داعب الشرق باسما وسعيدا

داعِبِ الشرقَ باسماً وسعيداً

​داعِبِ الشرقَ باسماً وسعيداً​ المؤلف علي الجارم


داعِبِ الشرقَ باسماً وسعيداً
وائتلِقْ ياصباحُ للناسِ عِيدا
نَسَيَتْ لَحنَها الطيُور فصوِّرْ
لِبنَاتِ الغُصُونِ لحنًا جديدا
فَزَّعتْها عن الرياضِ خَفافي
شٌ تَّسُدُّالفضاءَ غُبْرًا وسُودا
ألِفَتْ مُوحِشَ الظلامِ فودَّتْ
أن تبيدَ الدنيا وألاّ يبيدا
فاسجَعي ياحمامةَ السلْمِ للكو
ن وهُزِّي أعطافَه تغريدا
غرِّدي فالدموعُ طاح بها البِشْ
رُ وأضحى نَوْحُ الَثكالَي نشيدا
واسمَعي إنّ في السماء لحُونا
أسَمَعْتِ الترتيلَ والترديدا
كلّما اهتزَّ للملائكِ صَوتٌ
رجّعْته أنفاسُنا تحميدا
رنَّةُ النصر في السماواتِ والأر
ضِ أعادتْ إلى الوجودِ الوجودا
مَوْلدٌ للزمان ثانٍ شهدْنا
ه فيامَنْ رأى الزمانَ وليدا
سكن السيفُ غِمْدَه بعد أنْ صا
لَ عنيفاً مُناجِزاً عِرْبيدا
ما احمرارُ الأصيلِ إلا دماءٌ
بقيتْ في يَدِ السماء شُهودا
طائراتٌ ترمي الصواعقَ لا تخْ
شى إلهً ولا تخافُ عبيدا
أجهدتْ في السُرى خوافقَ عِزْري
لَ فرفّتْ من خَلْفِهِنَّ وئيدا
كلّما حلّقَتْ بأُفْقِ مكانٍ
تركتْ فيه كلَّ شيءٍ حصيدا
كم سمِعْنا عَزيفَها من قريبٍ
فغدا الرأْيُ والسدادُبعيدا
يلفَحُ الشيخَ والغَلام لَظاها
ويُصيبُ الشجاعَ والرِعْديدا
كم وحيدٍ بين الرجامِ بكى أمًّ
ا وأمِّ بكتْ فتاها الوحيدا
مُدُنٌ كُنَّ كالمحاريبِ أمْنَّا
ترك الْخَسْفُ دُورَهنَّ سجودا
وقُصُورٌ كانتْ ملاعبَ أُنسٍ
أَصبحت بعد زَهْوهِنّ لحودا
لَهْف نفسي عَلَى دماءٍ زكيّا
تٍ كَقْطرِ الغمامِ طُهْراً وجُودا
سِلْنَ من خَدِّ كلِّ سيفٍ نُضارا
بعدما حَطَّم الحديدُ الحديدا
لَهفَ نفسِي عَلَى شبابٍ تحدَّى
عَذَباتٍ الفِرْدَوسِ زَهْراً وعُودا
لَهفَ نفسِي والنارُ تعصِفُ بالجيْ
شِ فتلقاه في الرياح بَديدا
ذكّرتْنا جَهنّماً كلَّما أُلْ
ِقَى فَوْجٌ صاحتْ تُريدُ المَزيدا
كالبراكينِ إنْ تمشَّتْ وكالب
حر إذا جاشَ باَلْحميم صَهُودا
وإذا الماءُ كان ناراً فَمَنْ يَرْ
جو لنارِ إذا استطارتْ خُمودا
أُمَمٌ تلتَقي صباحاً على المو
تِ لتستقبلَ المساءَ هُمودا
وفريقٌ للفتك يلقى فريقاً
وحُشودٌ للهَوْلِ تلقى حُشودا
كم حُطامٍ في الأرضِ كان عقولاً
ورَمادٍ في الْجَوّ كان جُهودا
وأمانٍ ونَشْوةٍ وشَبابٍ
ذهبتْ مثلَ أمسها لن تَعودا
قُبُلاتُ الحسانِ مازلن في الخَ
دِّ فهل عفَّرَ الترابُ الْخُدودا
ووعودُ الغرامِ ماذا عراها
أغدتْ في الثَّرَى الْخضيبِ وعيدا
كم دُموعٍ وكم دماءٍ وكم هَوْ
لٍ وكم أنَّةٍ تفُتُّ الكُبودا
إنَّما الحربُ لعبةُ اللّهِ في الأر
ضِ وشَرٌّ بمَنْ عليها أريدا
