صفحة:الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب (1951) ج.1.pdf/81

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

أن يشرف بنفسه على أمورهم لكثرة أشغاله ولشدة خوفه من شابور ومطامعه. فاستدعى يوليانوس إليه وأطلعه على ما كان يخالج فؤاده ودفع به إلى شفيعته الإمبراطورة. فقالت هذه ليوليانوس: أنت مدين لنا بالشيء الكثير وسيكون لك أكثر فأكثر بعون الله إذا كنت أمينا منصفا. وكان يوليانوس قد التحى لحية الفلاسفة فأمر بها عمه فحلقت وارتدى يوليانوس لباس الأمراء. وفي السادس من تشرين الثاني من السنة ٣٥٥ استعرض قسطنديوس الجند وأمسك بيده يوليانوس وقال للجند: «أنتم الحكم! لقد طغى البرابرة على غالية وإني أرشح يوليانوس قيصرا، فهل تقبلون؟» فصرخ الجند: «هذه هي مشيئة الله!» وعندئذ وضع قسطنديوس التاج على رأس يوليانوس ووشحه بالأرجوان. وشفع الجند عمله بأن دقوا ركبهم بالتروس. ثم تزوج يوليانوس من هيلانة ابنة قسطنديوس وقام إلى غالية. وبقي فيها ثلاث سنوات أظهر في أثنائها من الحزم والعدل واللطف ما فتن الناس به وأذاع صيته في الغرب والشرق معا. وكان ما كان من أمر شابور ذي الأكتاف فقضت الظروف العسكرية بوجوب الاستعانة بأفضل من في الغرب من جنود. على أن جنود يوليانوس آثروا المناداة به إمبراطورا وسايرهم هو على الأمر. وفي صيف السنة ٣٦١ مشى إلى الشرق على رأس خمسة وعشرين ألفا، واحتل سرميوم ونيش. ثم علم بوفاة قسطنديوس وبما أوصى به فأسرع إلى القسطنطينية ودخلها في الحادي عشر من كانون الأول سنة ٣٦١.

سياسة يوليانوس الداخلية : وما كاد يوليانوس يجلس على أريكة القسطنطينية حتى أمر بتشكيل مجلس خاص لتطهير الإدارة من أدران الحكم السابق. وتألف هذا المجلس من أخصاء الإمبراطور العسكريين فحكموا بالإعدام على طائفة من رؤساء الدوائر المدنية وبالنفي على غيرهم.

وتناول مثل هذا التطهير القصر الإمبراطوري. فطرد الإمبراطور الجديد

٨٠