دمن ألم بها فقال سلام

دمنٌ ألمَّ بها فقالَ سلامُ

​دمنٌ ألمَّ بها فقالَ سلامُ​ المؤلف أبو تمام


دمنٌ ألمَّ بها فقالَ سلامُ
كَمْ حَلَّ عقْدَةَ صَبْرِهِ الإِلْمَامُ
نُحِرَتْ رِكَابُ القَوْمِ حتَّى يَغْبُرُوا
رَجْلَى، لقَدْ عَنُقُوا عليَّ ولامُور
عَشِقُوا، ولارُزِقُوا، أيُعذَلُ عاشِقٌ
رُزِقتْ هواهُ معالمٌ وخيامُ؟!
وقفوا عليَّ اللومَ حتى خيَّلُوا
أنَّ الوُقُوفَ على الديَارِ حَرَامُ!
ما مَرَّ يَوْمٌ واحِدٌ إلاَّ وفي
أحشَائِهِ لِمَحلَّتيْكِ غَمَامُ
حتى تعمَّمَ صُلْعُ هاماتِ الرُّبا
مِنْ نَوْرِهِ وتَأزَّرُ الأهْضَامُ
ولقدْ أراكِ، فهل أراكِ بغبطةٍ
والعَيْشُ غَضٌّ والزَّمانُ غُلاَمُ؟!
أعوَامَ وَصْلٍ كانَ يُنْسِي طُولَها
ذكْرُ النَّوَى، فكأنَّهَا أيَّامُ
ثُمَّ انْبَرَتْ أَيَّامُ هَجْرٍ أَردَفَتْ
بِجَوىً أَسىً، فكأنَّها أعْوَامُ
ثمَّ انقضتْ تلك السنونُ وأهلُها
فكأنَّها وكأنَّهُمْ أحلامُ
أتصعصعت عبراتُ عينكَ أن دعتْ
ورقاءُ حين تصعصعَ الإظلامُ.؟!
لاتَنشِجَنَّ لَها فإنَّ بكَاءَها
ضَحِكٌ، وإنَّ بُكَاءَكَ استِغْرَامُ
هنَّ الحمامُ فإن كسرتَ عيافةً
منْ حائهنَّ فإنَّهنَّ حمامُ
اللَّهُ أكْبَرُ جَاءَ أكبرُ مَنْ جَرَتْ
فَتَحَيَّرَتْ في كُنْهِهِ الأوهَامُ
من لا يحيطُ الواصفونَ بقدرهِ
حتى يقولوا قدره إلهامُ
مَنْ شَرَّدَ الإعدَامَ عَنْ أوطانِه
بالبَذْلِ حتَّى استُطْرِفَ الإِعدَامُ
وتَكَفَّلَ الأيتَامَ عَنْ آبَائِهِمْ
حتَّى وَدِدْنَا أَنَّنا أيْتَامُ
مُسْتَسْلِمٌ للَّهِ، سَائِسُ أُمَّةٍ
لِذَوِي تَجَهْضَمِها لَهُ استِسْلاَمُ
يَتجَنَّبُ الآثَامَ ثُمَّ يَخَافُها
فكأنَّما حسناتُه آثامُ
يأَيُّها المَلِكُ الهُمَامُ وعَدْلُه
ملكٌ عليه في القضاءِ همامُ
ما زالَ حكمُ اللهِ يشرقُ وجهه
في الأرضِ مُذْ نِيطَتْ بكَ الأحكامُ
أسرتْ لكَ الآفاقَ عزمَهُ همةٍ
جُبِلَتْ على أنَّ المَسِيرَ مُقَامُ
إلا تكنْ أرواحُها لكَ سُخِّرتْ
فالعَزْمُ طَوْعُ يَدَيْكَ والإِجذَامُ
الشَّرْقُ غَرْبٌ حِين تَلْحَظ قَصْدَه
ومخالفُ اليمنِ القصيّ شآمُ
بالشدقمياتِ العتاق كأنَّما
أشباحُهَا بَيْنَ الإِكامِ إكامُ
والأعوجيات الجيادِ كأنَّها
