صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/107

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٠١
الفصل السادس: نظام الحكم في عهد العزيز

وحذر بطش الآخر. فوافق مثـلاً على السماح لتابع قنصل إنكلترة في رودوس باستخراج الإسفنج من مياه الشام، ولكنه رأى أن يمنع عن ذلك إذا كانت هذه المصلحة بيد رجل وطني. وأوجب منح التجار الوطنيين الامتيازات نفسها التي تمتع بها التجار الأجانب. وساوى بين الوطنيين وبين الأجانب فسمح للوطنيين بتصدير بضائعهم من مرافئ بر الشام، وجاء في رسالة من المعية السنية إلى إبراهيم باشا أنه لا يمكن ائتمان الأجنبي المتجنب على مصالح البلاد وأنه نظراً لتصلب إسكواره بك في رأيه واستئثاره بشؤون مدرسة المدفعية تقرر تشكيل لجنة من خريجي مدارس أوروبة من أبناء البلاد للنظر في تنظيم المدارس1.

وعني العزيز بالمحافظة على ثروة البلاد وزيادة انتاجها، وسعى سعياً حثيثاً للوصول إلى مرحلة معينة من التطور الاقتصادي ليتمكن فيها من الاستغناء عن أوروبة. ولذا فإنه لم يرَ مبرراً لخوف ابنه من تسرب النقود إلى الخارج لأن الشام ستقدم له من الفحم والحديد والخشب ما يستغني به عما يستورده من أوروبة ولأنه يأمل أن يكفي بر الشام مؤونة الشيت والملبوسات بفضل ما كان يقوم به من تنظيم للصناعة بحيث لا يبقى القطر الشامي بحاجة إلى منتوجات البلدان الأجنبية2. والواقع أن العزيز ألح منذ بدء حكمه في الشام بوجوب إرسال عشرين أو ثلاثين صبياً من بر الشام إلى مصر لتعلم صنع الجوخ والطرابيش ولإدخال هذا الفن إلى بلادهم لتتحول أرباح الأجانب من هذه البضاعة إلى أبناء البلاد3. ثم وافق على إنشاء معمل لصنع العباءات في عكة فصور4.

وكان إبراهيم يعير الزراعة شطراً وافياً من اهتمامه الشخصي فنراه يستطلع رأي الجناب العالي هل يسمح بإعفاء من يحيي الأراضي المهمولة بغرس الأشجار والعنب من الأموال تشجيعاً له أم لا5. وترى اللواء أحمد بك يكتب إلى إبراهيم نفسه مبيناً عـدد القرى والمزارع التي تم إحياؤها حتى السنة ١٢٥٢ فيقول أن عددها في جهات حلب وحدها بلغ الرقم ٨٥. ونلمس في موضع آخر وصول بعض رجال الاختصاص الذين درسوا الزراعة في فرنسة إلى فلسطين والتحاقهم بمصلحة تطعيم الأشجار6.


  1. المحفوظات الملكية المصرية ج ۳ ص ۳۸۸ وج ۳ ص ۱۸۸ و۷۹
  2. المحفوظات أيضاً ج ۳ ص ۱۱۲-۱۱۳
  3. المحفوظات نفسها ج ۲ ص ۳۱۳
  4. المحفوظات كذلك ج ٢ ص ٣٣٥
  5. المحفوظات أيضاً ج ۲ ص ۳۸٦-۳۸۷
  6. المحفوظات ج ۲ ص ٣٢٦ اطلب أيضاً فيما يتعلق بالزراعة في حلب ج ٣ ص ١٤٣