سيرة ابن هشام/المجلد الأول/انصراف تبان عن إهلاك المدينة، وشعر خالد في ذلك


[13]

انْصِرَافُ تُبَّانَ عَنْ إهْلَاكِ الْمَدِينَةِ، وَشِعْرُ خَالِدٍ فِي ذَلِكَ


فَبَيْنَا تُبَّعٌ عَلَى ذَلِكَ مِنْ قِتَالِهِمْ، إذْ جَاءَهُ حَبْرَانِ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ، مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ (وَقُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ وَالنَّجَّامُ وَعَمْرٌو، وَهُوَ هَدَلُ، بَنُو الْخَزْرَجِ بْنِ الصَّرِيح بن التّوأمان بْنِ السِّبْطِ بْنِ الْيَسَعَ بْنِ سَعْدِ بْنِ لَاوِيِّ بْنِ خَيْرِ بْنِ النَّجَّامِ بْنِ تَنْحُومَ بْنِ عَازَرِ بْنِ عُزْرَى بْنِ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ يَصْهَرَ بْنِ قَاهِثِ ابْنِ لَاوَى بْنِ يَعْقُوبَ، وَهُوَ إسْرَائِيلُ بْنُ إسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ) الِمَانِ رَاسِخَانِ حِينَ سَمِعَا بِمَا يُرِيدُ مِنْ إهْلَاكِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِهَا، فَقَالَا لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، لَا تَفْعَلْ، فَإِنَّكَ إنْ أَبَيْتَ إلَّا مَا تُرِيدُ حِيلَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا، وَلَمْ نَأْمَنْ عَلَيْكَ عَاجِلَ الْعُقُوبَةِ، فَقَالَ لَهما: وَلم ذَاك؟ فَقَالَا: هِيَ [14]مُهَاجَرُ نَبِيٍّ يَخْرُجُ مِنْ هَذَا الْحَرَمِ مِنْ قُرَيْشٍ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، تَكُونُ دَارَهُ وَقَرَارَهُ، فَتَنَاهَى عَنْ ذَلِكَ، وَرَأَى أَنَّ لَهُمَا عِلْمًا، وَأَعْجَبَهُ مَا سَمِعَ مِنْهُمَا، فَانْصَرَفَ عَنْ الْمَدِينَةِ، وَاتَّبَعَهُمَا عَلَى دِينِهِمَا، فَقَالَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ غَزِيَّةَ بْنِ عَمْرِو ابْنِ عَبْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ غُنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ يَفْخَرُ بِعَمْرِو بْنِ طَلَّةَ

أَصَحَّا أَمْ قَدْ نَهَى ذُكَرَهْ أَمْ قَضَى مِنْ لَذَّةٍ وَطَرَهْ
أَمْ تَذَكَّرْتَ الشَّبَابَ وَمَا ذِكْرُكَ الشَّبَابَ أَوْ عُصُرَهْ
إنَّهَا حَرْبٌ رَبَاعِيَةٌ مِثْلُهَا أَتَى الْفَتَى عِبَرَهْ
فَاسْأَلَا عِمْرَانَ أَوْ أَسَدًا إذْ أَتَتْ عَدْوًا مَعَ الزُّهَرَهْ
فَيْلَقٌ فِيهَا أَبُو كَرِبٍ سُبَّغٌ أَبْدَانُهَا ذَفِرَهْ
ثُمَّ قَالُوا: مَنْ نَؤُمُّ بِهَا أَبَنِي عَوْف أَن النَّجَرَهْ
بَلْ بَنِي النَّجَّارِ إنَّ لَنَا فِيهِمْ قَتْلَى وَإِنَّ تِرَهْ
فَتَلَقَّتْهُمْ مُسَايِفَةٌ مُدُّهَا كَالغَبْيَةِ النَّثِرَهْ
فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ طَلَّةَ مَلَّى الْإِلَهُ قَوْمَهُ عُمُرَهْ
سَيْدٌ سَامِي الْمُلُوكِ وَمَنْ رَامَ عَمْرًا لَا يَكُنْ قَدَرَهْ

وَهَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ حَنَقُ تُبَّعٍ عَلَى هَذَا الْحَيِّ مِنْ يَهُودَ الَّذِينَ كَانُوا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، وَإِنَّمَا أَرَادَ هَلَاكَهُمْ فَمَنَعُوهُمْ مِنْهُ، حَتَّى انْصَرَفَ عَنْهُمْ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي شِعْرِهِ:

مَا بَال نَوْمِكَ مِثْلٌ نَوْمِ اَلْأَرَمِد أرَقًا كَأَنَّكَ لَا تَسؤالُ تُسَهَّدِ
حَنَقًا عَلَى سَبْطَيْنِ حَلَّا يَثْرِبَا أَوْلَى لَهُمْ بِعِقَابِ يَوْمٍ مُفْسِدِ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الشِّعْرُ الَّذِي فِي هَذَا الْبَيْتِ مَصْنُوعٌ، فَذَلِكَ الَّذِي مَنَعَنَا مِنْ إثْبَاتِهِ.

فهرس