صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/11

تم التّحقّق من هذه الصفحة.

ولم يبقَ من المزارع الصغيرة القديمة الا نزر يسير.

وكانت حياة الرقيق في هذه المزارع شاقة تعسة. فانه كان يُحشر ليلًا في الثكنات حشراً ويُساق نهاراً الى الحقل سوقاً. وكان يكوى بمياسم ليبقى الوسم علامة يعرف بها عند الفرار. فنفر الرقيق من صحبة سيده وانقبضت نفسه عن العمل له باخلاص وامانة. واضطر سيده ان يكلفه من العمل انواعاً معينة، تلك التي لا تتطلب الكثير من الامانة والاخلاص، فحمله على تربية المواشي ورعايتها. فتضاءلت على الايام حقول القمح وبساتين الزيتون وكروم العنب، وبار بعض الاراضي وترك لينبت فيه العشب فترعاه تلك المواشي. واعتمدت رومة على قمح مصر وحبوبها لتغذية ابنائها وابناء المدن الايطالية الاخرى، وحذرت تصدير هذه الحبوب الى اي مكان آخر. وسئم المزارع الكولوني هذا النظام، فهجر الارياف وازدحم في المدن، ولا سيما رومة، ونافس غيره من الفقراء فيها على نصيب يناله معهم من احسان الدولة، وكانت رومة قد اخذت تقل حروبها منذ عهد اوغوسطوس قيصر فيتناقص معها عدد الاسرى. وقلت اليد العاملة. فبارت الارض لهذا السبب ايضاً. وضعف الانتاج الزراعي.

عداء مزمن بين الاغنياء والفقراء: وثار العبيد الارقاء قبل اوغوسطوس اكثر من مرة، ودامت ثورتهم الثالثة بقيادة اسبارتاكوس سنتين (٧٣–٧١ق.م)، وانتفضوا على سادتهم في صقلّية وقتلوهم واعلنوا استقلالهم عن رومة. ونفر اصحاب الحقول الاحرار في ايطالية وغيرها واحرقوا المزارع الكبيرة التي انشأها كبار الملاكين. فكان هذا كله مظهراً للضغائن في الصدور بين الاغنياء والفقراء. ولم ينتهِ صراع العبيد والفقراء بانتصار ليكينيوس كراسوس على اسبارتاكوس،1 بل

  1. Licinius Crassus, Spartacus.
١٠