ووعوده الفارغة فيا يتعلق بالوهابيين فأصدر فرماناً عين بموجبه سليمان باشا والي صيدا والياً على دمشق وطرابلس أيضاً وإن سليمان هذا أطلع الأمير اللبناني على هذا الفرمان في طبرية طالباً معونته. ومها يكن من أمر هذا الفرمان فإن الباشا والأمير قامـا بعساكرهما إلى دمشق بطريق القنيطرة – داريا، وكان قد بلغ خبرها الكنج يوسف فهرول عائداً إلى دمشق. ولدى وصول الباشا والأمير إلى قطنا علما بعودة الكنج إلى دمشق فأرسلا إعلاماً إلى أعيان دمشق يخبرانهم بالفرمان السلطاني الذي قضى بعزل الكنج يوسف باشا. فخرج من دمشق عدد من أعيانها وقضاتها ليطلعوا على الأوامر السلطانية وينقلوا معناها إلى واليهم. ولدى وصولهم إلى قطنا أطلعهم الأمير على هذه الأوامر وأشار عليهم بالطاعة والتسليم مؤكداً أنه سينفذها بحروفها ولو أدى الأمر إلى تخريب دمشق. فلما سمعوا ذلك وشاهدوا قدوم الرجال من لبنان يومياً وبشكل متواصل طلبوا مهلة ثلاثة أيام. وعادوا إلى دمشق. ولدى انتهاء المهلة دون وصول أي خبر من دمشق قام الباشا والأمير بعساكرهما إلى الجديدة وداريا فاشتبکا مع طلائع الجيش الدمشقي ثلاث ساعات ثم خرج يوسف باشا نفسه بما لديه من عساكر لصدهما ففشل في ذلك فشلاً كبيراً وولى مدبراً وعاد إلى دمشق وجمع ماله وأثقاله وعزم أن يعيد الكرة في الليل فإن ظفر بلغ المرام وإذا خسر «سار في البر والأكام». فبلغ ذلك مسامع الأمير اللبناني وبات متربصاً مترقباً. وعندما علم عساكر الكنج بما عزم عليه مولاهم وكان لهم عنده مال متأخر نهبوا أمواله وأحماله ففر هارباً بنفر قليل متجهاً نحو اللاذقية فمصر. ودخل سليمان باشا والأمير اللبناني دمشق منتصرين، ودبر الأمير الأمور فأعاد مصطفى بربر إلى منصبه في طرابلس والملا إسماعيل إلى حكمه في حماة والأمير جهجاه الحرفوش إلى إمارته في بعلبك وعاد هو إلى مقره في بتدين معززاً منتصراً1 فأنشد شاعر قصره رائية طويلة هذا بعضها:
- ↑ لبنان في عهد الأمراء الشهابيين ج ٣ ص ٥٤٩ - ٥١٤
المحفوظات الملكية المصرية لأسد رستم ج ۱ ص ۱-۸