صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/111

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٠٥
الفصل السادس: نظام الحكم في عهد العزيز

أمورها بالتوارث. وبقي إلى جانب كل متسلم صراف يمثل المالية ويسعى لحماية مصالحها ومباشر يجبي أموالها وناظر في كل قرية للغاية نفسها1.

واحتفظ لبنان بامتيازاته القديمة فبقي مستقلاً عن المديريات الثلاث المحيطة به. وأضاف إلى هذه الامتيازات أنه أصبح مرتبطاً مباشرة بالعزيز دون وساطة المديرين أو الحكمدار فحقق أميره ما صبت إليه نفسه في أواخر عهد الجزار عندما اتصل بالصدر يوسف ضيا باشا ورجاه أن يربطه بالباب العالي مباشرة كما سبق فأوضحنا. ودليلنا على هذا أن الحكمدار يقول في إحدى رسائله إلى إبراهيم باشا أنه كتب يستعلم عن محل إقامة الأمير فندي فتبين له أنه مقيم في مشغرة وأن هذه ضمن حدود لبنان فأوقف فرسانه عن الملاحقة واكتفى بعرض الحالة على الأعتاب السنية فأجابه العزيز: «يجب أن تشعر الأمير بشير بمن نقل إليك أخبارك»2. وهنالك دليل آخر فإنه عندما أوشك حكم العزيز أن ينتهي وبدأت أصابع الدول تلعب في لبنان كتب ريتشارد وود عميل بريطانية الأكبر إلى الأمير بشير الثاني الكبير ما نصه: «لم يجب تخشو من وجه كون الأربع دول المشار إليهم يتعهدوا بأن يعطوا لجبل لبنان تلك الشرائع والحرية السالفة مع الإنعامات التي كانت تتمتع بها الأهالي تحت أحكام السلاطين»3.

وكان يؤم الشام في مطلع كل سنة قضاة ثلاثة يعينهم قاضي العسكر ليتولوا القضاء في حلب ودمشق والقدس فإما أن يعودوا من حيث أتوا في آخر السنة أو أن تجدد ولايتهم سنة ثانية. وكان العزيز فيما يظهر قليل الثقة بهؤلاء يخشى تدخلهم في السياسة فأمر أن يراقبوا مراقبة شديدة وأن يعرضوا أحكامهم على الحكمدار أو المدير قبل إصدارها4. ويستدل من بعض الأوراق الباقية أن العزيز كان يتدخل في تعيين نواب الشرع بشكل ليس بالإمكان تحديده5.

٣ - إصلاحه: وأراد إبراهيم إصلاحاً حقيقياً فرقب الإدارة الجديدة رقوباً شديداً وتفهم ضعفها فكتب مراراً وتكراراً إلى القاهرة يشكو الاضطراب الذي وقع في هذه الإدارة ويعزو ذلك إلى أعمال الموظفين وانصرافهم إلى ملذاتهم وشؤونهم الشخصية وبين هؤلاء محمد شريف باشا نفسه وإسماعيل عاصم بك. وتولى تفتيش الإدارة بنفسه فألفاها ملوثة تلويئاً ووجد بحري بك مهملاً ولمس تراكم أعمال المجلس في دمشق سنة ونصف سنة


  1. المحفوظات أيضاً ج ۳ ص ۱۰۲-۱۰۳ و٢٤٦-٢٤٧ و٢٤٨
  2. المحفوظات كذلك ج ٤ ص ۱۹۰
  3. المحفوظات ج ٤ ص ٤٣٢
  4. المحفوظات ج ۲ ص ۳۸۳
  5. المحفوظات ج ۲ ص ۳۱۹