صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الأول (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/62

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٥٦
بشير بين السلطان والعزيز

موقفه من الدول بعد واقعة نوارين الشهيرة. فبينما نرى السلطان يرفض مطالب الدول المتحالفة نزى العزيز يتفق مع هذه الدول على وقف القتال في المورة ويعقد اتفاقاً مباشراً معها على الجلاء1. فاشتد اضطراب السلطان وذويه ورأوا في هذه الأعمال وغيرها برهاناً ساطعاً على قلة اكتراث العزيز وخروجه وعندما قضت الظروف بالتعبير عن هذه المخاوف قال أحدهم أحمد خلوصي باشا قائممقام الصدارة في رسالة له إلى والي دمشق في صيف السنة ١٨٣١: «ولا يخفى أن والي مصر يرمي إلى غرضين ظاهري وهو الانتقام من عبدالله باشا وباطني وهو الوصول إلى بر الشام مطمح أنظاره والاستقلال بها كما استقل بمصر. واستعداده الحربي السريع تمّ بناءً على اتفاق سابق أحكمت عراه بينه وبين ذلك الثائر الخبيث الإشقودري بواسطة خال هذا الأخير جلال الدين الأخريلي الذي أرسل من قبل ابن أخته أثناء قيامه بالثورة إلى مصر ليستنجد بواليها فقر قرارهما على ما يظهر على أن يقوما بحركة مزدوجة في آن واحد. وبما أن كل هذه التعليمات قد حصلت وقر الرأي عليها سراً بين أربعة من رجال الدولة المخلصين فيلزم عدم اطلاع الغير عليها»2.

۳ - قضية عبد الله باشا: وأدت إصلاحات العزيز الداخلية إلى فرار ألوف من الفلاحين المصريين إلى غزة ويافة وتوابعها فطلب العزيز إلى عبدالله باشا والي صيدا وصاحب عكة أن يأمر بعودتهم إلى مصر وحرر له بذلك رسالة طيبة في منتصف آذار من السنة ۱۸۳۰ أشاد فيها بما عاهد نفسه عليه من عمران الأقاليم المصرية وكيف أنه تحقيقاً لهذا الأمل قام بأعماله الإصلاحيه إقليماً إقليماً ثم كيف أن أهالي إقليم الشرقية المتاخم لولاية عكة لم يفقهوا الحكمة من هذه الأعمال الخيرية ففر بعضهم إلى ولاية عكة وإنه لما أدركوا خطأهم وهموا بالعودة إلى أوطانهم لم يسمح لهم بذلك ثم يبين العزيز لعبدالله باشا أنه يجب على شيوخ القرى في إيالته ألا يعارضوا في رجوع هؤلاء إلى مصر ويرجوه أن يبين ذلك للشيوخ كي لا يضطر هو بدوره أن يأمر بجلب الفارين وجلب الشيوخ معهم أيضاً. ويختم بقوله: «أن ولاءنا لذاتكم هو الذي اقتضى تسطير ما ذكر أعلاه»3. فأجابه عبدالله باشا بأنه سيسعى لإرجاع الفلاحين


  1. اطلب تفصيل هذا في تاريخ الحركة القومية ونظام الحكم في مصر لعبد الرحمن الرافعي ج ٣ ص ۲۲٥ - ۲۲۹
  2. المحفوظات الملكية المصرية ج١ ص ۱۲۳ - ١٢٤
  3. المحفوظات الملكية أيضاً ج۱ ص۱۱٥