بالثنائية الافلاطونية ففرقوا بين النفس والجسد. وجعلوا من خيال افلاطون في الحياة بعد الموت عقيدة. وتقبلوا نظريته في الوسطاء بين الله والبشر Daimones. واكدوا ان رائد الانسان انما هو ان يصير مشابهاً لله. فظهرت افلاطونية جديدة كان لها شأن كبير في عالم الفكر حتى اواخر القرن الخامس.1
وأَول من اشتهر بالافلاطونية الجديدة نومانيوس فيلسوف ابامية بين حماة والمعرة. ولا نعلم الشيء الكثير من اخباره. ويجوز القول انه علم في النصف الثاني من القرن الثاني. وان أَفلوطين اعتمد عليه فيما يظهر. وكتب نومانيوس في «مذاهب افلاطون السرية» فشرح ما جاءَ عن النفس في فيدروس وفي الجمهورية. واطلع على حكمة اليهود وتعاليم المسيح فأَولها. ورأى في افلاطون موسى فدعاه موسى اليوناني واعتبره نبياً. ورأى ان الوجود منقسم الى مملكتين مملكة العناية ومملكة المادة. وان المادة أصل الشرور والمفاسد. وانه ليس يليق ان نعزو صنع العالم الى الاله الاعلى وان الابن هو الصانع الذي نظَم الكتلة المادية يتأمل النموذج تارة ويتحول عنه طوراً ليحرك الفلك فيصير حينئذ النفس الكلية.2
واشهر المؤسسين في هذا الحقل افلوطين Plotinus، ولد في مصر في ليقوبوليس في السنة ٢٠٤ بعد الميلاد. وبدأ دروسه الفلسفية في سن متقدمة في الثامنة والعشرين في مدينة الاسكندرية. ولكن ما لقيه في هذه الدروس خيّب أمله واعترف بذلك الى احد اصدقائه فقدمه هذا فوراً الى امونيوس سكاس. فعادت رغبته اليه. وبعد ان قضى احدى عشرة سنة