رسالة سليم الأول إلى قانصوه الغوري يعاتبه على منع المماليك للتجار وأبناء السبيل من المرور ويبرر حملته الأخرى على الصفويين

​رسالة سليم الأول إلى قانصوه الغوري يعاتبه على منع المماليك للتجار وأبناء السبيل من المرور ويبرر حملته الأخرى على الصفويين​ المؤلف سليم الأول
ترجمةفاضل بيات
ملاحظات: وردت هذه الرسالة بِاللُغة التُركيَّة العُثمانيَّة في المُجلَّد الأوَّل من كتاب «مجموعة مُنشآت السلاطين» لأحمد فريدون بك، الصادر سنة 1275هـ في دار الطباعة العامرة بإستانبول. صحيفة 424 - 425. رابط تحميل نسخة من الكتاب. النسخة العربيَّة الواردة مُقابل النسخة العُثمانيَّة من تعريب وتصحيح وتعليق أ.د. فاضل بيات، في المُجلَّد الأوَّل من موسوعة «البلاد العربيَّة في الوثائق العُثمانيَّة».


الأصل العُثماني

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي

الحمدُ لله أورثنا الأرض وجعلنا من الأخيار وعُدَّاده، وبشَّرنا بأن نكون من الأبرار وصالحي عباده، فيما قال: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعْدِ ٱلذِّكْرِ أَنَّ ٱلْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ ٱلصَّٰلِحُونَ، والصلوٰة والسَّلام على من اقتدينا بآثاره، واهتدينا بأنواره، مُحمَّد الذي منَّ من الله على المُؤمنين به وعلى آله وأصحابه العظام، وبعد؛

مكتوب شريف عاليمقام وارد اولوب، مضمون شريفى مُتضمَّن اولديغى احوال مُطالعه قلنوب معلوم اولديكه، بعض زماندنبرو، آينده ورونده وتُجَّار منع اولنمقدن خاطر شريفه جناب عاليمزده ملحوظ اولمدق بعض قضايا خُطُور ايدوب مقام شريفمزده سوء ظن اولنمش، ايمدى رأى عالم آرايه مخفى دكلدر كه، سابقًا قزلباش لعينك اوستنه وارمقدن غرض مُجرَّد انوار نواميس الهيَّه وشرايع نبويَّه يى حجاب ظلام ظلم مُخالفان دين ودولتدن اظهار ايدوب، عالمى شرايع نبويَّه ايله پرنور ايلمك ايدى. قطعًا طمع مملكت وضبط ديار خاطر شريفمزه خُطُور ايتممشدى. مُجرَّد جمعيتلرى تفريق وبورنلرى كسر اولنمغليه اكتفا اولنوب، شايد مُنتصح اولەلر ديو باقى احواله تعرض اولنمامشيدى. بعده اصلًا مُنتصح اولميوب.

حالت اصليَّەسى اوزره استقرارى استماع اولنيجق ينه غيرت پادشاهى ظهوره كلوب، روى عالمدن اوساخ وجودلرينى بالكُليَّه تيغ آبدارله محو ايتمكه تصميم ايديجك برى طرفدن علاقەسى واستمدادى بالكُليَّه مُنقطع اولمغيچون طريق شرق سد اولنوب، آينده ورونده وتُجَّار منع اولندقدنصكره هر باركه اولطرفدن بر كمسنه كلمش بولنسه تفتيش وتفحُّص ايديجك. يا حلب يولندن يا دريادن اسكندريَّه يولندن كلمش بولنديغى جهتدن جانب شرقه واصل اوله جق، طرقك جمعيسى سد اولنمق قصد اولنوب، اوَّل طرفك دخى آينده وروندەسى منع اولنوب، شونلركه، اللرنده متاع شرقى بولندى اكر عرب اكر عجم اكر روميدر حاللرنده شبهه اولنديغيچون مُعتمد ويرار كفيللره ويريلوب، اثوابلرى ضبط اولندى.

