صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/144

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الحمد لله الذی جعلنا من المتبعين لظاهر الشريعة المطهرة وكفانا شر تلبيات الطريقة المزورة فلم يقدر جعفر ان يتكلم من شدة الخجل ثم نظر الخليفة الى جعفر وقال يا هل ترى من أوصل هؤلاء الى هذا المكان ومن ادخلهم قصري ولكن مثل هذا الصبی وهذه الصبية ما رأت عينی حسنا وجمالا وقد واعتدالا مثلهما فقال جعفر وقد استرجى رضا الخليفة صدقت يا أميرالمؤمنين فقال يا جعفر اطلع بنا على هذا الفرع الذی هو مقابلهم لنتفرج عليهم فطلع الاثنان على الشجرة ونظراهما فسمع الشيخ ابراهيم يقول يا سيدتي قد تركت الوقار بشرب العقار ولا يلذ ذلك الا بنغمات الاوتار فقالت له انيس الجليس يا شيخ ابراهيم والله لو كان عندنا شیء من آلات الطرب لكان سرورنا كاملا فلما سمع الشيخ ابراهيم كلام الجارية نهض قائما على قدميه فقال الخليفة لجعفر يا ترى ماذا يريد ان يعمل فقال جعفرلا أدري فغاب الشيخ ابراهيم وعاء ومعه عودا فتأمله الخليفة فاذا هو عود اسحق النديم فقال الخليفة والله ان غنت الجارية ولم تحسن الغناء صلبتكم كلكم وان غنت واحسنت الغناء فانی اعفوا عنهم واصلبك أنت فقال جعفر اللهم اجعلها لا تحسن الغناء فقال الخليفة لأی شیء فقال لأجل أن تصلبنا كلنا فيؤانس بعضنا بعضا فضحك الخليفة واذا بالجارية أخذت العود وأصلحت أوتاره وضربت ضربا يذيب الحديد ويفطن البليد وجعلت تنشد هذه الابيات

أضحی الثنائی بدیلا من تدانینا
وتاب عن طیب دنیانا تجافینا
بنتم وبنا فما ابتلیت جوانحنا
شوقا الیکم ولا جفت مآقینا
غیظ العدامن تساقینا الهوی فدعوا
بان نغص فقال الدهر آمینا
ما الخوف أن تقتلونا فی منازلکم
وأنما خوفنا أن تاثموا فینا

فقال الخليفة والله يا جعفر عمری ما سمعت صوتا مطربا مثل هذا فقال جعفر لعل الخليفة ذهب ما عنده من الغيظ قال نعم ذهب ثم نزل من الشجرة هو وجعفر ثم التفت الى جعفر وقال اريد أن أطلع وأجلس عندهم واسمع الصبية تغنی قدامي فقال أميرالمؤمنين اذا طلعت عليهم ربما تكدروا وأما الشيخ ابراهيم فانه يموت من الخوف فقال الخليفة يا جعفر لا بد ان تعرفنی حيلة أحتال بها على معرفة حقيقة هذا الأمر من غير ان يشعروا باطلاعنا عليهم ثم ان الخليفة هو وجعفر ذهبا الى ناحية الدجلة وهما متفكران فی هذا الامر واذا بصياد واقف يصطاد وكان الصياد تحت شبابيك القصر فرمى شبكته ليصطاد ما يقتات به وكان الخليفة سابقا صاح على الشيخ ابراهيم وقال له ما هذا الصوت الذی سمعته تحت شبابيك القصر فقال له الشيخ ابراهيم صوت الصيادين الذين يصطادون السمك فقال انزل وامنعهم من ذلك الموضع فامتنع الصيادون من ذلك الموضع فلما كانت تلك الليلة جاء صياد يسمى كريما ورأى باب البستان مفتوحا فقال فی نفسه هذا وقت غفلة لعلی استغنم فی هذا الوقت صيادا ثم أخذ شبكته وطرحها فی البحر وصار ينشد هذه الابیات

یاراکب البحر فی الاهوال والهلکة
اقصر عناك فلیس الرزق بالحرکة