ذراني أقم للشعر في مصر مأتما

ذراني أقم للشعر في مصر مأتما

​ذراني أقم للشعر في مصر مأتما​ المؤلف أحمد محرم


ذراني أقم للشعر في مصر مأتما
إلى أن يفيض النيل في أرضها دما
تلومان أن أبديت ما بي من الأسى
وأني لما بي أن يوارى فيكتما
سبيلكما أن تخفيا لاعج الجوى
وما هو إلا أن يذاع فيعلما
أحر الجوى ما جاوز القلب فارتقى
وأصفى الهوى ما ذاب في العين فانهمى
وأوهى ضروب الحب حبٌ ملثمٌ
يصانع خافيه وشاةً ولوما
رويدكما يا لائمي فإن بي
على مصر وجداً جل أن يلثما
بلادٌ سقتني الحب عذباً ووكلت
بصافيه قلباً بين جنبي أهيما
يزيد هواها كلما زاد بؤسها
وتنمو تباريح الجوى كلما نما
حفظت لها عهدين عهد شبيبةٍ
تصرمت اللذات لما تصرما
وآخر يكسوني المشيب مفوفاً
ويلبسني منه الرداء المسهما
وما المرء إلا قومه وبلاده
فإن يذهبا يلق الأذى حيث يمما
ويحيا حياة البائسين ويحتقب
من العار ما يبقى له الدهر ميسما
وما من فتىً تغشى المهانة قومه
فيطمع أن يلفي من الناس مكرما
بمغرسه يحيا النبات فإن ترد
له مغرساً من دونه مات مؤلما
ولم أر كالأوطان أكبر حرمةً
وأكرم ميثاقاً وأعظم مقسما
حلفت بمصر والعوادي أواخذٌ
بحوبائها يرمينها كل مرتمى
لقد ضاق حلم النيل عن جهل فتيةٍ
جزوه من الحسنى عقوقاً وملأما
وما زال مكفور الصنيع كأنما
يجود به كرهاً ويسديه مرغما
ولا جرم للمصري فيما تأولوا
ولكن أساء النيل صنعاً وأجرما
تفيض خلال السوء منه فترتوي
نفوس بنيه لا ارتوين من الظمى
أفي كل يومٍ للغواة جريرةٌ
تعيد الرجاء الطلق أربد أقتما
لقد كان فيما أسلف الدهر واعظٌ
لوان عظات الدهر تهدي أخا العمى
فيا لك يوماً كان في الشؤم واحداً
ويا لك خطباً كان في الهول توأما
تلقوه بالتهليل حتى كأنما
تلقوا به عيداً لمصر وموسما
وهموا بأخرى يسقط الدهر دونها
صريعا وتهوي عندها الشهب رجما
بعيدة مستن المكاره ما لنا
إذا انبعثت منها معاذٌ ولا حمى
إذا اهتزمت فيها الرزايا حسبتها
تشقق صخاباً من الرعد مرزما
تسف فتردي الواضعين وترتقي
إلى النفر العالين في القوم سلماً
وتعصف بالأهرام ثمت تنتحي
قوارعها العظمى فتذرو المقطما
وترمي عباب النيل منها بزاخرٍ
تظل المنايا فيه غرقى وعوما
لعمري لقد آن النزوع عن الهوى
وحق على ذي الجهل أن يتعلما
بني وطني من يرتد الشر يلفه
وإن راقه يوماً رداءً مسمما
بني وطني إن الأمور سماتها
تبين وإن الرأي أن نتوسما
بني وطني مالي أراكم كأنما
ترون السبيل الوعر أهدى وأقوما
أإن قام ينهاكم عن الغي راشدٌ
غضبتم وقلتم خائنٌ رام مغنما
ورحتم يهب الشر من لهواتكم
مدلين أن أمسى بكم فاغراً فما
تقودون من غاوٍ ومن ذي عمايةٍ
إلى المعشر الهادين جيشاً عرمرما
تعالوا إلينا إنما نحن أخوةٌ
وإن انبتات الحبل أن يتفصما
تعالوا إلينا إنما نحن أخوةٌ
وإني رأيت الأخذ بالرفق أحزما
وإن سبيلنا سواءٌ وكلنا
بنو مصر نأبى أن تضام وتهضما
وما العار إلا أن تظل أخيذةً
وتبقى مدى الأيام نهباً مقسما
برئت من الأوطان إن هال حادثٌ
فلم تلفني في غمرة الهول مقدما
وإني لنهاض إلى السورة التي
تظل القوى عنها روازح جثما
وما زلت مذ أرسلت بالشعر هادياً
أجيء به وحياً وآتيه ملهما
وما بيدي أجري يراعي وإنما
يد الله تجريه فيمضي مقوما
من العار أن تشقى بلادي وأنعما
وكالموت أن يقضى عليها وأسلما
أحن إلى استقلالها وإخاله
إذا ما رأبنا الصدع أمراً محتما
أنطلبه فوضى ونسعى جميعنا
إلى عرصات الموت سعياً منظما
تحكم فينا الداء فانحلت القوى
وآية داء الجهل أن يتحكما
تفرقنا الأديان والله واحدٌ
وكل بني الدنيا إلى آدم انتمى
وساوس ضل الشرق فيها مصفدا
فما يملك الشرقي أن يتقدما
هي استوطنت منا الرؤوس فغادرت
مكان النهى منها طلولاً وارسما
بني الشرق لا يصرعكم الدين إنني
أرى الغرب لولا الجد والعلم ماسما
سلوه إذا رام الفريسة فانتحى
أيرعى مسيحياً ويرحم مسلما
هو الموت أو تستجفل الشرق رجفةٌ
تزلزل صرعى من بنيه ونوما