الكاثوليكي ويمدح تقبله لهذا الإيمان لأول مرة فيما يظهر ويهدي إليه صليباً وأيقونة1. ولقد بر رجال الدين الكاثوليكي الأمير فأحسنوا الطاعة إليه ورفقوا به في أيام محنته وتحروا محابه كما سنرى في حينه.
وأحب الأمير العمران فرمم الجسور وأنشأ بعضها وجلب مياه نبع الصفا إلى بتدين وعطف على العلم والأدب، فتقبل مبدأ التلقيح للوقاية من الجدري وشجع الناس عليه وأرسل بضة من الشبان اللبنانيين إلى مصر ليدرسوا الطب الحديث في مدرسة القصر العيني منهم إبراهيم النجار ويوسف الجلخ وأوفد الشيخ بشارة الخوري والخوري حنا حبيب إلى طرابلس ليتفقها على أشياخها. وجمع الشعراء والأدباء في ديوانه وعقد لهم المجلس ونظم أبياتاً واقترح عليهم تخميسها أو تشطيرها أو إجازتها، من ذلك صدر مطلع له:
في سفح بيت الدين قد دفق الصفا2.
وقال المعلم نقولا الترك: «وكان سعادته في كل ليلة من ليالي الشتاء يجمع ندماه ويساهرهم في لعب الورق الذي هو بين غالب ومغلوب من دون وضع دراهم يؤول مالها إلى الربح والخسران بل هو إقهار الغالب للمغلوب. وكان سعادته في حين تغلبه على مغلوبه يقترح على المؤلف نظم بعض أبيات وكان له عبداً يفعل»3. ومما قاله الترك في هذه المقامة الكانونية: «قال الحازم فهزني الغرام وهيجني الهيام إن ألج مولج الغلمان حيث انتظام الديوان. فلبثت هنيهة ريثما أمرت بالعبور بعد التماس الدستور، فعندما ولجت ذلك المحضر المنور رأيت صدراً تصدر بطاعة تحميل البدر إذا أبدر قد أشرقت أنواره في ذلك المقام على الخاص والعام وهو رابض كلأسد الضرغام، ورأيت الخدم وقوفاً والندما صفوفاً ولديهم وريقات يلقبونها فتغلب بعضاً وتخوّل مغلوبها انتعاشاً وقبضاً والأمض على المغلوب وأنكى إذا قهقة الغالب ضحكاً»4. ومن هنا في الأرجح رغبة الأمير أمين في الشعر وتعلمه نظم القوافي.
سياسته الخارجية: وحّد اللبنانيون كلمتهم آنئذٍ بوجوب الاحتفاظ بنظامهم الخاص والمحافظة على حياتهم فهب أميرهم يسعى لتحقيق رغباتهم. وانتهز فرصة وجود الصدر الأعظم يوسف ضيا باشا في بر الشام سنة ١٧٩٩ ففاوضه في ربط لبنان بالآستانة