خفف بذات البان من أثقالها

خفِّفْ بذات البان من أثقالها

​خفِّفْ بذات البان من أثقالها​ المؤلف مهيار الديلمي


خفِّفْ بذات البان من أثقالها
وامددْ لها وراخِ من حبالها
وخلِّها سارحةً من وجرةٍ
في كهلها السَّبطِ وفي سلسالها
رافعةً ما انحطّ من أعناقها
جامعةً ما شذَّ من فصالها
لعلَّها تخلف من أوبارها
ما حلقَ الجدبُ ومن أنسالها
قد آن أن ينتصرَ الدهرُ لها
ويخجلَ الواعدُ من مطالها
وأن تراحَ أذرعٌ وأسواقٌ
ناحلت العصيَّ من كلالها
لها بنعمانَ مدى اقتراحها
من واسع الأرزاق أو حلالها
وما يجرُّ الأمن من أرسانها
مرخىً وما يسحب من جلالها
وكالدُّمى من ظبياتِ حاجرٍ
كوالئا يصلحن من أحوالها
نعم فياسقى الغمامُ حاجرا
ما احتكم الشاخصُ من أطلالها
ولا عدمتُ من صباها نفحةً
باردةً تأتي ومن شمالها
فكم بها واكبدي فيمن بها
من أمّ خشفين ومن غزالها
ورامياتٍ عن ذواتِ مقلٍ
تلاوذَ القاريُّ من نبالها
كلّ قناةٍ ركزت على نقاً
ينقص بدرُ التمّ من هلالها
تحكمُ ما اشتطّت على حقابها
وتطلب الأمانَ من خلخالها
عوَّلتُ منهنّ غداةَ غامدٍ
على تعلاّتِ المنى وخالها
بنَّ صحيحاتٍ وأرسلنَ معى
جفنا قريحا وفؤادا والها
وطارقا من الخيال ربما
بلَّ القلوبَ الهيمَ من بلبالها
تزيره على النوى ضنينةٌ
ما خطرتْ زيارةٌ ببالها
لولا جنونُ الحبّ وخبالهُ
لم نرضَ منها بسُرى خيالها
زارت وأخياطُ الدجى عقودها
قد بدأت تأخذُ في انحلالها
والعيسُ أيديها إلى صدورها
لم تتروّحْ بعدُ من عقالها
وفي الركاب عصبٌ بدائد
رجالها مفترشو جمالها
وافقَ من أشخاصها طولُ السُّرى
وخالف الأوطارُ من أحوالها
فساهرٌ لحاجةٍ ما نالها
ونائمٌ عنها ولم يبالها
فلو أمنتُ كذبَ الحلمِ بها
قمتُ فصلّيتُ إلى تمثالها
ثم انتبهتُ ويدي لامسةٌ
أن تعلقَ المفلتَ من أذيالها
يا عاذلي في العزِّ بنْ فإنها
نفسُ هوىً تأبى على عذَّالها
ما أنت في لومي على نزاهتي
من همّ حاجاتي ولا أشغالها
قد أخذ المجدُ وأعطى بيدي
فما يطول الأفقُ عن منالها
وقد ولجتُ أطلبُ القصوى فما
تجنَّبتْ رجلي في إيغالها
وقوّدتْ يدُ الوزير الدهر لي
فجاءني يرسفُ في شكالها
جاد وأخلافُ الحيا بكيّةٌ
لا يطمع العاصبُ في أرسالها
كأنَّ عينَ عاشقٍ مفارقٍ
بمائها يمينهُ بمالها
ومدَّ من نعمائه ضافيةً
يفضلُ غنّى مسحبا سربالها
في كلّ يومٍ نظرةٌ ضاحيةٌ
تكشف عن حالي دجى ضلالها
ونعمةٌ تخلقَ مثلَ أختها
في الحسن أو يحذى على مثالها
أمكنني من الندى أخو الندى
في قومه وابنُ العلا وآلها
ولافت الأيام ورقابها
قد ذهبتْ عرضا مع انفتالها
والعادلُ المقيم منها صعدةً
لا يظفر الثقّافُ باعتدالها
مدّ على الدولة من عميدها
أفيحُ لا يقلص من ظلالها
وارتجعت بسيفه وعزمه
ما استلب الزمانُ من كمالها
قام بها وكاهلُ الدهر بها
مضعضعٌ يعيا عن احتمالها
والناس إما عارفٌ مقصّرٌ
أو جاهلٌ بموضع اختلالها
يغمط نعماها ويُلغي حقَّها
ويطلب العزَّة بابتذالها
