صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/17

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١١
الفصل الأول: لبنان

الظلام الدامس فقالت «إن أبا سعدى سائر معي». وهو أحد ألقاب الأمير، ومنها ما تغنى به شاعر القصر آنئذٍ:

أمير سما الأمراء قدراً وقـد علا
على كل والٍ في الوجود وحاكم
به قطرنا قد فاق بالقدر وارتقى
على كل قطر في الوجود وعـالم
بعدلٍ وقسطٍ وإيتمانٍ وراحةٍ
وشرع بجسمِ الزور والبطل قايم
وعيشٍ هني أرغـدٍ واستكانةٍ
وصفوٍ من الأكدار صاف وسالم
حماه حمى يرقي به كل ملتجٍ
ويومن فيه كل خطب مداهم
نعيمٌ وسيمٌ مستطابٌ ومأمنٌ
منيعٌ ومأوى للكماة الضراغم
فمولاه أرقى سيد فاق سامياً
ولاة الورى طرَّا وكل الأعـاظم
بنور شهاب الكون باهت بلادنا
بشير لها في هـدم طود المظالم1

وأصبح لبنان في حد قول هذا الشاعر «حمى يوقي كل ملتجٍ» في طول بر الشام وعرضه ففي السنة ١٨٠٤ التجا إلى لبنان زعماء الإنكشارية في حلب لخلاف وقع بينهم وبين واليها إبراهيم باشا قطر آغاسي2. فأكرمهم الأمير وسعى للتوفيق بينهم وبين الوالي. وفي السنة ١٨١٢ وفد على الأمير الشيخ حسين أفندي المرادي مفتي دمشق. وكان قد وقع بينه وبين زميل له ابن المحاسنه نفور وبغضاء. وكان عدوه هذا له «قول عنـد سليمان باشا» فخشي حسين أفندي غدره وخرج من دمشق والتجأ إلى الأمير في بتدين، فأكرمه الشهابي الكبير وأبقاء عنده مدة من الزمن ثمّ وفق بينه وبين خصمه وأعاده إلى دمشق3. وفعل مثل هذا مراراً مصطفى آغا بربر متسلم طرابلس. ففي السنة ١٨٢٤ عندما أمر الباب العالي بإعدامه وضبط موجوداته وأرزاقه التجأ إلى الشهابي الكبير فأسكنه الشويفات ثم أرسله إلى مصر وأصحبه بالتوصيات اللازمة فأكرمه العزيز وأقامه في دمياط. وفي السنة ١٨٣٣ غضب عليه إبراهيم باشا فجاء إلى بتدين ملتمساً من الأمير أن يستعطف خاطر الباشا عليه ففعل فأعطاه


  1. المعلم نقولا الترك. راجع ديوانه المشار اليه آنفاً ص ٢٦٢-٢٦٣ - واطلب في ما كان يروى عن الأمير الكبير من حوادث اختلط فيها التاريخ بالأساطير، کتاب فؤاد افرام البستاني: على عهد الأمير، بيروت، ١٩٤١
  2. لبنان في عهد الأمراء الشهابيين ج ٢ ص ٤١٦
  3. لبنان في عهد الأمراء الشهابيين ج ۲ ص ٥۸۰ – راجع أيضاً ديوان نقولا الترك ص ١٠٥.