صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/44

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
–٤٤–


نسير في احدى الاحوال المقبلة ليس الا زعماً وهمياً، فعندما اقسم المرشال (نای) للويس الثامن عشر أنه سيأتى بنابليون أسيراً في قفص من حديد كان صادقاً في يمينه، ولكن نظرة من سيده نابليون جعلته ينقض عهدهُ، وقد كانت عاقبة هذا القائد المنكود الحظ أن أعدم رمياً بالرصاص جزاء جهله حقيقة نفسه، ولو كان لويس الثامن عشر ذا اطلاع على نوامیس علم النفس لعفا عنه على ما يحتمل.

تظهر نظريات الخلق التي شرحناها في هذا الكتاب متناقضة، فلقد قلنا مؤكدين إن المشاعر التي يتألف منها الخلق هي على جانب عظيم من الرسوخ والثبات، ثم اشرنا إلى إمكان تقلب الذات، الا أن هذا التناقض يزول إذا تذكرنا الأمور الآتية وهى:

أولاً: إن الاخلاق تتألف من عناصر عاطفية أساسية لا تتبدل على وجه التقريب، وينضم اليها عناصر أخرى ثانوية تتغير بسهولة كتغير العناصر التي يوجبها مربى الحيوانات في النوع دون أن يغير صفاته الجوهرية.

ثانياً: إن الانواع النفسية كالانواع التشريحية تخضع للبيئة خضوعاً تاماً، فهى مضطرة إلى ملاءمة مع تقلبات هذه البيئة إذا كانت هذه التقلبات غير عظيمة أو غير فجائية.

ثالثاً: قد يلوح لنا أن المشاعر نفسها تغيرت عند تطبيقها على مواضيع مختلفة، مع أن الواقع هو كون طبيعة هذه المشاعر لا تتغير أبداً، فاذا القلب حب الدنيا إلى حب الله في بعض الاحوال فان المشاعر تكون قد بدلت اسمها لا طبيعتها.

ولهذه الملاحظات فائدة عملية، فهي تعتبر قاعدة لكثير من المسائل المهمة في الوقت الحاضر كمسئلة التربية مثلاً. لقد شوهد أن التربية تغير الذكاء أو المعرفة الشخصية فاستًنْتِج أنها تغير المشاعر أيضاً، فدل ذلك على الجهل بأن الاحوال العاطفية والاحوال الذهنية لا تتطور تطوراً متساویاً، وبتوغلنا في الموضوع نرى أن شأن التربية والأنظمة السياسية ضعيف في مصير الافراد والامم.

يظهر أن هذا الرأي المخالف لمعتقداتنا الديموقراطية يناقض ما نشاهده من أحوال بعض الامم الحديثة أيضاً، وذلك ما يمنع من الاقبال عليهِ بسهولة.

يعترض البارون (موتونو) – سفير اليابان في بطرسبرغ وأحد أقطاب السياسة