وأبقى عنده أقاربه والشيخ بشير جنبلاط والشيخ علي العماد والشيخ حمود النكدي. ولما علم سكان ضواحي دمشق بما حل بعسكر واليهم خافوا من قدوم اللبنانيين إليهم وأخلوا منازلهم وحملوا أمتعتهم إلى دمشق. فارتجت المدينة وعظم الخطب وحنق درويش باشا حنقاً شديداً1.
ثم اشتدت الفتنة بين عبدالله باشا وبين درويش باشا فاتصل الأول بأخصام الثاني في نابلس وكانت تابعة لحكم درويش باشا فألَّبهم عليه واشتد الخصام بين طوقان وجرار ونمر2. فأرسل درويش باشا عسكراً إليها بقيادة فيزو باشا ولما بلغ عبدالله باشا وصول هـذا العسكر إلى المزيريب أرسل عسكره إلى جسر المجامع يمنعونهم عن العبور إلى نابلس. واستنجد بالشهابي الكبير فأوفد هذا ابنه خليلاً على رأس قوة إلى الجسر المذكور. وكان عبدالله باشا قد أرجع حكم جبل عامل إلى الشيخ فارس ابن الشيخ نصيف النصار فطلب إليه أن يوافيه إلى جسر المجامع برجاله ففعل3.
وبلغ درويش باشا هذا كله فأنفذ إلى الشهابي الكبير اثنين من خواصه مشيراً عليه بعدم إسعاف عبدالله باشا «وأنه مها يطلبه ينله». ثم كتب إليه ينبنه بتوجيه إيالة صيدا إلى عهدته ووقّع هكذا: محمد درويش والي الشام وطرابلس وصيدا. فأصرف الأمير رسول الوالي من غير جواب وأرسل كتاب درويش باشا إلى عبدالله باشا فأجابه هذا بأن يجمع الرجال إلى جسر المجامع ووقع هكذا: عبدالله والي صيدا وطرابلس والشام. وعندئذ رأى الأمير الكهل أن لا بد من الاتصال بالوالي الشاب وإدلاء النصح إليه. فقام إلى عكة ودخلها بموكب عظيم وأطلقت له المدافع من الأبراج وقوبل بمزيد الاعزاز والإكرام واختلى بالوالي الشاب ثلاث ساعات حاول في أثنائها إقناعه بوجوب الاعتدال إذ أن دمشق في نظر الدولة باب الكعبة وأنه لا يجوز والحالة هذه اقتحامها فأبى. وعندئذ قام الأمير اللبناني إلى جسر المجامع وتولى قيادة العساكر بنفسه وزحف على دمشق مرة ثانية. ولدى وصوله إلى قرية الجديدة عن طريق كوكب والمعظميـة أخرج والي دمشق عساكره كافة
- ↑ المؤلف نفسه ص ٥۲۰-۲٥ه، ولا يخفى على القارئ اللبيب أن شهادة الشيخ طنوس الشدياق في هذا الموضوع مقبولة لأنه شاهد هذه الحوادث بأم عينه ولأنه شایع أخصام الشهابي الكبير من أقربائه الأمراء.
- ↑ تاریخ جبل نابلس لإحسان النمر ٢١٤-۲۲۲. وفيه نص بعض الأوامر الصادرة عن درويش باشا إلى أعيان نابلس بوجوب طرد موسى بك طوقان وأخيه رضوان بك وابن أخيه أسعد بك.
- ↑ لبنان في عهد الأمراء الشهابيين ج ۳ ص ۷۱۰-۷۱۱