أَي فَهْماً فيه. قال الله عز
وجل: ليَتفَقَّهوا في الدين؛ أَي ليَكونوا عُلَماء به، وفَقَّهَه اللهُ؛
ودعا النبي، صلى الله عليه وسلم، لابن عباس فقال: اللهم عَلِّمْه الدِّينَ
وفَقِّهْه في التأْويل أَي فَهِّمْه تأْويلَه ومعناه، فاستجاب الله
دُعاءه، وكان من أَعلم الناس في زمانه بكتاب الله تعالى. وفَقِه فِقْهاً:
بمعنى عَلِم عِلْماً. ابن سيده: وقد فَقُه فَقاهَةً وهو فَقِيهٌ من قوم
فُقَهاءَ، والأُنثى فَقِيهة مِنْ نِسْوةٍ فقائِهَ. وحكى اللحياني: نسوة
فُقَهاء، وهي نادرة، قال: وعندي أَن قائل فُقَهاء من العرب لم يَعْتَدَّ بهاء
التأْنيث، ونظيرها نسوة فُقَراء. وقال بعضهم: فَقُه الرجل فَقَهاً
وفِقْهاً وفَقِه
(* قوله «وفقه» بعد قوله «وفقهاً» كذا بالأصل. وبالوقوف على
عبارة ابن سيده تعلم أن فقه كعلم ليس من كلام البعض وان كان لغة في فقه
بالضم ولعلها تكررت من النساخ). وفَقِه الشيءَ: عَلِمَه. وفَقَّهَه
وأَفْقَهَه: عَلَّمه. وفي التهذيب: وأَفْقَهْتُه أَنا أَي بَيَّنْتُ له
تَعَلُّم الفِقْه. ابن سيده: وفَقِهَ عنه، بالكسر، فَهِمَ. ويقال: فَقِهَ فلانٌ
عني ما بَيَّنْتُ له يَفْقَه فِقْهاً إذا فَهِمَه. قال الأَزهري: قال لي
رجل من كلاب وهو يَصِف لي شيئاً فلما فرغ من كلامه قال أَفَقِهْتَ؟
يريد أَفَهِمْتَ. ورجل فَقُهٌ: فَقِيهٌ، والأُنثى فَقُهةٌ. ويقال للشاهد:
كيف فَقاهَتُك لما أَشْهَدْناك، ولا يقال في غير ذلك. الأَزهري: وأَما
فَقُه، بضم القاف، فإنما يستعمل في النعوت. يقال: رجل فَقِيهٌ، وقد فَقُهَ
يَفْقُه فَقاهةَ إذا صارَ فَقيهاً وسادَ الفُقَهاءَ. وفي حديث سَلْمان:
أَنه نزل على نَبَطِيَّةٍ بالعراق فقال لها: هل هنا مكانٌ نَظيف أُصَلي
فيه؟ فقالت: طَهِّرْ قَلْبَك وصَلِّ حَيْثُ شِئْتَ، فقال سلمان: فَقِهَتْ
أَي فَهِمَتْ وفَطِنَتْ للحقِّ والمَعْنى الذي أَرادَتْ، وقال شمر:
معناه أَنها فَقِهَتْ هذا المعنى الذي خاطَبَتْه، ولو قال فَقُهَتْ كان
معناه صارَت فَقيهةً. يقال: فَقِهَ عَنِّي كلامي يَفْقَه أَي فَهِمَ، وما
كان فَقيهاً ولقد فَقُه وفَقِه. وقال ابن شميل: أعجبني فَقاهَتُه أَي
فِقْهُه. ورجل فَقيهٌ: عالمٌ. وكل عالم بشيء فهو فَقيهٌ؛ من ذلك قولهم: فلان
ما يَفْقَه وما يَنْقَه؛ معناه لا يَعْلم ولا يَفْهَم. ونَقِهْتُ الحديثَ
أَنْقَهُه إذا فَهِمْته. وفَقِيه العرب: عالمُ العرب. وتَفَقَّه:
تَعاطى الفِقْهَ. وفاقَهْتُه إذا باحَثْته في العلم. والفِقْهُ: الفِطْنةُ.
وفي المثل: خيرُ الفِقْه ما حاضَرْت به، وشَرُّ الرَّأْي الدَّبَريُّ.
وقال عيسى بن عمر: قال لي أَعرابي شَهِدْتُ عليك بالفِقهِ أَي الفِطْنةِ.
وفَحْلٌ فَقيهٌ: طَبٌّ بالضِّراب حاذِقٌ.
وفي الحديث: لعَنَ اللهُ النائحةَ والمُسْتَفْقِهةَ؛ هي التي تُجاوِبُها
في قولها لأَنها تتَلَقَّفُه وتتَفَهَّمُه فتُجيبها عنه.
ابن بري: الفَقْهةُ المَحالةُ في نُقْرة القفا؛ قال الراجز:
وتَضْرِب الفَقْهةَ حتى تَنْدَلِق
قال: وهي مقلوبة من الفَهْقة.
@فكه: الفاكهةُ: معروفةٌ وأَجْناسُها الفَواكهُ، وقد اختلف فيها فقال
بعض العلماء: كل شيء قد سُمِّيَ من الثِّمار في القُرآن نحو العِنَب
والرُّمّان فإنا لا نُسَمِّيه فاكهةً، قال: ولو حَلَفَ أَن لا يأْكل فاكهة
فأَكل عنباً ورُمّاناً لم يَحْنَثْ ولم يكنْ حانثاً. وقال آخرون: كلُّ
الثِّمار فاكهةٌ، وإنما كرر في القرآن في قوله تعالى: فيهما فاكهةٌ ونخلٌ
ورُمّانٌ؛ لتَفْضِيل النخلِ والرُّمَّان على سائر الفواكه دُونَهما، ومثله
قوله تعالى: وإذْ أَخَذْنا من النَّبِيِّين مِيثاقَهم ومِنْكَ ومن نوحٍ
وإبراهيمَ وموسَى وعيسى بن مريم؛ فكرر هؤلاء للتفضيل على النَّبِيِّين
ولم يَخْرُجوا منهم.
قال الأَزهري: وما علمت أَحداً من العرب قال إنَّ النخيلَ والكُرومَ
ثِمارُها ليست من الفاكهة، وإنما شذ قول النعمان بن ثابت في هذه المسأَلة عن
أَقاويل جماعة فقهاء الأَمصار لقلة علمه بكلام العرب وعلمِ اللغة
وتأْويلِ القُرآن العربي المُبين، والعرب تَذْكُر الأَشياء جملة ثم تَخُصُّ
منها شيئاً بالتسمية تنبيهاً على فَضْلٍ فيه. قال الله تعالى: مَنْ كانَ
عَدُوّاً لله وملائكتهِ ورُسُلِه وجِبْريلَ ومِيكالَ؛ فمن قال إن
جِبْريلَ ومِيكالَ ليسا من الملائكة لإفْرادِ الله عزَّ وجل إياهما بالتسمية
بعد ذِكْر الملائكة جُمْلةً فهو كافر، لأَن الله تعالى نص على ذلك
وبَيَّنه، وكذلك مَنْ قال إن ثمرَ النخلِ والرُّمانِ ليس فاكهة لإفراد الله
تعالى إياهما بالتسمية بعد ذكر الفاكهة جُمْلة فهو جاهل، وهو خلافُ المعقول
وخلافُ لغة العرب. ورجلٌ فَكهٌ: يأْكل الفاكِهةَ، وفاكِهٌ: عنده فاكهة،
وكلاهُما على النَّسَب. أَبو معاذ النحوي: الفاكه الذي كَثُرَتْ
فاكِهتُه، والفَكِهُ: الذي يَنالُ من أَعراضِ الناسِ، والفاكهانِيُّ: الذي
يَبِيعُ الفاكهةَ. قال سيبويه: ولا يقال لبائع الفاكهة فَكَّاه، كما قالوا
لَبّان ونَبّال، لأَن هذا الضرب إنما هو سماعي لا اطِّراديّ. وفَكَّهَ
القومَ بالفاكِهة: أَتاهم بها. والفاكهة أَيضاً: الحَلْواءُ على التشبيه.
وفَكَّهَهُم بمُلَح الكلام: أَطْرَفَهُم، والاسمُ الفكِيهةُ والفُكاهةُ،
بالضم، والمصدر المتوهم فيه الفعل الفَكاهةُ. الجوهري: الفَكاهةُ، بالفتح،
مصدرُ فَكِهَ الرجلُ، بالكسر، فهو فَكِهٌ إذا كان طَيِّبَ النَّفْس
مَزّاحاً، والفاكهُ المزّاحُ. وفي حديث أَنس: كان النبي، صلى الله عليه
وسلم، من أَفْكَهِ الناس مع صَبِيٍّ؛ الفاكهُ: المازحُ. وفي حديث زيد بن
ثابت: أَنه كان من أَفْكَهِ الناسِ إذا خلا مع أَهله؛ ومنه الحديث: أَربعٌ
ليس غِيبَتُهن بغيبةٍ، منهم المُتَفَكِّهون بالأُمَّهات؛ هم الذين
يَشْتُمُونَهُنَّ مُمازِحِين. والفُكاهةُ، بالضم: المِزاحُ، وقيل: الفاكهُ ذو
الفُكاهة كالتامر واللاَّبن. والتَّفاكُهُ: التَّمازُحُ. وفاكَهْتُ
القومَ مُفاكَهةً بمُلَحِ الكلامِ والمِزاحِ، والمُفاكهَةُ: المُمازحَةُ. وفي
المثل: لا تُفاكِه أَمَهْ ولا تَبُلْ على أَكَمَهْ. والفَكِهُ:
الطَّيِّبُ النفس، وقد فَكِهَ فَكَهاً. أَبو زيد: رجل فَكِهٌ وفاكِهٌ وفَيْكَهان،
وهو الطيب النفس المزَّاحُ؛ وأَنشد:
إذا فَيْكهانٌ ذو مُلاءٍ ولِمَّةٍ،
قليل الأَذَى، فيما يُرَى الناسُ، مُسْلِمُ
وفاكَهْتُ: مازَحْتُ. ويقال للمرأَة: فَكِهةٌ، وللنساء فَكِهات.
وتَفَكَّهْتُ بالشيء: تَمَتَّعْتُ به. ويقال: تركت القومَ يتَفَكَّهُون بفلانٍ
أَي يَغْتابونه ويتَناولونَ منه. والفَكِهُ: الذي يُحَدِّث أَصحابَه
ويُضْحِكُهم. وفَكِهَ مِنْ كذا وكذا وتفَكَّه: عَجِبَ. تقول: تفَكَّهْنا من
كذا وكذا أي تعَجَّبْنا؛ ومنه قوله عز وجل: فظَلْتُمْ تَفَكَّهُون؛ أَي
تتَعجَّبُونَ مما نَزَلَ بكم في زَرْعِكم. وقوله عز وجل: فاكِهين بما
آتاهُم رَبُّهم؛ أَي ناعمين مُعْجبينَ بما هم فيه، ومن قرأَ فَكِهينَ
يقول فَرِحِين. والفاكِهُ: الناعم في قوله تعالى: في شُغُل فاكِهونَ.
والفَكِهُ: المُعْجب. وحكى ابن الأَعرابي: لو سَمِعْتَ حديث فلان لما فَكِهْتَ
له أَي لما أَعجبك. وقوله تعالى: في شُغُلٍ فاكهون؛ أَي مُتعجِّبون
ناعِمون بما هم فيه. الفراء في قوله تعالى في صفة أَهل الجنة: في شُغُلٍ
فاكهون، بالأَلف، ويقرأُ فَكِهُون، وهي بمنزلة حَذِرُون وحاذِرُون؛ قال
أَبو منصور: لما قرئ بالحرفين في صفة أَهل الجنة علم أَن معناهما
واحد.أَبو عبيد: تقول العرب للرجل إذا كان يَتَفَكَّه بالطعام أَو
بالفاكهةِ أَو بأَعْراضِ الناس إن فلاناً لَفَكِهٌ بكذا وكذا؛ وأَنشد:
فَكِهٌ إلى جَنْبِ الخِوانِ، إذا غَدتْ
نَكْباء تَقْطَعُ ثابتَ الأَطْنابِ
والفَكِهُ: الأَشِرُ البَطِرُ. والفاكِهُ: من التَّفَكُّهِ. وقرئ:
ونَعْمةٍ كانوا فيها فَكِهينَ، أَي أَشِرينَ، وفاكهينَ أَي ناعمين. التهذيب:
أََهل التفسير يختارون ما كان في وصف أَهل الجنة فاكِهين، وما في وصف أهل
النار فَكهينَ أَي أَشِرينَ بَطِرين. قال الفراء في قوله تعالى: إنَّ
المُتَّقِينَ في جنّات ونَعيمٍ فاكهينَ؛ قال: مُعْجبين بما آتاهم ربهم؛
وقال الزجاج: قرئ فَكِهينَ وفاكِهينَ جميعاً، والنصب على الحال، ومعنى
فاكِهينَ بما آتاهم ربهم أَي مُعْجبين.
والتَّفَكُّهُ: التنَدُّمُ. وفي التنزيل: فظَلْتُم تَفكَّهون؛ معناه
تَنَدَّمُون، وكذلك تَفَكَّنُون، وهي لغة لِعُكْل. اللحياني: أَزْدُ
شَنُوءَة يقولون يتَفكَّهُون، وتميمٌ تقولُ يتَفَكَّنُون أَي يتندَّمُون. ابن
الأَعرابي: تفَكَّهْتُ وتفَكَّنْتُ أَي تندَّمْت. وأَفْكَهَتِ الناقة
إذا رأَيت في لبنها خُثورةً شِبْهَ اللِّبَإِ. والمُفْكِه من الإبلِ: التي
يُهَراق لَبَنُها عند النِّتاج قبل أَن تَضَعَ، والفعل كالفعل.
وأَفْكَهَت الناقةُ إذا دَرَّتْ عند أَكل الربيع قبل أَن تَضَع، فهي مُفْكِةٌ. قال
شمر: ناقة مُفْكِهةٌ ومُفْكِةٌ، وذلك إذا أَقْرَبَتْ فاسْتَرْخَى
صَلَواها وعَظُمَ ضَرْعُها ودنا نِتاجها؛ قال الأَحْوص:
بَنِي عَمِّنا، لا تَبْعَثُوا الحَرْبَ، إنني
أَرى الحربَ أَمْسَتْ مُفْكِهاً قد أَصَنَّتِ
قال شمر: أَصَنَّت استَرْخى صَلَواها ودنا نِتاجُها؛ وأَنشد:
مُفْكِهة أَدْنَتْ على رأْسِ الوَلَدْ،
قد أَقْرَبَتْ نَتْجاً، وحانَ أَنْ تَلِدْ
أي حانَ وِلادُها. قال: وقوم يجعلون المُفْكِهة مُقْرِباً من الإبل
والخيل والحُمُر والشاء، وبعضُهم يجعلها حين استبان حملها، وقوم يجعلون
المُفْكِهةَ والدافِعَ سَواء.
وفاكهٌ: اسم. والفاكهُ: ابنُ المُغِيرة المَخْزُوميّ عمّ خالد بن
الوليد. وفُكَيْهةُ: اسم امرأَة، يجوز أَن يكون تصغير فَكِهةٍ التي هي
الطَّيِّبةُ النَّفْس الضَّحوكُ، وأَن يكون تصغيرَ فاكهةٍ مُرَخَّماً؛ أَنشد
سيبويه:
تقولُ إذا استَهْلَكْتُ مالاً لِلَذَّة
فُكَيْهةُ: هَشَّيْءٌ بكَفَّيْكَ لائِقُ؟
يريد: هلْ شيءٌ.
@فهه: فَهَّ عن الشيء يَفَهُّ فَهّاً: نَسِيَه. وأَفَهَّهُ غيرهُ:
أَنْساه. والفَهُّ: الكليلُ اللسانِ العَييُّ عن حاجته، والأُنثى فَهَّةٌ،
بالهاء . والفَهِيهُ والفَهْفَهُ: كالفَهِّ. وقد فَهِهْتَ وفَهَهْتَ تَفَهُّ
وتَفِهُّ فَهّاً وفَهَهاً وفَهَاهةً أَي عَيِيتَ؛ وفَهَّ العَيِيُّ عن
حاجته. الجوهري: الفَهةُ والفَهاهةُ العِيُّ. يقال: سَفِيه فَهِيهٌ،
وفَهَّهُ الله. ويقال: خرجت لحاجةٍ فأَفَهَّني عنها فلانٌ حتى فَهِهْتُ أَي
أَنْسانِيها. ابن الأَعرابي: أَفَهَّني عن حاجتي حتى فَهِهْتُ فَهَهاً
أَي شَغَلني عنها حتى نَسِيتُها، ورجلٌ فَهٌّ وفَهِيهٌ؛ وأَنشد:
فلم تُلْفِني فَهّاً، ولم تُلْفِ حُجَّتي
مُلَجْلَجَةً أَبْغي لها مَنْ يُقِيمُها
ابن شميل: فَهَّ الرجلُ في خُطْبَتِه وحُجَّتِه إذا لم يُبالِغْ فيها
ولم يَشْفِها، وقد فَهِهْتَ في خُطْبَتِكَ فَهاهةً. قال: وتقول أَتَيْتُ
فلاناً فبَيَّنْتُ له أَمري كلَّه إلا شيئاً فَهِهْتُه أَي نَسِيتُه.
وفهْفَهَ إذا سَقَطَ من مرتبةٍ عالية إلى سُفْلٍ. وفي الحديث: ما سَمِعتُ منك
فَهَّةً في الإسلام قَبْلَها، يعني السَّقْطةَ والجَهْلة ونحوَها. وفي
حديث أَبي عبيدة بن الجرَّاح: أَنه قال لعمر، رضي الله عنه، حين قال له
يوم السَّقِيفةِ ابْسُطْ يَدَك أُبايِعْك: ما رأَيت مِنْك فَهَّةً في
الإسلام قَبْلَها، أَتُبايِعُني وفيكمُ الصِّدِّيقُ ثانيَ اثْنَينِ؟ قال
أَبو عبيد:الفَهَّة مثل السَّقْطةِ والجَهْلةِ ونحوِها. يقال: فَهَّ يَفَهُّ
فَهاهةً وفَهِه فَهُوَ فَهٌّ وفَهِيهٌ إذا جاءت منه سَقْطةٌ من
العِيِّ وغيره.
