صفحة:المختصر في حساب الجبر والمقابلة (1937).pdf/6

تم التّحقّق من هذه الصفحة.

الجبر قبل الخوارزمي


لعل من أهم نتائج الأبحاث الحديثة في تاريخ العلوم أن هذه الأبحاث قد كشفت عن أهمية العصرين المصري والاسلامي في تطور العلوم وتقدمها 1. فالعصر المصري، ونقصد به العصر السابق للمدنية الإغريقية، كان إلى أمد قريب يعتبر عصرة مبدئياً في تطور العلم، أشبه شيء بدور تكون الجنين قبل أن يولد. وكان العلم بمعناه الصحيح - العلم المبني على المشاهدة والتفكير والذي يرمي إلى المعرفة من حيث هي بصرف النظر عن أي اعتبار «مادي»، أو تطبيقي — كان هذا العلم تنسب نشأته على أبعد تقدير إلى عصر الإغريق الذهبي. وقد يتغالى البعض فيرجع العلم بمعناه الصحيح إلى عصر النهضة الحديثة في البلاد الغربية

نقول لعل أهم نتائج الأبحاث الحديثة في تاريخ العلوم أن كشفت عن أهمية العصرين المصري والإسلامي في تاريخ العلم بمعناه المجرد.

ومن الخرافات التي تنسب الى هيرودوتس أن علم المصريين القدماء بالهندسة إنما نشأ عن حاجتهم الى توزيع الأراضي على اصحابها بعد أن طغى عليها النيل في سنة من السنين فاخفي معالم حدودها. هذه الخرافة تجعل علم المصريين القدماء بالهندسة مرتبطة بغرض عملي بحت هو توزيع الأراضي على أصحابها وتنفي عن العقل المصري الرغبة في المعرفة وطلب الحقيقة الهندسية لذاتها. واليوم وقد كشف عن قليل من كثير مما عرفه المصريون في العلوم الرياضية قلما يوجد بين


  1. انظر L.C. Karpinski, Latin Translation of the Algebra of Al-Khwarizmi (نيويورك ۱۹۱٥)