خروجه على عبدالله باشا وجمع رجاله من عكار وقـام بهم إلى طرابلس فحاصرها واحتلّ مرفأها وبمجرد وصول فرسان الوزراء إلى صيدا وصور سلّمت حاميتها «من غير ضرب ولا قتال ولا مصادمة ولا قواص بارودة واحدة»1. وقامت العناصر المناوئة لعبدالله باشا في نابلس والقدس وغزة وهاجمت يافة فحاصرتها واضطر عبدالله باشا أن يمد حاميته فيها بالمؤن والذخائر من عكة بحراً. ومما قاله عبدالله باشا عن حصار يافة أنه «لا يحتمل حال الحامية فيها إلى مضايقة أيام طويلة لأن جميع تلك النواحي تظاهرت بالعداوة والشر والدسايس من جانب الشام إلى عساكرنا فيها لم هي منقطعة أبداً»2.
حصار عكة: وقام الوزراء الثلاثة مصطفى بيلانلي باشا وحلمي إبراهيم باشا ومحمد درويش باشا بعساكرهم من دمشق إلى البقاع فصيدا ومنها إلى عكة. ولدى وصولهم إليها في أواخر آب من السنة ١٨٢٢ أطلقوا طلقات من مدافعهم فأجيبوا بطلقة واحدة من عكة وبدأ الحصار. وكانت حامية عكة مؤلفة من ألف نفر فقط. وكان يحيط بشخص عبدالله باشا لحراسته مئتا رجل من رجال جبلة موطن والدته. وكان لدى الباشا فرقاطة تمخر البحر إلى مسافة ثلاثين ميلاً فتأسر السفن المتجهة إلى الشام وتأتي بها إلى عكة3. وكانت قوة الوزراء الثلاثة تفوق حامية عكة عدداً أربعة آلاف مقاتل ولكنها لم تحز فيما يظهر مدافع حصار فـإن والي دمشق كتب إلى محصل قبرص يطلب مدافع منه وذخيرة فامتنع هذا عن أرسالها مدعياً أنها تفقد قبل وصولها إليه4. فاضطر الوزراء والحالة هذه أن يقتصروا على المناوشات وبعض المفاجئات وعلى عامل مرور الزمن ولكن هذا فيما يظهر لم يكن في صالحهم لما تتطلبه من مال وأرزاق. وتأفف عبدالله باشا في نفسه من عجرفة بعض عساكره ووقاحتهم ومطاليبهم ما اضطره إلى إنفاق سبعة غروش إلى كل منهم يومياً5.
موقف العزيز: وكان عبدالله باشا مذ أحسّ بالسخن قد بعث كتخداه إلى مصر يستغيث بواليها ويقطع عهوداً وعهوداً على نفسه. ولا تزال بعض رسائله محفوظة
- ↑ عبدالله باشا إلى محمد علي باشا ١٨ ذي القعدة سنة ١٣٣٧: المحفوظات الملكية المصرية ج ١ ص ٣٦
- ↑ الرسالة نفسها.
- ↑ صالح بك إلى محمد علي باشا ١٥ ذي الحجة سنة ١٢٣٧: المحفوظات الملكية المصرية ج ١ ص ٤١
- ↑ صالح بك إلى محمد علي باشا ٧ محرم سنة ١٢٣٨: المحفوظات الملكية المصرية ج ١ ص ٤٣
- ↑ صالح بك إلى محمد علي باشا ١٥ ذي الحجة ١٢٣٧: المحفوظات الملكية ج ١ ص ٤١