@فوه: الليث: الفُوهُ أَصلُ بناء تأْسِيسِ الفمِ. قال أَبو منصور: ومما
يَدُّلُّك على أَن الأَصل في فمٍ وفُو وفا وفي هاءٌ حُذِفَت من آخرها
قولُهم للرجل الكثيرِ الأَكلِ فَيِّهٌ، وامرأَة فَيِّهةٌ. ورجل أَفْوَهُ:
عظيمُ الفَم طويلُ الاسنان. ومَحالةٌ فَوْهاء إذا طالت أَسنانها التي
يَجْري الرِّشاءُ فيها. ابن سيده: الفاهُ والفُوهُ والفِيهُ والفَمُ
سواءٌ، والجمعُ أَفواهٌ. وقوله عزَّ وجل: ذلك قولُهم بأَفْواهِهم؛ وكلُّ قولٍ
إنما هو بالفم، إنما المعنى ليس فيه بيانٌ ولا بُرْهانٌ، إنما هو قولٌ
بالفمِ ولا معنى صحيحاً تَحْتَه، لأَنهم معترفون بأَنّ اللهَ لم يتَّخِذْ
صاحبةً فكيف يَزْعُمون أَنَّ له ولداً؟ أَما كونُه جمعَ فُوهٍ فبَيِّنٌ،
وأَما كونه جمع فِيهٍ فَمِنْ باب ريحٍ وأَرْواحٍ إذ لم نسْمَعْ
أَفْياهاً؛ وأَما كونُه جمعَ فاهٍ فإن الاشتقاق يؤْذن أَن فاهاً من الواو لقولهم
مُفَوَّةٌ، وأَما كونه جمع فِمٍ فلأَنَّ أَصلَ فَمٍ فَوَهٌ، فحُذِفت
الهاء كما حذفت مِنْ سَنةٍ فيمن قال عامَلْتُ مُسانَهةً، وكما حُذِفت من
شاةٍ ومن شَفَةٍ ومن عِضَةٍ ومن اسْتٍ، وبقيت الواو طرفاً متحركة فوجب
إبدالُها أَلفاً لانفتاح ما قبلها فبقي فاً، ولا يكون الاسم على حرفين
أَحدُهما التنوينُ، فأُبْدل مكانَها حرفٌ جَلْدٌ مُشاكِلٌ لها، وهو الميمُ
لأَنهما شَفَهِيَّتان، وفي الميم هُوِيٌّ في الفَمِ يُضارِعُ امتدادَ
الواوِ. قال أَبو الهيثم: العربُ تستثقل وُقوفاً على الهاءِ والحاءِ والواوِ
والياءِ إذا سَكَنَ ما قبلَها، فتَحْذِفُ هذه الحروفَ وتُبْقي الاسمَ
على حرفين كما حذفوا الواوَ من أَبٍ وأَخٍ وغَدٍ وهَنٍ، والياءَ من يَدٍ
ودَمٍ، والحاءَ من حِرٍ، والهاءَ من فُوهٍ وشَفةٍ وشاةٍ، فلما حذفوا
الهاءَ من فُوهٍ بقيت الواو ساكنة، فاستثقلوا وقوفاً عليها فحذفوها، فبقي
الاسم فاءً وحدها فوصلوها بميم ليصيرَ حرفين، حرفٌ يُبْتَدأُ به فيُحرَّك،
وحرفٌ يُسْكَت عليه فيُسَكِّن، وإنما خَصُّوا الميم بالزيادة لِمَا كان
في مَسْكَنٍ، والميمُ من حروف الشَّفَتين تنطبقان بها، وأَما ما حكي من
قولهم أَفْمامٌ فليس بجمع فَمٍ، إنما هو من باب مَلامِحَ ومَحاسِنَ،
ويدل على أَن فَماً مفتوحُ الفاء وُجُودك إياها مفتوحةً في هذا اللفظ، وأَما
ما حكى فيها أَبو زيد وغيرهُ من كسْرِ الفاء وضمِّها فضرْبٌ من التغيير
لَحِقَ الكلمةَ لإعْلالِها بحذف لامِها وإبدال عيْنِها؛ وأَما قول
الراجز:
يا لَيْتَها قد خَرَجَتْ مِنْ فُمِّهِ،
حتى يَعودَ المُلْك في أُسْطُمِّهِ
يُرْوَى بضم الفاء من فُمِّه، وفتحِها؛ قال ابن سيده: القول في تشديد
الميم عندي أَنه ليس بلغة في هذه الكلمة، أَلا ترى أَنك لا تجد لهذه
المُشدِّدةِ الميمِ تصَرُّفاً إنما التصرُّفُ كله على ف و ه؟ من ذلك قولُ
الله تعالى: يقولون بأَفْواهِهم ما ليْسَ في قُلوبِهم؛ وقال الشاعر:
فلا لَغْوٌ ولا تأْثِيمَ فيها،
وما فاهُوا به أَبداً مُقِيمُ
وقالوا: رجلٌ مُفَوَّه إذا أَجادَ القولَ؛ ومنه الأفْوَهُ للواسعِ
الفمِ، ولم نسْمَعْهم قالوا أَفْمام ولا تفَمَّمت، ولا رجل أَفَمّ، ولا شيئاً
من هذا النحو لم نذكره، فدل اجتماعهم على تصَرُّفِ الكلمة بالفاء والواو
والهاء على أَن التشديد في فَمٍّ لا أَصل له في نفس المثال، إنما هو
عارضٌ لَحِقَ الكلمة، فإن قال قائل: فإذا ثبت بما ذَكَرْتَه أَن التشديد
في فَمٍّ عارض ليس من نفس الكلمة، فمِنْ أَيْنَ أَتَى هذا التشديد وكيف
وجهُ دخولهِ إياها؟ فالجواب أَن أَصل ذلك أَنهم ثَقَّلوا الميمَ في الوقف
فقالوا فَمّ، كما يقولون هذا خالِدّ وهو يَجْعَلّ، ثم إنهم أَجْرَوُا
الوصل مُجْرَى الوقف فقالوا هذا فَمٌّ ورأَيت فَمّاً، كما أَجْرَوُا
الوصلَ مُجْرَى الوقف فيما حكاه سيبويه عنهم من قولهم:
ضَخْمٌ يُحِبُّ الخُلُقَ الأَضْخَمَّا
وقولهم أَيضاً:
ببازِلٍ وَجْنَاءَ أَو عَيْهَلِّ،
كأَنَّ مَهْواها، على الكَلْكَلِّ،
مَوْقِعُ كَفِّيْ راهِبٍ يُصَلِّي
يريد: العَيْهَلَ والكَلْكَلَ. قال ابن جني: فهذا حكم تشديد الميم عندي،
وهو أَقوى من أَن تَجْعَل الكلمةَ من ذوات التضعيف بمنزلة همٍّ وحمٍّ،
قال: فإن قلت فإذا كان أَصلُ فَمٍ عندك فَوَه فما تقول في قول
الفرزدق:هما نَفَثا في فيَّ مِنْْ فَمَوَيْهِما،
على النّابِحِ العاوِي، أَشدَّ رِجام
وإذا كانت الميم بدلاً من الواو التي هي عَيْنٌ فكيف جاز له الجمع
بينهما؟ فالجواب: أَن أَبا عليٍّ حكى لنا عن أَبي بكر وأَبي إسحق أَنهما
ذهبا إلى أَن الشاعر جمعَ بين العِوَض والمُعَوَّض عنه، لأَن الكلمة
مَجْهورة منقوصة، وأَجاز أَبو علي فيها وجهاً آخرَ، وهوأَن تكون الواوُ في
فمَوَيْهِما لاماً في موضع الهاء من أَفْواه، وتكون الكلمة تَعْتَفِبُ عليها
لامانِ هاءٌ مرة وواوٌ أُخرى، فجرى هذا مَجْرى سَنةٍ وعِضَةٍ، أَلا ترى
أَنهما في قول سيبويه سَنَوات وأَسْنَتُوا ومُساناة وعِضَوات واوانِ؟
وتَجِدُهما في قول من قال ليست بسَنْهاء وبعير عاضِهٌ هاءين، وإذا ثبت بما
قدَّمناه أَن عين فَمٍ في الأصل واوٌ فينبغي أََن تقْضِيَ بسكونها، لأَن
السكون هو الأَصل حتى تَقومَ الدلالةُ على الحركةِ الزائدة. فإن قلت:
فهلاَّ قضَيْتَ بحركة العين لِجَمْعِك إياه على أَفْواهٍ، لأَن أَفْعالاً
إنما هو في الأَمر العامّ جمعُ فَعَلٍ نحو بَطَلٍ وأَبْطالٍ وقَدَمٍ
وأَقْدامٍ ورَسَنٍ وأَرْسانٍ؟ فالجواب: أَن فَعْلاً مما عينُه واوٌ بابُه
أَيضاً أَفْعال، وذلك سَوْطٌ وأَسْواطٌ، وحَوْض وأَحْواض، وطَوْق
وأَطْواق، ففَوْهٌ لأن عينَه واوٌ أَشْبَهُ بهذا منه بقَدَمٍ ورَسَنٍ. قال
الجوهري: والفُوه أَصلُ قولِنا فَم لأَن الجمع أَفْواهٌ، إلا أَنهم
استثقلوا اجتماعَ الهاءين في قولك هذا فُوهُه بالإضافة، فحذفوا منه الهاء فقالوا
هذا فُوه وفُو زيدٍ ورأَيت فا زيدٍ، وإذا أَضَفْتَ إلى نفسك قلت هذا
فِيَّ، يستوي فيه حالُ الرفع والنصبِ والخفضِ، لأَن الواوَ تُقُلَبُ
ياءً فتُذْغَم، وهذا إنما يقال في الإضافة، وربما قالوا ذلك في غير
الإضافة، وهو قليل؛ قال العجاج:
خالَطَ، مِنْ سَلْمَى، خياشِيمَ وفا
صَهْباءَ خُرْطوماً عُقاراً قَرْقَفَا
وصَفَ عُذوبةَ ريقِها، يقول: كأَنها عُقارٌ خالَط خَياشِيمَها وفاها
فكَفَّ عن المضاف إليه؛ قال ابن سيده: وأَما قول الشاعر أَنشده الفراء:
يا حَبَّذَا عَيْنا سُلَيْمَى والفَما
قال الفراء: أَراد والفَمَانِ يعني الفمَ والأَنْفَ، فثَنَّاهُما بلفظ
الفمِ للمُجاوَرةِ، وأَجاز أَيضاً أَن يَنْصِبَه على أَنه مفعول معَه
كأَنه قال مع الفم؛ قال ابن جني: وقد يجوز أَن يُنصَب بفعل مضمر كأَنه قال
وأُحِبُّ الفمَ، ويجوز أَن يكون الفمُ في موضع رفع إلا أَنه اسم مقصورٌ
بمنزلة عَصاً، وقد ذكرنا من ذلك شيئاً في ترجمة فمم. وقالوا: فُوك وفُو
زيدٍ، في حدِّ الإضافة وذلك في حد الرفع، وفا زيدٍ وفي زيدِ في حدِّ
النصب والجر، لأَن التنوين قد أُمِنَ ههنا بلزوم الإضافة، وصارت كأَنها من
تمامه؛ وأَما قول العجاج:
خالطَ مِنْ سَلْمَى خَياشِيمَ وفا
فإنه جاءَ به على لغة من لم ينون، فقد أُمِنَ حذْف الأَلف لالتقاء
الساكنين كما أُمِنع في شاةٍ وذا مالٍ، قال سيبويه: وقالوا كلَّمْتُه فاهُ
إلى فِيَّ، وهي من الأسماء الموضوعة مَوْضِعَ المصادر ولا ينفردُ مما
بعده، ولو قلتَ كلَّمتُه فاهُ لم يَجُزْ، لأَنك تُخْبِر بقُرْبِك منه، وأَنك
كلَّمْتَه ولا أَحَدَ بينك وبينَه، وإن شئت رفعت أَي وهذه حالُه. قال
الجوهري: وقولهم كلَّمتُه فاه إلى فِيَّ أَي مُشافِهاً، ونصْبُ فاهٍ على
الحال، وإذا أَفْرَدُوا لم يحتمل الواوُ التنوين فحذفوها وعوَّضوا من
الهاءِ ميماً، قالوا هذا فمٌ وفَمَانِ وفَمَوان، قال: ولو كان الميمُ عِوَضاً
من الواو لما اجتمعتا، قال ابن بري: الميمُ في فَمٍ بدلٌ من الواو،
وليست عِوَضاً من الهاءِ كما ذكره الجوهري، قال: وقد جاء في الشعر فَماً
مقصور مثل عصاً، قال: وعلى ذلك جاء تثنيةُ فَمَوانِ؛ وأَنشد:
يا حَبَّذا وَجْهُ سُلَيْمى والفَما،
والجِيدُ والنَّحْرُ وثَدْيٌ قد نَما
وفي حديث ابن مسعود: أَقْرَأَنِيها رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم،
فاهُ إلى فِيَّ أَي مُشافَهةً وتَلْقِيناً، وهو نصبٌ على الحال بتقدير
المشتق، ويقال فيه: كلَّمني فُوهُ إلى فِيَّ بالرفع، والجملة في موضع الحال،
قال: ومن أَمثالهم في باب الدعاء على الرجُل العرب تقول: فاهَا لِفِيك؛
تريد فا الداهية، وهي من الأَسماء التي أُجْرِيت مُجْرَى المصدر المدعوّ
بها على إضمار الفعل غير المستعمل إظهارهُ؛ قال سيبويه: فاهَا لِفِيك،
غير منون، إنما يريد فا الداهيةِ، وصار بدلاً من اللفظ بقول دَهاكَ اللهُ،
قال: ويَدُلُّك على أَنه يُريدُ الداهيةَ قوله:
وداهِية مِنْ دَواهي المَنو
نِ يَرْهَبُها الناسُ لا فا لها
فجعل للداهية فماً، وكأَنه بدلٌ من قولهم دَهاكَ الله، وقيل: معناه
الخَيْبة لَكَ. وأَصله أَنه يريدُ جَعَل اللهُ بفِيك الأَرضَ، كما يقال بفيك
الحجرُ، وبفيك الأَثْلبُ؛ وقال رجل من بَلْهُجَيْم:
فقلتُ له: فاهَا بفِيكَ، فإنها
قَلوصُ امرئٍ قارِيكَ ما أَنتَ حاذِرهُ
يعني يَقْرِيك من القِرَى، وأَورده الجوهري: فإنه قلوصُ امرئ؛ قال
ابن بري: وصواب إنشاده فإنها، والبيت لأَبي سِدْرة الأَسَديّ، ويقال
الهُجَيْميّ. وحكي عن شمر قال: سمعت ابن الأَعرابي يقول فاهاً بفِيك، منوَّناً،
أَي أَلْصَقَ اللهُ فاكَ بالأَرضِ، قال: وقال بعضهم فاهَا لفِيكَ، غير
مُنوَّن، دُعاء عليه بكسر الفَمِ أَي كَسَر الله فَمَك. قال: وقال سيبويه
فاهَا لفِيكَ، غيرُ منوَّن، إنما يريد فا الداهيةِ وصار الضميرُ بدلاً من
اللفظ بالفعل، وأُضْمِرَ كما أُضمر للتُّرب والجَنْدَل، وصار بدلاً من
اللفظ بقوله دَهاكَ الله، وقال آخر:
لئِنْ مالكٌ أَمْسَى ذليلاً، لَطالَما
سَعَى للَّتي لا فا لها، غير آئِبِ
أَراد لا فَمَ لها ولا وَجْه أَي للداهية؛ وقال الآخر:
ولا أَقولُ لِذِي قُرْبَى وآصِرةٍ:
فاها لِفِيكَ على حالٍ من العَطَبِ
ويقال للرجل الصغير الفمِ: فُو جُرَذٍ وفُو دَبَى، يُلَقَّب به الرجل.
ويقال للمُنْتِن ريحِ الفمِ: فُو فَرَسٍ حَمِرٍ. ويقال: لو وَجَدتُ إليه
فَا كَرِشٍ أَي لو وجدت إليه سبيلاً. ابن سيده: وحكى ابن الأَعرابي في
تثنية الفمِ فَمَانِ وفَمَيانِ وفَموانِ، فأَما فَمانِ فعلى اللفظ،
وأَما فَمَيانِ وفَمَوانِ فنادر؛ قال: وأَما سيبويه فقال في قول
الفرزدق:هُما نَفَثا في فِيَّ مِنْ فَمَوَيْهِما
إنه على الضرورة.
والفَوَهُ، بالتحريك: سَعَةُ الفمِ وعِظَمُه. والفَوَهُ أَيضاً: خُروجُ
الأَسنانِ من الشَّفَتينِ وطولُها، فَوِهَ يَفْوَهُ فَوَهاً، فهو
أَفْوَهُ، والأُنثى فَوْهاء بيِّنا الفَوَهِ، وكذلك هو في الخَيْل. ورجل
أَفْوَهُ: واسعُ الفمِ؛ قال الراجز يصف الأَسد:
أَشْدَق يَفْتَرُّ افْتِرارَ الأَفْوَهَِ
وفرس فَوْهاءِ شَوْهاء: واسعة الفم في رأْسها طُولٌ. والفَوَهُ في بعض
الصفات: خروجُ الثَّنايا العُلْيا وطولُها. قال ابن بري: طول الثنايا
العليا يقال له الرَّوَقُ، فأَما الفَوَهُ فهو طول الأَسنانِ كلِّها.
ومَحالةٌ فَوْهاء: طالت أَسنانُها التي يَجْري الرِّشاءُ بينها. ويقال
لمحالة السانِيةِ إذا طالت أَسْنانُها: إنها لَفَوْهاءُ بيِّنة الفَوَهِ؛ قال
الراجز:
كَبْداء فَوْهاء كجَوْزِ المُقْحَم
وبئر فَوْهاء: واسَعةُ الفمِ. وطَعْنةٌ فَوْهاءُ: واسعةٌ. وفاهَ بالكلام
يَفُوهُ: نَطَقَ ولَفَظَ به؛ وأَنشد لأُمَيَّةَ:
وما فاهُوا به لَهُمُ مُقيمُ
قال ابن سيده: وهذه الكلمة يائيَّة وواويَّة. أَبو زيد: فاهَ الرجل
يَفُوه فَوْهاً إذا كان مُتكلِّماً. وقالوا: هو فاهٌ
بجُوعِه إذا أَظْهَرَه وباحَ به، والأَصل فائِهٌ بجُوعِه فقيل فاهٌ
كما قالوا جُرُفٌ هارٌ وهائرٌ. ابن بري: وقال الفراء رجل فاوُوهةٌ
يَبُوح بكلِّ ما في نفسه وفاهٌ وفاهٍ. ورجل مُفَوَّهٌ: قادرٌ على
المَنْطِق والكلام، وكذلك فَيِّهٌ. ورجلٌ فَيِّهٌ: جَيِّدُ الكلامِ. وفَوهَه
اللهُ: جعَلَه أَفْوََِهَ. وفاهَ بالكلام يَفُوه: لَفَظَ به. ويقال: ما
فُهْتُ بكلمةٍ وما تَفَوَّهْتُ بمعنى أَي ما فتَحْتُ
فمِي بكلمة. والمُفَوَّهُ: المِنْطِيقُ. ورجل مُفَوَّهُ بها. وإِنه لذُو
فُوَّهةٍ أَي شديدُ الكلامِ بَسِيطُ اللِّسان.
وفاهاهُ إذا ناطَقَه وفاخَرَه، وهافاهُ إذا مايَلَه إلى هَواه.
والفَيِّهُ أَيضاً: الجيِّدُ الأَكلِ. وقيل: الشديدُ الأَكلِ من الناس وغيرهم،
فَيْعِل، والأُنثى فَيِّهةٌ كثيرةُ الأَكل. والفَيِّهُ: المُفَوَّهُ
المِنْطِيقُ أَيضاً. ابن الأَعرابي: رجل فَيِّهٌ
ومُفَوَّهٌ إذا كان حسَنَ الكلامِ بليغاً في كلامه. وفي حديث
الأَحْنَفِ: خَشِيت أَن يكون مُفَوَّهاً أَي بليغاً مِنْطِيقاً، كأنه مأْخوذ من
الفَوَهِ وهو سَعةُ الفمِ.
ورجل فَيِّهٌ ومُسْتَفِيهٌ في الطعام إذا كان أَكُولاً. الجوهري:
الفَيِّهُ الأَكولُ، والأَصْلُ فَيْوِهٌ
فأُدْغم، وهو المِنْطيقُ أَيضاً، والمرأَةُ فَيِّهةٌ. واستَفاهَ الرجلُ
اسْتِفاهةً واسْتِفاهاً؛ الأَخيرة عن اللحياني، فهو مُسْتَفِيهٌ: اشتَدَّ
أَكْلُه بعد قِلَّة، وقيل: اسْتَفاهَ في الطعام أَكثَرَ منه؛ عن ابن
الأَعرابي ولم يخصَّ هل ذلك بعدَ قلَّةٍ أَم لا؛ قال أَبو زبيد يصف
شِبْلَيْن:
ثم اسْتَفاها فلمْ تَقْطَعْ رَضاعَهما
عن التَّصَبُّب لا شَعْبٌ ولا قَدْعُ
اسْتَفاها: اشتَدَّ أَكْلِهما، والتَّصَبُّبُ: اكْتساءُ اللحمِ
للسِّمَنِ بعد الفِطامِ، والتَّحلُّم مثلُه، والقَدْعُ: أَن تُدْفَعَ عن الأَمر
تُريدُه، يقال: قَدَعْتُه فقُدِعَ قَدْعاً. وقد اسْتَفاهَ في الأَكل وهو
مُسْتَفِيهٌ، وقد تكون الاسْتِفاهةُ في الشَّرابِ. والمُفَوَّهُ:
النَّهِمُ الذي لا يَشْبَع. ورجل مُفَوَّهٌ ومُسْتَفِيهٌ
أَي شديدُ الأَكلِ. وشَدَّ ما فَوَّهْتَ في هذا الطعام وتفَوَّهْتَ
وفُهْتَ أَي شَدَّ ما أَكَلْتَ. وإِنه لمُفَوَّه ومُسْتَفِيهٌ
في الكلام أَيضاً، وقد اسْتَفاهَ اسْتِفاهةً في الأَكل، وذلك إذا كنت
قليلَ الطَّعْم ثم اشتَدَّ أَكْلُك وازْدادَ. ويقال: ما أَشَدَّ فُوَّهَةَ
بعيرِك في هذا الكَلإ، يريدون أَكْلَه، وكذلك فُوّهة فرَسِك ودابَّتِك،
ومن هذا قولهم: أَفْواهُها مَجاسُّها؛ المعنى أَن جَوْدةَ أَكْلِها تَدُلك
على سِمَنِها فتُغْنيك عن جَسِّها، والعرب تقول: سَقَى فلانٌ
إِبلَه على أَفْواهِها، إذا لم يكن جَبَي لها الماءَ في الحوض قبل
ورُودِها، وإِنما نزَعَ عليها الماءَ حين وَرَدَتْ، وهذا كما يقال: سَقَى
إبلَه قَبَلاً. ويقال أَيضاً: جَرَّ فلانٌ إبلَه على أَفْواهِها إذا تركها
تَرْعَى وتسِير؛ قاله الأَصمعي؛ وأَنشد:
أَطْلَقَها نِضْوَ بُلَيٍّ طِلْحِ،
جَرّاً على أَفْواهِها والسُّجْحِ
(* قوله «على أفواهها والسجح» هكذا في الأصل والتهذيب هنا، وتقدم إنشاده
في مادة جرر أفواههن السجح).
