صفحة:الأمثال العامية- مشروحة ومرتبة على الحرف الأول من المثل (الطبعة الثانية).pdf/167

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
١٤٩
الأمثال العامية

۸۱٦ - «بُكْرَةْ يْدُوبِ التّلْجْ وِيْبَانِ الْمَرْجْ»
يضرب في أن كل مستور مجهول لا بد من ظهوره متى حان الحين وزالت الحوائل.
٨١٧ - «بُكْرَةْ يْهِلّ رَجَبْ وتْشُوفِ الْعَجَبْ»
أي غداً يهل رجب، وهو الشهر الذي وعدنا فيه بالعجائب فنراها. والمراد كل آت قريب فلا تكثروا من الأراجيف رجماً بالغيب وإنما خصوا هذا الشهر بالذكر لأن أصحاب الأجفار ومدعي علم الغيب يزعمون أن وقوع الحوادث الغريبة يكون بين جمادى ورجب حتى اشتهر بين الناس قولهم: (بين جمادی ورجب تشوفوا العجب). وأصل ذلك قول العرب في أمثالها: (العجب كل العجب بين جمادى ورجب). وأول من قاله عاصم ابن المقشعر الضبي، وكان أخوه أبيدة على امرأة الخنيفس بن خشرم الشيباني فقتله الخنيفس، ولما بلغ نعيه أخاه عاصماً لبس أطهاراً و تقلد سیفاً، وذلك في آخر يوم من جمادى الآخرة، وانطلق إلى الحنيفس فخدعه حتى أبعده عن قومه ثم قتله قبل دخول رجب لأنهم كانوا لا يقتلون في رجب أحداً، هذا أصل المثل فجعلته العامة ومدّعو الغيب لظهور العجائب بين هذين الشهرين، أو في أحدهما وهو رجب، والظاهر أنه زعم قديم، فقد أنشد ابن المخلطة في العزيزي المخلى لبعضهم1:
دع الأتراك والعربا
وكن في حزب من غلبا
فقد قال الذين مضوا
ففي رجب ترى عجبا
يعجلون ترى فتناً
تهيج القتل والوصبا
فإن تعطب قوا أسفاً
وإن تسلم فوا عجبا
وهي منقولة من كتاب موقظ الوسنان للشيخ الأكبر.
وأما قول العرب في مثل آخر: (عش رجباً تر عجباً) فالمراد به عش رجباً بعد رجب، وقيل رجب كناية عن السنة لأنه يحدث بحدونها ومن نظر في سنة واحدة ورأى تغير فصولها قام الدهر كله عليها فكأنه قال: عش دهراً تر عجائب، وفي معناه قولهم أيضاً: (إن تعش تر ما لم تره) قال أبو عيينة المهلبي:
قل لمن أبصر حالا منکره
ورأى من دهره ما حيره
ليس بالمنكر ما أبصرته
كل من عاش يرى ما لم يره
ويروى: رأى ما لم يره.

  1. العزيزي المحلي رقم ٦٢٨ أدب ص ٧٦٧