دار البطالسة الكرام جلالا
دار البطالسة الكرام جلالًا
زالوا وهذا مجدهم ما زالا
هاتي امنحينا من خلودِك نفحة
فنقول فيك من الخلود مقالا
واستفتحي باب الرموز تمدنا
بالسحر لفظًا صادقًا وخيالا
إني وقفت لديك أرفع أخمصي
حذرًا وأخفض ناظري إجلالا
فحنيت رأسًا في وصيدك ما انحنى
من قبلُ إلا للإله تعالى
وذكرت قومًا فيك لم يتهيبوا
إلا عروشًا ضخمة وظلالا
أبقاك في فك الزمان مصونة
جيلان يبنيك الملوك وِصالا
لم يبصروا بك موضعًا لزيادة
إلا وزادوه علا وكمالا
غدروا ذوي القربى ودكوا دورهم
وتلاحقوا عمًّا إليك وخالا
واستنزلوا الأرباب فيك ليشهدوا
بين العباد تواثبًا ونزالا
وضعوك أم رفعوك لما صوروا
فيك السلاح أسنة ونبالا
وتقحَّموا الحرم الجليل أم ابتغوا
زلفى لديه وقوة ونوالا
ضل الذين تطاولوا فتوهموا
أن الأوائل دونهم أفعالا
حسبوا المعابد أرضها وسماءها
كونين عن حكم الطبيعة حالا
هبطت من الملأ العلي فأصبحت
فيها الذئاب الضاريات سخالا
ننسى العداوة والصداقة والهوى
فيها وننسى الخوف والآمالا
كذبوا فما تغني الأنام عبادةٌ
تذر القلوب فوارغًا أغفالا
لا ربَّ إلا من يمالئ شعبه
عند الكريهة إن جفا أو مالا
لا تعبدنَّ إذا أردت سيادة
ربًّا يعين الصيد والأنذالا
واعبد إلهًا يصطفيك بعونه
ويذيق خصمك ذلة ونكالا
من ظن أن ولاته كعِداته
عند الإله، فكيف يسعد حالا
الناس يغتال القوي ضعيفهم
والدهر يغتال الفتى المغتالا
قهار كل القاهرين تقاصرت
عنه مكائد من طغى واحتالا
ذهبوا فما هوت الكواكب بعدهم
أسفًا وما نقص الثرى مثقالا
ملكَ الفراعنةُ الحماة وخلَّفوا
للملك أعلامًا بمصر طوالا
وخلا الأكاسرة البغاة كأنهم
عبروا بمدرجة الزمان رمالا
ومضى البطالسة الكماة وهذه
مصر يزيد شبابها إقبالا
تتقوض الأوطان وهي كدأبها
من عهد نوح تربة ورجالا
عهدٌ على الله القدير وذمة
ألا تُضيم لها الكوارث آلا
فتجنبوا فيها القنوط وأجزلوا
قسط البنين معارفًا وخصالا
والغيب أحلكُ من ظلالك ظلمةً
أبدًا، وأبعد من ذَراكِ منالا
خلعوا ولا عجبٌ عليك سماته
أولست أنت للغزه تمثالا
لو لم يرُعنا للمهيمن هيكل
باقٍ يُجدُّ بقاؤه الأحوالا
أخفى سرائره وأطلع فوقه
نورًا يزيد التائهين ضلالا
ما شيَّد البانون ركن عبادة
كلا ولا شدوا إليه رحالا
الدين باقٍ ما جهلنا سره
ولنبقينَّ بسره جُهالا
عفَت المناسك في ذراك فجددي
نُسُكًا من الشعر الشريف حلالا
قد كنتِ بالوحي الكريم كريمة
حتى بخلتِ فما أجبت سؤالا
إلا رسومًا في الرسوم نواطقًا
بالنصر أبلج والفتوح توالى
رُفعتْ لبطليموس يبسط فوقها
كفًّا تحوك من الرءوس حبالا
يطأ الملوك كأنما تيجانها
أرض وما يخشى لها زلزالا
وترى الجموع وهم ركوع تحته
قَصُروا من الخوف الذريع وطالا
شأن الأنام قديمهم وحديثهم
من عز فيهم بالسيادة صالا
والمُلك مغلوب عليه مالكٌ
متعفف لا يغلب الأقيالا
يا دار بطليموس حسبك رفعةً
وصيانة بين البنَى وجمالا
حرص الزمان عليك وهو موكَّل
بالشامخات يحيلها أطلالا
إنا لنرجوها ونوقن أنه
ما كان يومًا لا يكون محالا
وستستقل فلا تقولوا إنها
صمد الهوان بها فلا استقلالا