واتصاله بهم. والثاني أنه كان يعد العدة لحرب شاقة في الحجاز فشعر بما لهذه الإيالة ولما كان يجاورها من أهمية ستراتيجية واقتصادية. ولذا فإننا نراه يبعث بالرسالة تلو الأخرى إلى الآستانة يشكو فيها سليمان باشا فيقول أنه على اتصال بالمماليك يمدهم بالمشورة ويحرضهم عليه ويطلب عزله ثم يرجو العفو عن الكنج يوسف باشا وإرجاعه إلى منصبه والياُ على دمشق1. ويقول العزيز في رسالة أخرى أرسلها إلى الباب العالي أن المماليـك قرروا الفرار عند الحاجة إلى إيالة صيدا وأنه قد يضطر هو أن يجهز حملة لمحاربتهم في نواحي العريش وغزة فيقوم إذ ذاك سليمان باشا «بتحرير الوشايات ودس الدسائس».2 ويلوح لنـا أن العزيز أوعز في هذا الوقت نفسه إلى ممثله في الآستانة أو إلى بعض أصدقائه فيها أن يسعوا لتوجيه إيالتي صيدا ودمشق وطرابلس أيضاً إلى عهدته. ودليلنا على ذلك أن الباب العالي في أواخر السنة ۱۸۱٢ أشار إلى رغبة العزيز في توحيد هذه الإيالات إليه في ديباجة فرمان أصدره إليه وأوصاه فيه بسليمان باشا في أثناء وجوده في الحجاز وينص الفرمان بأن هذا الرجاء إنما نشأ عن وقوع النفرة في قلب العزيز لعدم توجيه إيالات سليمان باشا إليه3. فيقوم العزيز لهذا ويقعد ويعد هذا الإلماع نوعاً من التوبيخ. ولكنه لا ينكره فيما يظهر. والثابت الراهن دون أي جدل هو أن العزيز كان قد سبق له أن كتب إلى وكيله في الآستانة محمد نجيب أفندي يطلب إليه «أن يجس النبض فإذا وجد الجو موافقاً عرض على الباب العالي جعل مصر ولاية ممتازة شأن ولاية الجزائر إلى أن تنتهي حرب الحجاز فتعود مصر إلى حالها الأول وذلك لأسباب أهمها اضطراب الأحوال في أوروبة واحتمال تدخل الدولة في بعض الحروب، ومنها أن تجارة مصر مع الخارج ضرورية لها وأن امتيازها يضمن لهـا حياداً وبالتالي كسباً تجارياً كبيراً»4. ونراه في الوقت نفسه يطمئن حكومة الآستانة فيعترف أنه قبل أن يحظى بولاية الوزارة وفي بداية وزارته صدرت عنه بعض حركات تتنافى بظاهرها مع الرضى العالي ولكنه يؤكد أن ليس له أمل ما دام حياً سوی إبراز حسن الخدمة وإظهار الصداقة والعبودية للدين والدولة5. ثم يرجو الحضرة السلطانية في عريضة خاصة
- ↑ محمد علي باشا إلى الباب العالي ٧٠ شعبان سنة ١٢٢٥ (۱۸۱۰): المحفوظات الملكية المصرية جـ ١ ص ١
- ↑ المحفوظات أيضاً ج ۱ ص ۲
- ↑ محمد علي باشا إلى الباب العالي ٥ شوال سنة ۱۲۲۸ (۱۸۱۲): المحفوظات أيضاً ج ۱ ص ۱۰
- ↑ ۲۷ شوال سنة ١٢٢٠ (۱۸۱۰): المحفوظات أيضاً ج ۱ ص ۱۳
- ↑ محمد علي باشا إلى الصدر الأعظم غير مؤرخ: المحفوظات نفسها ج۱ ص ۱۲