زمن مثل زورة الأحباب
زَمَنٌ مثلُ زورة الأَحْبابِ
زَمَنٌ مثلُ زورة الأَحْبابِ
بعد يأْسٍ من مُغْرَمٍ بکجْتِنَابِ
فاسقني يا غلامُ عاش ليَ العيـ
ـشُ، مُداماً تُجْلَى بحَلْي الحَبابِ
ما تَرَى النَّايَ نبَّهَ العُودَ يَا صَا
حِ فَذَا نَادِبٌ وَذَا فِي کنْتِحابِ
وغناءً يكادُ أنْ يسكنَ الما
ءُ لتغريدهِ عنِ الاضطرابِ
من فتاةٍ وصالها لي صدودٌ
و مواعيدها كلمعِ السرابِ
نزعوها مساويَ البعدِ لما
ألبسوها محاسنَ الإقترابِ
حين ألقتْ ذوائباً مثلَ نايا
تٍ زناميةٍ بلا أثقابِ
وتلَوَّثْ ملطومة الخدِّ بالوَرْ
د وعادتْ كالشَّمْسِ بعدَ الذَّهابِ
في رياضٍ كأَنَّها ليس تَرْضَى
بکشتغالي بها عنِ الأَحْبابِ
نمَّ نمامها إلى روعِ قلبي
أَنَّهُ مُؤْمِنٌ له مِنْ عِقَابِ
لَوْ تَصَدّى نسيمُها لِمَشِيبٍ
عاد مِنْهُ إلَى أَوانِ الشبابِ
دَبَّجَ الغَيْثُ رَوْضَها مُذْ بَدا يَسْـ
ـحبُ منْ فوقها ذيولَ السحابِ
وَغَدا النَّرْجِسُ المُفَتِّحُ فيها
كعيونٍ تطلعتْ منْ نقابِ
وَ شقيقٍ تراهُ يسرجُ في الروْ
ضِ إذا ما بدا بغير شهابِ
كسهامٍ من الزبرجدِ قدْ ركـ
ـبَ فيها أزجةُ العنابِ
يَجْتَلِيها بَنَفْسَجٌ في حِدَادٍ
و بهارٌ في صورةِ المرتابِ
رسمتْ لي رسومُها كيف أَشْتا
قُ إليها في جَيْئَتي وَذَهابي
عاشقٌ لونَ عاشقيهِ إذا ما
راعَهم من ذِهابِهِ بالذَّهابِ
شربهُ من نسيمِ كافورِ طلًّ
و غذاهُ منْ زهرِ مسكِ الترابِ
في طروسٍ ما بين سطرٍ منَ الروْ
ضِ وَسَطْرٍ يُقْرَا بِلاَ إعْرَابِ
سَوْفَ أُكْفى، بِـ«أَحْمَدٍ» لا سواهُ
من زماني، تَسَبُّبَ الأَسْبَابِ
الذي لا تراهُ مذْ كان إلاَّ
واقفاً بين نائلٍ وعقابِ
نثرتْ كفه المواهبَ لما
نَظمْتها عُلاهُ لِلطُّلاَّبِ
رائحٌ في العُلى براحةِ جُودٍ
بابُ أموالها بلا بوابِ
لِيَ فيه مذاهبٌ مُذْهباتٌ
مقبلاتُ الإقبال عند الذهابِ
أخذتْ من لطافةِ الحسن طبعاً
مزجتهُ بحسنِ طبعِ الشرابِ
يَا «أَبَا قَاسمٍ» أَزالَتْ عطايا
كَ صِعَاباً من الخُطوبِ الصِّعابِ
لاَ وَمَنْ رَدَّ عاقِبَاتِ الرزايا
بعطايا منها على الأعقابِ
ما أبالي إذا حسبتك منْ دهـ
ـرِي بما كان ساقطاً من حِسابي
بَخِلَ الباخلون عنَّا فأَمْطَرْ
تَ لنا نائلاً بغير سحابِ
حالتي تقتضيكَ دون اقتضائي
أنْ يكون الثوابُ دستَ الثيابِ
كلما لامَني خَبيثٌ بعَتْبٍ
قام لِبْسِي له مقامَ الجوابِ
فتبينْ عنوانَ حاليَ فالعنـ
ـوانُ ينبي بكلَّ ما في الكتاب
كنتُ أَخْشَى خرابَ دَهري وَقَدْ قُمْـ
ـتَ لعُمرانِ كلِّ دَهْرٍ خَرابِ
قلما ينفقُ الأديبُ ولن ينـ
ـفُقَ إلاَّ عَلَى ذَوِي الآدَابِ
وَا حيائي منَ العيونِ إذا ما
عايَنَتْنِي في هذه الأَسْلاَبِ
يَقْطَعُ العَضْبُ إنْ نَبَا عَنْ قَليلٍ
و يعودُ الهلالُ بعدَ الغيابِ