صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/29

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
–٢٩–

نستنتج من الايضاح السابق أن العقل ليس – كما ظن زمناً طويلاً – أهم عامل في الحياة النفسية، فاللاشعور هو الذي يُنضِجُ ولا تصل نتائج هذا النضج الى دائرة العقل الا تامة التكوين كالالفاظ التي تتدفق على شفتي الخطيب، وتتجلى قوة اللاشعور في كون جميع ما يتم به على جانب عظيم الدية والضبط، فالتدرب على احدى الصنائع لا يكمل إلا إذا صار العمل ينجز بقوة التكرار على شكل لاشعوری، ولذا عرفنا التربية في كتاب آخر بأنها عبارة عن إدخال الشهور الى اللاشعور.

ومع أن علم الحياة الحديث أصاب في نقضي مبدأ علة المال فاننا نرى سلسلة الأشياء تبدو كأنها خاضعة لهذا المبدل، يؤيد ذلك كون الشروح العملية التي أتى بها العلماء لم تقدر على حل كثير من الأمور الغامضة في الكون، على أنا لو نظرنا إلى اللاشعور من حيث نتائجه لرأيناه يشتمل على شياطين لطيفة - هي سبب الاسباب الحديث - تسعى في إعمائنا لنضح بمنافعنا الشخصية في سبيل منافع الجنس، وما هذه الشياطين الأكناية عن ضرورات تأصلت في النفوس بفعل الزمان.

والأمر مهما يكن فان اللاشعور يهيمن علينا في الغالب ويعمى أبصارنا على الدوام، ولا نأسف على ذلك، لأن كشف المصير يجعل الحياة شقية، فالبقر لا يرعی الكلأ مطمئنا إذا علم أن مصيره الى الذبح واكثر الموجودات تتقهقر جزعا لو اطلعت على نصيبها.


الفصل الرابع

الذات العاطفة والذات العاقلة


١ – الذات العاطفة والذات العاقلة.

یرشدنا البحث عن العوامل التي هي سبب آرائنا ومعتقداتنا الى كون هذه الآراء والمعتقدات تابعة لأنواع المنطق المختلفة، وقبل درس هذه الأنواع أقسم العناصر