وقد كانت لهذه الكلمات الحماسية أثرها في النفوس فحمل خالد في الناس حتى ردهم إلى أبعد مما كانوا واشتد القتال وقاتل العدو قتال المستميت. وكانت الحرب يومئذ تارة للمسلمين، وتارة لبني حنيفة. وقُتل سالم وأبو حذيفة وزيد بن الخطاب وغيرهم من كبار المسلمين.
ولما رأی خالد ما الناس فيه واختلاط جيشه، أراد أن يميزهم لتدب فيهم روح الغَيرة فقال:
«امتازوا أيها الناس لنعلم بلاء كل حيّ ولنعلم من این نؤتَی».
وكان أهل البوادي قد جنبوا المهاجرين والأنصار، وجنبهم المهاجرون والأنصار. فلما امتازوا قال بعضهم لبعض «اليوم يستحي من الفرار» فيا رثي يوم كان أعظم نكاية، غير أن القتل كان في المهاجرين والأنصار وأهل القرى أكثر منه في البوادي.
وثبت مسیلمة فدارت رحاهم عليه، وأدرك خالد أن الحالة لا تهدأ إلا إذا قتل مسيلمة فحمل عليهم ودعا إلى البراز ونادي بشعار المسلمين يومئذ وكان «یا محمداه».