صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/110

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٠٤
بشير بين السلطان والعزيز

العسكرية جعل الشهابي الكبير «مديراً للمصالح» يختم الأوراق التي يجب ختمها من الباشا1. ثم رأى القائد الفاتح أن يفصل إدارة البلاد عن قيادة الجيش وأن يعين حاكماً عاماً لبر الشام وعرض هذا المنصب الرفيع على الأمير الشهابي حاكم لبنان فاعتذر. وعندئذ كتب إلى والده يقترح تعيين محمد شريف بك كتخدا العزيز وحاكم الصعيـد آنئذٍ، فوافق العزيز على اقتراح ابنه ابراهيم وقبل الكتخدا المنصب الجديد وغادر مصر إلى أركلي فقابل إبراهيم باشا وعاد منها إلى دمشق فوصلها في السادس والعشرين من جمادى الآخرة سنة ١٢٤٨ وجعلها مركز إدارته2. وكتب إلى أعيان البلاد يقول «لا خفاكم ما فاضت به بحور إحسانات سعادة أفندينا ولي النعم الخديوي الأعظم عزيز مصر المعظم دام ما دام العالم وذلك بتفويض أحكام إيالات الأقطار الشامية لعهدة عجزنا. وبحسب صدور الإرادة السنية الخديوية قد حضرنا إلى هذه الجهات وبمنه تعالى قد تيسر دخولنا لمحروسة الشام نهار الاثنين المبارك الواقع في السادس والعشرين منه، وقد تليت الأوامر الشريفة بديوان الشام وصار ذلك معلوم الخاص والعام - فلزم تحرير طرسنا هذا إشعاراً لكم ليكون معلومكم أن جميع مراجعات مصالح الأحكام قد تحولت مناظرتها لنا ومن الآن وصاعد تكونوا متقيدين بصدق الخدامة وحسن الاستقامة»3. وعاون الحكمدار في مهمته هذه «ديوان حكمداري» مؤلف من عدد كبير من الكتبة والتراجمة ورجال الاختصـاص منهم الشامي والمصري4. وأبقى العزير التقسيمات الإدارية العثمانية القديمة ولكنه استعاض عن كلمة إيالة بكلمة مديرية فقسم بر الشام إلى مديريات أربع حلب ودمشق وطرابلس وصيدا وأتبعها جميعها بالحكومة الحكمدارية في دمشق. وجعل على رأس كل مديرية مديراً يمثل السلطة المركزية فيها فعين إسماعيل عاصم بك أحد أنسبائه مديراً في حلب ويوسف آغا شريف بتشديد الياء مديراً في طرابلس والشيخ حسين عبد الهادي مديراً في عكة وألحق مديرية دمشق بالحكمدار نفسه. وعين إلى جانب الحكمدار في دمشق يوحنا بحري مديراً عاماً للمالية وأحاطه فيا بعد بديوان عام ينظر في مالية بر الشام. وبقيت المديريات (الإيالات السابقة) مقسمة إلى متسلميات ومقاطعات وعلى رأس كل متسلمية متسلم يعينه الحكمدار وعلى رأس كل مقاطعة شيخ أو آغا أو بيك يتولى


  1. إبراهيم باشا إلى محمد علي باشا ۱۹ شعبان ١٢٤٧: المحفوظات ج ۱ ص ١٧٦
  2. المحفوظات ج ۲ ص ۸٦ و۸۹ و۹۹ و۱۰۰
  3. غاية جمادى الآخرة سنة ١٢٤٨ (٢٣ تشرين الثاني سنة ١٨٣٢): كتابنا الأصول العربية ج ۲ ص ٥٠-٥١
  4. المحفوظات ج ۳ ص ۲٥۷ و۳۰۸ وغيرها.