صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/64

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

فأصبحت مثلثًا تحمي المياه جانبين من جوانبه الثلاثة، ويحمي جانبه الثالث سورٌ قويٌّ لا تتحكم فيه أَيَّةُ مرتفعات مجاورة.

وجاء في التقليد أَنَّ الإمبراطور المؤسس عندما بدأ بتخطيط العاصمة الجديدة أمسك رمحًا بيده وطاف حول بيزنطة وأطال الطواف، فقال له رجال الحاشية: متى تقف يا سيد؟ فأجاب: عندما يقف هذا الذي يسير أمامي. وشاع بين القوم أن قوة سماوية كانت ترشده سواء السبيل1. والواقع أن قسطنطين لم يقف إلا بعد أن أدخل في تخطيطه كل التلال السبع التي ضمها الرأس بين بحر مرمرة والقرن الذهبي. واختار قسطنطين الجزء الجنوبي الشرقي من بيزنطة فأنشأ فيه قصرَه الإمبراطوري. وجعل من الساحة المستطيلة التي وقعت إلى الشمال الغربي من هذا القصر ساحةً عموميةً رئيسيةً دعاها الأوغوسطايوم Augustaeum؛ أي ساحة أوغوسطوس فغطى أرضها بالمرمر وأحاطها مِن جميع جوانبها بالمنشآت العامة. وأقام إلى غربي ساحل أوغوسطوس الملعب الكبير Hippodromus الذي أصبح فيما بعد مسرحًا للسياسة ولجميع ظواهر الحياة العامة في العاصمة. فكان يَشمل فيما شمل الكاثيسمة Kathisma؛ أي لوج الإمبراطور. وكان العرش العظيم الذي أُقيم في وسط هذا اللوج هو المكان الذي يطل منه الإمبراطور على شعبه في غالب الأحيان. وازدان هذا الملعب بمسلة فرعونية أُحضرت من مصر وبالثعبان النحاسي ذي الرءوس الثلاثة الذي صنعه بوسانياس لهيكل دلفي بمناسبة الانتصار على الفُرس في بلاتية (٤٧٩ق.م) وبالعمود البرونزي المربع. وأنشأ قسطنطين بالقرب من هذا الملعب وإلى شرقيه بناءً صغيرًا جَعَلَه نقطة الانطلاق لبُعد المسافات في جميع أنحاء العالم الشرقي ودعاه المليون Milion. وكان هذا المليون يُشبهُ الهياكل ويقوم سقفُهُ على سبعة أعمدة وبداخله

  1. Philostorgii, Hist. Ecc., ii, 9.
٦٣