صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/11

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٥
الفصل الأول: لبنان

يكونون تحت حكمه وإدارته مباشرة. ويقع تحت حكمه المباشر أيضاً سكان دير القمر وعماطور وعين دارة ونيحا وبتلون1.

وقضى الخضوع للسلطان بتقبل أحكام نواب الشرع في طرابلس وبيروت وصيـدا. ولكن سلطة هؤلاء الفعلية قلما تناولت أبناء لبنان. فالأمير كان ينفذ قرارات شيخي العقل في بتدين وعماطور في الأحوال الشخصية الدرزية2 وفيما يعرض عليها من الدعاوى الحقوقية. وكان لبطاركة النصارى ما لهذين من الصلاحيات القضائية. وكان الأمير أيضاً يجري أحكام قاضٍ درزي آخر يعينه هو ويجلس للقضاء في الدعاوي الحقوقية في دير القمر3 وينفـذ أحكام قاضٍ خاص ينظر في الدعاوي العقارية هو الشيخ أحمد تقي الدين يعاونه اختصاصي في فن البناء «مدير الأشغال» لدى الأمير المعلم رستم مجاعص الشويري4. أما الدعاوى الجزائية فإنها كانت من اختصاص الأمير الحاكم ورجال الإقطاع كما مر بنا. وكان الموارنة منذ القدم يعتبرون بطاركتهم وأساقفتهم قضاة زمنيين يرجعون إليهم في أكثر دعاويهم الحقوقية والجزائية علاوة عن الأحوال الشخصية. وكان لدى هؤلاء الرؤساء الروحيين قوانين مدنية بحتة مقتبسة من الشرائع الرومانية والشريعة الإسلامية يقضون بموجبها. من ذلك كتاب الهدى للمطران داود وكتاب الناموس وغيرهما5. ولذا فإننا نرى الأمير بشيراً يكلف المطران جبرائيل الناصري الماروني أن يعني بساع دعاوى الموارنة وأن يفصل فيها بالعـدل والإنصاف. ويظهر من ملفات القضاء في المحفوظات اللبنانية - المتحف الوطني اللبناني - أن هذا المطران كان قاضياً دواراً يقصد قرى الموارنة تباعاً فيسمع الدعاوى التي ترفع إليه ويحكم بها.

وأحب الأمير الكبير أن يعدَّ قضاة أكفاء يعتز القضاء بهم فانتقى بعد التداول مع البطريرك يوسف حبيش شابين لبنانيين من خيرة شباب ذلك العصر هما الشيخ بشارة أنطون


  1. في المحفوظات اللبنانية في المتحف الوطني ما يؤيد كل هذا، راجع أيضاً دواني القطوف لعيسى المعلوف ص ٢٤٨.
  2. الشيخ حسن تقي الدين في بعقلين والشيخ حسين عبد الصمد في عماطور.
  3. الشيخ شرف الدين القاضي والشيخ محمد القاضي.
  4. راجع سجل الشيخ أحمد لدى حفيده الشيخ عادل تقي الدين وأوراق المؤلف عن جده رستم.
  5. الطائفة المارونية للمطران يوسف دريان ص ۳۰۲ - ۳۰٥. وللأستاذ الدكتور إبراهيم عواد کتاب خاص في هذا الموضوع Le Droit privé des Maronites، طبع في باريز سنة ١٩٣٣. وراجع أيضاً كلام قنصل فرنسة في بيروت آنئذٍ: HERRI GUYS, Un séjour de plusieurs années à Beyrouth et au Liban, II, 138-140.