صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/49

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٤٣
الفصل الثالث: التدخل اللبناني

فأجابه الأمير أنه سوف لا يفتأ يهجم عليها حتى يدخلها. فدعا له الوزير بالتوفيق وكتب إلى الأمير أمين أن يكون كوالده في تنفيذ الأحكام. وقام الشهابي الكبير بألفين من اللبنانيين الأشداء إلى الناصرة فجنين فسانور. والتقاه كتخدا عبدالله باشا بالموسيقى والبارود وتجدد الحصار، ورأى الأمير أولاً أن يعمل لتأمين مؤخرته وعلم أن النابلسيين الخارجين عن الحصار قد تجمعوا ومعهم ثلاث مئة فارس من العرب وأتوا إلى قريتي عجة وفندقومية وبدأوا يمنعون العسكر عن الماء فأحب أن يستعد لضربهم. ولكن حماس الرجال حال دون ذلك فقام الشيخ نصيف النكدي بمائتي رجل من دير القمر والمناصف ونهض الشيخ فارس والشيخ حسين التلحوقيان بنحو مئة رجل وهجموا جميعاً على القوم المجتمعين في صحراء عجة وكانوا قد أصبحوا جيشاً وافراً فانهزموا إلى عجة فجدوا في أثرهم وحصروهم فيها فانهزموا منها فأحرقها اللبنانيون وأعملوا في أقفيتهم السلاح فتشتوا وقبضوا على الباقين منهم في تلك القرية وجعلوا يذبحونهم كالغنم. فقتل منهم تسعة وستون رجلاً واعتقل أربعة عشر بعضهم من المشايخ بني الجرار. فأرسل الأمير تلك الرؤوس والأسرى إلى الباشا وقبل الشيخ نصيف النكدي وأمر له بفرس من الخيل الجياد. وفي اليوم التالي سار بعض الرجال إلى القرى المجاورة للنهب. فاختشى الأمير من وقوع الفتنة بين رجاله وبين عسكر الباشا. فوجه الأمير بشير ملحم الشهابي والأمير عبدالله حسن الشهابي ليرجعا اللبنانيين فأدركهم عند قرية كفرراعي حيث كان النابلسيون فإذا نار الحرب قد اشتعلت بين اللبنانين وبين النابلسين. فانهزم النابلسيون من الأتراس إلى داخل البلدة وتحصنوا فيها. فدخل إليها اللبنانيون وشرعوا يحرقونها، فانهزم النابلسيون منها وقتل منهم ستة عشر رجلاً. فالتهى اللبنانيون بالنهب وعندئذ ارتد النابلسيون عليهم وقتلوا منهم سبعة عشر رجلاً. فانفض كل إلى مكانه.

وكان الأمير الكبير قد أكمل استعداداته فنهض من الغد بجانب من الرجال يحرق القرى القريبة من المعسكر. فلما أبصره النابلسيون فروا من تلك القرى فأحرقت جميعها. فوقع الرعب في قلوب الناس وبدأوا يسلمون للأمير فئة فئة، واستغل الوزير الموقف فاستدعى من كان عنده من مشايخ نابلس وأخذ يتهددهم قائلاً: «ألا تعلمون أن اللبنانيين مشهورون بالشجاعة والبطش وأن أميرهم هذا ما سار في مهمة إلا وأيده الله فيها. أما سمعتم كيف شتت عساكر يوسف باشا الكنج في قرية عرطوز وكيف ظفر بعساكر درویش باشا في راشيا وكيف هزمهم في المزة». فاعتذر المشايخ قائلين إن ما فعله أصحابنا في نابلس لم