بُلَيّ: تصغير بِلُوٍ، وهو البعير الذي بَلاه السفر، وأَراد بالسُّجْحِ
الخراطيمَ الطِّوال. ومن دُعائِهم: كَبَّهُ اللهُ لِمَنْخِرَيْه وفَمِه؛
ومنه قول الهذلي:
أَصَخْرَ بنَ عبدِ الله، مَنْ يَغْوِ سادِراً
يَقُلْ غَيْرَ شَكٍّ لليَدْينِ وللفَمِ
وفُوَّهةُ السِّكَّةِ والطَّريقِ والوادي والنهرِ: فَمُه، والجمع
فُوَّهاتٌ وفَوائِهُ. وفُوهةُ الطريقِ: كفُوَّهَتِه؛ عن ابن الأَعرابي. والزَمْ
فُوهةَ الطريقِ وفُوَّهَتَهوفَمَه. ويقال: قَعَد على فُوَّهةِ الطريق
وفُوَّهةِ النهر، ولا تقل فَم النهر ولا فُوهة، بالتخفيف، والجمع أَفْواه
على غير قياس؛ وأَنشد ابن بري:
يا عَجَباً للأَفْلقِ الفَليقِ
صِيدَ على فُوَّهةِ الطَّريقِ
(* قوله «للأفاق الفليق» هو هكذا بالأصل).
ابن الأَعرابي: الفُوَّهةُ مصَبُّ النهر في الكِظَامةِ، وهي السِّقاية.
الكسائي: أَفْواهُ الأَزِقَّةِ والأَنْهار واحدتها فُوَّهةٌ، بتشديد
الواو مثل حُمَّرة، ولا يقال فَم. الليث: الفُوَّهةُ فمُ النهر ورأْسُ
الوادي. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، خرج فما تفَوَّهَ البَقيعَ
قال: السلامُ عليكم؛ يريد لما دَخَل فمَ البَقِيعِ، فشَبَّهه بالفم
لأَنه أَول ما يُدْخَل إلى الجوفِ منه. ويقال لأَوَّل الزُّقاقِ والنهر:
فُوَّهَتُه، بضم الفاء وتشديد الواو. ويقال: طَلع علينا فُوَّهةُ إبِلك أَي
أَوَّلُها بمنزلة فُوَّهةِ الطريق.
وأَفْواهُ المكان: أَوائُله، وأَرْجُلُه أَواخِرُه؛ قال ذو الرمة:
ولو قُمْتُ ما قامَ ابنُ لَيْلى لقد هَوَتْ
رِكابي بأَفْواهِ السَّماوةِ والرِّجْلِ
يقول: لو قُمْتُ مَقامه انْقَطَعَتْ رِكابي: وقولهم: إنَّ رَدَّ
الفُوَّهَةِ لَشَديدٌ أَي القالةِ، وهو من فُهْتُ بالكلام. ويقال: هو يخاف
فُوَّهَة الناسِ أَي فُهْتُ بالكلام. ويقال: هو يخاف فُوَّهةَ الناسِ أَي
قالتَهم. والفُوهةُ والفُوَّهةُ: تقطيعُ المسلمين بعضهم بعضاً بالغِيبة.
ويقال: مَنْ ذا يُطِيق رَدَّ الفُوَّهةِ. والفُوَّهةُ: الفمُ. أَبو
المَكَارم: ما أحْسَنْتُ شيئاً قطُّ كَثَغْرٍ في فُوَّهَةِ جاريةٍ حَسْناء أَي ما
صادَفْت شيئاً حسناً. وأَفْواهُ الطيب: نَوافِحُه، واحدُها فوه. الجوهري:
الأفْواهُ ما يُعالج به الطِّيبُ كما أَنَّ التَّوابِلَ ما تُعالَج به
الأَطْعمة. يقال: فُوهٌ وأَفْواه مثل سُوقٍ وأَسْواق، ثم أفاويهُ وقال
أَبو حنيفة: الأَفْواهُ أَلْوانُ النَّوْرِ وضُروبُه؛ قال ذو الرمة:
تَرَدَّيْتُ مِنْ أَفْواهِ نَوْرٍ كأَنَّها
زَرابيُّ، وارْتَجَّتْ عليها الرَّواعِدُ
وقال مرَّة: الأَفْواهُ ما أُعِدَّ للطِّيبِ من الرياحين، قال: وقد تكون
الأَفْواه من البقول؛ قال جميل:
بها قُضُبُ الرَّيْحانِ تَنْدَى وحَنْوَةٌ،
ومن كلِّ أَفْواه البُقول بها بَقْلُ
والأَفْواهُ: الأَصْنافُ والأَنواعُ. والفُوَّهةُ: عروقٌ
يُصْبَغ بها، وفي التهذيب: الفُوَّهُ عروقٌ يصبغ بها. قال الأَزهري: لا
أَعرف الفُوَّهَ بهذا المعنى. والفُوَّهةُ: اللبَنُ ما دامَ فيه طعمُ
الحلاوةِ، وقد يقال بالقاف، وهو الصحيح.
والأَفْوه الأَوْدِيُّ: مِنْ شُعَرائهم، والله تعالى أَعلم.
@فأي: فَأَوْتُه بالعَصا: ضَرَبْتُه؛ عن ابن الأَعرابي. قال الليث:
فَأَوْتُ رأْسه فَأْواً وفأَيْتُه فَأْياً إذا فَلَقته بالسَّيف، وقيل: هو
ضربك قِحْفَه حتى ينفرج عن الدماغ. والانْفياءُ: الانْفراج، ومنه اشْتق اسم
الفئةِ، وهم طائفة من الناس. والفَأْوُ: الشَّق. فَأَوْتُ رأْسه فأْواً
وفَأَيْتُه فانْفَأَى وتَفأْى وفأَيْت القَدَح فَتَفَأْى: صَدَعْتُه
فَتَصَدَّع. وانْفَأَى القَدَح: انشقَّ. والفَأْو: الصَّدْع في الجبل؛ عن
اللحياني . والفَأْوُ: ما بين الجبلين، وهو أَيضاً الوَطِيءُ بين
الحَرَّتَيْن، وقيل: هي الدَّارةُ من الرِّمال؛ قال النمر بن تولب:
لم يَرْعَها أَحَدٌ واكْتَمَّ رَوْضتَها
فَأْوٌ، من الأرضِ ، مَحْفُوفٌ بأَعلامِ
وكله من الانشقاق والانفراج. وقال الأصمعي: الفَأْو بطن من الأَرض
تُطِيفُ به الرّمال يكون مُسْتطِيلاً وغير مستطيل، وإنما سمي فَأْواً
لانْفِراج الجبال عنه لأن الانْفِياء الانفتاح والانْفِراج؛ وقول ذي
الرمة:راحَتْ من الخَرْجِ تَهْجِيراً وَقَعَتْ
حتى انْفَأَى الفَأْوُ، عن أَعناقِها، سَحَرا
الخرج: موضع، يعني أَنها قَطعت الفأْوَ وخرجت منه، وقيل في تفسيره:
الفأْو الليل؛ حكاه أَبو ليلى. قال ابن سيده: ولا أَدري ما صحته. التهذيب في
قول ذي الرمة: حتى انفأَى أَي انكشف. والفأْو في بيته أَيضاً: طريق بين
قارتين بناحية الدَّوّ بينهما فَجٌّ واسع يقال له فأْوُ الرَّيّان، قال
الأزهري: وقد مررت به. والفأْوى، مقصور: الفَيْشةُ؛ قال:
وكُنْت أَقُولُ جُمْجُمةٌ، فأَضْحَوْا
هُمُ الفَأْوى وأَسْفَلُها قَفاها
والفِئة: الجماعة من الناس، والجمع فِئات وفِئُون على ما يطرد في هذا
النحو، والهاء عوض من الياء؛ قال الكميت:
تَرَى مِنْهُمْ جَماجِمَهم فِئينا
أَي فرقاً متفرقة؛ قال ابن بري: صوابه أن يقول والهاء عوض من الواو لأن
الفِئة الفرقة من الناس، من فَأَوْت بالواو أَي فَرَّقْت وشَقَقْت. قال:
وحكي فأَوْتُ فَأَواً وفَأْياً، قال: فعلى هذا يصح أَن يكون من الياء.
التهذيب: والفِئة، بوزن فِعة، الفِرقة من الناس، من فأَيْت رأسه أَي
شققته، قال: وكانت في الأصل فِئْوة بوزن فِعْلَة فنقص. وفي حديث ابن عُمر
وجماعته: لما رجعوا من سَريَّتهم قال لهم أنا فِئتَكم ؛ الفئة: الفرقة والجماعة
من الناس في الأصل، والطائفة التي تُقيم وراء الجيش، فإن كان عليهم خوف
أَو هزيمة التجأُوا إليهم.
@فتا: الفتاء: الشَّباب. والفَتى والفَتِيَّةُ: السابُّ والشابَّةُ ،
والفعل فَتُوَ يَفْتُو فَتاء. ويقال: افْعَلْ ذلك في فَتائِه. وقد فَتِيَ،
بالكسر، يَفْتى فَتًى فهو فَتِيٌّ السنِّ بَيِّن الفَتاء، وقد وُلد له في
فَتاء سنه أَولاد؛ قال أَبو عبيد: الفَتاء، ممدود، مصدر الفَتِيِّ؛
وأَنشد للربيع بن ضبع الفزاري قال:
إذا عاشَ الفَتى مائتَينِ عاماً،
فقد ذهَبَ اللَّذاذةُ والفَتاء
فقصر الفتى في أَول البيت ومدَّ في آخره، واستعاره في الناس وهو من مصادر
الفَتيِّ من الحيوان، ويجمع الفَتى فِتْياناً وفُتُوًّا، قال: ويجمع
الفَتِيُّ في السن أَفْتاء. الجوهري: والأَفْتاء من الدوابّ خلاف المَسانِّ،
واحدها فَتِيٌّ مثل يتِيم وأَيتام؛ وقوله أَنشده ثعلب:
وَيْلٌ بزَيْدٍ فَتىً شَيْخٍ أَلُوذُ به،
فلا أُعَشَّى لَدَى زَيْدٍ ولا أَرِدُ
فسر فتى شيخ فقال أَي هو في حَزْم المشايخ، والجمع فتْيان وفِتْية
وفِتْوة؛ الواو عن اللحياني ، وفُتُوٌّ وفُتِيٌّ. قال سيبويه: ولم يقولوا
أَفْتاء استغنوا عنه بفِتْيَة. قال الأزهري: وقد يجمع على الأَفْتاء. قال
القتيبي: ليس الفَتى بمعنى الشابّ والحَدَث إنما هو بمعنى الكامل الجَزْل من
الرجال، يَدُلُّك على ذلك قول الشاعر:
إنَّ الفَتى حَمّالُ كلِّ مُلِمَّةٍ ،
ليسَ الفَتى بمُنَعَّمِ الشُّبَان
قال ابن هرمة:
قَد يُدْرِكُ الشَّرَفَ الفَتى، ورِداؤُه
خَلَقٌ، وجَيْبُ قَمِيصِه مَرْقُوعُ
وقال الأَسود بن يعفر:
ما بَعدَ زَيْد في فَتاةٍ فُرِّقُوا * قَتَلاً وسَبْياً، بَعدَ طُولِ تَآدي
في آلِ عَرْف لَوْ بَغَيْتَ الأسى، * لَوَجَدْتَ فيهم أُسوةَ العُوّادِ
فتَخَيَّرُوا الأَرضَ الفَضاءَ لِعِزِّهِمْ، * ويَزيدُ رافِدُهُمْ على الرُّفَّادِ
قال ابن الكلبي: هؤلاء قوم من بني حنظلة خطب إليهم بعض الملوك جارية
يقال لها أُم كَهْف فلم يُزوّجوه، فغَزاهم وأَجْلاهم من بلادهم وقَتَلهم؛
وقال أَبوها:
أَبَيْتُ أَبَيْتُ نِكاحَ المُلُوك،
كأَني امْرُؤٌ منْ تَمِيم بن مُرّْ
أَبَيْتُ اللِّئامَ وأَقْلِيهمُ،
وهل يُنْكِحُ العَبْدَ حُرٌُّ بن حرّْ ؟
وقد سماه الجوهري فقال: خطب بعض الملوك إلى زيد بن مالك الأصغر ابن حنظلة
بن مالك الأَكبر أَو إلى بعض ولده ابنته يقال لها أُم كهف، قال: وزيد
ههنا قبيلة، والأُنثى فَتاة، والجمع فَتَياتٌ. ويقال للجارية الحدثة فَتاة
وللغلام فَتًى، وتصغير الفَتاة فُتَيَّةٌ، والفتى فُتَيٌّ، وزعم يعقوب
أَن الفِتْوان لغة في الفِتْيان، فالفُتُوَّة على هذا من الواو لا من
الياء، وواوه أَصل لا منقلبة ، وأما في قول من قال الفِتْيان فواوه منقلبة،
والفَتِيُّ كالفَتى، والأُنثى فَتِيَّة، وقد يقال ذلك للجمل والناقة، يقال
للبَكْرة من الإبل فتِيّة ، وبكر فَتِيٌ، كما يقال للجارية فتاة وللغلام
فَتًى، وقيل: هو الشابُّ من كل شيء، والجمع فِتاء؛ قال عدي بن
الرِّقاع:يَحْسَبُ الناظِرُونَ ، ما لم يُفَرُّوا،
أَنها جِلَّةٌ وهُنَّ فِتاء
والاسم من جميع ذلك الفُتُوّة، انقلبت الياء فيه واواً على حد انقلابها
في مُوقِن وكقَضُوَ؛ قال السيرافي: إنما قلبت الياء فيه واواً لأَن أَكثر
هذا الضرب من المصادر على فُعولة، إنما هو من الواو كالأُخُوّة، فحملوا
ما كان من الياء عليه فلزمت القلب، وأما الفُتُوُّ فشاذ من وجهين:
أَحدهما أَنه من الياء ، والآخر أَنه جمع، وهذا الضرب من الجمع تقلب فيه الواو
ياء كعِصِيّ ولكنه حمل على مصدره؛ قال:
وفُتُوٌّ هَجَّرُوا ثم أَسْرَوا
لَيْلَهمْ ، حتى إذا انْجابَ حَلُّوا
وقال جذيمة الأَبرش:
في فُتُوٍّ ، أَنا رابِئهُمْ،
مِنْ كَلالِ غَزْوةٍ ماتُوا
ولفلانة بنت قد تَفَتَّتْ أَي تشبهت بالفَتَيات وهي أَصغرهنَّ. وفُتّيَت
الجارية تَفْتِيةً: مُنِعت من اللعب مع الصِّبيان والعَدْو معهم
وخُدِّرت وسُتِرت في البيت . التهذيب: يقال تَفَتَّتِ الجارية إذاراهَقت فخُدِّرت
ومُنعت من اللعب مع الصبيان.
وقولهم في حديث البخاري: الحَرْب أَوْل ما تكون فُتَيَّةٌ، قال ابن
الأثير: هكذا جاء على التصغير أَي شابّة، ورواه بعضهم فَتِيَّةٌ، بالفتح.
والفَتى والفَتاةُ: العبد والأَمة. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم ،
أَنه قال: لا يَقولَنَّ أَحدُكم عبدي وأَمتي ولكن ليَقل فَتايَ وفَتاتي أَي
غلامي وجاريتي، كأَنه كره ذكر العُبودية لغير الله، وسمى الله تعالى
صاحبَ موسى، عليه السلام، الذي صحبه في البحر فَتاه فقال تعالى: وإذ قالَ موسى
لِفَتاه، قال: لأنه كان يخدمه في سفره، ودليله قوله: آتِنا غَداءنا.
ويقال في حديث عمران بن حُصين: جَذَعَةٌ أَحبُّ إ َّ مَن هَرِمةٍ، الله
أَحقُّ بالفَتاء والكَرَم؛ الفَتاء، بالفتح والمد: المصدر من الفَتى
السِّنّ.
(* قوله «الفتى السن» كذا في الأصل وغير نسخة يوثق بها من النهاية.)
يقال: فَتِيٌّ بيِّن الفَتاء أَي طَرِيّ السن، والكَرمُ الحُسن. وقوله عز
وجل: ومَن لم يستطع منكم طَوْلاً أَن يَنكح المُحصنات المؤمناتِ فمِمَّا
ملَكت أَيمانكم من فَتياتكم المؤمنات؛ المُحصناتُ: الحرائر، والفَتَياتُ:
الإِماء.وقوله عز وجل: ودخل معه السِّجْنَ فَتَيانِ؛ جائز أَن يكونا
حَدَثين أَو شيخين لأَنهم كانوا يسمون المملوك فَتًى. الجوهري: الفَتى السخيّ
الكريم: . يقال: هو فَتًى بَيِّن الفُتُوَّة، وقد تفَتَّى وتَفاتَى،
والجمع فِتْيانٌ وفِتْية وفُتُوّ، على فُعُولٍ، وفَتِيٌّ مثل عُصِيّ؛ قال
سيبويه: أَبدلوا الواو في الجمع والمصدر بدلاً شاذّاً. قال ابن بري: البدل في
الجمع قياس مثل عُصِيّ وقُفِيٍّ، وأَما المصدر فليس قلب الواوين فيه
ياءين قياساً مطرداً نحو عَتَا يَعْتُو عُتُوًّا وعُتِيّاً، وأَما إبدال
الياءين واوين في مثل الفُتُوّ، وقياسه الفُتِيّ، فهو شاذ. قال: وهو الذي عناه
الجوهري. قال ابن بري: الفَتَى الكريم، هو في الأصل مصدر فَتِيَ فَتًى
وُصف به، فقبل رجل فَتًى؛ قال: ويدلك على صحة ذلك قول ليلى الأَخيلية:
فإنْ تَكُنِ القَتْلى بَواءً فإِنَّكُمْ
فَتًى ما قَتَلْتُم، آلَ عَوْفِ بنِ عامر
والفَتَيانِ: الليل والنهار. يقال: لا أَفْعلُه ما اختلفَ الفَتَيانِ،
يعني الليل والنهار، كما يقال ما اختلفَ الأَجَدَّانِ والجَدِيدانِ؛ ومنه
قول الشاعر:
ما لبَثَ الفَتَيانِ أَن عَصفَا بِهِمْ،
ولكُلِّ قُفْلٍ يَسَّرا مِفْتاحا
وأَفْتاه في الأَمر: أَبانَه له. وأَفْتَى الرجلُ في المسأَلة واسْتفتيته
فيها فأَفتاني إفتاء.
وفُتًى
(* قوله« وفتى» كذا بالأصل ولعله محرف عن فتيا أو فتوى مضموم
الاول.) وفَتْوى: اسمان يوضعان موضع الإِفْتاء. ويقال: أَفْتَيْت فلاناً
رؤيا رآها إِذا عبرتها له، وأَفْتَيته في مسأَلته إِذا أَجبته عنها. وفي
الحديث: أَن قوماً تَفاتَوا إِليه؛ معناه تحاكموا إِليه وارتفعوا إِليه في
الفُتْيا. يقال: أَفْتاه في المسأَلة يُفْتِيه إِذا أَجابه، والاسم الفَتْوى؛
قال الطرماح:
أَنِخْ بِفِناءِ أَشْدَقَ من عَدِيٍّ
ومن جَرْمٍ، وهُمْ أَهلُ التَّفاتي
(* قوله« وهم أهل» في نسخة: ومن أهل.) أَي التَّحاكُم وأَهل الإِفتاء.
