سئمت الكون في مصر وكفر

سَئِمتُ الكَونَ في مِصرٍ وكَفْرِ

​سَئِمتُ الكَونَ في مِصرٍ وكَفْرِ​ المؤلف أبوالعلاء المعري


سَئِمتُ الكَونَ في مِصرٍ وكَفْرِ،
ومَن لي أن أحُلّ جُنوبَ قَفْرِ
أُعَلَّلُ، حينَ أغرَثُ، بالخزُامى؛
وأشرَبُ، إن ظَمِئتُ، نزيعَ جفر
أرى الأيّامَ أنضاءَ البرايا،
عليها منهمُ أشباحُ سَفْر
فما يَبْرَقْنَ من زَوْلٍ عجيبٍ؛
ولا يَفْرَقْنَ من صُبْحٍ ونَفْر
يَسرْنَ بمَن حَمَلنَ الدّهرَ، حتى
يُنَخنَ بهمْ إلى أبياتِ حَفْر
فما فرعُ الفتاةِ، إذا تَوارَتْ،
بمُفْتَقِرٍ إلى سَرْحٍ وضَفْر
يُفارِقُها الفتى، والدّمعُ جارٍ،
كذاكَ جَرَتْ عَوائِدُ أُمّ دَفر
تُحِدُّ شِفارَها لِرَدى بنيها،
وما تُرْجَى كرامتُها لِشفر
غَفَرْنا بينَ أمراضِ الدّنايا؛
وربُّكَ أهلُ إحسانٍ وغَفْر
سأتْرُكها، مُوَفَّرَةً، لقومٍ؛
وهلْ سَمَحَتْ لمُرتَحِلٍ بوَفر؟
ألا هذا اليَقينُ، فَخُذْهُ منّي،
ودَعْ لمُمَوِّهٍ ما باتَ يَفري