فشكل سبعة ألايات لهذه الغاية واختار جنودها من بين عربان الصحراء وابتاع خيولها من الشام ودنقلة وعتادهـا من فرنسة، فجعل إبراهيم من هذه الألايات السبعه لواءات ثلاثة وكان الجنرال برابيه قد اقترح على العزيز تأسيس مدرسة أركان حرب لتنظيم القيادة فوافق العزيز على ذلك وفتحت هذه المدرسة أبوابها في ربيع السنة ١٨٢٥ برئاسة ضابط إفرنسي آخر هو جول بلانا ومعاونة الآخرين أدولف وبولان دي تلاليه وكلاهما من أمهر ضباط أركان الحرب في فرنسة. ولكن الطلبة لم يتذوقوا علوم هذه المدرسة وآثروا الطيش والكسل فبقي جيش العزيز ناقصاً في ضباطه1. ومن هنا قول الجنرال ويغان أن ضباط الجيش المقاتـل عام ۱۸۳۱ كانوا يعيشون بالقوانين والأنظمة ولا يكترثون بجنودهم ويؤثرون السير في مؤخرة هؤلاء الجنود بدلاً من الرأس. ولكنه يعترف بفضل الجنود أنفسهم فيذكر حبهم للقتال واندفاعهم في سبيله بشجاعة ونشاط ويرى أنه وإن أعوزهم المظهر فإنهم ظفروا بالجوهر وأنـه كفاهم فخراً أن تطلب حكومة شارل العاشر معونتهم لفتح الجزائر. وكان القائد الأعلى لهـذا الجيش إبراهيم باشا نجل العزيز الأكبر قوي البنية صحيح العقـل واسع الحيلة حازماً عادلاً شفوقاً كريماً. وكان شديد اليقظة كالصقر يدهش جنوده بسرعة تنقله بينهم ينام نومهم ويأكل أكلهم ويجلس معهم ويصغي إلى أقوالهم فيبث في قلوبهم الشجاعة.
وكان لدى العزيز في لبنان من جنود حليفه الأمير الشهابي الكبير ما لا يقل عن عشرة آلاف مقاتل وقد صهرتهم الحرب رجالاً خبروا عساكر الدولة فيهـا مراراً وانتصروا عليها تكراراً يحسنون الرماية ويعرفون الأرض ويتقدون حماسة للتخلص من الأتراك وظلمهم.
وكان العزيز قد أعاد النظر في أسطوله بعد نوارين فابتاع ما ابتاعه من أوروبة وأنشأ ما أنشأ في حوض الإسكندرية واستقدم رجال الاختصاص من فرنسه وبريطانية فأصبح لديه في السنة ١٨٣١ ثلاث وعشرين سفينة حربية منها سبع فرقاطات وست قروبات وثلاثة أباريق وسبع سفن مدفعية وغيرها من النقالات الصغيرة. وكان عثمان نور الدين بك قائد الأسطول قد صرف سبع سنوات في أوروبة أجاد في خلالها بعض لغاتها كالإفرنسية والإيطالية ووقف على مدى تقدم العلم فيها فعاد يؤيد الإصلاح بجد ونشاط وتقرب من العزيز فنـال شطراً وافراً من عطفه وأصبح نافذ الكلمة. وكان ذكياً خفيف الروح يتودد لرؤسائه ومرؤوسيه
- ↑ اطلب التاريخ الحربي لعصر محمد علي الكبير للقائمقام عبد الرحمن زكي ص ٢٥٧ – ٢٧٤ و٣۹۰-۳۹۱