استدعى الصغار إليه وكانوا ستة عشر ذكراً وعين لهم نفقة وأبقاهم عنده1. ومنذ السنة ۱۷۹۹ بدأ الأمير بمناوأة العماديين متكلاً في ذلك على معونة الجنبلاطيين وما فتئ حتى أفقرهم وأبعدهم عن البلاد إلى وادي التيم وحوران وعكة ومصر. قال الشدياق: «وسنة ١٨٠٨ سار الشيخ فارس العماد إلى مصر لضيق معاشه وتبعه الشيخ علي وتقربا إلى والي مصر» وقال أيضاً: «وسنة ١٨١٩ غضب الأمير بشير الشهابي على اليزبكية فأرسل لهم أعواناً يثقلون عليهم بالعلايف والعلايق ففروا من البلاد وتبعهم النكدية وأخيراً قدم إليهم الشيخ علي من مصر»2.
وبعد أن أضعف الأمير العماديين عاد إلى الجنبلاطيين فاتهم كبيرهم الشيخ بشير جنبلاط بإنه أشار على الأمير حسن الشهابي أن يقتل عمه الأمير حيدراً ويتظاهر بالإسلامية فيتولى عوض الأمير بشير الشهابي نفسه. ولما اعتقل الأمير حسن وأرسل إلى عكة فالأستانة سنة ۱۸۱۸ خشي الشيخ بشير العاقبة وشرع يحتاط للأمر فتظاهر بالإسلام وبنى جامعاً له في المختارة حتى إذا قضت الظروف بوفوده على الأمير قدم إليه برجال كثيرين. فبدأ الأمير بإضعافه مالياً وطلب منه سنة ١٨٢٢ سبع مئة وخمسين ألف غرش إسعافاً. فاعتذر الشيخ بشير. ولما لم يقبل الأمير اعتذاره أدّاها وجلاً. ثم رحل الشيخ من المختارة إلى جباع متظاهراً بأنه يريد الصيد وأرسل رسلاً إلى الأمير يستعطفه برجوعه كما كان. فأجابه الأمير إلى سؤله وطلب منه ألف ألف غرش، فارتضى الشيخ بدفع نصفها. وبعد دفعه هذا النصف طلب الأمير الباقي. فالتمس الشيخ تركه فلم يجب إلى ذلك. فقام الشيخ إلى جباع ثانية وأقام فيها ثلاثة أشهر ولما يئس قام إلى البقاع فراشيا واجتمع إليه فيها بعض عناصر المعارضة من الوجوه اللمعيين والأرسلانيين والشهابيين وقر قرارهم أن يطلبوا تولية الأمير عباس أسعد الشهابي. فتوسل الشيخ بذلك إلى عبدالله باشا والي صيدا ولكنه لم يفلح. وعندئذ توسل إليه أن يأمر برجوعه ومن معه إلى بلادهم آمنين. فأجابه الباشا إلى ذلك. ولدى عودة الشيخ إلى مقره في المختارة سنة ١٨٢٣ أرسل إلى الأمير في بتدين يستأذنه بالحضور ويطلب منه صفاء الخاطر عليه. فأجابه إلى ذلك. فحضر الشيخ بنحو ألفي رجل أبقاهم خارج بتدين ودخل إلى القصر بشرذمة منهم. فأمر الأمير أعوانه ومماليكه وعبيده أن يصطفوا له في صحن الدار. فمرّ الشيخ بينهم وجلاً خايفاً من الغدر به. ثم دخل على الأمير مسترحماً