تهوي وقد ونت الرياحُ سمامُ
لما رأيتَ الدينَ يخفقُ قلبُه
والكفرُ فيهِ تغطرسٌ وعرامُ
أوريتَ زندَ عزائمٍ تحت الدجى
أسرجنَ فكركَ والبلادُ ظلامُ
فنهضتَ تسحبُ ذيل جيشٍ ساقهُ
حُسْنُ اليَقِين وقَادَهُ الإِقدَامُ
مثعنجرٍ لجبٍ ترى سلافهُ
ولهم بمنخرقِ الفضاء زحامُ
مَلأَ المَلا عُصَبَاً فكادَ بأنْ يُرَى
لاخَلْفَ فيهِ ولا لَهُ قُدَّامُ
بِسَواهِمٍ لُحُقِ الأياطِل شُزَّبٍ
تَعلِيقُها الإسراجُ والإِلجَامُ
ومقاتلين إذا انتموا لم يُخزهمْ
في نصرِكَ الأخوالُ والأعمامُ
سفعَ الدؤوبُ وجوهَهُم فكأنَّهمْ
وأبوهُمُ سامٌ أبوهُمْ حامُ
تخذوا الحديد من الحديد معاقلاً
سكأنها الأرواحُ والأجسامُ
مسترسلين إلى الحتوفِ، كأنما
بينَ الْحُتُوفِ وبَيْنَهمْ أرحامُ
آسّادُ مَوْت مُخْدِراتٌ مَالَها
إلا الصوارمَ والقنا آجامُ
حتَّى نَقَضْتَ الرُّومَ مِنْكَ بوَقْعة
شَنعاءَ لَيْسَ لِنَقْضِها إبْرَامُ
في معركٍ أما الحِمامُ فمفطرٌ
في هَبْوَتَيْهِ والكُماةُ صِيَامُ
والضَّرْبُ يُقْعِدُ قَرْمَ كل كَتِيبَةٍ
شَرِسَ الضَّريبةِ والْحُتُوفُ قِيامُ
فَفَصَمْتَ عُرْوَةَ جَمْعهم فيه وقَدْ
جَعَلَتْ تَفَصَّمُ عَنْ عُرَاها الهَامُ
ألقوا دلاءً في بحوركَ أسلمتْ
تَرَعاتِها الأكرَاُ والأوذَامُ
ما كانَ للإشراكِ فوزةُ مشهدٍ
واللهُ فيهِ وأنتَ والإسلامُ
لما رأيتهُمُ تساقُ ملوكهمْ
حِزَقاً إليكَ كأنَّهُمْ أنعَامُ
جَرْحَى إلى جَرْحَى كأنَّ جُلُودَهُمْ
يطلى بها الشيانُ والعلامُ
مُتَسَاقِطي وَرَقِ الثيَابِ كأنَّهُمْ
دانوا فأحدثَ فيهم الإحرامُ
أكرَمْتَ سيفَكَ غَرْبَه وذُبَابَهُ
عنهمْ وحقَّ لسيفك الإكرامُ
فرددتَ حدَّ الموتِ وهوَ مركبٌ
في حدهِ فارتدَّ وهوَ زؤامُ
أيقظتَ هاجعهمْ وهلْ يغنيهمُ
سَهَرُ النَّواظِرِ والعُقُولِ نيامُ
جحدتكَ منهم ألسنٌ لجلاجةٌ
أقرَرْنَ أنَّكَ في القُلُوبِ إِمَامُ
إسلمْ أميرَ المؤمنينَ لأمةٍ
نتجتْ رجاءكَ والرجاءُ عقامُ
إنَّ المكارمَ للخليفةِ لمْ تزلْ
واللهُ يعلمُ ذاك والأقوامُ
كُتِبَتْ لَهُ ولأوَّليهِ وراثَةً
في اللَّوْحِ حتَّى جَفَّتِ الأقلامُ
مُتَوَطئُو عَقِبَيْكَ في طَلَبِ العُلاَ
والمَجْدُ ثُمَّتَ تَسْتَوي الأقْدَامُ