صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/119

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

السياسية بين الدولتين، ولجأ الرومانُ إلى العنف، فدحر أردبوروس جيوش ملك الملوك، فسارع بهرام الخامس في السنة ٤٢٢ إلى عقد صلح «يدوم مائة سنة»، وتعهد بهرام برفع الأذى عن المسيحيين، وبأن يطلق لهم حُرية المعتقد والعبادة، فقابله ثيودوسيوس بمثل هذا فيما يتعلق بالزرادشتية في أرضه1. وتَعَاهَدَ الطرفان أيضًا ألا يحضَّ أحدٌ منهما العرب في أرضه على غزو العرب في أرضِ جاره، والإشارة هنا إلى المَناذرة والغساسنة، «وكان المنذر بن النعمان قد غزا الشام مرارًا، وأَكْثَرَ المصائبَ في أهلها، وسبى وغنم، وكان قد جعل معه ملك فارس كتيبتين يُقال لإحداهما دوس وهي لتنوخ، وللأخرى الشهباء وهي لفارس، فكان يغزو بهما الشام، ومن لم يطعه من العرب2

وكانت فارس قد دخلت في دورٍ كثرتْ فيه مطامعُ النبلاء والكهنة، وتشعبتْ واشتدت فيه هجماتُ الهون البيض على حدودها الشرقية الشمالية، وكانت بيزنطة قد اعتدلتْ في مطالبها، كما سبق أن أشرنا. فدام السلمُ بين الدولتين ردحًا طويلًا من الزمن.

تحوُّطٌ واحتياطٌ في الداخل

وكان من نتائج هذه اليقظة الوطنية الرومانية، التي سبقت الإشارة إليها، أَنْ انصرف أنثيميوس المدبِّر الوصي إلى العناية باستحكامات المُدُن وقِلاعِها، فرمم عددًا وافرًا منها في شمالي البلقان الغربي، وعلى ضفة الدانوب. وكانت القسطنطينية قد اتسعتْ إلى خارج الأسوار التي أنشأها قسطنطين الكبير، فأقام أنثيميوس سورًا جديدًا في السنة ٤١٣ يدفع عن الأحياء الجديدة شر البرابرة وغيرهم. ثم تصدع هذا السور الجديد بزلزالٍ قويٍّ، فرَمَّمَه قسطنطين المدبِّر، وأنشأ

  1. Christensen, A., l’Iran sous les Sassanides, 280-281.
  2. الكامل لابن الأثير، الطبعة المنيرية، ج١، ص٢٣٣.
١١٨