امَّا شونلركه اللرنده متاع شرقى بولنمامشدر هيج دخل وتعرُّض اولنميوب حاللرى اوزره تجارتلرنده ابقا اولنمشدر. يعلم الله وكفى به شهيدًا كه، سلاطين اسلاميَّة دن هيج برينك كندويه ويا مملكتنه طمع ويا كزند ايرشدرمك قطعًا خاطره خُطُور ايتمامشدر. دخى ايتمز، مادامكه امر شرع شريف ايجاب ايتميه، خصوصًا، سزلركله مودَّت سابقۀ موروثى كه، درجۀ اُبُوَّت وبُنُوَّته يتشوب، حرمين مُكرَّمين حُرمتى دخى مرعى ايكن، مقام عاليمزدن شمديه دكين بين الجانبين تكدره باعث بر قضيَّه وعداوت وطمع مملكتدن مبنى بر وضع صادر اولممشدر. وبو معنى يه شاهد عدلدركه، هنوز مكتوب شريفكز واصل اولمدين حاليًّا اوَّل مُفسد بيدينك آثار كُفر وضلالتى بِالكُليَّه عالمدن محو ايلمك نيتنه ديار شرقه مُتوجِّه اوليجق، عادت سالفه مُقتضاسنجه بابام سُلطان حضرتلرى خُلِّدت سلطنتەنك وحرمين كريمينده مقبول الدعوه ظن اولنان كمسنەلرك ادعيۀ صالحه لرين رجا ايدوب، اعلم العُلماء المُتبحرين افضل الفُضلاء المُتورِّعين، يُنبُوع الفضل واليقين مولانا رُكن الدين زادت فضائله، وفخر الأُمراء الكرام وذخر الكُبراء الفخام ذو القدر والاحترام المُختص بِمزيد عواطف الملك الصَّمد احمد دام مجده يى ايلچى تعيين ايليوب كوندرمشوزدر. مُجرَّد تحريك سلسلۀ وداد وتشييد مبانئ اتحاد ايچون، حقٌ عليم وعلامدركه، بو جانبدن محبتدن غيرى هيج نسنه يوقدر، ومن بعد اولمق احتمالى دخى يوقدر.

مكر بُزم اعدادى دينى قلع وقمع اتممزه كه بحسب الشرع واجب اولمشدر رضا كوسترميوب، مُخالفته اقدام ايده سز اولوقت هرنه كه وراى تقدير ربانيده در، ظُهُوره كُلُّه ﴿وَٱلْأَمْرُ يَوْمَئِذٍۢ لِّلَّهِ وكميلر احوالى ذكر اولنمش معلومكزدر، كه جانب بحرده جناب عاليمزك كُفَّار خاكساره دائمًا غزا وجهادى اكسك اولميوب، حفظ دريا ايچون مراكبمز جميع زمانده مهيادركه، بو حالتده محبته مُنافى بر وضع اولممشدر، اميددركه من بعد دخى جانبيندن برودته باعث اولور بر وضع صادر اولميوب، توارد رسايل مودَّت پيام وتردُّد رُسل ذوى الاحترامدن خالى اولنيمه، تاكه، ساعة فساعة قواعد وفاق ومُصادقت مُستحكم اولوب، يومًا فيومًا بنياد وداد مرصوص اوله،

تحريرًا في اوائل مُحرَّم الحرام سنة 922هـ بِمقام ادرنه.

التعريب

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي

الحمدُ لله أورثنا الأرض وجعلنا من الأخيار وعُدَّاده، وبشَّرنا بأن نكون من الأبرار وصالحي عباده، فيما قال: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعْدِ ٱلذِّكْرِ أَنَّ ٱلْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ ٱلصَّٰلِحُونَ، والصلوٰة والسَّلام على من اقتدينا بآثاره، واهتدينا بأنواره، مُحمَّد الذي منَّ من الله على المُؤمنين به وعلى آله وأصحابه العظام، وبعد؛

فقد ورد كتابكم الشريف وخطابكم المُنيف وتمَّ الاطلاع على الأحوال التي يتضمَّن مضمونه الشريف، وقد حدثت بعض الأُمُور التي لم تُشاهد من قِبَل جنابنا العالي: إذ يتم ومُنذُ مُدَّة منع أبناء السبيل والتُجَّار في الطُرُقات، وقد ولَّد هذا سوء الظن في مقامنا الشريف، ولا يُخفى لِلرأي العام أنَّ الغاية من شن الحملة على القزلباشمُلاحظة 1 في السابق كانت لِتخليص الأحكام الإلٰهيَّة والشرائع النبويَّة من حجاب ظلام المُخالفين لِلدين والدولة، وتنوير العالم بِالشرائع النبويَّة. ولم يخطر ببالنا الشريف بأيٍّ شكلٍ من الأشكال أن نطمع في بلادهم والاستيلاء على ديارهم، بل الاكتفاء بِتشتيت شملهم وإذلالهم. ولو كانوا قد انتصحوا فلم يتم التعرُّض لِلأُمُور الأُخرى. ولكنَّهم لم ينتصحوا أبدًا.

