رأتني معد مصحرا فتناذرت

رأتني معد مصحرا فتناذرت

​رأتني معد مصحرا فتناذرت​ المؤلف الفرزدق


رَأتْني مَعَدٌّ مُصْحِراً فَتَناذَرَتْ
بَدِيِهَةَ مَخْشِيّ الجَرِيرَةِ عَارمِ
وَمَا جَرّبَ الأقْوَامُ مِني أنَاثَةً،
لَدُنْ عَجموني بالضُّرُوسِ العَواجمِ
بَرَى العَجْمُ أقوَاماً فَرَقّتْ عَظامُهم،
وَأبدى صِقالي وَقْعُ أبيضَ صَارِمِ
أتَاني وَعيدٌ مِنْ زِيَادٍ، فَلَمْ أنَمْ،
وَسَيلُ اللّوَى دُوني وَهَضْبُ التّهايمِ
فَبِتُّ كَأنّي مُشْعَرٌ خَيْبَرِيّةً
سَرَتْ في عِظامي أوْ دِمَاءَ الأرَاقِمِ
زِيادَ بن حَرْبٍ لَوْ أظُنّكَ تارِكي
وَذا الضّغنِ قد خشْمتَه غير ظالِمِ
لقَدْ كافَحَتْ مني العِراقَ قَصِيدَةٌ،
رَجُومٌ مَعَ الماضِي رُؤوس المَخارِمِ
خَفِيفَةُ أفْوَاهِ الرّوَاةِ، ثَقِيلَةٌ
على قِرْنِهَا، نَزّالَةٌ بِالمَوَاسِمِ
رَأيتُكَ مَن تَغضَبْ علَيهِ من امرِىء،
ولَوْ كانَ ذا رَهْطٍ، يَبِتْ غيرَ نائمِ
أغَرُّ، إذا اغْبَرّ اللّئامُ تَخايَلَتْ
يَدَاهُ بِسَيْلِ المُفْعَم المُتَرَاكِمِ
نَمَتْكَ العَرَانِينُ الطّوَالُ، وَلا أرى
لسَعْيِكَ إلاّ جَاهِداً غَيرَ لائِمِ
ألَمْ يأتِهِ أنَّني تَخَلّلُ نَاقَتي
بنعْمَانَ أطْرَافَ الأرَاكِ النّوَاعِمِ
مُقَيَّدَةً تَرْعَى البَرِيرَ، وَرَحْلُهَا
بِمَكّةَ مُلْقىً، عَائذٌ بالمَحارِمِ
فإلاّ تَدارَكْني مِنَ الله نِعْمَةً،
وَمن آلِ حَرْبٍ، ألْقَ طَيرَ الأشايِمِ
فدَعْني أكُنْ ما كُنتُ حَيّاً حَمامةً
من القاطِنَاتِ البَيتِ غَيرِ الرّوَائِمِ