صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/25

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
–٢٥–

مبدأ السعادة أى المثل الأعلى فى الرجل أو الامة فان طرز نظره فى الحياة ومصیره بتغيران، وليس التاريخ سوى الاخبار عما يبذله الانسان من الجهد فى سبيل إقامة مثل أعلى والقضاء عليه بعد أن يصل اليه ويكتشف بطلانه

ومن أمل السعادة التي يتخيلها الشعب والمعتقدات التي هى عنوان ذلك الأمل تتكون قوة هذا الشعب، مثل الشعب الأعلى يتولد معه و ينمو بنموه ويموت عند موته، ومهما تكن قيمة ذلك المثل الأعلى فانه يمنح الشعب الذي يعتنقه منعة عظيمة، وتكون هذه المنعة على نسبة تأثير المثل الأعلى وان كانت وعود هذا المثل قليلة، نعم قد ندرك السر فى كون الشهيد يرى من خلال الموقد باب الجنة، ولكن ما هى فائدة الجندي الروماني أو جندى نابليون من طوافِه فى أقطار الأرض إن لم يكن القتل أو القرح ؟ فقد كان المثل الأعلى الذي استولى على شعبه من القوة والجبروت بحيث يلطف جذوة آلامهِ، ومن مقتضياته أن يعد المرء أمر اللحاق بالأبطال سعادة أو فردساً حاضراً يأخذ بمجامع الألباب.


الفصل الثالث

دوائر الحركات الحيوية والنفسية - الحياة الشاعرة والحياة اللاشاعرة


١ – دوائر الحركات الحيوية والنفسية

لما كانت غاية هذا الكتاب فى البحث عن تكوين الآراء والمعتقدات من الضروري أن نعلم أولا البقعة التي تنبت فيها، وقد زادت أهمية هذا البحث بنسبة ما أثبتته مبتكرات العلم الحديث من البطلان فى كتب علم النفس القديمة.

يمكننا أن نرجع حوادث ذوات الحياة إلى ثلاثة أنواع تنضدت بعد أن تم ظهورها واحدا بعد الآخر على مر القرون، وهى : أولاً الحوادث الحيوية كالتغذية والتنفس الخ، ثانياً الحوادث العاطفية كالمشاعر والأطماع الخ، ثالثاً الحوادث العقلية