حتى أتاها الله من عميدها
بكاشف الغمّاء من خلالها
بالواحد المبعوث في زمانها
والباتر المبعوث لانتشالها
من طينة ريَّا التراب جبلتْ
جواهرُ السؤدد في صَلصالها
ربتْ مع الزمان وهو يافع
واكتهل الدهرُ مع اكتهالها
ودرجتْ في البيت فالبيتُ على
مرازبِ الملوك أو أقيالها
لملَمها عبدُ الرحيم وسقى
أيوبُ بالمفعم من سجالها
فهي إذا عبَّس فخرٌ ضحكتْ
عجبا ببنتِ عمّها وخالها
يا شرف الدين تملَّ ودَّها
واسكن إلى الدائم من وصالها
وزارة قيّضك الله لها
أحبَّ من يبغى صلاح حالها
أنكحتها من بعد ما تعنَّستْ
ولجَّت الأيامُ في إعضالها
عزّت فلمّا أن تسمّيتَ لها
كفيتها وكنتَ من رجالها
كنت لها ذخيرةً وإنما
مثلُك موقوفٌ على أمثالها
خيالك اليومَ عليها ولقد
كان رجالٌ أمسِ في خيالها
ملكتها ملكَ اليمين فاحتفظ
برقِّها واسبل على حجالها
واجمع هنيئا لك بين صونها
وبين ما راقك من جمالها
جاءتك لم تقرعْ بظنبوبٍ ولا
سوطٍ ولا أرصدتَ لاغتيالها
ولا طرقتَ غاشياً أبوابها
بين غداياها إلى آصالها
طائعةً جاءتك بل مضطرّة
منتشطَ البكرةِ من عقالها
تطلب معنىً لاسمها مخلَّصا
من كذبِ الأسماء وانتحالها
تخطّت البزلَ الجلالاتِ إلى
أوائل الأعمار واقتبالها
تؤمّ منكم عصبةً تعرَّفت
سيادة الكهول في أطفالها
حتى استقرّت منك في موطنها
مكانَ لا تأنس بانتقالها
هذا الذي حدّثك الشعرُ به
عن آية الذكاء واستدلالها
وبشّرتك ماضياتُ فقري
بأنه يكون في استقبالها
عيافةٌ عندي يمنُ طيرها
وزاجراتٌ ليَ صدقُ فالها
قلنا وصحَّ فافعلوا فإنما ال
حسنى بعشرٍ منكمُ أمثالها
ففضلنا يُعرفُ في أقوالنا
وكرمُ الملوك في أفعالها
وما نذمُّ قاطراتِ سحبكم
فينا ولا نكفرُ بانهمالها
ولا رأينا البحرَ عبَّ فوفى
بجود أيديكم ولا نوالها
لكن نرى أنّ الخمولَ ضيعةٌ
في دولةٍ ونحن من عيالها
وأنّ عنقاءكمُ تحلَّقتْ
ولم تغيَّر حالنا بحالها
وقد نضونا العمرَ في رجائها
ننتظرُ الإقبالَ في إقبالها
وحرُماتٍ أغفلتْ والمجدُ غض
بانُ لنا لا شك من إغفالها
فاقتدحوا خلَّتنا بنظرةٍ
تنبتُ نارَ العزِّ في ذبالها
وبلِّغوا الآمالَ منكم أنفسا
قد بلغت فيكم مدى آمالها
واستقبلوها غررا سوائرا
لا تخرُقُ الرياحُ في مجالها
تطوى البلادَ خوّضا بحارها
رواقيا فيكم ذرى جبالها
لا ترهب الفوتَ إذا تأيّدتْ
ولا تخاف زلّة استعجالها
لصحفها منها إذا ما انتُضيت
ما بجفون البيض من نصالها
تخبركم عن الخلودِ أبدا
وتخبر الأعداءَ عن آجالها
يضحك منها المهرجانُ اليوم عن
بردِ الثنايا الغرِّ وصقالها
يتيه في الزمان مثلَ تيهها
في الشعر أو يختال كاختيالها
يومٌ حكى فضلك فامتاز لنا
عن شبهِ الأيّام أو أشكالها
جاء مع الوفود مشتاقا على
تباعد الشُّقَّة واعتلالها
فواقفا ما لحتَ كوقوفها
وسائلا ما جدتَ كسؤالها
مبشّرا أنك والي نعمةٍ
لا تطمع الأحداث في زيالها
تبقى مع الدهر فإن تنكَّرتْ
بالدهر حالٌ لم تزل بحالها