قال: والفُتيا تبيين المشكل من الأَحكام، أَصله من الفَتَى وهو الشاب
الحدث الذي شَبَّ وقَوِي، فكأَنه يُقَوّي ما أَشكل ببيانه فيَشِبُّ ويصير
فَتِيّاً قوّياً، وأَصله من الفتى وهو الحديث السنّ. وأَفْتَى المفتي إِذا
أَحدث حكماً. وفي الحديث: الإِثْمُ ما حَكَّ في صدرك وإِن أَفْتاك الناسُ
عنه وأَفْتَوكَ أَي وإِن جعلوا لك فيه رُخْصة وجَوازاً. وقال أَبو إِسحق في
قوله تعالى: فاسْتَفْتِهِم أَهم أَشدُّ خَلقاً؛ أَي فاسْأَلهم سؤال تقرير
أَهم أَشد خلقاً أَمْ مَن خلقنا من الأُمم السالفة. وقوله عز وجل:
يَسْتَفْتُونك قل اللهُ يُفْتِيكم أَي يسأَلونك سؤالَ تَعَلُّم. الهروي:
والتَّفاتي التخاصم، وأَنشد بيت الطرماح: وهم أَهل التفاتي.
والفُتْيا والفُتْوَى والفَتْوَى: ما أَفتى به الفقيه، الفتح في الفَتوى
لأَهل المدينة. والمُفْتِي: مِكيال هشام بن هبيرة؛ حكاه الهروي في
الغريبين. قال ابن سيده: وإِنما قضينا على أَلف أَفتى بالياء لكثرة ف ت ي وقلة ف
ت و، ومع هذا إِنه لازم، قال: وقد قدمنا أَن انقلاب الأَلف عن الياء
لاماً أَكثر. والفُتَيُّ: قَدَحُ الشُّطَّارِ. وقد أَفْتَى إِذا شرب به.
والعُمَرِيّ: مِكيال اللبن، قال: والمد الهشامي، وهو الذي كان يتوضأُ به
سعيد بن المسيب. وروى حضر بن يزيد الرَّقاشِي عن امرأَة من قومه أَنها حجَّت
فمرَّت على أُمّ سلمة فسأَلتها أَن تُرِيَها الإِناء الذي كان يتوضَّأُ
منه سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأَخْرجته فقالت: هذا مَكُّوك
المُفتِي، قالت: أَرِيني الإِناء الذي كان يغتسل منه، فأَخرجته فقالت:
هذا قفيز المُفْتِي؛ قال الأَصمعي: المُفْتِي مِكيال هشام بن هبيرة، أَرادت
تشبيه الإِناء بمكوك هشام، أَو أَرادت مكوك صاحب المفتي فحذفت المضاف
أَو مكوك الشارب وهو ما يكال به الخمر. والفِتْيانُ: قَبيلة من بَجِيلة
إِليهم ينسب رِفاعةُ الفتياني المحدّث، والله أَعلم.
@فجا: الفَجْوَةُ والفُرَجةُ: المُتَّسَع بين الشيئين، تقول منه: تَفاجَى
الشيءُ صار له فَجْوَة. وفي حديث الحج: كان يَسيرُ العَنَقَ فإِذا وَجَد
فَجْوَةً نَصَّ؛ الفَجْوَةُ: الموضع المتسع بين الشيئين. وفي حديث ابن
مسعود: لا يُصَلِّينَّ أَحدكم وبينه وبين القِبلة فَجْوة أَي لا يَبْعُد من
قبلته ولا سترته لئلاَّ يمر بين يديه أَحد. وفَجا الشيءَ: فَتَحَه.
والفَجْوةُ في المكان: فَتْحٌ فيه. شمر: فَجا بابَه يَفْجُوه إِذا فتحه، بلغة
طيِّء؛ قال ابن سيده: قاله أَبو عمرو الشيباني؛ وأَنشد للطرمح:
كَحَبَّةِ السَّاجِ فَجا بابَها
صُبْحٌ جَلا خُضْرة أَهْدامها
قال: وقوله فَجا بابَها يعني الصبح، وأَما أَجافَ البابَ فمعناه ردَّه،
وهما ضدان. وانْفَجَى القومُ عن فلان: انْفَرجوا عنه وانكشفوا؛ وقال:
لَمَّا انْفَجَى الخَيْلانِ عن مُصْعَبٍ،
أَدَّى إِليه قَرْضَ صاعٍ بصاع
والفَجْوةُ والفَجْواء، ممدود: ما اتَّسع من الأَرض، وقيل: ما اتسع منها
وانخفض. وفي التنزيل العزيز: وهم في فَجْوة منه؛ قال الأَخفش: في سَعة،
وجمعه فَجَوات وفِجاء، وفسره ثعلب بأَنه ما انْخفضَ من الأَرض واتسع.
وفَجْوةُ الدَّارِ: ساحتها؛ وأَنشد ابن بري:
أَلْبَسْتَ قَوْمَكَ مخْزاةً ومَنْقَصةً،
حتَّى أُبِيحُوا وحَلُّوا فَجْوَةَ الدَّارِ
وفَجْوةُ الحافِر: ما بين الحَوامي.
والفَجا: تَباعُد ما بين الفَخِذين، وقيل: تباعد ما بين الركبتين وتباعد
ما بين الساقين. وقيل: هو من البعير تَباعُد ما بين عُرْقُوبَيْه، ومن
الإِنسان تباعد ما بين ركبتيه، فَجِيَ فَجًى، فهو أَفْجَى، والأُنثى
فَجْواء. وقيل: الفَجا والفَحَجُ واحد. ابن الأَعرابي: والأَفْجى المُتباعِدُ
الفخذين الشديدُ الفَحَجِ. ويقال: بفلان فَجاً شديد إِذا كان في رجليه
انفتاح، وقد فَجِيَ يَفْجَى فَجًى. ابن سيده: فَجِيَت الناقة فَجاً عظُم
بطنها. قال ابن سيده: ولا أَدري ما صحته، وذكره الأَزهري مهموزاً وأَكده
بأَن قال: الفَجأُ مهموز مقصور؛ عن الأَصمعي.
وقوس فَجْواءُ: بان وَتَرُها عن كَبِدها. وفَجاها يَفْجُوها فَجْواً:
رفع وَتَرَها عن كبِدها، وفَجِيَتْ هي تَفْجَى فَجًى؛ وقال العجاج:
لا فَحَجٌ يُرى بها ولا فَجا،
إِذا حِجاجا كلِّ جَلْدٍ مَحَجا
وقد انْفَجَتْ؛ حكاه أَبو حنيفة، ومن ثم قيل لوسط الدار فَجْوة؛ وقول
الهذلي:
تُفَجِّي خُمامَ الناسِ عَنَّا كأَنَّما
يُفَجِّيهمُ خَمٌّ، من النار، ثاقِب
معناه تَدْفَع. ابن الأَعرابي: أَفْجَى إِذا وَسَّع على عِياله في
النفَقة.
@فحا: الفَحا والفِحا، مقصور: أَبْزارُ القِدْر، بكسر الفاء وفتحها،
والفتح أَكثر، وفي المحكم: البزر، قال: وخص بعضهم به اليابس منه، وجمعه
أَفحاء. وفي الحديث: مَن أَكل فَحا أَرْضِنا لم يَضُرّه ماؤها، يعني البصل؛
الفَحا: تَوابِلُ القُدور كالفُلْفُل والكمُّون ونحوهما، وقيل: هو البصل. وفي
حديث معاوية: قال لقوم قَدِموا عليه كلوا من فِحا أَرْضِنا فقَلَّ ما
أَكل قوم من فِحا أَرض فضَرَّهم ماؤها؛ وأَنشد ابن بري:
كأَنَّما يَبْرُدْنَ بالغَبُوقِ
كلَّ مِدادٍ مِنْ فَحاً مَدْقُوقِ
(* قوله« كل مداد» كذا بالأصل هنا، وتقدم في م د د: كيل مداد، وكذا هو في
شرح القاموس هنا.)
المِدادُ: جمع مُدّ الذي يكال به، ويَبْرُدْنَ: يَخْلِطْنَ. ويقال:
فَحِّ قِدْرَك تَفْحِية، وقد فحَّيْتُها تَفْحِيةً. والفَحْوةُ: الشَّهْدةُ؛
عن كراع. وفَحْوَى القَوْل: مَعناه ولَحْنُه. والفَحْوَى: معنى ما يُعرف
من مَذهب الكلام، وجمعه الأَفْحاء. وعرَفت ذلك في فَحْوى كَلامِه
وفَحْوائِه وفَحَوائه وفُحَوائِه أَي مِعراضِه ومَذْهَبِه، وكأَنه من فَحّيت
القِدْر إِذا أَلْقَيْتَ الأَبزار، والباب كله بفتح أَوله مثل الحَشا
الطَّرَفِ من الأَطْراف، والغَفا والرّحى والوغَى والشَّوَى. وهو يُفَحِّي
بكلامه إِلى كذا وكذا أَي يَذْهَب.
ابن الأَعرابي: الفَحِيَّة الحَساء؛ أَبو عمرو: هي الفَحْيةُ
والفَحِيَّةُ والفَأْرةُ والفَئِيرةُ والحَريرةُ: الحَسُوُّ الرَّقِيقُ.
@فدي: فَدَيْتُه فِدًى وفِداء وافْتَدَيْتُه؛ قال الشاعر:
فلَوْ كانَ مَيْتٌ يُفْتَدَى، لَفَدَيْتُه
بما لم تَكُنْ عَنْهُ النُّفُوسُ تَطِيبُ
وإِنه لَحَسَنُ الفِدْيةِ. والمُفاداةُ: أَن تدفع رجلاً وتأْخذ رجلاً.
والفِداء: أَن تَشتريه، فَدَيْته بمالي فِداء وفَدَيْتُه بِنَفْسي. وفي
التنزيل العزيز: وإن يأْتُوكم أُسارى تَفْدُوهم؛ قرأَ ابن كثير وأَبو عمرو
وابن عامر أُسارى بأَلف، تَفْدُوهم بغير أَلف، وقرأَ نافع وعاصم والكسائي
ويعقوب الحضرمي أُسارى تُفادُوهم، بأَلف فيهما، وقرأَ حمزة أَسْرى
تَفْدُوهم، بغير أَلف فيهما؛ قال أَبو معاذ: من قرأَ تَفدوهم فمعناه تَشتَرُوهم
من العَدُوِّ وتُنْقِذوهم، وأَما تُفادُوهم فيكون معناه تُماكِسُون مَن
هم في أَيديهم في الثمن ويُماكِسُونكم. قال ابن بري: قال الوزير ابن المعري
فَدَى إِذا أَعطى مالاً وأَخذ رجلاً، وأَفدى إِذا أَعطى رجلاً وأَخذ
مالاً، وفادى إِذا أَعطى رجلاً وأَخذ رجلاً، وقد تكرر في الحديث ذكر الفِداء؛
الفِداء، بالكسر والمد والفتح مع القصر: فَكاكُ الأَسير؛ يقال: فَداه
يَفْدِيه فِداءً وفَدًى وفاداهُ يُفاديه مُفاداة إِذا أَعطى فِداءه
وأَنقذه. فَداه بنفسه وفدَّاه إِذا قاله له: جُعلت فَداك. والفِدْيةُ: الفِداء.
وروى الأَزهري عن نُصَير قال: يقال فادَيت الأَسِير وفادَيت
الأُسارى،قال: هكذا تقوله العرب، ويقولون: فَدَيْتُه بأَبي وأُمي وفَدَيتُه بمالي
كأَنه اشتريته وخَلَّصتُه به إِذا لم يكن أَسيراً، وإِذا كان أَسيراً
مملوكاً قلت فادَيْته، وكان أَخي أَسيراً ففادَيته؛ كذا تقوله العرب؛ وقال
نُصَيب:
ولَكِنَّني فادَيْتُ أُمِّي، بَعْدَما
عَلا الرأْسَ منها كَبْرةٌ ومَشِيبُ
قال: وإِذا قلت فَدَيت الأَسير فهو أَيضاً جائز بمعنى فديته مما كان فيه
أَي خلصته منه، وفاديت أَحسن في هذا المعنى. وقوله عز وجل: وفَدَيناه
بذِبْح عظِيم أَي جعلنا الذِّبح فِداء له وخَلَّصناه به من الذَّبح.الجوهري:
الفِداء إِذا كسر أَوله يمدّ ويقصر، وإِذا فتح فهو مقصور؛ قال ابن بري:
شاهد القصر قول الشاعر:
فِدًى لك عَمِّي، إِنْ زَلِجْتَ، وخالي
يقال: قُمْ: فِدًى لك أَبي، ومن العرب من يكسر فِداءٍ، بالتنوين، إِذا
جاور لام الجر خاصة فيقول فِداءٍ لك لأَنه نكرة، يريدون به معنى الدعاءِ؛
وأَنشد الأَصمعي للنابغة:
مَهْلاً فداءٍ لك الأَقْوامُ كُلُّهُمُ،
وما أُثَمِّرُ من مال ومن وَلَدِ
ويقال: فَداه وفاداه إِذا أَعطى فِداءَه فأَنْقَذه، وفَداه بنفسه
وفَدّاهُ يُفَدِّيه إِذا قال له جُعِلت فَداك. وتَفادَوا أَي فَدى بعضهم
بعْضاً. وافْتَدَى منه بكذا وتَفادى فلان من كذا إِذا تَحاماه وانزَوى عنه؛
وقال ذو الرمة:
مُرِمّين مِنْ لَيْثٍ عَليْه مَهابةٌ،
تَفادى اللُّيُوثُ الغُلْبُ منه تَفادِيا
(* قوله« مرمين» هو من أرمّ القوم أَي سكتوا.)
والفِدْية والفَدَى والفِداءُ كله بمعنى. قال الفراء: العرب تَقْصُرُ
الفِداء وتمده، يقال: هذا فِداؤك وفداك، وربما فتحوا الفاء إِذا قصروا
فقالوا فَداك،وقال في موضع آخر: من العرب من يقول فَدًى لك، فيفتح الفاء،
وأَكثر الكلام كسر أَولها ومدّها؛ وقال النابغة وعَنَى بالرَّبِّ النعمان بن
المنذر:
فَدًى لَكَ مِنْ رَبٍّ طَريفِي وتالِدِي
قال ابن الأَنباري: فِداء إِذا كُسرت فاؤُه مُدَّ، وإِذا فُتِحَت قصر؛
قال الشاعر:
مَهْلاً فِداءً لك يا فَضالَهْ،
أَجِرَّه الرُّمْحَ ولا تُهالَهْ
وأَنشد الأَصمعي:
فِدًى لك والِدِي وفَدَتْكَ نَفْسِي
ومالي، إِنه مِنكُم أَتاني
فكسر وقصر؛ قال ابن الأَثير: وقول الشاعر:
فاغْفِرْ فِداءً لك ما اقْتَفَيْنا
قال: إِطلاق هذا اللفظ مع الله تعالى محمول على المجاز والاستعارة،
لأَنه إِنما يُفْدَى من المَكارِه مَن تلحقه، فيكون المراد بالفداء التعظيم
والإِكبار لأَن الإِنسان لا يُفَدِّي إِلا من يعظمه فَيَبْذُل نفسه له،
ويروى فداءٌ، بالرفع على الابتداء، والنصب على المصدر؛ وقول الشاعر أَنشده
ابن الأَعرابي:
يَلْقَمُ لَقْماً ويُفَدِّي زادَه،
يَرْمِي بأَمْثال القَطا فُؤادَه
قال: يبقي زاده ويأْكل من مال غيره؛ قال ومثله:
جَدْح جُوَيْنٍ مِنْ سَوِيقٍ ليس لَه
وقوله تعالى: فمن كان منكم مَريضاً أَو به أَذًى من رأْسه ففِدْية مِن
صيام أَو صدَقة أَو نُسك؛ إِنما أَراد فمن كان منكم مريضاً أَو به أَذًى
من رأْسه فحلَق فعليه فدية، فحذف الجملة من الفعل والفاعل والمفعول
للدلالة عليه. وأَفْداه الأَسيرَ: قَبِلَ منه فِدْيَته؛ ومنه قوله، صلى الله
عليه وسلم، لقريش حين أُسِرَ عثمان بن عبدالله ،الحَكَم بن كَيْسان: لا
نُفْدِيكموهما حتى يَقْدَمَ صاحبانا، يعني سعْد بن أَبي وقَّاص وعُتْبةَ بن
غَزْوان.
والفَداء، ممدود بالفتح: الأَنبار، وهو جماعة الطعام من الشعير والتمر
والبُر ونحوه. والفَداء: الكُدْس من البُر، وقيل: هو مَسْطَحُ التمر بلغة
عبد القيس؛ وأَنشد يصف قرية بقلَّة الميرة:
كأَنَّ فَداءها، إِذ جَرَّدُوه
وطافُوا حَوْلَه، سُلَكٌ يَتِيمُ
(* قوله«فداءها» هو بالفتح، وأَما ضبطه في حرد بالكسر فخطأ.)
شبه طعام هذه القرية حين جُمع بعد الحَصاد بسُلَك قد ماتت أُمه فهو
يتيم، يريد أَنه قليل حقير، ويروى سُلَفٌ يتيم، والسُّلَفُ: ولد الحَجل، وقال
ابن خالويه في جمعه الأَفْداء، وقال في تفسيره: التمر المجموع. قال شمر:
الفَداء والجُوخانُ واحد، وهو موضع التمر الذي يُيَبَّس فيه، قال: وقال
بعض بني مُجاشِع الفَداء التمر ما لم يُكْنَز؛ وأَنشد:
مَنَحْتَني، مِنْ أَخْبَثِ الفَداءِ،
عُجْرَ النَّوَى قَليلَةَ اللِّحاءِ
ابن الأَعرابي: أَفْدَى الرجلُ إِذا باعَ، وأَفْدَى إِذا عظُم بدنُه.
وفَداء كل شيء حَجْمه، وأَلفه ياء لوجود ف د ي وعدم ف د و. الأَزهري: قال
أَبو زيد في كتاب الهاء والفاء إِذا تعاقبا: يقال للرجل إِذا حدَّث بحديث
فعدَل عنه قبل أَن يَفْرُغ إِلى غيره خُذ على هِدْيَتِك أَي خُذ فيما كنت
فيه ولا تَعْدِل عنه؛ هكذا رواه أَبو بكر عن شمر وقيده في كتابه بالقاف،
وقِدْيَتُك، بالقاف، هو الصواب.
