صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/47

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٤١
الفصل الثالث: التدخل اللبناني

إلى البر وحاولت اقتحامها. فاستنجد المتسلم والمفتي وأعيـان البلدة الأمير الشهابي الكبير وأعلموا الوالي بما جرى. فأرسل الأمير ولده خليلاً ببعض الخدم إلى حرج بيوت وكتب إلى مناصب البلاد أن يوافوه إليها ففعلوا. ولدى وصول الأمير إليها استقبله أهلها بالعز والإكرام ومدحوا همته وحماسته، فلما رأت الروم كثرة الجموع وتوارد العساكر أقلعوا إلى بلادهم. وعاد الأمير إلى مقره. ولدى وصول كتخدا الوالي عبدالله باشا قدم المسلمون من أهل بيروت الشكوى على النصارى بأن حضور الروم كان بوسيلة منهم وأنهم قبلوا بعضاً من الذين دخلوا المدينة. فأمر الكتخدا بالقبض على النصارى وتكتيب بضائعهم في حوانيتهم. وهاج المسلمون ففقد من البضائع نحو ربعها. فاضطر الشهابي الكبير أن يتدخل مرة أخرى وكتب إلى الباشا يستعطفه ويلتمس منه إطلاق الأسرى وإرجاع الأموال. فأجابه وكتب إلى النصارى كتاب الأمان وأمر الكتخدا بإطلاقهم ففعل. ثم كتب إلى الهاربين منهم إلى الجبل أن يعودوا إلى بيوتهم وأعمالهم آمنين1.

سانور: وزاد عطف العزيز على عبدالله باشا فازدادت مطاوعة الشهابي الكبير له وأنعم الباب العالي عليه بولاية طرابلس ثم بمتصرفية لواء غزة ويافة والقدس ونابلس وجنين2. ثم بردت همة العزيز وقل عطفه على عبدالله باشا تدريجاً فازدادت عنـاية الباب العالي به واضطر الأمير اللبناني أن يستمر في مطاوعته لعبدالله باشا. وأدى الفتور في العلاقات بين العزيز وبين عبدالله باشا إلى اشتداد والي دمشق في مواقفه من زميله في صيدا وطرابلس. وتوترت علاقات الواليين فيما يظهر في السنة ١٨٢٩ عندما أحيلت جبال القدس ونابلس إلى عهدة عبدالله باشا. فكتب والي دمشق آئندٍ محمود شرکس باشا إلى المتسلمين في هاتين المقاطعتين بعدم إطاعة عبد الله باشا. فغضب هذا وعزل متسلم نابلس الشيخ عبد الله الجرار وولّى عليها مصطفى بك طوقـان مكانه ثم أخرج القدس وجنين من آل جرّار وولّى عليها مملوكين من مماليكه. وعندما علم والي دمشق بهذا طلب إلى أعيان نابلس أن يلاقوه إلى صفد ليضرب عبدالله باشا في عكة. فخرج معظمهم إلى صفد ولكن محمود باشا خذلهم ولم يجسر على الحضور، فعاد الزعماء إلى نابلس وقرروا الكتابة إلى عبدالله باشا بالطاعة.


  1. عبدالله باشا إلى محمد علي باشا ۱۹ شعبان ۱۳۷۱: المحفوظات الملكية المصرية ج ۱ ص ۷۳
    لبنان في عهد الأمراء الشهابيين ج ۳ ص ٧٧٩-٧٨٤
    أخبار الأعيان للطنوس الشدياق ص ٥٥٩ - ٥٦٠
  2. محمد علي باشا إلى سلحداره في عكة: المحفوظات الملكية المصرية ج ١ ص ٥٦-٥٧