صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/30

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٢٤
بشير بين السلطان والعزيز

على سليمان باشا والي صيدا فهرب كنج إلى مصر وأنعم سليمان على بربر بقيمقامية طرابلس فعاد إليها1.

ومع إن سليمان باشا الكرجي والي صيدا وخلف الجزار فيها كان «عادلاً حليماً رفوقاً» فإنه لم يفلح في إصلاح الحال لتكاثر الفساد وقلة الصالحين بين موظفيه. قال مؤرخه وأحد الكتاب لديه المعلم إبراهيم عورة: كان عند الوالي عبد اسمه سعيد وقد اشتراه الباشا صغيراً ولما كبر ألبسه قاووقاً وجعله إيجوسي خادم الدار وكان يأكل من المطبخ ويأخذ بدلتين في السنة نظير باقي المماليك. ولما أعتقه سيده وصار آغـا واستغنى بالمعاش ازداد شقاوة وارتكب جميع أنواع الكبائر من سكر وزنى وفسق. وكان يأخذ ما يريد من الدكاكين وإذا اعترضه أحد ضربه إمـا بيده أو بالعصا أو بالسيف. وأخيراً تقدم عدد من أصحاب الدكاكين بالشكوى ولمـا مثلوا أمام الباشا غضب عليهم من أجل سعيد وقال: «تخيبوا يا أرذال. أنا مالي سوى هذا العبد أما تستحوا تشتكوا عليه!». وكان كتخدا بك علي باشا أعظم من الباشا يخيف الخلق ويرهقهم، والثالث بعد الوزير كان المعلم حاييم اليهودي الذي قبض على زمام الأمور وفعل كيفما شاء. ومن يقول أن حكم اليهودي أمر هين. والرابع بعد الوزير كان عبدالله باشا ابن الكتخدا والخامس حسن آغـا الخزينة دار صهر عبدالله باشا والسادس عبدالله آغا حرم آغاسي والسابع السكبان باشي ضابط البلدة والثامن الأوضەباشي والتاسع حسن آغا قرنباس أوغلو الجوقدار فهذا جعل نفسه وزيراً ثانياً والذي لا يرشيه أو لا يهابه يقع في بلاء عظيم، والعاشر الطوبجي باشي وهذا أيضاً جعل من نفسه وزيراً آخر بل أعظم من ذلك إذ أنه كان يقول أنه بإمكانه أن يعزل الوزير والحادي عشر ضباط الأبراج والثاني عشر سليم أبو سيف أحد مماليك الجزار وكان بالعنفوان والجبر والكبرياء لا نظير له يفعل كما يشاء دون معارضة. والثالث عشر زكور آغا المحتسب وناظر الأملاك فهذا كان عكا بتمامهـا! والرابع عشر أيوب سلامة الكمركجي وهذا كان لا مثيل له بالسفاهة والتعدي والرداوة والخامس عشر كان عبد الحليم شيخ الحزينة وأولاده وهو ناظر مصالح الفلاحين وكان لا يشبه أحداً بساير تصرفاته. والسادس عشر مسعود الماضي وكان ذا نفوذ وكرامة لدى علي باشا الكتخدا وقد اشتهر بمكره ونفاقه، والسابع عشر الشيخ محمد أبو الهدى وكانت أحواله غريبة ولا يجسر أحد أن يتكلم شيئاً عنه فهو القاضي


  1. عن رواية إلياس صدقه كما نقلها جرجي بني في كتابه تاريخ سورية ص ٤١٢-٤١٦