@فرا: الفَرْو والفَرْوَة: معروف الذي يُلبس، والجمع فِراء، فإِذا كان
الفرو
(* قوله« فاذا كان الفرو إلخ» كذا بالأصل.) ذا الجُبَّة فاسمها
الفَرْوة؛ قال الكميت:
إِذا التَفّ دُونَ الفَتاةِ الكَمِيع،
وَوَحْوَح ذو الفَرْوَةِ الأَرْمَلُ
وأَورد بعضهم هذا البيت مستشهداً به على الفروة الوَفْضَة التي يجعل
فيها السائل صدقته. قال أَبو منصور: والفَرْوة إِذا لم يكن عليها وَبَر أَو
صوف لم تُسَمَّ فَروة. وافْتَرَيْت فَرْواً: لَبِسته؛ قال العجاج:
يَقْلِبُ أُولاهُنَّ لَطْم الأَعْسرِ
قَلْبَ الخُراسانيِّ فَرْوَ المُفْترِي
والفَرْوَة: جِلدة الرأْس. وفَرْوة الرأْس: أَعْلاه، وقيل: هو جلدته بما
عليه من الشعر يكون للإِنسان وغيره؛ قال الراعي:
دَنِس الثِّياب كأَنَّ فَرْوَة رَأْسه
غُرِسَتْ، فأَنْبَت جانباها فُلْفُلا
والفَروة، كالثَّروة في بعض اللغات: وهو الغنى، وزعم يعقوب أَن فاءها بدل
من الثاء. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: وسئل عن حدِّ الأَمة فقال إِن
الأَمَة أَلقت فَرْوَة رأْسِها من وراء الدار، وروي: من وراء الجدار، أَراد
قِناعها، وقيل خمارها أَي ليس عليها قناع ولا حِجاب وأَنها تخرج
مُتَبَذِّلة إِلى كل موضع تُرْسَل إِليه لا تَقْدِر على الامتناع، والأَصل في فروة
الرأْس جلدته بما عليها من الشعر؛ ومنه الحديث: إِنَّ الكافر إِذا
قُرِّبَ المُهْلُ مِن فيه سقطت فَرْوة وجهه أَي جلدته، استعارها من الرأْس
للوجه. ابن السكيت: إِنه لذو ثَرْوة في المال وفَروة بمعنى واحد إِذا كان كثير
المال. وروي عن علي بن أَبي طالب، كرّم الله وجهه، أَنه قال على منبر
الكوفة: اللهم إِني قد مَلِلْتُهم ومَلُّوني وسَئِمْتُهم وسَئِمُوني
فسَلِّط عليهم فَتَى ثَقِيفٍ الذَّيَّالَ المَنَّانَ يَلْبَسُ فَرْوَتَها
ويأْكل خَضِرَتَها؛ قال أَبو منصور: أَراد عليّ، عليه السلام، أَن فتى ثقيف
إِذا ولي العراق توسَّع في فَيْء المسلمين واستأْثر به ولم يَقْتَصِر على
حصته، وفَتَى ثقيف: هو الحَجَّاجُ بن يوسف، وقيل: إِنه ولد في هذه السنة
التي دعا فيها عليّ، عليه السلام، بهذا الدعاء وهذا من الكَوائِن التي
أَنبأَ بها النبي،صلى الله عليه وسلم، من بعده، وقيل: معناه يَتَمَتَّعُ
بِنِعْمَتها لُبْساً وأَكلاً؛ وقال الزمخشري: معناه يلبس الدَّفيءَ اللَّيِّنَ
من ثيابها ويأكل الطريَّ الناعم من طعامها، فضرب الفَرْوة والخَضِرة
لذلك مثلا، والضمير للدنيا. أَبو عمرو: الفَرْوَة الأَرض البيضاء التي ليس
فيها نبات ولا فَرْش. وفي الحديث: أَن الخَضِر، عليه السلام، جلس على
فَرْوة بيضاء فاهتزت تحته خَضْراء؛ قال عبد الرزاق: أَراد بالفَرْوة الأَرضَ
اليابسةَ؛ وقال غيره: يعني الهَشيم اليابس من النَّبات، شبهه بالفَروة.
والفَروةُ: قطعة نبات مجتمعة يابسة؛ وقال:
وهامةٍ فَرْوَتُها كالفَرْوهْ
وفي حديث الهجرة: ثم بَسَطْتُ عليه فَرْوَةً، وفي أُخرى: فَفَرَشْتُ له
فَرْوَةً. وقيل: أَراد بالفَرْوة اللِّباس المعروف.
وفَرَى الشيءَ يَفْرِيه فَرْياً وفَرَّاه، كلاهما: شقَّه وأَفسده،
وأَفراه أَصلحه، وقيل: أَمرَ بإِصلاحه كأَنه رَفَع عنه ما لحقه من آفة الفَرْي
وخَلَلِه. وتَفَرَّى جِلدُه وانْفَرَى: انشقَّ. وأَفْرَى أَوداجه
بالسيف: شقها. وكل ما شقَّه فقد أَفْراه وفَرَّاه؛ قال عَدِي بن زيد
العبادي:فصافَ يُفَرِّي جِلْدَه عن سَراتِه،
يَبُذُّ الجِياد فارِهاً مُتتايِعا
أَي صافَ هذا الفَرسُ يكاد يشُق جلده عما تحته من السِّمَن. وفي حديث ابن
عباس، رضي الله عنهما، حين سئل عن الذَّبِيحة بالعُود فقال: كلُّ ما
أَفْرَى الأَوْداجَ غير مُثَرِّدٍ أَي شقَّقها وقطعها فأَخرج ما فيها من
الدم. يقال: أَفْرَيت الثوبَ وأَفْريت الحُلَّة إِذا شقَقْتَها وأَخرجت ما
فيها، فإِذا قلت فَرَيت، بغير أَلف، فإِن معناه أَن تُقَدِّر الشيء
وتُعالجه وتُصلحه مثل النَّعْل تَحْذُوها أَو النِّطَع أَو القِرْبة ونحو ذلك.
يقال: فَرَيْت أَفْرِي فَرْياً، وكذلك فَرَيْت الأَرض إِذا سرتها
وقطعتها. قال: وأَما أَفْريْت إِفْراء فهو من التشقيق على وجه الفساد. الأَصمعي:
أَفْرَى الجلد إِذا مَزَّقَه وخَرَقَه وأَفسده يُفْرِيه إِفْراء. وفَرَى
الأَدِيمَ يَفْرِيه فَرْياً، وفَرَى المَزادة يَفْرِيها إِذا خَرَزَها
وأَصلحها.
والمَفْرِيَّةُ: المَزادة المَعْمُولة المُصْلَحة. وتَفَرَّى عن فلان
ثوبه إِذا تشقَّق. وقال الليث: تَفَرَّى خَرْز المزادة إِذا تشقق. قال ابن
سيده: وحكى ابن الأَعرابي وحده فَرى أَوْداجَه وأَفْراها قطعها. قال:
والمتقنون من أَهل اللغة يقولون فَرَى للإِفساد، وأَفْرَى للإِصلاح،
ومعناهما الشق، وقيل: أَفراه شقَّه وأَفسده وقطعه، فإِذا أَردت أَنه قدّره وقطعه
للإِصلاح قلت فَراه فَرْياً. الجوهري: وأَفْرَيت الأَوْداج قطعتها؛
وأَنشد ابن بري لراجز:
إِذا انْتَحَى بِنابِه الهَذْهاذِ،
فَرَى عُروقَ الوَدَجِ الغَواذِي
الجوهري: فَرَيْت الشيء أَفْرِيه فرياً قطعته لأُصلحه، وفريت المَزادة
خَلَقْتها وصنعتها؛ وقال:
شَلَّتْ يَدا فارِيةٍ فَرَتْها
(* قوله« شلت يدا إلخ» بين الصاغاني خللُ هذا الانشاد في مادة صغر فقال
وبعد الشطر الاول:
وعميت عين التي أرتها * أساءت الخرز وأنجلتها
أعارت الاشفى وقدرتها * مسك شبوب ... إلخ
وأبدل الساقي بالنازع.)
مَسْكَ شَبُوبٍ ثُمَّ وَفَّرَتْها،
لو كانتِ الساقِيَ أَصْغَرَتْها
قوله: فَرَتْها أَي عَمِلَتها. وحكى الجوهري عن الكسائي: أَفْرَيْت
الأَديم قطعته على جهة الإِفساد، وفَرَيْته قطعته على جهة الإِصلاح. غيره:
أَفْرَيت الشيء شققته فانْفَرى وتَفَرَّى أَي انشق. يقال: تَفَرَّى الليل
عن صبحه، وقد أَفْرَى الذئبُ بطنَ الشاةِ، وأَفْرَى الجُرحَ يُفْرِيه إِذا
بَطَّه. وجِلْد فَرِيٌّ: مَشْقُوق، وكذلك الفَرِيَّة، وقيل: الفَريَّة
من القِرَب الواسعة. ودلْو فَرِيٌّ: كبيرة واسعة كأَنها شقت؛ وقول زهير:
ولأَنْتَ تَفْرِي ما خَلَقْتَ، وَبَعْـ
ـضُ القَوْمِ يَخْلُقُ ثُم لا يَفْرِي
معناه تُنَفِّذُ ما تَعْزِم عليه وتُقَدِّرُه، وهو مثل. ويقال للشجاع:
ما يَفْرِي فَرِيَّه أَحد، بالتشديد؛ قال ابن سيده: هذه رواية أَبي عبيد،
وقال غيره: لا يَفْرِي فَرْيَه، بالتخفيف، ومن شَدَّد فهو غلط. التهذيب:
ويقال للرجل إِذا كان حادّاً في الأَمر قوِيّاً تَرَكْتُه يَفْرِي الفَرا
(* قوله« تركته يفري الفرا» كذا ضبط في الأصل والتكملة وعزاه فيها للفراء،
وعليه ففيها لغتان). ويَقُدُّ، والعرب تقول: تركته يَفْرِي الفَرِيَّ
إِذا عَمِلَ العَمل أَو السَّقْي فأَجاد. وقال النبي، صلى الله عليه وسلم،
في عمر، رضي الله عنه، ورآه في منامه ينزع عن قَلِيب بغَرْب: فلم أَرَ
عَبْقَرِيّاً يَفْرِي فَرِيَّه؛ قال أَبو عبيد: هو كقولك يعمَل عمَله ويقول
قوله ويقطَع قطعه؛ قال: وأَنشدنا الفراء لزُرارة بن صَعْب يُخاطب
العامِرِيَّةَ:
قد أَطْعَمَتْني دَقَلاً حَوْلِيّا
مُسَوِّساً مُدَوِّداً حَجْرِيَّا،
قد كنتِ تَفْرِينَ به الفَرِيَّا
أَي كنت تُكْثِرِين فيه القَول وتُعَظِّمِينه. يقال: فلان يَفْرِي
الفَرِيَّ إِذا كان يأْتي بالعَجَب في عمله، وروي يَفْرِي فَرْيَه، بسكون الراء
والتخفيف، وحكي عن الخليل أَنه أَنكر التثقيل وغلَّط قائله. وأَصل
الفَرْي: القَطْع، وتقول العرب: تركته يَفْرِي الفَرِيَّ إِذا عمل العمل
فأَجاده. وفي حديث حسان: لأَفْرِيَنَّهم فَرْيَ الأَدِيم أَي أُقَطِّعُهم
بالهجاء كما يُقَطَّع الأَدِيم، وقد يكنى
به عن المبالغة في القتل؛ ومنه حديث غَزوة مُوتة: فجعل الرومي يَفْرِي
بالمسلمين أَي يبالغ في النِّكاية والقتل؛ وحديث وحشي: فرأَيت حمزة يَفرِي
الناس فَرْياً، يعني يوم أُحد.
وتَفَرَّت الأَرضُ بالعُيون: تَبَجَّسَتْ؛ قال زهير:
غِماراً تُفَرَّى بالسِّلاحِ وبالدَّمِ
وأَفْرَى الرجلَ: لامه.
والفِرْيةُ: الكذب. فَرَى كذباً فَرْياً وافْتَراه: اختلقه. ورج فَرِيٌّ
ومِفْرًى وإِنه لقَبِيح الفِرْية؛ عن اللحياني. الليث: يقال فَرَى فلان
الكذب يَفْريه إِذا اختلقه، والفِرْية من الكذب. وقال غيره: افْتَرَى
الكذب يَفْترِيه اختلقه. وفي التنزيل العزيز: أَم يقولون افْتَراه؛ أَي
اختلقه. وفَرَى فلان كذا إِذا خلَقَه، وافتراه: اختلقه، والاسم الفِرْيَة. وفي
الحديث: مِن أَفْرَى الفِرَى أَن يُرِيَ الرَّجلُ عَيْنَيْهِ ما لم
تَرَيا؛ الفِرَى: جمع فِرْية وهي الكذبة، وأَفْرَى أَفعل منه للتفضيل أَي
أَكْذَب الكذبات أَن يقول: رأَين في النوم كذا وكذا، ولم يكن رأَى شيئاً،
لأَنه كَذِبٌ على الله تعالى، فإِنه هو الذي يُرْسِل ملَك الرؤيا ليريه
المنام. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: فقد أَعظم الفِرْيةَ على الله أَي
الكَذِب. وفي حديث بَيْعة النساء: ولا يأْتِين ببُهتانٍ يَفْتَرِينه؛ هو
افتعال من الكذب.
أَبو زيد: فَرَى البَرْقُ يَفْرِي فَرْياً وهو تَلأْلُؤه ودوامه في
السماء.
والفَرِيُّ: الأمر العظيم. وفي التنزيل العزيز في قصة مريم: لقد جِئتِ
شيئاً فَرِيّاً؛ قال الفراء: الفَرِيُّ الأَمر العظيم أَي جئت شيئاً عظيماً،
وقيل: جئت شيئاً فَرِيّاً أَي مصنوعاً مخْتلَقاً، وفلان يَفْرِي
الفَرِيَّ إِذا كان يأْتي بالعجب في عمله. وفَرِيتُ: دَهِشْتُ وحِرْتُ؛ قال
الأَعلم الهذلي:
وفَرِيتُ مِنْ جَزَعٍ فلا
أَرْمِي ، ولا وَدّعْتُ صاحِبْ
أَبو عبيد: فَرِيَ الرجل، بالكسر، يَفْرَى فَرًى، مقصور، إذا بُهِتَ
ودَهِشَ وتَحَيَّر . قال الأصمعي: فَرِيَ يَفْرى إذا نظر فلم يدر ما
يَصْنَع. والفَرْية: الجَلَبة . وفَرْوة وفَرْوان: اسْمان.
@فسا: الفَسْو: معروف، والجمع الفُساء.
(* قوله « والجمع الفساء » كذا
ضبط في الأصل ولعله بكسر الفاء كدلو ودلاء.)
وفَسا فَسْوة واحدة وفَسا يَفْسو فَسْواً وفُساء، والاسم الفُساء،
بالمد؛ وأَنشد ابن بري:
إذا تَعَشَّوْا بَصَلاً وخَلاًّ،
يأْتُوا يَسُلُّون الفُساءَ سَلاًّ
ورجل فَسَّاء وفَسُوٌّ: كثير الفَسْو. قال ثعلب: قيل لامرأة أَيُّ
الرجال أَبغض إليك؟ قالت: العَثِنُ
(* قوله « العثن » كذا في الأصل مضبوطاً
ولعله العبنّ أو العتن كفرح أو غير ذلك)
النَّزَّاء القصير الفَسّاء الذي يَضْحَك في بيت جاره وإذا أَوى بيته
وَجَم؛ الشديد الحَمْل
(* قوله: «الشديد الحمل»؛ هكذا في الأصل)
قال أَبو ذُبيان ابن الرَّعْبل: أَبغض الشيوخ إ َّ الأَقْلح الأَمْلَح
الحَسُوُّ الفَسُوُّ. ويقال للخُنْفساء: الفَسَّاءَة، لنَتْنها. وفي
المثل: ما أَقرَبَ مَحْساه من مَفْساه. وفي المثل: أَفحش من فاسِيةٍ، وهي
الخنفساء تَفْسو فتُنْتِنُ القوم بخُبث رِيحها، وهي الفاسِياء أَيضاً. والعرب
تقول: أَفْسى من الظَّرِبان، وهي دابة يجيء إلى حُجر الضب فتضع قَبَّ
استها عند فَم الجُحر فلا تزال تَفُسُو حتى تَسْتَخْرِجه، وتصغير الفَسْوة
فُسَيَّة. ويقال: أَفْسى من نِمس وهي دُويْبَّة كثيرة الفُساء. ابن
الأعرابي: قال نُفَيع بن مُجاشع لبلال بن جرير يُسابُّه يا ابن زَرَّة وكانت
أُمه أَمة وهبها له الحجاج ، وقال: وما تَعِيب منها ؟ كانت بنت مَلِك
وحِباء مَلِك حبَا بها ملكاً قال: أَما على ذلك لقد كانت فَسَّاءً
أَدَمُّها وجهها وأَعظمها رَكَبُها قال: ذلك أعْطِيةُ الله، قال: والفَسَّاء
والبَزْخاء واحد ، قال: والانْبِزاخُ انبزاخ ما بين وركيها وخروج أَسفل
بطنها وسرتها؛ وقال أَبو عبيد في قول الراجز :
بِكْراً عَواساءَ تَفاسى مُقْرِبا
قال: تَفاسى تُخرج استَها، وتَبازى ترفع أَليَتَيْها. وحكي عن الأصمعي
أنه قال: تَفاسأَ الرجل تَفَاسُؤاً، بالهمزة، إذا أَخرج ظهره، وأَنشد هذا
البيت فلم يهمزه. وتَفاست الخنفساء إذا أَخرجت استها كذلك. وتفاسى الرجل:
أَخرج عجيزته. والفَسْوُ والفُساة: حي من عبد القيس. التهذيب: وعبد
القيس يقال لهم الفُساة يعرفون بهذا. غيره: الفَسْوُ نَبْزُ حيّ من العرب جاء
منهم رجل ببُردَيْ حِبَرة إلى سوق عُكاظ فقال: من يشتري منا الفَسْوَ
بهذين البُردين؟ فقام شيخ من مَهْوٍ فارْتَدى بأَحدهما وأْتَزر بالآخر، وهو
مشتري الفسو ببردي حِبرة، وضرب به المثل فقيل أَخْيَبُ صَفْقةً من شيخ
مهو، واسم هذا الشيخ عبد الله بن بَيْذَرة؛ وأَنشد ابن بري:
يا مَنْ رَأَى كصَفْقَةِ ابن بَيْذَرهْ
مِن صَفْقةٍ خاسِرةٍ مُخَسِّرهْ،
المُشْتَري الفَسْوَ ببُردَي حِبَرَه
وفَسَواتُ الضِّباع: ضَرْب من الكَمْأَة. قال أَبو حنيفة: هي
القَعْبَلُ من الكمأَة، وقد ذكر في موضعه. قال ابن خالويه: فَسْوةُ الضبع شجرة تحمل
مثل الخَشْخاش لا يُتحصل منه شيء. وفي حديث شريح: سئل عن الرجل يُطلِّق
المرأَة ثم يَرْتَجِعها فيَكْتُمها رَجْعتها حتَى تَنقضيَ عِدَّتُها،
وقال: ليس له إلا فَسوة الضبع أَي لا طائل له في ادّعاء الرجعة بعد انقِضاء
العدَّة، وإنما خص الضبع لحُمْقها وخُبْثها، وقيل: هي شجرة تحمل
الخشخاش ليس في ثمرها كبير طائل؛ وقال صاحب المنهاج في الطب: هي القَعْبل وهو
نبات كريه الرائحة له رأس يُطبخ ويؤكل باللبن ، وإذا يبس خرج منه مثل
الوَرْس.
ورجل فَسَوِيٌّ: منسوب إلى فَسا، بلد بفارس. ورجل فَساسارِيٌّ على غير
قياس.
@فشا: فَشا خَبَرُه يَفْشُو فُشُوًّا وفُشِيًّا: انتشر وذاعَ، كذلك فَشا
فَضْلُه وعُرْفُه وأَفْشاه هو؛ قال:
إنَّ ابنَ زَيْدٍ لا زالَ مُسْتَعْملاً
بالخَيْرِ يُفْشي في مِصْرِه العُرُفا
وفشا الشيءُ يَفْشُو فُشوًا إذا ظهر، وهو عامّ في كل شيء، ومنه إفْشاء
السر. وقد تَفَشَّى الحِبرُ إذا كُتب على كاغَد رقيق فتمشَّى فيه. ويقال:
تَفَشَّى بهم المرض وتَفَشَّاهم المرض إذا عَمَّهم؛ وأَنشد :
تَفَشَّى بإخْوانِ الثِّقاتِ فعَمَّهم،
فأَسْكَتُّ عَنِّي المُعْوِلاتِ البَواكيا
وفي حديث الخاتم: فلما رآه أَصحابه قد تخَتَّم به فشَت خواتيم الذهب أَي
كثرت وانتشرت. وفي الحديث: أَفْشى اللهُ ضَيْعَته أَي كثَّر عليه معاشَه
ليَشْغَلَه عن الآخرة، وروي: أَفْسدَ الله ضَيْعَته، رواه الهروي كذلك في
حرف الضاد، والمعروف المروي أَفْشى. وفي حديث ابن مسعود: وآيةُ ذلك
أَن تَفْشُوَ الفاقة. والفَواشي: كل شيء مُنْتَشر من المال كالغنم السائمة
والإبل وغيرها لأنها تَفْشو أَي تنتشر في الارض ، واحدتها فاشيةٌ. وفي
حديث هَوازِن: لمَّا انهزموا قالوا الرأْيُ أَن نُدْخِلَ في الحِصْنِ ما
قَدَرنا عليه من فاشِيتنا أَي مَواشِينا. وتَفَشَّى الشيء أي اتسع. وحكى
اللحياني: إني لأَحفظ فلاناً في فاشيته، وهو ما انتشر من ماله من ماشية
وغيرها. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم ، أَنه قال: ضُمُّوا فَواشِيَكم
بالليل حتى تذهب فَحْمةُ العِشاء. وأَفْشى الرجل إذا كثرت فَواشِيه. ابن
الأَعرابي: أَفشَى الرجل وأَمْشى وأَوْشى إذا كثر ماله، وهو الفَشاء
والمَشاء، ممدود. الليث: يقال فشَتْ عليه أُموره إذا انتشرت فلم يدر بأَيِّ
ذلك يأْخذ، وأَفُشَيته أَنا. والفَشاء، ممدود: تَناسل المال وكثرته، سمي
بذلك لكثرته حينئذ وانتشاره. وقد أَفشى القوم. وتَفَشَّت القَرحة: اتسعت
وأَرِضَتْ. وتَفَشَّاهم المَرَض وتَفَشَّى بهم: انتشر فيهم.وإِذا نِمت من
الليل نَوْمة ثم قمت فتلك الفاشِيةُ. والفَشَيانُ: الغَثْية
(* قوله« والفشيان الغثية» ضبط الفشيان في التكملة والأصل والتهذيب بهذا
الضبط، واغتروا باطلاق المجد فضبطوه في بعض النسخ بالفتح. وأما الغثية فهي
عبارة الأصل والتهذيب أيضا ولكن الذي في القاموس والتكملة بالشين المعجمة
بدل المثلثة.)
