صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/42

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
–٤٢–

ما هى عناصر الذات التي تتركب شخصية الإنسان من مجموعها؟ لا يزال علم النفس غير مجيب عن هذا السؤال؛ وأما نحن نقول إن عناصر الذات تنشأ عن شخصیات موروثة تكونت بتعاقب القرون، فالذات هي كما ذكرت مؤلفة من ملايين من محایٍ خلوية، ومن هذه المَحَايى تتكون اطوار كثيرة.

فبعض المهيجات الشديدة أو بعض الامراض كالتى تشاهد في الوسطاء والمُنَوَّمين الخ تحول تلك الأطوار وتولد ولو موقتاً في الرجل نفسه شخصية أخرى أرفع أو أدنى من شخصيته المعتادة، فنحن نشتمل على ممكنات خلفية هى أعظم مما نطبقه عادة وتحركها فينا بعض الحوادث والاحوال.

٣ – عناصر الثبات في الذات

تتألف من البقايا والفضلات التي تنتقل الينا بالوراثة طبقة خلقية عميقة ثابتة، و بهذه البقايا الارثية يختلف الانكليزى عن الفرنسوى أو الصينى اختلافاً كبيراً، إلا أنه ينضم الى هذه الموروثات عناصر مصدرها التربية والبيئة الاجتماعية كالطائفة والقبيلة والمهنة وغيرها من المؤثرات الكثيرة، فهذه العناصر هي التي تعين وجهة الانسان تعیيناً ثابتاً.

واكثر العناصر التي تتكون الذات من مجموعها فعلاً – بعد العرق – هي التى تتعرف بها الجماعة التي ننتسب اليها، فلما صُبَّت افراد هذه الجماعة عسكرية كانت أم قضائية أم كهنوتية أم نونية الخ في قالب واحد من الأفكار والآراء والسلوك فإنهم يكونون ذوى أخلاق متجانسة، وإذا تقاربت آراء هؤلاء وأحكامهم بوجه عام فذاك لأن زمرتهم الاجتماعية بتسويتها بينهم جعلت شذوذ اىّ واحد منهم أمراً لا يطاق، فمن يريد أن يمتاز من جماعته تناصبه هذه الجماعة العداء برمتها.

ولا يخلو استبداد الطبقات الاجتماعية من فائدة كما سنبين ذلك، فأين يجد أكثر الناس انتحاءهم النفسي الضروري إذا لم تكن آراء الجماعة التي هم منها وسيرها دليلا لهم؟ إنهم بفضل الزمرة التي ينتسبون إليها يملكون طرزاً في السير والدفع على