سلا دار البخيلة بالجناب

سلاَ دارَ البخيلة ِ بالجنابِ

​سلاَ دارَ البخيلة ِ بالجنابِ​ المؤلف مهيار الديلمي


سلاَ دارَ البخيلةِ بالجنابِ
متى عريتْ رباكِ من القبابِ
و كيفَ تشعبَ الأظعانُ صبحا
بدائدَ بين وهدكِ والشعابِ
بطالعةِ الهلال على ضميرٍ
و غاربةٍ كمنقضَّ الشهابِ
حملنَ رشائقاً ومبدناتٍ
رماحَ الخطَّ تنبتُ في الروابي
و أين رضاكِ عن سقيا دموعي
ربوعك من رضاكِ عن السحابِ
بكيتكِ للفراقِ ونحنُ سفرٌ
و عدتُ اليومَ أبكى للإيابِ
و أمسحُ فيكِ أحشائي بكفًّ
قريبٍ عهدها بحشا الربابِ
لها أرجٌ بما أبقاه فيها ال
تصافحُ بعدُ من ريحِ الخضابِ
أمفصحةٌ فأطمعَ في جوابٍ
و كيف يجيبُ رسمٌ في كتابِ
نحلتِ ففي ترابكِ منكِ رسمٌ
كما أني خيالٌ في ثيابي
و في الأحداج متعبةُ المطايا
تلينُ عرائكَ الإبلِ الصعابِ
بعيدةٌ مسقط القرطينْ تقرا
خطوطُ ذؤابتيها في الترابِ
تجمع في الأوسارِ معصماها
و يقلقُ خصرها لكَ في الحقابِ
تعيبُ على الوفاءِ نحولَ جسمي
ألا بالغدر أجدرُ أن تعابى
و ما بك أن نحلتُ سوى نصولٍ
من السنواتِ أسرعَ في خضابي
جزعت له كأنَّ الشيبَ منه
يسلُّ عليكِ نصلاً من قراب
فما ذنبي إذا وقعتْ عقابٌ
من الأيام طار لها غرابي
و قد كنتُ الحبيبَ وذا نحولي
و هذا في العريكة حدُّ نابي
لياليَ لي من الحاجاتِ حكمى
و ليس وسيلةٌ بسوى شبابي
ألا لله قلبكَ من حمولٍ
على علاتِ وصلٍ واجتنابِ
و حبكَ من وفىَّ العهدِ باقٍ
على بعدٍ يحيلُ أو اقترابِ
هوى لكَ في جبالِ أبانَ ثاوٍ
و أنتَ على جبالِ عمانَ صابي
و كان المجدُ أعودَ حين يهوى
عليكَ من المهفهفة الكعابِ
و إن وراء بحر عمانَ ملكاً
رطيبَ الظلَّ فضفاضَ الرحابِ
رقيقٌ عيشهُ عطرٌ ثراهُ
بطراقِ الفضائلِ غير نابي
متى تنزلْ به تنزلْ بوادٍ
من المعروفِ مرعىَّ الجنابِ
يدبره من الأمراء خرقٌ
يذلُّ لعزَّه غلبُ الرقابِ
و في ذو المجدِ سباقا فوافيَ
يحلق عرفهُ والنجمُ كابي
و قامَ بنفسهِ يسعى ففتقتْ
غريزةُ نفسه شرفَ النصابِ
و بانَ به لعينِ أبيهِ بونٌ
أراه الشبلَ أغلبَ ليثَ غابِ
على زمنِ الحداثةِ لم يفتهُ
تقدمُ شيبهم قدمَ الشبابِ
سما لمكانهم وهمُ شموسٌ
فطال الطودُ أعناقَ الهضابِ
و سيدُ قومهِ من سودوه
بلا عصبيةٍ وبلا محابي
و قدم بالفراسةِ وهو طفلٌ
تحللُ عنه أنشطةُ السخابِ
و ما تركُ الشريفِ على بنيه
و هم منه تجاوزهُ بعابِ
و إن كان الفتى لأبيه فرعاً
فإن الغيثَ فرعٌ للسحابِ
بلوهُ وجربوا يوميه نعمى
و بأساً في السكينةِ والوثابِ
فما ظهروا مخاطبةً بوانٍ
و ما ظفروا مضاربةً بنابي
و لا عدموا به لسناً وقطعاً
عمائقَ في الإصابة والصوابِ
لذلك جاوروا بالبحرِ بحراً