التي تعتري الإِنسان، وهو الذي يقال له بالفارسية تاسا. قال ابن بري:
الفَشْوةُ قُفَّة يكون فيها طِيب المرأَة؛ قال أَبو الأَسود العِجْلي:
لها فَشْوةٌ فِيها مَلابٌ وزِئْبَقٌ،
إِذا عَزَبٌ أَسْرَى إِليها تَطَيَّبا
@فصي: فَصى الشيءَ من الشيء فَصْياً: فَصَله. وفَصْيةُ ما بين الحَرّ
والبرد: سَكْتة بينهما من ذلك. ويقال منه: ليلةُ فُضْيةٍ وليلةٌ فُصْيةٌ،
مضاف وغير مضاف. ابن بُزُرْج: اليومُ فُصْيةٌ
(* قوله « فصية» ضبط في الأصل
بالضم كما ترى وفي المحكم أيضاً، وضبط في القاموس بالفتح.)
واليومُ يومُ فُصْيةٍ، ولا يكون فُصْية صفة، ويقال: يومٌ مُفْصٍ صفة،
قال: والطَّلْقة تَجْري مَجْرى الفُصْية وتكون وصفاً لليلة كما تقول يومٌ
طَلْقٌ. وأَفْصى الحرّ: خرج، ولا يقال في البرد.
وقال ابن الأَعرابي: أَفْصى عنكَ الشتاء وسقط عنك الحرّ. قال أَبو
الهيثم: ومن أَمثالهم في الرجل يكون في غمّ فيخرج منه قولهم: أَفْصى علينا
الشتاء. أَبو عمرو بن العلاء: كانت العرب تقول اتقوا الفَصْية، وهو خروج من
برد إِلى حرّ ومن حر إِلى برد. وقال الليث: كل شيء لازق فخلَّصته قلت هذا قد
انْفَصى. وأَفْصى المطر: أَقْلَع. وتَفَصَّى اللحمُ عن العظم وانْفَصى:
انفسخ. وفَصى اللحم عن العظم وفَصَّيْتُه منه تَفْصِية إِذا خلَّصته منه،
واللحم المُتهرّي ينْفَصي عن العظم، والإِنسان ينْفَصي من البلية.
وتفَصَّى الإِنسانُ إِذا تخلَّص من الضيق والبلية. وتفصَّى من الشيء: تخلص،
والاسم الفَصْية، بالتسكين. وفي حديث قَيلة بنت مَخْرمة: أَن جُوَيْرية من
بنات أُختها حُدَيْباء قالت، حين انْتَفَجَت الأَرنب وهما تَسيرانِ:
الفَصْيَة، والله لا يزال كَعبكِ عالياً؛ قال أَبو عبيد: تفاءلت بانتفاج
الأَرنب فأَرادت بالفَصْية أَنها خرجت من الضيق إلى السعة؛ ومن هذا حديث آخر عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه ذكر القرآن فقال: هو أَشد تفَصِّياً من
قلوب الرجال من النَّعَم من عُقلِها أَي أَشدّ تَفَلُّتاً وخروجاً. وأَصل
التَّفصِّي: أَن يكون الشيء في مضيق ثم يخرج إِلى غيره. ابن الأَعرابي:
أَفْصى إِذا تخلص من خير أَو شر. قال الجوهري: أَصل الفَصْية الشيء تكون
فيه ثم تخرج منه، فكأَنها أَرادت أَنها كانت في ضيق وشدة من قبل عمّ بناتها،
فخرجت منه إِلى السعة والرخاء، وإِنما تفاءَلت بانتفاج الأَرنب. ويقال:
ما كدت أَتَفَصَّى من فلان أَي ما كدت أَتخلص منه. وتَفَصَّيْتُ من الديون
إِذا خرجت منها وتخلصت. وتفَصَّيت من الأَمر تَفَصِّياً إِذا خرجت منه
وتخلصت. والفَصى: حب الزبيب، واحدته فَصاة؛ وأَنشد أَبو حنيفة:
فَصًى من فَصى العُنْجُد
قال ابن سيده: هذا جميع ما أَنشده من هذا البيت. وأَفْصى: اسم رجل.
التهذيب: أَفْصى اسم أَبي ثَقِيف واسم أَبي عبد القيس. قال الجوهري: هما
أَفْصَيان أَفْصى بن دُعْمي بن جَديلة بن أَسد بن ربيعة،وأَفْصى بن عبد القيس
بن أَفصى بن دعمي بن جديلة ابن أَسد بن ربيعة. وبنو فُصَيَّة: بطن.
@فضا: الفَضاءُ: المكان الواسع من الأَرض، والفعل فَضا يَفْضُو فُضُوّاً
(* قوله «يفضو فضوّاً» كذا بالأصل وعبارة ابن سيده يفضو فضاء وفضوّاً
وكذا في القاموس فالفضاء مشترك بين الحدث والمكان) فهو فاضٍ؛ قال رؤبة:
أَفْرَخَ فَيْضُ بَيْضِها المُنْقاضِ،
عَنكُم، كِراماً بالمَقام الفاضي
وقد فَضا المكان وأَفْضى إِذا اتسع. وأَفْضى فلان إِلى فلان أَي وَصَل
إِليه، وأصله أَنه صار في فُرْجَته وفَضائه وحَيِّزه؛ قال ثعلب بن عبيد يصف
نحلاً:
شَتَتْ كثَّةَ الأَوْبارِ لا القُرَّ تتَّقي،
ولا الذِّئْب تَخْشى، وهي بالبَلدِ المُفْضي
أَي العَراء الذي لا شيء فيه، وأَفْضى إِليه الأَمْرُ كذلك. وأَفْضى
الرجل: دخل على أَهله. وأَفْضى إِلى المرأَة: غَشِيها، وقال بعضهم: إِذا خلا
بها فقد أَفْضى، غَشِيَ أَو لم يَغْشَ، والإِفضاء في الحقيقة الانتهاء؛
ومنه قوله تعالى: وكيف تأْخُذونه وقد أَفضى بعضُكم إِلى بعض؛ أَي انْتَهى
وأَوى، عدَّاه بإِلى لأَن فيه معنى وصَل، كقوله تعالى: أُحلّ لكم ليلة
الصِّيام الرَّفَثُ إِلى نسائكم. ومَرَة مُفْضاة: مجموعة المَسْلَكين. وأَفضى
المرأَةَ فهي مُفضاة إِذا جامَعها فجعلَ مَسْلَكَيْها مَسْلَكاً واحداً
كأَفاضها، وهي المُفْضاة من النساء. الجوهري: أَفضى الرجلُ إِلى امرأَته
باشَرها وجامعها. والمُفضاةُ: الشَّريمُ. وأَلقى ثَوبه فَضاً: لم يُودعْه.
وفي حديث دُعائه للنابغة: لا يُفْضي اللهُ فاك؛ هكذا جاء في رواية، ومعناه
أَن لا يجعله فَضاء لا سنَّ فيه. والفَضاء: الخالي الفارغ الواسع من
الأَرض.
وفي حديث معاذ في عذاب القبر: ضربه بِمرْضافةٍ وسَط رأْسه حتى يُفْضِيَ
كلُّ شيء منه أَي يصير فَضاء. والفَضاء: الساحةُ وما اتسع من الأَرض. يقال:
أَفضيت إِذا خرجت إِلى الفضاء. وأَفْضَيت إِلى فلان بسرّي. الفراء: العرب
تقول لا يُفْضِ اللهُ فاك من أَفْضَيْت. قال: والإِفضاء أَن تَسقط ثناياه
من فوق ومن تحت وكل أَضراسه؛ حكاه شمر عنه؛ قال أَبو منصور: ومن هذا
إِفْضاء المرأَة إِذا انقطع الحِتار الذي بين مسلكيها؛ وقال أَبو الهيثم في
قول زهير:
ومَنْ يوفِ لا يذمم، ومَنْ يُفْضِ قَلْبه
إِلى مُطْمَئِنِّ البِرِّ لا يَتَجَمْجَمِ
أَي مَن يَصر قلبُه إِلى فَضاء من البر ليس دونه ستر لم يَشتبه أَمره
عليه فيتجَمجم أَي يتردّد فيه.
والفَضى، مقصور: الشيء المختلط، تقول: طعام فَضًى أَي فَوْضى مختلط.
شمر: الفَضاء ما استوى من الأَرض واتسع، قال: والصحراء فَضاء. قال أَبو بكر:
الفِضاء، ممدود، كالحِساء وهو ما يجري على وجه الأَرض، واحدته فَضِيَّةٌ
(* قوله «واحدته فضية» هذا ضبط التكملة، وفي الأصل فتحة على الياء
فمقتضاه أنه من باب فعلة وفعال.) ؛ قال الفرزدق:
فصَبَّحْن قَبْلَ الوارِداتِ من القَطا،
ببَطْحاءِ ذِي قارٍ، فِضاءً مُفَجَّرا
والفَضْيةُ: الماء المُسْتَنْقِع، والجمع فِضاء، ممدود؛ عن كراع؛ فأَما
قول عدي بن الرَّقاع:
فأَوْرَدها، لَمَّا انْجَلى الليلُ أَوْ دَنا،
فِضًى كُنَّ للجُونِ الحَوائِم مَشْرَبا
قال ابن سيده: يروى فَضًى وفِضًى، فمن رواه فَضًى جعله من باب حَلْقةٍ
وحَلَقٍ ونَشْفةٍ ونَشَفٍ، ومن رواه فِضًى جعله كَبَدْرَةٍ وبِدَرٍ.
والفَضا: جانِب
(* قوله « والفضا جانب إلخ» كذا بالأصل، ولعله الضفا
بتقديم الضاد إذ هو الذي بمعنى الجانب وبدليل قوله: ويقال في تثنيته ضفوان،
وبعد هذا فايراده هنا سهو كما لا يخفى) الموضع وغيره، يكتب بالأَلف، ويقال
في تثنيته ضَفَوانِ؛ قال زهير:
قَفْراً بِمُنْدَفِع النَّحائِتِ مِنْ
ضَفَوَيْ أُلاتِ الضّالِ والسِّدْرِ
النحائت: آبار معروفة. ومكان فاضٍ ومُفْضٍ أَي واسع. وأَرض فَضاء
وبَرازٌ، والفاضِي: البارِزُ؛ قال أَبو النجم يصف فرسه:
أَمّا إِذا أَمْسَى فَمُفْضٍ مَنْزِلُه،
نَجْعَلُه في مَرْبَطٍ ،نَجْعَلُه
مُفْضٍ: واسع. والمُفْضَى: المُتَّسَع؛ وقال رؤبة:
خَوْقاء مُفْضاها إِلى مُنْخاقِ
أَي مُتَّسَعُها؛ وقال أَيضاً:
جاوَزْته بالقَوْم حتى أَفْضَى
بهِم، وأَمْضىَ سَفَرٌ ما أَمْضَى
(* قوله« ما أمضى» كذا في الأصل، والذي في نسخة التهذيب: ما أفضى.)
قال: أَفْضَى بلغ بهم مكاناً واسعاً أَفْضَى بهم إِليه حتى انقطع ذلك
الطريق إِلى شيء يعرفونه. ويقال: قد أَفْضَيْنا إِلى الفَضاء، وجمعه
أَفْضِية. ويقال: تركت الأَمر فَضاً أَي تركته غيرَ مُحْكَم. وقال أَبو مالك:
يقال ما بقي في كِنانته إِلاَّ سهم فَضاً؛ فَضاً أَي واحد. وقال أَبو عمرو:
سهم فَضاً إِذا كان مُفْرداً ليس في الكِنابة غيره. ويقال: بَقِيت من
أَقْراني فَضاً أَي بقيت وحدي، ولذلك قيل للأَمر الضعيف غير المحكم فَضاً،
مقصور. وأَفْضَى بيده إِلى الأَرض إِذا مَسَّها بباطن راحته في سُجوده.
والفَضا: حب الزَّبيب. وتمر فَضاً: منثور مختلط، وقال اللحياني: هو المختلط
بالزبيب؛ وأَنشد:
فَقُلْتُ لهَا: يا خالتي لَكِ ناقَتي،
وتمرٌ فَضاً، في عَيْبَتي، وزَبيبُ
أَي منثور، ورواه بعض المتأَخرين: يا عَمَّتي. وأَمرُهم بينهم فَضاً أَي
سواء. ومَتاعُهم بينهم فَوْضَى فَضاً أَي مختلط مشترك. غيره: وأَمرهم
فَوْضَى وفَضاً أَي سواء بينهم؛ وأَنشد للمُعَذِّل البَكْريِّ:
طَعامُهُمُ فَوْضَى فَضاً في رِحالِهم،
ولا يُحْسِنُون الشَّرَّ إِلاَّ تَنادِيا
ويقال: الناسُ فَوْضَى إِذا كانوا لا أَميرَ عليهم ولا مَنْ يجمعهم.
وأَمرُهُم فَضاً بينهم أَي لا أَمير عليهم. وأَفْضَى إِذا افْتَقَرَ.
@فطا: فَطَا الشيءَ يَفْطُوه فَطْواً: ضربه بيده وشَدَخَه، وفَطَوْتُ
المرأَةَ: أَنْكَحْتها. وفَطَا المرأَة فَطْواً: نكَحها.
@فظا: الفَظَى، مقصور
(* قوله« الفظى مقصور يكتب بالياء» ثم قوله «
والتثنية فظوان» هذه عبارة التهذيب): ماء الرَّحِم، يكتب بالياء؛ قال
الشاعر:تَسَرْبَلَ حُسْنَ يُوسُف في فَظاهُ،
وأُلْبِسَ تاجَه طِفْلاً صَغِيرا
حكاه كراع، والتثنية فظوان، وقيل: أَصله الفَظُّ فقلبت الظاء ياء، وهو
ماء الكرش؛ قال ابن سيده: وقضينا بأَن أَلفه منقلبة عن ياء لأَنها مجهولة
الانقلاب وهي في موضع اللام، وإِذا كانت في موضع اللام فانقلابها عن الياء
أَكثر منه عن الواو.
@فعا: قال الأَزهري: الأَفْعاء الرَّوائحُ الطيِّبةُ. وفَعا فلان شيئاً
إِذا فَتَّتَه. وقال شمر في كتاب الحيّات: الأَفْعَى من الحَيّاتِ التي لا
تَبْرَحُ، إِنما هي مُتَرَحِّية، وتَرَحِّيها اسْتِدارَتُها على نفسها
وتحَوِّيها؛ قال أَبو النجم:
زُرْقِ العُيونِ مُتَلَوِّياتِ،
حَوْلَ أَفاعٍ مُتَحَوِّياتِ
وقال بعضهم: الأَفْعَى حيّة عَرِيضة على الأَرض إِذا مشَت مُتَثَنِّيَةً
بثِنيين أَو ثلاثة تمشي بأَثْنائها تلك خَشْناء يَجْرُشُ بعضُها بعضاً،
والجَرْشُ الحَكُّ والدَّلْك. وسئل أَعرابي من بني تميم عن الجَرْش فقال:
هو العدْو البَطِيء. قال: ورَأْسُ الأَفْعَى عريض كأَنه فَلْكة ولها
قَرْنانِ. وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: أَنه سئل عن قَتْل المُحْرِم
الحيّاتِ فقال لا بأْس بقتله الأَفْعَوْ ولا بأْس بقتل الحِدَوْ، فقلت
الأَلف فيهما واواً في لغته، أَراد الأَفعَى وهي لغة أَهل الحجاز، قال ابن
الأَثير: ومنهم من يَقلب الأَلف ياء في الوقف، وبعضهم يشدِّد الواو والياء،
وهمزتها زائدة. وقال الليث: الأَفعى لا تنفع منها رُقْية ولا تِرْياقٌ،
وهي حَيَّة رَقْشاء دقيقة العُنق عريضةُ الرأْس، زاد ابن سيده: وربما كانت
ذات قَرْنَين، تكون وصفاً واسماً، والاسم أَكثر، والجمع أَفاعٍ.
والأُفْعُوانُ، بالضم: ذكر الأَفاعي، والجمع كالجمع. وفي حديث ابن الزبير: أَنه
قال لمعاوية لا تُطْرِقْ إِطراقَ الأُفْعوان؛ هو بالضم ذكر الأَفاعِي.
وأَرض مَفْعاةٌ: كثيرة الأَفاعي. الجوهري: الأَفْعى حية، وهي أَفْعَلُ، تقول
هذه أَفْعًى بالتنوين؛ قال الأَزهري: وهو من الفِعْل أَفعَل وأَرْوًى
مثل أَفْعًى في الإِعراب، ومثلها أَرْطًى مثل أَرطاة.
(* قوله« مثل ارطاة»
كذا بالأصل.)
وتَفَعَّى الرجل: صار كالأَفْعَى في الشر؛ قال ابن بري: ومنه قول
الشاعر:رَأَتْه على فَوْت الشَّبابِ، وأَنَّه
تَفَعَّى لها إِخْوانُها ونَصِيرُها
وأَفْعَى الرجل إِذا صار ذا شرّ بعد خير.
والفاعي: الغَضْبان المُزْبِدُ.
أَبو زيد في سِمات الإِبل: منها المُفَعَّاةُ التي سِمَتها كالأَفعى،
وقيل هي السِّمة نَفْسُها، قال: والمُثَفَّاة كالأَثافي، وقال غيره: جمل
مُفَعَّى إِذا وُسِم هذه، وقد فَعَّيْتُه أَنا.
وأُفاعِيَةُ: مَكان؛ وقول رجل من بني كلاب:
هَلْ تَعْرِفُ الدَّار بِذِي البَناتِ
إِلى البُرَيْقاتِ إِلى الأَفْعاةِ،
أَيَّامَ سُعْدَى وهي كالمَهاةِ
أَدخل الهاء في الأَفْعى لأَنه ذهَب بها إِلى الهَضْبة.
والأَفْعَى: هَضْبَة في بلاد بني كِلاب.
@فغا: الفَغْو والفَغْوَة والفاغِيةُ: الرائحة الطيبة؛ الأَخيرة عن ثعلب.
والفَغْوة: الزهرة. والفَغْو والفاغِيَةُ: وَرْدُ كل ما كان من الشجر له
ريح طيبة لا تكون لغير ذلك. وأَفغى النبات أَي خرجت فاغيته. وأَفْغَتِ
الشجرة إِذا أَخرجت فاغِيَتها، وقيل: الفَغْو والفاغِيةُ نور الحِناء
خاصة، وهي طيبة الريح تَخْرج أَمثال العناقيد وينفح فيها نَوْر صِغار
فتُجْتَنَى ويُرَبَّب بها الدُّهن. وفي حديث أَنس، رضي الله عنه: كان رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، تُعْجبه الفاغيةُ. ودُهْنٌ مَفْغُوٌ: مُطَيِّب بها.
وفَغَا الشَجَرُ فَغْوًا وأَفْغى: تفَتَّح نَوْرُه قبل أَن يُثْمِر.
