صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/120

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

حوله سورًا ثالثًا عزَّزه بخندقٍ واسعٍ عميقٍ، وجاء عهدُ قورس المدبِّر فأنشأ تحصيناتٍ جديدةً مِنْ جهة البحر، وأصبحت القسطنطينية في عهد ثيودوسيوس الثاني تنعم بثلاثة أسوار منيعة، ثبتت في وجه كل عدو حتى سقوط المدينة في السنة ١٤٥٣، فصانت مدنية زاهرة في عُصُور اضطراب وفوضى1.

وألغت الحكومة المركزية، في هذا العهد نفسه، ما كان قد تَأَخَّرَ من الأموال الأميرية، فانتعش الفلَّاحُ، والصانع، والتاجر الصغير، وقويتْ معنوياتُهُ، وزاد رضاه، وأُعِيدَ النظرُ في كيفية استيراد الحبوب من مصر إلى العاصمة وتموينها التموين الكافي.

وفي السنة ٤٢٥ أصدر ثيودوسيوس الثاني براءةً بتأسيس معهدٍ علميٍّ مسيحيٍّ عالٍ يُضاهي بأساتذته وطُلَّابه معهدَ آثينة الوثني الذي كان لا يزال يدرس الفلسفة الوثنية، وأنشأ الإمبراطورُ في هذا المعهد الجديد واحدًا وثلاثين كرسيًّا للتعليم، عشرة منها للغة اللاتينية، وعشرة للغراماطيق اليوناني، وخمسة للفصاحة والخطابة اليونانية، وثلاثةٌ للخطابة والفصاحة اللاتينية، وكرسيًّا واحدًا للفلسفة، واثنين للحقوق، وتَقَاطَرَ الطلابُ إلى هذا المعهد من كل صوب، ولا سيما أرمينية، وخصص الإمبراطور صرح الكابيتول لهذه الغاية، وأنفق على الأستاذة مِنْ أموال الخزينة، وحرَّم عليهم إعطاءَ دروسٍ خصوصية2. ويُلاحَظ لهذه المناسبة أن اليونانية نالتْ حظًّا أَوْفَرَ من اللاتينية.

وفي السنة ٤٢٩ التفت المدبِّر أنطيوخوس إلى القانون والقضاء، فرأى أَنَّ ما صدر من القوانين، منذ عهد قسطنطين الكبير، أصبح متفرقًا

  1. Chronicon Paschale, I, 588; Meyer-Plath, B., und Schneider, A. M. Die Landmauer von Konstantinopel, Berlin, 1943.
  2. Codex Theodosianus, XIV, 9, 3; Fuchs, F., Die Hoheren Schulen von Konstantinopel im Mittelalter, Berlin, 1926.
١١٩