رمى الموت في عين التصبر بالدم

رمى الموتُ في عين التصبّرِ بالدم

​رمى الموتُ في عين التصبّرِ بالدم​ المؤلف عبد الجبار بن حمديس


رمى الموتُ في عين التصبّرِ بالدم
وقال لحسن الصبر: بين الحشا دُمّ
على القائد الأعلى الذي فُلّ عزمه
كما فُلّ عن ضرب الطلى حّدُّ مخذم
أرى زمنَ الدنيا يُنقِّلُ أهلها
إلى دار أخرى، من غنّي ومعدم
وخانَ أمينَ الملك فيما انطوى له
على حفظِ أسرار الجلال المكتّم
وصادره الحتفُ الذي حطّهُ إلى
حشا القبر، عن صدرِ الخميس العرمرمِ
وما شاءَهُ ذو العرْشِ جلّ جلالُهُ
يدقّ ويَخْفَى عن خفّي التَوهّم
فما دَفعتْ عنه جنودُ جنودهِ
على أنها في القرب كاليد للفم
ولم يُغْنِ عنها الضرْبُ من كلّ مرْهَفٍ
ولا نافذاتُ الطعنِ من كلّ لهذم
بأيدي كماةٍ منهمُ كلُّ مُقْدِمٍ
بإقْدامِهِ يحمي حِماهُ ويحتمي
ويُقبلُ في فضفاضةٍ فارسيةٍ
تحدّثُ عن أبطالِ عادٍ وجُرْهُمِ
عليّ بن حمدونَ الذي كان حَمْدُهُ
تُرفَّعُ منه هِمّةُ المتكلمِ
خلتْ منه يوم الروع كلّ كتيبةٍ
وكم عَمِرَتْ من بأسِهِ بالتقدّم
كأنَّ عَلَيها للعجاج مُلاءةً
مُطَيّرةً في الجوّ من كلّ قشعم
متى تعبسِ الهيجا لهُ في لِقائِهِ
رأتْ منه في الإقحامُ سِنَّ تبسم
تنقّلَ من سرجِ الكميّ بحتفهِ
إلى حفرةٍ في جوفِ لحدٍ مُسَنَّمِ
وكم مُكْرَمٍ بالعزِّ فَوْقَ أريكةٍ
يصيرُ إلى بيتِ العلى المتهدمِ
وكم كرمٍ تنهلّ جدوى يمينه
لأيدي عفاةٍ من مُحِلّ ومحرم
كأنَّ صفاءَ الجوّ يَوْمَ عَطائِهِ
مشوبٌ بشؤبوب الغمام المديّم
فَظُلّلْتُ منه في تَوَحّشِ غُرْبَةٍ
بظلّ جناح بين غبراءَ مظلم
وأرضعني ثديَ المنى فكأنني
وليدٌ أتى عمرانَ شيخ التقدّم
وما أبتُ عن جدواهُ إلا مُشيّعاً
بإفْضالِ ذي فَضْلٍ وإنْعام منعم
فيا سيداً زُرناهُ حيّاً وميّتاً
فما زال في هذا الجناب المعظمِ
نردّد تسليماً عليك محبّةً
وإن كنتَ لم تَردُدْ سلامَ المسلّم
وذي خفقات بالقرى تسحق الحصى
لهنَّ اجتراء من حديد التحدّم
وراجي النّدى من غيره كمعوَّضٍ
من الماءِ، إذ صلى، ترابَ التيممِ
ويبدي علاهُ من أسرّهِ وجهه
سناءَ نسيم الخير للمتوسّم
وقد كان ذاك البشرُ منه مُبَشرا
بأكبرِ مأمولٍ وأوفرِ مغنمِ
وما زال ميّالاً ءلى البرّ والتقى
تقي نقيّ القلب من كلّ مأثمِ
تنقّلَ والإكرامُ من ربّه له
إلى جنّةٍ فيها له دار مكرم
له كلّ نادٍ بالوقار مكرَّمٌ
بغير وقورٍ منه مِقْوَلُ أبكم
وَصَفْحٌ عن الجاني بشيمة صَفْحِهِ
وَحِلْمٌ حكى في الغيظ هضبَ يلملمِ
ومدرسةٌ أبناؤها فقهاؤها
فَمِنْ عالِمٍ منهمْ وَمِنْ متعلّم
ضراغم في الجيش اللهام وإنّما
فوارسهمْ في الحربِ من كل ضيغمِ
وقد كان في نصر الشريعة مشْرعاً
عن الحق ما يشفي به كلَّ مُسلمِ
أرَى قائدَ القوّادِ أعطى مَقَادَهُ
لحكم قضاءٍ في البرايا محكَّمِ
وأسلمَ للحتفِ المقدَّرِ نفسهُ
وقد كان لا يرْقى إليه بِسُلَّم
إذا المَلْكُ ناجاه بوَحْيِ إشارة
رأيتَ له نهضَ العقابِ المحرّم
فتستهدفُ الأغراضَ آراؤه كما
تُقَرْطِسُ أغراضاً صوائبُ أسهم
وتهدي له كفٌّ تصولُ على العدا
إلى كفّ ميمون المضاء المصممِ
أأبناؤهُ أنْتم سراة أكابرٍ
فكلكمُ من مكْرَمٍ وابن مكرم
وأنتم سيوفٌ للسيوف مواضياً
وأيمانكم فيها ذوات تختّمِ
عزاءٌ جميل في المصاب فإنَّكم
جبالٌ حلومٍ بل طوالع أنجمِ
فدامَ لكمْ في العزّ شملٌ منظَّمٌ
وشملُ الأعادي منه غير منظَّمِ