ويقال: وجدت منه فَغْوةً طيبة وفَغْمة. وفي الحديث: سَيِّدُ رَيْحانِ أهلِ
الجنةِ الفاغِيةُ؛ قال الأَصمعي: الفاغِيةُ نَوْرُ الحِنَّاء، وقيل: نور
الريحان، وقيل: نَوْر كل نبت من أَنوار الصحراء التي لا تزرع، وقيل: فاغية
كل نبت نوره. وكلُّ نَوْرٍ فاغِيةٌ؛ وأَنشد ابن بري لأَوْس ابن حَجر:
لا زالَ رَيْحانٌ وفَغْوٌ ناضِرٌ
يَجْري عَلَيْكَ بِمُسْبِلٍ هَطَّالِ
قال: وقال العريان:
فَقُلْتُ له: جادَتْ عَلَيْكَ سحابةٌ
بِنَوْءٍ يُنَدِّي كلَّ فَغْوٍ ورَيْحانِ
وسئل الحسن عن السَّلَف في الزعفران فقال: إِذا فَغا، يريد إِذا نَوَّر،
قال: ويجوز أَن يريد إِذا انتشرت رائحته، من فَغَتِ الرائحةُ فَغْواً،
والمعروف في خروج النَّوْر من النبات أَفْغى لا فَغا. الفراء: هو الفَغْوُ
والفاغِيةُ لنَوْرِ الحِناء. ابن الأَعرابي: الفاغِيةُ أَحْسَنُ
الرَّياحِينِ وأَطيَبُها رائحة. شمر: الفَغْوُ نَوْر، والفَغْوُ رائحة طيبة؛ قال
الأَسود بن يعفر:
سُلافة الدَّنِّ مَرْفُوعاً نَصائِبُه،
مُقَلَّدَ الفَغْوِ والرَّيْحانِ مَلْثُوما
والفَغى، مقصور: البُسْر الفاسد المُغْبَرُّ؛ قال قَيْسُ بن الخَطِيم:
أَكُنْتُم تَحْسَبونَ قِتالَ قَوْمي،
كأَكْلِكُم الفَغايا والهَبِيدا؟
وقال ابن سيده في موضع آخر
(* قوله« في موضع آخر» أي في باب الياء والمؤلف
لم يفرد الواوي من اليائي كما صنع ابن سيده وتبعه المجد لكنه قصر هنا.) :
الفَغى فسادُ البُسر. والفَغى، مقصور: التمر الذي يَغْلُظ ويصير فيه مثل
أَجنحة الجَراد كالغَفى. قال الليث: الفَغى ضرب من التمر؛ قال الأَزهري:
هذا خطأٌ. والفَغى: داءٌ يقع على البُسر مثل الغبار،ويقال: ما الذي
أَفْغاكَ أَي أَغْضَبَك وأَوْرَمك؛ وأَنشد ابن السكيت:
وصارَ أَمثالَ الفَغى ضَرائِري
وقد أَفْغَت النخلة. غيره: الإِغْفاء في الرُّطب مثل الإِفْغاء سواء.
والفَغى: ما يَخرج من الطعام فيُرمى به كالغَفى. أَبو العباس: الفغى الرديء
من كل شيء من الناس والمأْكول والمشروب والمركوب؛ وأَنشد:
إِذا فِئةٌ قُدِّمت للقِتا
ل، فَرَّ الفَغى وصَلِينا بها
ابن سيده: والفَغى مَيَلٌ في الفم والعُلْبة والجَفْنة. والفَغى: داء؛ عن
كراع، ولم يَحُدّه، قال: غير أَني أُراه المَيَل في الفم. وأَخذَ بفَغْوه
أَي بفمه. ورجل أَفْغى وامرأَة فَغْواء إِذا كان في فمه مَيَل. وأَفْغى
الرجلُ إِذا افتقر بعد غنى، وأَفْغى إِذا عَصى بعد طاعة، وأَفغى إِذا
سَمُجَ بعد حُسْن، وأَفْغى إِذا دام على أَكل الفَغى، وهو المُتغَيِّر من
البُسر المتترب.
والفَغْواء: اسم، وقيل: اسم رجل أَو لقب؛ قال عنترة:
فهَلاَّ وَفى الفَغْواءُ عَمرُو بنُ جابِرٍ
بذِمَّتِه، وابنُ اللَّقِيطةِ عِصْيَدُ
@فقا: الفَقْوُ: شيء أَبيض يخرج من النفساء أَو الناقة الماخض، وهو غلافٌ
فيه ماء كثير، والذي حكاه أَبو عبيد فَقْء، بالهمز، والفَقْوُ: موضع.
والفَقا: ماء لهم؛ عن ثعلب. وفقَوْتُ الأَثر: كقَفَوْته؛ حكاه يعقوب في
المقلوب. وفُقا النَّبْلِ، مقلوب: لغة في فُوقِها؛ قال الفِندُ
الزِّمّاني:ونَبْلي وفُقاها، كـ
ـعَراقِيبِ قَطاً طُحْلِ
ذكره ابن سيده في ترجمة فوق. الجوهري: فُقْوةُ السهم فُوقُه، والجمع
فُقاً؛ ابن بري: ذكر أَبو سعيد السيرافي في كتابه أَخبار النحويين أَن أَبا
عمرو بن العلاء قال: أَنشدني هذه الأَبيات الأَصمعي لرجل من اليمن ولم
يسمه، قال: وسماه غيره فقال هي لامرئ القيس بن عابس، وأَنشد:
أَيا تَمْلِكُ، يا تَمْلِ
ذَريني، وذَري عَذْلي
ذَرِيني وسِلاحي ثم
شُدِّي الكَفَّ بالعُزْلِ
ونَبلي وفُقاها، كـ
ـعراقيب قطاً طُحْلِ
وثَوبايَ جَدِيدان،
وأَرْخِي شُرُكَ النَّعْلِ
ومِنِّي نَظْرةٌ خَلْفِي،
ومِنِّي نَظْرةٌ قَبْلي
أَي أَفهم ما حضر وغاب.
فإِمَّا مُتُّ يا تَمْلِ،
فَمُوتي حُرَّةً مِثْلي
قال أَبو عمرو: وزادني فيها الجمحي:
وقد أَشْنَأُ للنُّدْما
نِ بالناقةِ والرَّحْلِ
وقد أَخْتَلِسُ الضَّرْبـ
ـةَ، لا يَدْمى لها نَصْلي
وقد أَخْتَلِسُ الطَّعْنَـ
ـةَ، تَنْفِي سَنَن الرَّحْلِ
(* قوله« الرحل» كذا في الأصل هنا بالحاء المهملة، وتقدمت في دفنس
بالجيم.)كجَيْب الدِّفْنِسِ الوَرْها
ء ريعَتْ، وهْيَ تَسْتَفْلي
وقوله: تنفي سَنَن الرحل أَي يخرج منها من الدم ما يمنع سَنَن الطريق؛
وقال يزيد بن مُفَرِّغ:
لقد نَزَعَ المُغِيرةُ نَزْعَ سَوْءٍ،
وغَرَّقَ في الفُقا سَهْماً قَصِيرا
وفي حديث المُلاعنة: فأَخذت بفَقْوَيه، قال: كذا جاء في بعض الروايات،
والصواب بفَقْمَيْه أَي حنكيه، وقد تقدم.
@فلا: فَلا الصَّبِيَّ والمُهْرَ والجَحْش فَلْواً وفِلاءً
(* قوله« وفلاء» كذا ضبط في الأصل، وقال في شرح القاموس: وفلاء كسحاب،
وضبط في المحكم بالكسر.) وأَفْلاه وافْتلاه: عَزَلَه عن الرَّضاع وفصَلَه.
وقد فَلَوْناه عن أُمه أَي فَطَمْناه. وفَلَوْتُه عن أُمه وافْتَلَيْته
إِذا فطمته. وافْتَلَيْته: اتخذته؛ قال الشاعر:
نَقُودُ جِيادَهُنَّ ونَفْتَلِيها،
ولا نَغْذُو التُّيُوسَ ولا القِهادا
وقال الأَعشى:
مُلْمِعٍ، لاعَةِ الفُؤادِ إِلى جَحـ
شٍ فَلاه عَنها، فبِئْس الفالي
أَي حالَ بينها وبين ولدها. ابن دريد: يقال فَلَوْت المهر إِذا
نَتَجْته، وكان أَصله الفِطام فكثر حتى قيل للمُنْتَتج مُفْتَلًى؛ ومنه
قوله:نقود جيادهن ونفتليها
قال: وفلاه إِذا رَبَّاه؛ قال الحطيئة يصف رجلاً:
سَعِيدٌ وما يَفْعَلْ سَعِيدٌ فإِنَّه
نَجِيبٌ فلاهُ، في الرِّباطِ، نَجيبُ
يعني سعيد بن العاص، وكذلك افْتَلَيْته؛ وقال بَشَّامَة بن حَزْن
النَّهْشَلي:
وليس يَهْلِك مِنَّا سيِّد أَبداً،
إِلاَّ افْتَلَيْنا غُلاماً سَيْداً فِينا
ابن السكيت: فَلَوْت المُهر عن أُمه أَفْلُوه وافْتَلَيْته فَصَلْتُه
عنها وقطَعت رَضاعة منها. والفَلُوُّ والفُلُوُّ والفِلْوُ: الجَحش والمُهر
إِذا فطم؛ قال الجوهري: لأَنه يُفْتَلى أَي يُفْطَم؛ قال دكين:
كان لَنا، وَهْوَ فَلُوٌّ نَرْبُبُهْ،
مُجَعْثَنُ الخَلْقِ يَطيرُ زَغَبُهْ
قال أَبو زيد: فَلُوٌّ إِذا فتحت الفاء شددت، وإِذا كسرت خففت فقلت
فِلْو مثل جِرْوٍ؛ قال مجاشِع ابن دارِم:
جَرْوَلُ يا فِلْوَ بني الهُمامِ،
فأَينَ عنك القَهْرُ بالحُسامِ؟
والفُلُوُّ أَيضاً: المهر إِذا بلغ السنة؛ ومنه قول الشاعر:
مُسْتَنَّةٌ سَنَنَ الفُلُوِّ مُرِشَّةٌ
وفي حديث الصدقة: كما يُرَبِّي أَحدُكم فَلُوَّه؛ الفَلُوّ: المهر
الصغير، وقيل: هو العظيم من أَولاد ذات الحافر. وفي حديث طَهْفَة: والفَلُوُّ
الضَّبِيس أَي المهر العَسر الذي لم يُرَضْ، وقد قالوا للأُنثى فَلُوَّة
كما قالوا عدوّ وعَدُوّه، والجمع أَفْلاء مثل عدوّ وأَعداء، وفَلاوَى
أَيضاً مثل خَطايا، وأَصله فَعائل، وقد ذكر في الهمز؛ وأَنشد ابن بري لزهير في
جمع فَلُوّ على أَفْلاء:
تَنْبِذُ أَفْلاءَها في كلِّ مَنْزِلَةٍ،
تَبْقُرُ أَعْيُنَها العِقْبانُ والرَّخَمُ
قال سيبويه: لم يكسِّروه على فُعْلٍ كراهية الإِخلال ولا كسروه على
فِعْلان كراهية الكسرة قبل الواو، وإِن كان بينهما حاجز لأن الساكن ليس بحاجز
حصين، وحكى الفراء في جمعه فُلْوٌ؛ وأَنشد:
فُلْو تَرَى فِيهنَّ سِرَّ العِتْقِ،
بَيْنَ كمايِيٍّ وحُوٍّ بُلْقِ
وأَفْلَتِ الفرس والأَتان: بلغ ولدهما أَن يُفْلَى؛ وقول عدي بن زيد:
وذي تَناوِيرَ مَمْعُونٍ له صَبَحٌ،
يَغْذُو أَوابِدَ قد أَفْلَيْنَ أَمْهارا
فسر أَبو حنيفة أَفْلَيْنَ فقال: معناه صرن إِلى أَن كبر أَولادهنّ
واستغنت عن أُماتهن، قال: ولو أَراد الفعل لقال فَلَوْن. وفرس مُفْلٍ
ومُفْلِية: ذات فِلْو.
وفَلا رَأْسَه يَفْلُوه ويَفْلِيه فِلاية وفَلْياً وفَلاَّه: بَحَثه عن
القمل، وفَلَيْت رأْسه؛ قال:
قد وَعدَتْني أُمُّ عَمْرو أَنْ تا
تَمْسَحَ رأْسِي، وتُفَلِّيني وا
تُمَسَّحَ القَنْفاءَ حتى تَنْتا
أَراد تَنْتَأَ فأَبدل الهمزة إِبدالاً صحيحاً؛ وهي الفِلاية من فَلْي
الرأْس. والتَّفَلِّي: التَّكلُف لذلك؛ قال: إِذا أَتَت جاراتِها
تَفَلَّى،تُرِيك أَشْغَى قَلِحاً أَفَلاَّ
وفَلَيْت رأْسه من القمل وتَفَالى هو واسْتَفْلى رأْسُه أَي اشْتهى أَن
يُفْلَى. وفي حديث معاوية: قال لسعيد بن العاص دَعْه عنك فقد فَلَيْتُه
فَلْيَ الصَّلَعِ؛ هو من فَلْي الشَّعَر وأَخذِ القمل منه، يعني أَن
الأَصْلَع لا شعر له فيحتاج أَن يُفْلَى. التهذيب: والحطا
(* قوله« والحطا» كذا
بالأصل، ولعله الحظى القمل، واحدته حظاة ويكون مقدماً من تأَخير،
والأصل. والنساء يقال لهن الفاليات الحظى والفوالي. وأما الحطا فمعناه عظام
القمل، وراجع التهذيب فليست هذه المادة منه عندنا.) والنِّساء يقال لهن
الفالِياتُ والفَوالي؛ قال عمرو بن معديكرب:
تَراهُ كالثَّغام يُعَلُّ مِسْكاً
يسُوء الفالِياتِ، إِذا فَلَيْني
أَراد فَلَيْنَني بنونين فحذف إِحداهما استثقالاً للجمع بينهما؛ قال
الأَخفش: حذفت النون الأَخيرة لأَن هذه النون وقاية للفعل وليست باسم،
فأَمّا النون الأُولى فلا يجوز طرحها لأَنها الاسم المضمر؛ وقال أَبو حية
النميري:
أَبالمَوْتِ الذي لا بُدَّ أَني
مُلاقٍ، لا أَباكِ، تُخَوِّفِيني؟
أَراد تُخَوِّ فِينني فحذف، وعلى هذا قرأَ بعض القراء: فَبِمَ
تُبَشِّرُونِ؛ فأَذهب إِحدى النونين استثقالاً، كما قالوا ما أَحَسْتُ منهم أَحداً
فأَلقوا إِحدى السينين استثقالاً، فهذا أَجدر أَن يستثقل لأَنهما جميعاً
متحركان. وتَفالَت الحُمُر: احْتَكَّت كأَنَّ بَعضها يَفْلي بَعضاً.
التهذيب: وإِذا رأَيت الحُمُر كأَنها تَتحاكُّ دَفَقاً فإِنها تَتفالى؛ قال
ذو الرمة:
ظَلَّتْ تَفالَى، وظَلَّ الجَوْنُ مُصْطَخِماً،
كأَنَّه عن سَرارِ الأَرضِ مَحْجُومُ
ويروى: عن تَناهِي الرَّوْضِ. وفلَى رأْسه بالسيف فَلْياً: ضربه وقطعه؛
واسْتَفْلاه: تعرَّض لذلك منه. قال أَبو عبيد: فَلَوْتُ رأْسه بالسيف
وفَلَيْته إِذا ضربت رأْسه؛ قال الشاعر:
أَما تَراني رابِطَ الجَنانِ
أَفْلِيه بالسيف، إِذا اسْتفْلاني؟
ابن الأَعرابي: فَلَى إِذا قطَع، وفَلِيَ إِذا انقطَع. وفَلَوْته بالسيف
فَلْواً وفَلَيْته: ضربت به رأْسه؛ وأَنشد ابن بري:
نُخاطِبُهم بأَلسِنةِ المَنايا،
ونَفْلِي الهامَ بالبِيضِ الذُّكورِ
وقال آخر:
أَفْلِيهِ بالسيفِ إِذا اسْتَفْلاني،
أُجِيبُه: لَبَّيْكَ، إِذْ دَعاني
وفَلتِ الدابةُ فِلْوَها وأَفْلَتْه، وفَلَتْ أَحسن وأَكثر؛ وأَنشد بيت
عدي بن زيد:
قد أَفْلَيْنَ أَمْهارا
ابن الأَعرابي: فَلا الرجلُ إِذا سافر، وفَلا إِذا عقَل بعد جهل، وفَلا
إِذا قطَع. وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: امْرِ الدَّمَ بما كان
قاطِعاً من لِيطةٍ فالِيَةٍ أَي قَصبة وشِقَّة قاطعة. قال: والسكين يقال لها
الفالِيةُ. ومرَى دم نَسِيكته إِذا استخرجه. وفليت الشِّعر إِذا تدبرته
واستخرجت معانيه وغريبه؛ عن ابن السكيت. وفَلَيْت الأَمر إِذا تأَملت
وجوهه ونظرت إِلى عاقبته. وفَلَوْتُ القوم وفَلَيْتهم إِذا تخللتهم. وفَلاه في
عَقْله فَلْياً: رازَه. أَبو زيد: يقال فَلَيْت الرجل في عقله أَفْلِيه
فَلْياً إِذا نظرت ما عَقْلُه. والفَلاة: المَفازة. والفَلاة: القَفر من
الأَرض لأَنها فُلِيت عن كل خير أَي فُطِمت وعُزِلت، وقيل: هي التي لا ماء
فيها، فأَقلها للإِبل رِبْع، وأَقلها للحمر والغنم غِبٌّ، وأَكثرها ما
بلغت مما لا ماء فيه، وقيل: هي الصحراء الواسعة، والجمع فَلاً وفَلَوات
وفُلِيٌّ؛ قال حميد بن ثور:
وتَأُوي إِلى زُغْبٍ مَراضِعَ دُونَها
فَلاً، لا تَخَطَّاهُ الرِّقابُ، مَهُوبُ
ابن شميل: الفَلاة التي لا ماء بها ولا أَنيسَ، وإن كانت مُكْلِئة.
يقال: علونا فَلاة من الأَرض، ويقال: الفَلاة المستوية التي ليس فيها شيء.
وأَفْلى القومُ إِذا صاروا إِلى فلاة. قال الأزهري: وسمعت العرب تقول نزل
بنو فلان على ماء كذا وهم يَفْتَلون الفَلاة من ناحية كذا أَي يَرعَوْن
كلأَ البلد ويَرِدون الماء من تلك الجهة، وافْتِلاؤها رَعْيها وطَلَبُ ما
فيها من لُمَع الكَلإ، كما يُفْلى الرأْسُ، وجمع الفَلا فُلِيٌّ، على
فُعول، مثل عَصاً وعُصِيٍّ؛ وأَنشد أَبو زيد:
مَوْصُولة وَصْلاً بها الفُلِيُّ،
أَلقِيُّ ثم القِيُّ ثم القِيُّ
وأَما قول الحرث بن حِلِّزة:
مِثْلُها يُخُرِجُ النَّصِيحةَ للقَوْ
مِ، فَلاةٌ مِن دونها أَفْلاء
قال ابن سيده: ليس أَفْلاء جمع فَلاة لأَن فَعَلة لا يكَسَّر على
أَفْعال، إِنما أَفلاء جمع فَلاً الذي هو جمع فَلاةٍ. وأَفْلينا: صِرْنا إِلى
الفَلاة:
وفاليةُ الأَفاعي: خُنْفُساء رَقْطاء ضخمة تكون عند الجِحرَة وهي سيدة
الخنافس، وقيل: فاليةُ الأَفاعي دوابُّ تكون عند جحرة الضِّباب، فإِذا
خرجت تلك علم أَن الضَّبّ خارج لا مَحالة فيقال: أَتتكم فالية الأَفاعي،
جمعٌ، على أَنه قد يخبر في مثل هذا عن الجمع بالواحد؛ قال ابن الأَعرابي:
العرب تقول أَتتكم فالية الأَفاعي؛ يضرب مثلاً لأَول الشر يُنتظر، وجمعها
الفَوالي، وهي هَناةٌ كالخَنافِس رُقْطٌ تأْلف العقارب والحيات، فإِذا
رؤيت في الجحرة علم أَن وراءها العقارب والحيات.