صَدَّقَتْ مارأى الملائكُ من قَبْ
لُ وما كان قولهم تَفْنيدا
إن لله حكمةً دونَها العق
لُ فَخَلِّ المِراءَ والترديدا
كيف نصفو ونحن من عُنْصِر الط
ينِ فساداً وظلمةً وجُمودا
ذَهَبَ الموتُ بالْحُقودِ فماذا
لو محوتم قبلَ المماتِ الْحُقودا
شهواتٌ تدِّمُر الأرضَ كي تح
يا وتجتاحُ أهلَها لتسودا
وجنونٌ باُلملْكِ يعصِفُ بالدن
يا لكي يملِكَ القُبورَ سعيدا
يذبح الطفلَ أعْصَلَ النابِ شيطا
ناً ويحسو دَمَ النساء مَرِيدا
ويُسَوِّي جَماجمَ الناسِ أَبْرَا
جا ليبغي إلى السماءِ صُعودا
قد رأينا الأُسودَ تقنَعُ بالقُو
تِ فليتَ الرجالَ كانت أسودا
قُتِلَ العلمُ كيف دبّر للفَتْ
كِ عَتاداً وللدّمارِ جنودا
فهو كالخمر تَنْشُرُ الشرَّ والإثْ
مَ وإنْ كان أصلُها عُنقودا
أبدعَ المهلكاتِ ثم توارَى
خلفَها يملأُ الوَرى تهديدا
مادتِ الراسياتُ ذُعْراً وخَفَّتْ
مِنْ أفانينِ كَيْدهِ أنْ تميدا
وقلوبُ النجوم ترجُفُ أن يج
تازَ يوماً إلى مَداها الْحُدودا
مُحْدَثاتٌ عزّتْ على عقلِ إبلي
سَ فعَضَّ البنانَ فَدْماً بليدا
عالِمٌ في مكانهِ ينسِفُ الأر
ضَ وثانِ يحُزُّ منها الوَريدا
حَسْرَتا للحياةِ ماذا دهاها
أصبح الناسُ قاتلاً وشهيدا
أصحيحُ عاد السلامُ إلى الكو
ن وأضحى ظِلاً به ممدودا
ورنينُ الأجْراسِ يصدَحُ بالنص
ر فيا بِشْرَهُ صباحاً مَجيدا
سايَرَتْها قلوبُنا ثم زِدْنا
فأضَفْنا لشَدْوِهنَّ القصيدا
رَدِّدي ردِّدي ترانيمَ إسحا
قَ وهُزَّي الحسانَ عِطْفاً وجِيدا
أنتِ صُورُ الحياةِ قد بَعَثَ النا
سَ وكانوا جماجمًا وجُلودا
قد سِئمْنا بالأمْسِ صَفَّارةَ الإنْ
ذارِ والوَيْلَ والعذابَ الشديدا
ردِّدي صوتَكِ الحنونَ طويلاً
وابعَثيِ لحنَك الطروبَ مديدا
واهتِفي يا مآذِنَ الشرقِ باللَّ
ه ثناءً وباسمِه تمجيدا
واسطًعي أيها المصابيحُ زُهْراً
واجَعلي شوقَنا إليك وَقودا
قرَّتِ النفسُ واطمأنَّتْ وكانت
أملاً حائرَ الطريقِ شَريدا
ليت شعري ماذا سنجني من النص
رِ وهل تصدُقُ الليالي الوُعودا
وهل الأربعُ الروائعُ كانت
حُلُماً أو مواثِقاً وعُهودا
وهل انقادتِ الممالكُ للعد
لِ فلا سيِّداً تَرى أو مَسُودا
وهل الحقُّ صار بالسلمِ حقَّاً
وأذابَتْ لظَى الحروبِ القُيودا
وهل العُرْبُ تستردُّ حِماها
وتُناجي فِرْدَوْسَها المفقودا
وَترى في السلامِ مجداً طريفاً
جاء يُحْيى بالأمسِ مجداً تَليدا
بذَلتْ مصرُ فوقَ ما يبذُلُ الطَّوْ
قُ وقد يُسْعِفُ النديدُ النديدا
في فيافيِ صَحْرائِها لَمَعَ النص
رُ وولَّى رُوميلُ يعْدو طريدا
فهي إذْ تنثرُ الورودَ تُناغي
أملاً ضاحكاً يفوقُ الورودا
وهي ترجو لابل تريدُ وأجْدِرْ
بابنةِ النيلِ وَحْدها أنْ تُريدا