وتناهى إلى الأسماع عن مُواصلتهم موقفهم ذاته، فتغلَّبت روح الحماسة والاندفاع على السُلطان، فقرَّر إزالة وُجُودهم النجس بِالكامل من على سطح الأرض بِالسيف اللَّامع، وذلك لِكي تنقطع علاقته بِهذه الجهة، فتمَّ غلق طريق الشرق، ومنع أبناء السبيل والتُجَّار من المُرُور عليه ثُمَّ تمَّ تفتيش كُلُّ من يأتي من تلك الجهة والتقصِّي عن أحواله. كما تمَّ غلق جميع الطُرُق القادمة من حلب أو من الإسكندريَّة عبر البحر نحو جهة الشرق ومنع أبناء السبيل من تلك الجهة أيضًا ممن يحملون بضائع من الشرق [ويتم اعتقال] من تحوم حولهم الشُّبُهات عربًا كانوا أو عجمًا أو رومًا، وتسليمهم إلى كُفلاء أكفَّاء ومُصادرة بضائعهم.

أمَّا الذين لم يحملوا معهم بضائع شرقيَّة فلم يتم التعرُّض لهم، بل تُركوا على حال سبيلهم لِيُمارسوا تجارتهم. ويعلم الله، وكفى به شهيدًا، أنَّهُ لم يخطر ببالنا بِأيٍّ شكلٍ من الأشكال أن نطمع [بِبلاد] أيٍّ من السلاطين المُسلمين أو إلحاق الأذى بها، ولن يخطر ببالنا ذلك طالما أنَّ الشرع الشريف لا يُجيزُ ذلك، ولا سيَّما أنَّ المودَّة المُتوارثة بيننا بلغت حدَّ الأُبُوَّة والبُنُوَّة. وفي الوقت الذي تتم رعاية حُرمة الحرمين المُكرَّمين فلم يصدر ولِحدّ الآن من مقامنا العالي مسألة تُفضي إلى التأزُّم بين طرفينا أو وضعٌ يُؤدي إلى العداوة والطَّمع في البلاد. ويُؤكِّد ذلك أنَّهُ في الوقت الذي لم يصل خطابكم الشريف بعدُ فقط تمَّ التوجُّه نحو ديار الشرق بِهدف إزالة آثار الكُفر والضلالة لِذلك المُفسد والمُلحدمُلاحظة 2 بِالكامل من العالم، وبِمُقتضى العادات السابقة أرجو الابتهال إلى الله بِالدعوات الصالحات من جانب أبي السُلطان خُلِّدت سلطنته وممن يُعتقد أنَّ دعواتهم مُستجابة في الحرمين الكريمين، ولِهذا فقد عيَّنا أعلم العُلماء المُتبحرين أفضل الفُضلاء المُتورِّعين، يُنبُوع الفضل واليقين مولانا رُكن الدين زادت فضائله، وفخر الأُمراء الكرام وذخر الكُبراء الفخام ذو القدر والاحترام المُختص بِمزيد عواطف الملك الصَّمد أحمد دام مجده رسولًا، وأوفدناه إليكم بُغية تعزيز أواصر المحبَّة وبناء أُسس الاتحاد بيننا، والله الحق عليمٌ بِأنَّهُ لن يبدر من هذا الجانب تجاهكم غير المحبَّة، ولن يكون هُناك احتمالٌ لِغير ذلك بعد اليوم أيضًا.

اللهُمَّ إلَّا إذا أقدمتم على إبداء عدم الرضا من قيامنا بِقطع دابر أعداء الدين وقمعهم، وهو ما غدا واجبًا بحسب الشرع. وحينها سيُترك الأمر لِلتقدير الربَّاني ﴿وَٱلْأَمْرُ يَوْمَئِذٍۢ لِّلَّهِ. وقد [ورد في كتابكم] ما يتعلَّق بِمسألة السُفُن، وكما تعرفون أنَّ الغزو والجهاد من قبل جنابنا العالي في جانب البحر ضدَّ الكُفَّار المهزومين لم ينقطعا، فمراكبنا جاهزة دائمًا لِحماية البحار. وفي هذا الوضع لم يحدث ما يتنافى مع المحبَّة، ونطمح ألَّا يحدث وضع يُؤدِّي إلى التخاصم، ولا تنقطع بيننا رسائل المودَّة والرُسُل ذوي الاحترام، وتُعزَّز أُسس الوفاق والصداقة بيننا ساعة بعد ساعة، وتُرصُّ قواعد المحبَّة يومًا بعد يوم.

تحريرًا في أوائل مُحرَّم الحرام سنة 922هـمُلاحظة 3 بِمقر أدرنة.

هوامش عدل

  1. أي الصفويين. والقزلباش طائفة عسكريَّة شكَّلت عماد الجيش الصفوي، واسمهم مُكوَّن من شقَّين: «قزل» أي «أحمر» و«باش» أي رأس، فيكون معنى الاسم: «ذوي الرؤوس الحُمر»، في إشارةٍ إلى عمائمهم الحُمر. في وقتٍ لاحق استُخدمت التسمية للإشارة إلى غُلاة الشيعة عمومًا.
  2. أي الشاه إسماعيل الصفوي.
  3. المُوافق فيه شهر شُباط (فبراير) 1516م.