كلاَ كرميهما طاغى العبابِ
يقول ليَ الغنىَ ورأى قعودي
عن السعي الممولِ والطلابِ
و عفةَ مذهبي ظلفاً وميلي
إلى العيش المرمق وانصبابي
أرى تلك فيّ لو خاطرتَ مرعىً
يبدلُ صحةً أهبَ الجرابِ
أما لكَ في بحارِ عمانَ مالٌ
يسدُّ مفاقرَ الحاجِ الصعابِ
و مولى يوسعُ الحرماتِ رعياً
و يعمرُ دارسَ الأملِ الخرابِ
لعلَّ مؤيدَ السلطانِ تحنو
عواطفُ فضله بعدَ اجتنابِ
قفلتُ ودونه متلاطماتٌ
زواخرهنَّ كالأسدِ الغضابِ
صواعدُ كالجبال إذا أحستْ
نسيماً أو نوازلُ كالجوابي
و أخضرُ لا يروق العينَ يطوى
على بيضاءَ سوداءِ الإهابِ
تجاذبه الأزمةُ من حديدٍ
فيقمصُ أو يقطر في الجذابِ
إذا خوضُ الركاب شكون ظمأً
شكى ركبانها شرقَ الركابِ
يروعُ حداءُ أحبشها النواتي
إذا شاقتك حاديةُ العرابِ
إذا عثرتْ فليس تقالُ ذنبا
و إن صدعتْ فليست لانشعابِ
و لستُ بسابح فأقولُ أنجو
عسى إن ظهرها يوما كبابي
إذا حلمتْ بها في النوم عيني
طفقتُ أجسُّ هل رطبتْ ثيابي
و ما لي والخطارَ وقد سقتني
سماءُ يديهِ من غير اغترابِ
و جاءتني مواهبهُ بعيدا
بأفضلِ ما يجيءُ مع اقترابِ
رغائبُ من يديه فاجأتني
وفينَ رضا بآمالي الرغابِ
و زدنَ على حساب منايَ لكن
وشاحٌ لم يكنْ لي في حسابي
ندى وصلَ السماحَ به ولكن
تولى عنه حاجبه حجابي
أمرتَ بها كعرضك لم يدنسْ
بلا غشًّ يشوبُ ولا ارتيابِ
من الذهب الصريح فصار مما
يبدلُ في يديه إلى الذهابِ
و قاسمني مناصفةً عليه
و جاحدني ليحبسه كتابي
و قال ولم يهبكَ ولم يصنيَّ
كذلكَ فيكَ منذُ سنينَ دابي
إذا حملتُ رفدا أو كتاباً
إليكَ لواه نهى واغتصابي
مكارمُ سقتهنّ إلى محبًّ
ففاز بها مغيرٌ لم يحابِ
بعثتَ بها الخؤن فضاع سربٌ
أمنتَ عليه غائرةَ الذئابِ
و لولا أنَّ خدمته وقتهُ
و حرمةَ عزَّ بابك والجنابِ
لما سلمَ البعوضُ على عقاب
و لا عضَّ الهزبرُ بشرَّ نابِ
أدلَّ بكم فأفحمني وكانت
نواحيه مآكلَ للسبابِ
فجلَّ عن الهجاء بذاك عندي
و قلَّ بما أتاه عن العتابِ
سلبتُ نداك في ناديك ظلما
بغارةِ صاحبٍ لك في الصحابِ
ثلاثَ سنينَ حولا بعدَ حولٍ
بكفَّ وشاحَ مقتسمٌ نهابي
و أنتَ خفيرُ مالكَ أو يؤدي
إليَّ ولو بمنقطع الترابِ
إذا أنصفتني فعليك دينا
غرامةُ ما تجمعَ في الحسابِ
أعدْ نظراً فكم أغنيتَ فقراً
به وجبرتَ كسراً من مصابِ
و كم نوديتَ يا بحرَ العطايا
فجاء البحرُ بالعجبِ العجابِ
وفتْ فيك المنى وقضتْ نذورى
فوفَّ علاكَ حقي ترضها بي
و في يدك الغنى فابعث أمينا
إليّ به وصيرهُ جوابي
و لا تحوجْ ظمايَ إلى قليبٍ
سواك على مقامي وانقلابي
أذكرك الذي ما كنتَ تنسى
سفوري تحت ظلك وانتقابي
و إني إن بلغتُ النجمَ يوماً
لكان إلى صنيعتك انتسابي