صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/46

تم التّحقّق من هذه الصفحة.

العبارة: «خادم مزدة».

وهكذا تميزت الدولة الساسانية الجديدة منذ بداية عهدها بتمسكها بالدين القومي وتعاونها مع رجاله. والدين القومي هذا هو دين مزدة او زورواستر «زرادشت» قال بنزاع دائم بين الخير والشر وبوجود فئة من الكائنات الصالحة تقاومها فئة اخرى من الكائنات الشريرة لتفسد عليها عملها. ومثّل الخير في هذا الدين شخص الهي مزدة او اهرومزدة ومعناه رب الحكمة وكان يحيط به ملائكة اعظمهم النور مثراس. ومثَّل الشر فيه اهريمان الشيطان. وكان على كل انسان ان يختار احد أَمرين اما ان يملأ نفسه من الصلاح والنور او ان يقيم في الشر والظلام. واي الامرين اختار فقد كان لا بد له من دينونة في المستقبل. وزورواستر مؤسس هذا الدين عاش حوالى السنة الف قبل الميلاد وطاف يبشر الشعب الايراني بديانته اعواماً عدة. وحافظ على احترام النار الآرية كرمز محسوس للصلاح والنور. وأَوصى بالمحافظة على ايقادها بحيث لا تنطفئ.

وانتظمت امور كهنة مزدة في عهد الدولة الساسانية، فكان بينهم الكاهن العادي «ألموغان». وكان على عدد من هؤلاء في كل مقاطعة رئيس دعي «موباذ». وكان على كل هؤلاء بدورهم رئيس اعلى اطلق عليه لقب «موباذان موباذ». وكان بين اعمال اردشير الاول مؤسس الدولة ان نقح كتاب الحكمة الالهية «الفيستة» (الزند). وجمع ابنه وخلفه شابور الاول مجمعاً دينياً نقح الشرائع الدينية واقرها واوجب العمل بها. وكان القول المأثور بين رجال الفرس آنئذٍ ان الدولة والكنيسة شقيقتان لا تنفصلان، فلا دولة بدون كنيسة ولا كنيسة بدون دولة. وأَصبح واجباً لازماً على الشاه ان يتسلم تاجه من يد زميله الكبير رئيس كنيسة الدولة الموباذان مباذ.

وعظمت شوكة الشاه الساساني ففاقت سلطة زميله الارساسي. وبقي

٤٥