@فني: الفَناء: نَقِيض البقاء، والفعل فَنى يَفْنَى نادر؛ عن كراع، فَناء
فهو فانٍ، وقيل: هي لغة بلحرث ابن كعب؛ وقال في ترجمة قرع:
فلما فَنى ما في الكنائن، ضارَبُوا
إلى القُرْعِ من جِلْدِ الهِجانِ المُجَوَّبِ
أَي ضربوا بأَيديهم إِلى التِّرَسةِ لما فَنِيت سهامهم. قال: وفَنى
بمعنى فَنِيَ في لغات طيّء، وأَفْناه هو. وتَفانى القومُ قتلاً: أَفنى بعضهم
بعضاً، وتفانوا أَي أَفنى بعضهم بعضاً في الحرب. وفَنِيَ يَفْنى فَناء:
هَرِمَ وأَشرف على الموت هَرَماً، وبذلك فسر أَبو عبيد حديث عمر، رضي الله
عنه، أَنه قال: حَجَّةً ههنا ثم احْدِجْ ههنا حتى تَفْنى يعني الغزو؛
قال لبيد يصف الإنسان وفَناءه:
حَبائِلُه مَبْثوثةٌ بسَبِيلِه،
ويَفْنى إِذا ما أَخْطَأَتْه الحَبائلُ
يقول: إِذا أَخطأَه الموت فإِنه يفنى أَي يَهْرَمُ فيموت لا بدَّ منه
إِذا أَخطأَته المنِيَّةُ وأَسبابها في شَبِيبَته وقُوَّته. ويقال للشيخ
الكبير: فانٍ.
وفي حديث معاوية: لو كنتُ من أَهل البادِيةِ بعت الفانِيةَ واشتريت
النامِيةَ؛ الفانِيةُ: المُسِنَّة من الإِبل وغيرها، والنامِيةُ: الفَتِيَّةُ
الشابَّة التي هي في نموّ وزيادة.
والفِناء: سَعةٌ أَمامَ الدار، يعني بالسعة الاسم لا المصدر، والجمع
أَفْنِيةٌ، وتبدل الثاء من الفاء وهو مذكور في موضعه؛ وقال ابن جني: هما
أَصلان وليس أَحدهما بدلاً من صاحبه لأَن الفِناء من فَنِيَ يَفْنى، وذلك
أَن الدار هنا تَفْنى لأَنك إِذا تناهيت إِلى أَقصى حدودها فَنِيَتْ، وأَما
ثِناؤها فمن ثَنى يَثْني لأَنها هناك أَيضاً تنثني عن الانبساط لمجيء
آخرها واسْتِقْصاء حدودها؛ قال ابن سيده: وهمزتها بدل من ياء لأَن إِبدال
الهمز من الياء إِذا كانت لاماً أَكثر من إِبدالها من الواو، وإن كان بعض
البغداديين قد قال: يجوز أَن يكون أَلفه واواً لقولهم شجرة فَنْواء أَي
واسِعة فِناء الظل، قال: وهذا القول ليس بقوي لأَنا لم نسمع أَحداً يقول
إِن الفَنْواء من الفِناء، إنما قالوا إِنها ذات الأَفنان أَو الطويلة
الأَفنان. والأَفْنِية: السَّاحات على أَبواب الدور؛ وأَنشد:
لا يُجْتَبى بِفناء بَيْتِك مثْلهم
وفناء الدار: ما امْتدَّ من جوانبها.
ابن الأَعرابي: بها أَعناء من الناس وأَفْناء أَي أَخْلاط، الواحد
عِنْوٌ وفِنْوٌ. ورجل من أَفْناء القبائل أَي لا يُدرى من أَيّ قبيلة هو،
وقيل: إِنما يقال قوم من أَفناء القبائل، ولا يقال رجل، وليس للأَفْناء واحد.
قالت أُم الهيثم: يقال هؤلاء من أَفناء الناس ولا يقال في الواحد رجل من
أَفناء الناس، وتفسيره قوم نُزَّاعٌ من ههنا وههنا. والجوهري: يقال هو
من أَفناء الناس إِذا لم يُعلم من هو. قال ابن بري: قال ابن جني واحد
أَفناء الناس فَناً ولامه واو، لقولهم شجرة فَنْواء إِذا اتسعت وانتشرت
أَغصانها، قال: وكذلك أَفناء الناس انتشارهم وتشعبهم. وفي الحديث: رجل من
أَفناء الناس أَي لم يُعلم ممن هو، الواحد فِنْوٌ، وقيل: هو من الفِناء وهو
المُتَّسَعُ أَمام الدار، ويجمع الفِناء على أَفْنية. والمُفاناة:
المُداراة. وأَفْنى الرجلُ إِذا صَحِب أَفناء الناس. وفانَيْت الرجل: دارَيْته
وسَكَّنْته؛ قال الكميت يذكر هموماً اعترته:
تُقِيمُه تارةً وتُقْعِدُه،
كما يُفاني الشَّمُوسَ قائِدُها
قال أِبو تراب: سمعت أَبا السميدع يقول بنو فلان ما يُعانُون مالهم ولا
يُفانُونه أَي ما يقومون عليه ولا يُصْلِحونه. والفَنا، مقصور، الواحدة
فَناة: عنب الثَّعلب، ويقال: نبت آخر؛ قال زهير:
كأَنّ فُتاتَ العِهْنِ، في كلِّ مَنْزِلٍ
نَزَلْنَ، به حَبُّ الفَنا لم يُحَطَّمِ
وقيل: هو شجر ذو حب أَحمر ما لم يُكسَّر، يتخذ منه قراريط يوزن بها كل
حبة قيراط، وقيل: يتخذ منه القَلائد، وقيل: هي حشيشة تنبت في الغَلْظ
ترتفع على الأَرض قِيسَ الإِصْبع وأَقل يَرعاها المالُ، وأَلفها ياء لأَنها
لام؛ وروى أَبو العباس عن ابن الأَعرابي أَنه أَنشده قول الراجز:
صُلْبُ العَصا بالضَّرْبِ قد دَمَّاها،
يقولُ: لَيْتَ الله قد أَفْناها
(* قوله« صلب العصا» في التكملة: ضخم العصا.)
قال يصف راعي غنم وقال فيه معنيان: أَحدهما أَنه جعل عصاه صُلبة لأَنه
يحتاج إِلى تقويمها ودَعا عليها فقال ليت اللهَ قد أَهلكها ودمَّاها أَي
سيَّلَ دَمها بالضرب لخِلافِها عليه، والوجه الثاني في قوله صُلْبُ العصا
أَي لا تحوجه إِلى ضربها فعصاه باقية، وقوله: بالضرب قد دمَّاها أَي
كساها السِّمَن كأَنه دمَّمها بالشحم لأَنه يُرَعِّيها كل ضرب من النبات،
وأَما قوله ليت اللهَ قد أَفناها أَي أَنبت لها الفَنا، وهو عنب الذئب، حتى
تغزر وتَسْمَن.
والأَفاني: نبت ما دام رطباً، فإِذا يبس فهو الحَماط، واحدتها أَفانِيةٌ
مثال ثمانية، ويقال أَيضاً: هو عنب الثعلب. وفي حديث القِيامة:
فيَنْبُتُون كما يَنْبُت الفَنا؛ هو عنب الثعلب. وقيل: شجرته وهي سريعة النبات
والنموّ؛ قال ابن بري شاهد الأَفاني النبت قول النابغة:
شَرَى أَسْتاهِهِنَّ من الأَفاني
وقال آخر:
فَتِيلانِ لا يَبْكِي المَخاضُ عليها،
إِذا شَبِعا مِنْ قَرْمَلٍ وأَفاني
(* قوله« فتيلان» كذا بالأصل، ولعله مصغر مثنى الفتل. ففي القاموس:
الفتل ما لم ينبسط من النبات، أو شبه الشاعر النبت الحقير بالفتيل الذي يفتل
بالاصبعين. وعلى كلا الاحتمالين الافاني فحق شبعا شبعت ومقتضى أن واحد
الافاني كثمانية أن تكون الافاني مكسورة، وضبطت في القاموس هنا بالكسر
ووزنه المجد في أفن بسكارى.)
وقال آخر:
يُقَلِّصْن عن زُغْبٍ صِغارٍ كأَنَّها،
إِذا دَرَجَتْ تَحتَ الظِّلالِ، أَفاني
وقال ضباب بن وَقْدان السَّدُوسِي:
كأَنَّ الأَفانَي شَيْبٌ لها،
إِذا التَفَّ تحتَ عَناصِي الوَبْرْ
قال ابن بري: وذكر ابن الأَعرابي أن هذا البيت لضباب بن واقد
الطَّهَوِي، قال: والأَفاني شجر بيض، واحدته أَفانِيةٌ، وإِذا كان أَفانية مثل
ثمانية على ما ذكر الجوهري فصوابه أَن يذكر في فصل أَفن، لأَن الياء زائدة
والهمزة أَصل.
والفَناة: البقَرة، والجمع فَنَوات؛ وأَنشد ابن بري قول الشاعر:
وفَناة تَبْغِي، بحَرْبةَ، طِفْلاً
مِن ذَبِيحٍ قَفَّى عليه الخَبالُ
وشعَر أَفْنَى: في معنى فَيْنان، قال: وليس من لفظة. وامرأَة فَنْواء:
أَثِيثة الشعَر منه؛ روى ذلك ابن الأَعرابي، قال: وأَما جمهور أَهل اللغة
فقالوا امرأَة فَنْواء أَي لشَعَرها فُنُون كأَفْنان الشِّعْر، وكذلك
شجرة فَنْواء إِنما هي ذات الأَفْنان، بالواو. وروي عن ابن الأَعرابي:
امرأَة فَنْواء وفَنْياء. وشعَر أَفْنَى وفَيْنانٌ أَي كثير. التهذيب: والفنوة
المرأَة العربية؛ وفي ترجمة قنا قال قَيْس بن العَيْزار الهُذَلي:
بما هي مَقْناةٌ، أَنِيقٌ نَباتُها،
مِرَبٌّ، فَتَهْواها المَخاضُ النَّوازِعُ
قال: مَقْناةٌ أَي مُوافِقة لكل مَن نَزَلها من قوله مُقاناةِ البياض
بصُفْرَةٍ أَي يوافق بياضُها صفرتها، قال الأَصمعي: ولغة هذيل مَفْناةٌ
بالفاءِ، والله أَعلم.
@فها: فها فؤادُه: كهفا، قال: ولم يسمع له بمصدر فأُراه مقلوباً.
الأَزهري: الأَفْهاء البُلْه من الناس. ويقال: فَها إِذا فَصُح بعد
عجمة.
@فوا: الفُوّةُ: عُروق نبات يستخرج من الأَرض يُصبغ بها، وفي التهذيب:
يصبغ بها الثياب، يقال لها بالفارسية رُوين، وفي الصحاح رُوِينَه، ولفظها
على تقدير حُوّة وقُوّة. وقال أَبو حنيفة: الفُوّة عروق ولها نبات يسمو
دقيقاً، في رأْسه حَب أَحمر شديد الحمرة كثير الماء يكتب بمائه وينقش؛ قال
الأَسود ابن يعفر:
جَرَّتْ بها الرِّيحُ أَذْيالاً مُظاهَرةً،
كما تَجُرُّ ثِيابَ الفُوّةِ العُرُسُ
وأَدِيمٌ مُفَوىً: مصبوغ بها، وكذلك الثوب وأرض مُفَوَّاة: ذاتُ فُوّة.
وقال أَبو حنيفة: كثيرة الفُوَّة؛ قال الأَزهري: ولو وصفت به أَرضاً لا
يزرع فيها غيره قلت أَرضٌ مَفْواة من المَفاوِي، وثوب مُفَوًّى لأَن الهاء
التي في الفُوَّة ليست بأَصلية بل هي هاء التأْنيث. وثوب مُفَوًّى أَي
مصبوغ بالفُوَّة كما تقول شيء مُقَوًّى من القُوَّة.
@فيا: فَيَّ: كلمة معناها التعجب، يقولون: يا فَيَّ ما لي أَفْعَلُ كذا
وقيل: معناه الأَسَفُ على الشيءِ يفوت. قال اللحياني: قال الكسائي لا
يهمز، وقال: معناه يا عَجَبي، قال: وكذلك يا فَيَّ ما أَصْحابُك، قال: وما،
من كل، في موضع رفع.
التهذيب: في حرف من حروف الصفات، وقيل: في تأْتي بمعنى وسَط، وتأْتي
بمعنى داخل كقولك: عبدُ الله في الدار أَي داخِلَ الدار، ووسط الدار، وتجيء
في بمعنى على. وفي التنزيل: لأُصَلِّبَنَّكم في جُذُوع النخل؛ المعنى على
جذوع النخل. وقال ابن الأَعرابي في قوله: وجَعَل القَمر فيهن نُوراً؛
أَي معهن. وقال ابن السكيت: جاءت في بمعنى مع؛ قال الجعدي:
ولَوْحُ ذِراعَيْنِ في بِرْكةٍ،
إِلى جُؤْجُؤٍ رَهِلِ المَنْكِبِ
وقال أَبو النجم:
يَدْفَعُ عنها الجُوعَ، كلَّ مَدْفَعِ،
خَمْسُون بُسْطاً في خَلايا أَرْبَعِ
أَراد: مع خلايا. وقال الفراء في قوله تعالى: يَذْرَؤُكم فيه؛ أَي
يُكَثِّرُكُم به؛ وأَنشد:
وأَرْغَبُ فيها عن عُبَيْدٍ ورَهْطِه،
ولكِنْ بها عن سِنْبِسٍ لَسْتُ أَرْغبُ
أَي أَرغب بها، وقيل في قوله تعالى: أَن بُورِكَ مَن في النار؛ أَي
بُورِكَ من على النار، وهو الله عز وجل. وقال الجوهري: في حرفٌ خافض، وهو
للوِعاء والظَّرف وما قُدِّر تقدير الوِعاء، تقول: الماء في الإِناء وزيد في
الدار والشَّكُّ في الخبر، وزعم يونس أَن العرب تقول نَزَلْتُ في أَبيك،
يريدون عليه، قال: وربما تُسْتَعمل بمعنى الباء، وقال زيد الخيل:
ويَرْكَبُ يَومَ الرَّوْع مِنّا فَوارِسٌ
بَصِيرُون في طَعْنِ الأَباهِرِ والكُلى
أَي بطعن الأَباهر والكُلى. ابن سيده: في حرف جر، قال سيبويه: أَما في
فهي للوِعاء، تقول: هو في الجِراب وفي الكيس، وهو في بطن أُمه، وكذلك هو
في الغُلِّ جعله إِذ أَدخله فيه كالوِعاء، وكذلك هو في القُبَّة وفي
الدار، وإِن اتسعت في الكلام فهي على هذا، وإنما تكون كالمثل يجاء بها لما
يُقارب الشيء وليس مثله؛ قال عنترة:
بَطَلٌ كأَنَّ ثِيابَه في سَرْحةٍ،
يُحْذى نِعالَ السِّبْتِ ليس بتَوْأَم
أَي على سرحة، قال: وجاز ذلك من حيث كان معلوماً أَن ثيابه لا تكون من
داخل سَرْحة لأَن السرحة لا تُشَقُّ فتُسْتَوْدَع الثياب ولا غيرها، وهي
بحالها سرحة، وليس كذلك قولك فلان في الجبل لأَنه قد يكون في غار من
أَغْواره ولِصْبٍ من لِصابه فلا يلزم على هذا أَن يكون عليه أَي عالياً فيه
أَي الجبل؛ وقال:
وخَضْخَضْنَ فينا البَحْرَ، حتى قَطَعْنَه
على محلِّ من غِمارٍ ومن وَحَلْ
قال: أَراد بنا، وقد يكون على حذف المضاف أَي في سَيْرنا، ومعناه في
سَيْرهِنَّ بنا؛ ومثل قوله:
كأَنَّ ثيابه في سرحة
وقول امرأَة من العرب:
هُمُو صَلَبُوا العَبْديَّ في جِذْعِ نَخْلةٍ،
فلا عَطَسَت شَيْبانُ إِلا بأَجْدَعا
أَي على جِذع نخلة؛ وأَما قوله:
وهل يَعِمَنْ مَن كان أَقْرَبُ عَهْدِه
ثلاثِين شَهْراً في ثلاثة أَحْوالِ؟
فقالوا: أَراد مع ثلاثة أَحوال، قال ابن جني: وطريقه عندي أَنه على حذف
المضاف، يريدون ثلاثين شهراً في عَقِبِ ثلاثة أَحوال قبلها، وتفسيره بعد
ثلاثة أَحوال؛ فأَما قوله:
يَعْثُرْنَ في حَدِّ الظُّباتِ كأَنما
كُسِيَتْ، بُرود بني تَزيدَ، الأَذْرُعُ
فإِنما أَراد يعثرن بالأَرض في حد الظبات أَي وهن في حد الظبات، كقوله:
خرج بثِيابه أَي وثِيابُه عليه، وصلى في خُفَّيه أَي وخُفَّاه عليه.
وقوله تعالى: فخَرج على قومه في زينته؛ فالظرف إِذاً متعلق بمحذوف لأَنه حال
من الضمير أَي يَعْثُرْن كائناتٍ في حد الظبات؛ وقول بعض الأَعراب:
نَلُوذُ في أُمٍّ لنا ما تَعْتَصِبْ
من الغَمام تَرْتَدي وتَنْتَقِبْ
فإِنه يريد بالأُم لنا سَلْمى أَحد جبلي طَيِّء، وسماها أُمًّا
لاعْتِصامهم بها وأُوِيِّهم إِليها، واستعمل في موضع الباء أَي نلوذ بها لأَنها
لاذوا فهم فيها لا محالة، أَلا ترى أَنهم لا يَلُوذون ويَعْتَصِمُون بها
إِلاَّ وهم فيها؟ لأَنهم إِن كانوا بُعَداء عنها فليسوا لائذين فيها،
فكأَنه قال نَسْمَئِلُّ فيها أَي نَتَوَقَّلُ، ولذلك استعمل في مكانَ الباء.
وقوله عز وجل: وأَدْخِلْ يَدك في جيبك تَخْرُجْ بيضاء من غير سُوء، في
تسع آيات؛ قل الزجاج: في من صلة قوله وأَلقِ عصاك وأَدخل يدَك في جيبك،
وقيل: تأْويله وأَظهر هاتين الآيتين في تسع آيات أَي من تسع آيات، ومثله
قولك: خذ لي عَشْراً من الإِبل وفيها فَحْلان أَي ومنها فحلان، والله
أَعلم.
@فا: الفاء: حرف هجاء، وهو حرفٌ مَهْمُوسٌ، يكون أَصلاً وبَدلاً ولا يكون
زائداً مصوغاً في الكلام إِنما يُزاد في أَوَّله للعطف ونحو ذلك.
وفَيَّيْتُها: عَمِلتها. والفاء من حروف العطف ولها ثلاثة مواضع: يُعطَف بها
وتَدلّ على الترتيب والتعقيب مع الإِشْراك، تقول ضَرَبْت زَيْداً
فعَمْراً، والموضِع الثاني أَن يكون ما قبلها علة لما بعدها ويجري على العطف
والتعقيب دون الإِشراك كقوله ضَرَبه فبكى وضَرَبه فأَوْجَعَه إِذا كان الضرب
عِلَّةَ البُكاء والوَجَع، والموضع الثالث هو الذي يكون للابتداء وذلك في
جواب الشرط كقولك إِنْ تَزُرْني فأَنْتَ محسِن، يكون ما بعد الفاء
كلاماً مستأْنَفاً يعمل بعضه في بعض، لأَن قولك أَنتَ ابْتِداء ومُحْسِن خبره،
وقد صارت الجملة جواباً بالفاء وكذلك القول إِذا أَجبت بها بعد الأَمْر
والنَّهْي والاستفهام والنَّفْي والتَّمَنِّي والعَرْض، إِلاَّ أَنك تنصب
ما بعد الفاء في هذه الأَشياء الستة بإضمار أَن، تقول زُرْني فأُحْسِنَ
إِليك، لم تجعل الزيارة علة للإِحسان، ولكن قلت ذلك مِن شأْني أَبداً
أَنْ أَفعل وأَن أُحْسِنَ إِليك على كل حال. قال ابن بري عند قول الجوهري،
تقول زُرْني فأُحْسِنَ اليك: لم تجعل الزيارة علة للإِحسان؛ قال ابن بري:
تقول زُرْني فأُحْسِن إليك، فإِن رفعت أُحْسِنُ فقلت فأُحْسِنُ إِليك لم
تجعل الزيارة علة للإِحسان.